كيف يمكن للحيوانات الأليفة أن تساعدك على التعافي من الاضطرابات النفسية؟

3 دقائق
العلاج بمساعدة الحيوانات
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: محمد محمود)

ملخص: العلاج بمساعدة الحيوانات تدخُّل علاجي مفيد للأطفال والكبار على حد سواء، فقد عالج بكفاءة مجموعة من الحالات والسلوكات المسيئة والاكتئاب.

تزايد الاهتمام بالعلاقة بين الإنسان والحيوان تزايداً كبيراً في العقود الأخيرة، وتزايد معه الاعتراف بالتأثير الإيجابي للحيوان في صحة الإنسان وراحته النفسية، وهو أمر ترجع جذوره إلى الحضارات القديمة حينما بدأ البشر باستئناس الحيوانات، ويتجلى هذا التأثير على وجه الخصوص في التفاعل الاجتماعي والسلوكات التي تخلق نوعاً من الرابطة بين البشر وحيواناتهم الأليفة.

وفي حين سبق أن وثقنا علاقة المنفعة المتبادلة بين المالكين والحيوانات الأليفة، تركز هذه المقالة على استخدام الحيوانات المنهجي في العلاج. وفقاً لـ "جمعية دلتا" (Delta Society)؛ فإن ثمة نوعين للتفاعل بمساعدة الحيوان: ممارسة الأنشطة بمساعدة الحيوانات (Animal Assisted Activities)، والعلاج بمساعدة الحيوانات (Animal Assisted Therapies).

وفي حين يشرف على كليهما محترفون مدرَّبون تدريباً خاصاً، فإن الأنشطة بمساعدة الحيوانات أو "زيارات الحيوانات" لا تكون لها أهداف محددة دائماً ولكنها تتيح الفرصة للحصول على فوائد تعليمية وترفيهية وعلاجية لتحسين نوعية حياة الأفراد. من ناحية أخرى، فإن العلاج بالحيوانات الأليفة موجّه نحو غاية محددة؛ إذ يستعين المختصون بالحيوانات التي تفي بمعايير محددة في عملية العلاج لتلبية غايات محددة للمريض. إذاً ما مضمون العلاج بمساعدة الحيوانات؟ وكيف يمكن للمريض تلقّيه؟

اقرأ أيضاً: كيف يحسّن ركوب الخيل صحتك النفسية؟

ما الذي يعنيه العلاج بمساعدة الحيوانات وكيف يستخدم؟

يمكن لمتخصص الصحة النفسية المتمرس في العلاج بمساعدة الحيوانات أن يساعد في الحصول على شهادة اعتماد لحيوان أليف يتوافق مع احتياجات المريض. كما يمكن أن يتعاون المعالجون مع برامج العلاج بمساعدة الحيوانات القائمة؛ مثل مؤسسة أنيمال أسيستيد إنترفينشن إنترناشيونال (Animal Assisted Intervention International) لتيسير وصول الأفراد أو المجموعات إلى حيوانات العلاج المدربة، وتشمل النُهُج الحديثة للعلاج بمساعدة الحيوان أنشطة مثل الرعاية المنتظمة للحيوانات من خلال إطعامها وتمشيطها وتحميمها.

يمكن استخدام العلاج بمساعدة الحيوانات في أماكن مختلفة: في البيئات السريرية، يتضمن العلاج بمساعدة الحيوانات إحضار الحيوانات إلى مراكز إعادة التأهيل والمستشفيات ودور رعاية المسنين للترويح عن المرضى؛ إذ يسمح لهم التفاعل مع الحيوانات بالشعور بأنهم يعيشون حياة طبيعية بعيداً عن أجواء هذه البيئات، وقد لوحظ أن ذلك أدى إلى تعزيز الوظائف المعرفية وجودة الحياة لدى كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.

أما في العيادات، يمكن استخدام الحيوانات لمساعدة الأفراد على الشعور بالثقة والأمان؛ حيث يمكنهم ملاطفة الكلاب العلاجية ومعانقتها، في حين يركز المعالج على دراسة مشاعرهم خلال ذلك. وفي حالات أخرى، يساعد المعالج المريض على أداء الحيل مع الحيوانات العلاجية لتعزيز قدرته على تقبُّل الإحباط وبناء ثقته بنفسه.

يمكن أن يخلق وجود حيوان في أثناء جلسات العلاج مساحة آمنة للمريض لا يشعر فيها أنه خاضع للأحكام ما يعزز ثقته ويسهّل عليه التعبير عن عواطفه. وفي الأوساط التعليمية، ثبت أن العلاج بمساعدة الحيوانات أداة قيّمة لتعزيز المهارات الاجتماعية والمشاركة الأكاديمية بين الأطفال؛ إذ تحسنت مهارتهم في القراءة تحسناً كبيراً وازداد شعورهم بتقدير الذات وصار الحافز لديهم أقوى حينما خاضوا برامج القراءة التي تستعين بالحيوانات العلاجية.

يمكن أن تُعزى فوائد هذا التدخل العلاجي المستند إلى الأدلة إلى الاستجابات الفيزيولوجية والنفسية الناجمة عن التفاعلات بين الإنسان والحيوان؛ إذ أظهرت الأبحاث التي أجراها أوديندال (Odendaal) أن مداعبة الحيوانات والتقرب منها يؤديان إلى إفراز هرمون الأوكسيتوسين، وهو هرمون مرتبط بتقليل التوتر وتحسين المزاج والاسترخاء. علاوة على ذلك، يقلل التفاعل مع الحيوانات مستويات الكورتيزول ويحفز إنتاج الإندورفين والدوبامين؛ ما يعزز الشعور بالسعادة ويخفض معدل ضربات القلب وضغط الدم.

ما الاضطرابات والأمراض التي يمكن علاجها بمساعدة الحيوانات؟

تطور العلاج بمساعدة الحيوانات ليصبح أداة قوية في الرعاية الصحية الحديثة؛ ما يسهم في تقديم العلاج الشامل لمجموعة واسعة من الأفراد، وبوصفه علاجاً تكميلياً فإنه يعزز مزايا أساليب العلاج التقليدية. العلاج بمساعدة الحيوان تدخُّل علاجي مفيد للأطفال والكبار على حد سواء، فقد عالج بكفاءة مجموعة من الحالات مثل التوتر والقلق والوحدة والسلوكات المسيئة والاكتئاب؛ كما استُخدم بكفاءة أيضاً في حالات التوحد، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وكذلك مع الفئات التي تتطلب رعاية خاصة مثل مرضى السرطان والناجين من السكتات الدماغية وكبار السن.

يستخدم العلاج بمساعدة الحيوانات مجموعة من الحيوانات؛ وتُعد الكلاب والخيول والقطط والأرانب والطيور الأكثر شيوعاً بينها. في دولة الإمارات العربية المتحدة، تعمل شركة سينس أنيمال ثيرابي ( Sense Animal Therapy) مع جمعية الفروسية لذوي الاحتياجات الخاصة على تقديم العلاج بمساعدة الحيوان للأفراد ذوي الاحتياجات المتنوعة بكفاءة، وكذلك، أطلقت مؤسسة دبي للمرأة والطفل في معرض إكسبو 2020، برنامجاً يستخدم الحيوانات العلاجية لمساعدة الناجين من سوء المعاملة.

يسخّر العلاج بمساعدة الحيوان قوة الرابطة بين الإنسان والحيوان لتعزيز الصحة الجسدية والعاطفية والاجتماعية، وفي حين أنه يبشر بمستقبل كبير، فمن المهم مراعاة الاحتياجات والتفضيلات الخاصة بكل من البشر والحيوانات المستخدمة في العلاج؛ إذ قد لا يكون هذا العلاج مناسباً لأولئك الذين لديهم نفور أو مخاوف أو حساسية تجاه الحيوانات، ويُعد تدريب الحيوانات العلاجية تدريباً لائقاً، وحصولها على الترخيص اللازم بالإضافة إلى وضع المبادئ التوجيهية الأخلاقية، أموراً بالغة الأهمية لراحة المرضى والحيوانات. من خلال اكتشاف الإمكانات العلاجية لصحبة الحيوانات وتسخيرها، يمكن إتاحة سبل جديدة لتعزيز صحة الأفراد وسعادتهم.

اقرأ أيضاً: كيف يؤثر اقتناء الحيوانات الأليفة إيجاباً في الصحة؟

المحتوى محمي