ما هو قلق الحروب؟ وكيف تتعامل معه؟

قلق الحروب
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: من المهم أن ندرك أن القلق يكون غالباً مثل استجابةٍ متماشيةٍ مع ضغوط الحياة؛ غير أنّ قلق الحروب يمكن أن يتسبّب في تعطيل سيرورة حياة كلٍ منّا اليومية، ويظهر على هيئة أعراضٍ جسدية كذلك. فما هو قلق الحروب؟ وما السبيل للوقاية من أضراره؟ هذا ما سنعرفه في هذا المقال.

يبدو أن أهوال الحرب الأخيرة في غزة لم تترك أحداً إلاّ وأدمت قلبه على ما يجري من أزمة إنسانية غير مسبوقة في المنطقة؛ وذلك ما جعل المغني المصري تامر حسني يُصرح مؤخّراً عبر حسابه الخاص في منصة إكس، بتأثّره الشديد بما يحصل؛ حيث أصبح يعاني طنين الأذن الذي ربطه بحالة الاكتئاب الذي أصاب مجموعة واسعةً من الناس بسبب مجريات الحرب الدامية في غزة.

وتفيد الخبيرة في مجال علم النفس والتربية، سائدة المنشاوي، إنه يجب التفريق بين القلق من جرّاء الحرب الذي يعيشه أهالي غزة حالياً، وهو قلق حادٌّ قد يصعب وصفه، والقلق الذي يمكن أن يصيبنا نحن بوصفنا مشاهدين ومتابعين للأحداث عن بُعد، فثمة حالات كثيرة عاينتها لأطفال يشاهدون أخبار الحرب في غزّة، ظهرت لديها صعوبات في النوم، ومشكلات سلوكية، وشعور بالخوف، وإحساس بالخطر والتهديد.

ما هو قلق الحروب؟

قلق الحرب (War Anxiety) المعروف أيضاً باسم “القلق النووي” (Nuclear Anxiety)، هو الاستجابة النفسية والعاطفية إلى الأخبار المتعلّقة بالحروب والنزاعات؛ إذ يمكن أن ترتبط ردود الأفعل هذه بالمستويات العالية من التعب والمخاوف والشعور غير المستقرّ بالسيطرة.

ووفقاً لاستبانة سابقة أجرتها جمعية علم النفس الأميركية (American Psychological Association)، أفاد 80% من المشاركين بتعرّضهم إلى ضغوط كبيرة بسبب أحداث الحرب في أوكرانيا.

فالأخبار المستمرّة عن الحرب والدمار والمعاناة الإنسانية الشديدة يمكن أن تؤدّي إلى زيادة التوتّر والقلق والاكتئاب لدى الأفراد من الأعمار جميعها، بحسب ما تؤكّده استشارية الطب النفسي، ناتاشا بيلاني (Natasha Bijlani)، وتضيف إن الصدمة النفسية من تلك الأحداث يمكن أن تسهم في تدهور الصحة البدنية كذلك.

اقرأ أيضاً: كيف تتابع أخبار الحروب دون أن تفقد سلامك النفسي؟

ما أعراض قلق الحرب؟

يمكن أن تظهر أعراض القلق الناجمة عن أحداث الحروب تدريجياً أو فجأة تفاعلاً مع حدثٍ محدّدٍ مرتبطٍ بها. وقد تشمل الأعراض الجسدية لهذا النوع من القلق: تسارع نبض القلب، أو الإحساس بالرفرفة في المعدة، أو الغثيان، أو الدوار؛ بينما قد يعاني بعض الأفراد نوبات الهلع.

لكنّ الأمر لا يقتصر على ذلك، فقد يظهر قلق الحرب على هيئة مخاوف لا تُمكن السيطرة عليها، أو صعوباتٍ في النوم، أو الأرق، أو الكوابيس. وفي بعض الحالات، قد يشعر الأفراد بالخدر العاطفي (Emotional Numbness) كنوعٍ من الاستجابة الوقائية اللاواعية للحماية من الألم العاطفي.

ويشير خبراء الصحة النفسية إلى أن مشاهدة الكثير من الأخبار المؤلمة يمكن أن تتسبّب في تفاقم حالات نفسية موجودة سابقاً مثل اضطراب القلق أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) أو الاكتئاب. علاوة على ذلك، تزيد مشاهدة أزمة عالمية مثل الحرب حاجةَ الأفراد إلى السيطرة من خلال السعي الدائم نحو الحصول على آخر الأخبار، أو قضاء معظم الوقت في تصفّح وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على مزيدٍ من المعلومات؛ إذ يمكن أن يمنح البقاء على اطلاعٍ دائم إحساساً زائفاً بالتحكّم في الأمور، على الرغم من أن ذلك قد يعطّل الروتين اليومي، ويأتي بنتائج عكسية؛ فيزيد أعراض القلق على المدى الطويل.

كيف تحمي صحتك النفسية والجسدية من أضرار قلق الحرب؟

توضّح المختصة النفسية، سائدة المنشاوي، إن التخلّص النهائي من أعراض قلق الحرب قد لا يكون ممكناً ما دامت الحرب قائمة؛ غير أنّ التعامل الصحيح مع هذه الحالة سيكون التكيّف معها من خلال تقليص مشاهدة الأخبار والتغطية الإعلامية المستمرّة للأحداث المرتبطة بالحرب، ولا سيّما في فترة الصباح بعد الاستيقاظ وليلاً قبل النوم.

هذا بالإضافة إلى تعزيز التفكير الإيجابي وتخفيف إحساس العجز حيال الأحداث في غزّة بوساطة الانخراط في أنشطة مثل التبرّع والدعم أو المشاركة في المظاهرات السلمية للتعبير عن الآراء على نحو صحي. وفي السياق نفسه، تنصح المختصة الآباء بمساعدة أبنائهم على تخطّي شعور الخوف وتخفيف قلقهم من خلال تشجيعهم على الرسم وخوض نقاشات معهم حول القضية الفلسطينية.

وينصح الخبراء النفسيون بالانخراط في ممارسات الرعاية الذاتية من ممارسةٍ منتظمة للرياضة، وأكل صحيّ ومتوازن، ونومٍ جيّد. وقد يسهم إدراكنا أن ثمّة أموراً خارجة عن سيطرتنا تماماً في تخفيف شعورنا بالعجز حيال أحداث هذه الحرب. فتقبّل مشاعرنا السلبية وحالة عدم اليقين، يمكن أن يساعدنا بالفعل على التعامل مع القلق أو التوتّر.

اقرأ أيضاً: كيف تتأثر نفسية الأشخاص الذين يعايشون الحروب؟ وما سبل حمايتهم؟

وأخيراً، بينما نتنقل بين الأخبار المؤلمة المستمرّة عن الحرب والمعاناة الإنسانية الشديدة، قد تظهر لدى أغلبنا أعراض جسدية أو نفسية لقلق الحرب؛ وتلك استجابة طبيعية عالمية لما يجري حالياً. لذلك؛ يُنصح بتقليص مشاهدة الأخبار والانخراط في أنشطة الرعاية الذاتية مثل الرياضة.