ما هي نظرية تقرير المصير؟ وكيف تستفيد منها في جعل حياتك مزدهرة؟

2 دقيقة
نظرية تقرير المصير
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: محمد محمود)

ملخص: قد تمتلك كفاءات عالية لكن غياب الحافز للاجتهاد والعمل يُفقدها فائدتها، وقد يتمتّع طفلك بمواهب وقدرات مميّزة لكنّك تعجز عن تحفيزه على تفجيرها والتعبير عنها. خلق الحافز للمبادرة والإبداع والإنتاج ليس قراراً بسيطاً يمكن اتّخاذه في أيّ لحظة، بل يتطلب توفير البيئة الملائمة. والشرط الأساسي لهذه البيئة هو منح الإنسان الحرية والاستقلالية وفقاً لنظرية تقرير المصير. إليك التفاصيل.

تعرف إلى أسرار الحافز وحدوده

يحتاج الفعل والاستجابة إلى حافز يدفعنا إلى العمل والمبادرة؛ فكيف يؤدي الحافز وظيفته؟ يمكن تفسير ما يحفزنا للعمل بعدة طرق: فقد نتصرّف اتّباعاً لقواعد معروفة لأننا مجبرون، وقد نتصرف بسبب ضغط خارجي أو ضمني، كما يمكن أحياناً أن نتصرف بناءً على رغبة أو غاية شخصية.

وقد أثبت العديد من الدراسات محدودية آليات الفعل الناتج عن الامتثال إلى ما يُسمّى "النموذج المسيطر"، فالبيئة التي تتميّز بسيطرة مفرطة تؤثّر سلباً في الحافز الشخصي. كما أنّ الأفراد لا يتردّدون في ممارسة إراداتهم الحرّة عندما نبالغ في فرض نموذج معين عليهم، وبفضل هذه الإرادة الحرّة يتمكّنون من تحقيق أعلى مستويات الإشباع والرضا. فهل تمثّل إذاً هذه الإرادة الحرّة طريق الشعور بالرفاهية؟

ما علاقة نظرية تقرير المصير باحتياجاتنا الأساسية؟

تقرير المصير نظرية طوّرها عالما النفس إدوارد ديسي (Edward Deci) وريتشارد راين (Richard Ryan) في الثمانينيات. انطلق هذان الخبيران من مبدأ مفاده أن للأفراد 3 احتياجات نفسية أساسية لا بدّ من تلبيتها لتعزيز رفاهيتهم ونموّهم الشخصي: الحاجة إلى الكفاءة التي تتجلّى في الدافعية والالتزام القويين عند إثبات الفعالية، والحاجة إلى الاستقلالية التي تتجلّى في حرية الاختيار، ثم الحاجة إلى العلاقات الاجتماعية أو الانتماء الذي يتميز بالحماس تجاه الفعل عند الشعور بالارتياح ضمن مجموعة معينة.

أثبت إدوارد ديسي وريتشارد راين من خلال أبحاثهما العديدة أهمية "الاختيار الحر" الذي يقودنا في معظم الأحيان إلى الاجتهاد بدرجة أكبر مقارنة بعملنا في ظلّ القيود والضغوط. هذا يعني أن الاستقلالية تسمح لنا بالتصرّف الإرادي. فماذا لو كانت هي مفتاح المبادرة حتّى إن لم تكن لدينا رغبة فيها؟

كيف يمكن ضمان الحافز المستمر والمُرضي؟

عندما يكون الحافز صحياً ونوعياً يجني الأفراد منه قدراً أكبر من الرفاهية بفضل إشباع هذه الاحتياجات الأساسية. إذا عجزت إذاً عن "خلق هذا الحافز" تحت الإكراه، فإليك كيفية تغيير منظورك من خلال تبنّي المبادئ الكبرى لنظرية تقرير المصير. عليك إذاً أن تنسى هذا الضغط وتراهن على الأسس الثلاث لهذه النظرية، من خلال خلق بيئة ملائمة لإشباع الاحتياجات الأساسية: الكفاءة والاستقلالية والانتماء الاجتماعي.

  • سواء تعلّق الأمر بك أو بأقاربك عليك أن تعمل بالاعتماد على مبدأ تطوير الكفاءات: شجّع أطفالك مثلاً على اكتساب مهارات جديدة في العمل، وضَعْ نُصب عينيك تحديات واقعية يمكن التغلّب عليها لتحقيق إشباع مادي وملموس.
  • شجّع نفسك وأطفالك على وضع أهداف محفّزة ومهمّة تُشعركم بالجدوى والرضا.
  • طوّر مبدأ تقرير المصير في تجربتك الشخصية أو مع أفراد أسرتك، فالطفل يمكن أن يصبح أكثر تركيزاً إذا منحته حرية اتخاذ بعض القرارات وأشركته في رسم الأهداف. إذا أردت منه أن يحفظ درساً من دروسه على سبيل المثال فاترك له حرية اختيار الوسيلة التي سيستخدمها في ذلك (الكتابة أو الترديد الشفوي).
  • شجّعه أيضاً على عمليات التفاعل الاجتماعي الإيجابي والتعاون والدعم المتبادل. وهذا ينطبق عليك أيضاً، إذا لم تستطع مثلاً أن تلتزم بممارسة التمارين الرياضية يمكنك الانضمام إلى مجموعة ما أو إنشاء مجموعة جديدة، لأنها ستسمح لك بتعزيز الحافز من خلال فكرة الانتماء.

إنّ تطبيق هذه الممارسات سيساعدك على خلق بيئة محفّزة من خلال الاستجابة إلى الاحتياجات الأساسية للجميع، ولن يبقى الحافز حينها "مشكلة" بل سيصبح فرصة حقيقية للازدهار والتطوّر.

اقرأ أيضاً: