أشهر 7 خرافات عن الاكتئاب وحقيقتها

خرافات عن الاكتئاب
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: إذا استقيت معلوماتك عن الاكتئاب كلها من الأعمال الدرامية والفنية أو من القصص التاريخية والشعبية، فمن المؤكد أنك تعرف الكثير من الخرافات عن الاكتئاب. وفي هذا المقال، سوف نتحدث معاً عن تلك الخرافات والحقائق المقابلة لها. على سبيل المثال؛ ثمة خرافة شائعة تؤكد أن الأحجار الكريمة تعالج الاكتئاب عبر تحرر مراكز الطاقة لكن الحقيقة أن هذا الكلام غير علمي!

ما الشيء المشترك بين الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة أبراهام لينكولن، وأستاذ علم الفيزياء ستيفن هوكينغ، والرسام الشهير مايكل آنجلو، وقائد بريطانيا في الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل؟ إنهم ليسوا من أكثر الأشخاص شهرة في التاريخ فحسب؛ بل إنهم أيضاً عانوا مع الاكتئاب سنواتٍ طِوال. وعلى الرغم من أنه أحد الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعاً وانتشاراً، فثمة خرافات ومفاهيم خاطئة كثيرة المرتبطة بالاكتئاب. وفي هذا المقال، سوف نتعرف معاً إلى أشهر المفاهيم الخاطئة الشائعة والخرافات عن الاكتئاب، والحقائق المقابلة لها.

1. الاكتئاب ليس مرضاً حقيقياً

يعتقد الكثير من الناس خطأً أن الاكتئاب مجرد حزن أو ضعف في الشخصية أو إحساس بالشفقة على الذات؛ لكن في الواقع، الاكتئاب هو اضطراب معقد في الصحة النفسية ينتج من مجموعة عوامل بيولوجية وبيئية واجتماعية، وهو مدرج رسمياً في الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات النفسية (DSM-5).

ويسبب الاكتئاب قدراً كبيراً من الضيق والضعف في أداء الفرد اليومي؛ ما يؤدي إلى بعض الصعوبات العاطفية والاجتماعية والأكاديمية والمهنية. وقد يتطلب الاكتئاب علاجاً طويل الأمد، وليس من السهل دائماً التغلب عليه، وعادة ما يأتي الاكتئاب مصحوباً بعدة أعراض؛ منها: 

  1. الاضطرابات في الشهية أو الوزن.
  2. نقص الطاقة أو التعب غير العادي.
  3. صعوبة التركيز أو اتخاذ القرارات أو التفكير.
  4. الشعور بالحزن أو الانفعال في معظم الأوقات.
  5. اضطرابات النوم.
  6. فقدان الاهتمام بالأنشطة التي استمتعت بها سابقاً.
  7. الشعور بعدم القيمة أو الذنب.

2. لا يحدث الاكتئاب إلا نتيجة حدث صادم أو مؤلم 

الجميع يختبرون مشاعر الحزن بعد وفاة أحد أفراد الأسرة أو بسبب انتهاء علاقة قوية، والكثير من الناس يواجهون أحداثاً صادمة في حيواتهم؛ ولكن الاكتئاب لا ينجم دائماً عن الأحداث الصادمة والمؤلمة؛ مثل هذه الأحداث يمكن أن تزيد خطر الإصابة بالاكتئاب لكنها ليست السبب الرئيس له.

الحقيقة أننا لا نعرف حقاً ما الذي يسبب الاكتئاب: هل هي الوراثة أم السلوك أم البيئة أم مزيج بين العوامل السابقة؟ ما نعرفه هو أن خلايا الدماغ البشري تستخدم رسائل كيميائية تسمَّى “الناقلات العصبية” لإرسال رسائل إلى الدماغ تنظم وظائفنا؛ بما فيها حالتنا المزاجية.

وهناك 3 نواقل عصبية مرتبطة بالحالة المزاجية تشمل: الدوبامين والسيروتونين والنورإبينفرين. وعندما تنتج أدمغتنا عدداً كبيراً جداً أو قليلاً جداً من هذه المواد الكيميائية، تصبح مستوياتها غير متوازنة؛ وهذا قد يؤدي إلى الاكتئاب أو اضطرابات الصحة النفسية الأخرى.

اقرأ أيضاً: ما العادات التي تساعدك على الوقاية من الاكتئاب؟

3. الاكتئاب يصيب النساء فقط 

ثمة خرافة شهيرة حول الاكتئاب مفادها أنه يصيب النساء فقط دوناً عن الرجال، وهذا غير صحيح، ففي الكثير من الأحيان، لا يبوح الرجال باكتئابهم بسبب الأعراف الاجتماعية والثقافية التي تصعّب على الرجال إظهار الضعف أو مناقشة مشاعرهم أو طلب المساعدة أو الظهور بمظهر أقل ذكورية. وعادة ما يظهر الاكتئاب عند الرجال بصورة مختلفة؛ حيث يميل بعض الرجال إلى التصرف بانفعال وعدوانية وغضب، وأحياناً ينخرطون في سلوكيات محفوفة بالمخاطر مثل تعاطي المخدرات.

4. مضادات الاكتئاب ستغير شخصيتك

كثيراً ما يُشاع أن مضادات الاكتئاب تغير الشخصية، والحقيقة أن ذلك غير صحيح، فمضادات الاكتئاب تغير كيمياء الدماغ. وعلى الرغم من أن هذا الأمر قد يبدو مُقلقاً بعض الشيء لأنك تشعر بأنك ستصبح شخصاً مختلفاً تماماً بعد تناولها، يجب أن تدرك أن مضادات الاكتئاب مصمَّمة لتغيير مواد كيميائية معينة فقط في دماغك، وقد تساعد على تخفيف أعراض الاكتئاب دون تغيير شخصيتك الأساسية. وبعد تناولها، يبدأ العديد من الأشخاص المصابين بالاكتئاب الشعورَ بأنفسهم مرة أخرى. 

وفي هذا السياق، يؤكد استشاري الطب النفسي ناصر الهندي إن الطبيب النفسي لا يلجأ إلى أدوية الاكتئاب إلا في الحالات المتقدمة فقط مثل الاكتئاب الشديد؛ ولكن الاكتئاب الخفيف أو المتوسط لا يستلزم أبداً تناول مضادات الاكتئاب.

5. ستحتاج إلى أدوية الاكتئاب لبقية حياتك 

“إذا بدأتُ تناول أدوية الاكتئاب، فسوف أضطر إلى تناولها بقية حياتي”! تُعد هذه الخرافة من أشهر الخرافات عن الاكتئاب، والحقيقة أن معظم الأشخاص الذين يتناولون مضادات الاكتئاب لأول مرة يحتاجون إلى تناولها على نحو مستمر مدة 6 إلى 9 أشهر، وليس بالضرورة مدى الحياة.

وبمجرد السيطرة على الأعراض المصاحبة للاكتئاب، يجب عليك التحدث إلى طبيبك لتحديد موعد إيقاف الدواء ثم تقليل الجرعة تدريجياً؛ حيث إن التوقف عنها فجأة قد يسبب مشكلات مثل الصداع، والدوار، والغثيان.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن العلاج النفسي لا يرتكز فقط على تناول الأدوية؛ حيث أثبت العلاج المعرفي السلوكي (CBT) فعاليته في التعامل مع أنواع مختلفة من الاضطرابات الاكتئابية؛ ويتضمن هذا العلاج التحدث إلى الطبيب مباشرةً، وعادة ما يهدف إلى: 

  1. استبدال معتقدات وسلوكيات أكثر صحة وإيجابية بالمعتقدات والسلوكيات السلبية.
  2. منحك شعوراً أفضل بالسيطرة على حياتك.
  3. مساعدتك على تحسين احترامك لذاتك وعلاقاتك.
  4. إيجاد طرائق أفضل للتعامل مع التحديات والمشكلات التي تنشأ في حياتك.

6. يمكنك التغلب على الاكتئاب بالانخراط في العمل والتفكير الإيجابي 

يعتقد الكثير من الأشخاص أن الانشغال في العمل وممارسة التفكير الإيجابي يمكن أن يسهما في منع نوبات الاكتئاب أو تجنبها؛ لكن الحقيقة هي أن الاكتئاب لن يختفي من تلقاء نفسه؛ إنه حالة طبية تتطلب العلاج والدعم، ومن المرجح أن تتفاقم أعراض الاكتئاب إذا تُركت دون علاج. لذلك؛ إن الانخراط في العمل أو مقابلة الأصدقاء أو ممارسة الهوايات لن يمنع الاكتئاب، ومع ذلك، قد تكون هذه الأنشطة جزءاً من علاج الاكتئاب، وقد يوصي بها الطبيب النفسي المختص لكن بعد التشخيص.

وفي سياق متصل، فإن التفكير الإيجابي أيضاً يمكن أن يسهم في التعامل مع الاكتئاب ولكنه ليس علاجاً؛ لأنه في هذه الحالة، إذا اعتمدت على التفكير الإيجابي مع تفاقم أعراض الاكتئاب، سوف يتحول الأمر إلى ممارسة الإيجابية السامة وهي مضرة بصحتك النفسية؛ حيث تصعّب التعبير عن المشاعر، وتجبرك على تجنب المشكلات أو التحديات التي تواجهها بدلاً من العمل على التغلب عليها.

اقرأ أيضاً: ما هو الاكتئاب الظرفي؟ وكيف يمكن تشخيصه وعلاجه؟

7. الأحجار الكريمة تساعد على علاج الاكتئاب 

ثمة الكثير من الخرافات عن الاكتئاب التي تحوم حول الدور الكبير الذي تلعبه الأحجار الكريمة في علاجه، والحقيقة أن لهذه الخرافة تاريخاً عريقاً يعود إلى مصر القديمة واليونان والهند وروما؛ حيث استخدم الناس في هذه الحضارات الأحجار الكريمة بوصفها تعويذات لحماية أنفسهم من الشر، وممارسة روحية تهدف إلى التأثير في الحالة العقلية والنفسية للشخص.

وخلال هذه الأيام، استعادت الأحجار الكريمة جاذبيتها؛ حيث يعتبرها الكثير من الأفراد نهجاً شاملاً للصحة النفسية بناءً على المعتقدات السنسكريتية القديمة التي تؤكد أن الأحجار الكريمة تملك قوة تحرر مراكز الطاقة في الجسم مثل الغضب المكبوت، والإنكار، والحزن، أو أي نوع من الاضطراب العاطفي.

والحقيقة أن الأبحاث الطبية توضح أن استخدام الأحجار الكريمة من أجل علاج الاكتئاب أو القلق ليس فعالاً؛ ولكن إيمان الفرد بقوة تلك الأحجار هو الذي قد يلعب دوراً في تجربة ذلك الفرد ويندرج هذا الأمر تحت تأثير الدواء الوهمي الذي يحدث عندما يكون لدى الشخص اعتقاد راسخ بأن العلاج الذي يتلقاه فعال.