كيف نتعلم العطاء للآخرين والتلقي منهم بطريقة صحيحة؟

العطاء للآخرين
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إن العطاء أصعب مما نظن، وذلك لأنه ينطوي على تأثيرات عاطفية متباينة، فهو قد يثير مشاعر الكراهية تماماً كما يثير مشاعر الحب. يتعلم المرء كيفية العطاء وينمي هذه القدرة طوال حياته، ومن خلال السطور التالية نتعرف معاً إلى كيفية تقييم طريقتنا في العطاء للآخرين والتلقي منهم.

يتعلم المرء العطاء للآخرين من خلال عطائهم له وفهمه لكيفية تلقي هذا العطاء. بمعنى آخر؛ نحن نتعلم العطاء مقتدين بكرم الآخرين تجاهنا، بينما تنمو رغبتنا بأن نقدّم لهم تزامناً مع نمو شعورنا بالامتنان تجاههم.

أحد أهم الأمور التي تشغل بال الآباء هو تعليم أبنائهم قول “شكراً” لمن قدم هديةً لهم، سواء كانت حلوىً أو صورةً أو أي شيء آخر. فإذا التزم الطفل الصمت بعد حصوله على هذه الهدية يسارع الوالدان إلى تذكيره: “ما الذي كنا نتحدث عنه؟ ماذا نقول عندما يقدم لنا أحدهم شيئاً؟ قل شكراً للسيدة اللطيفة؛ اشكر السيد اللطيف”.

إذا لم يتعلم المرء كيفية التلقي؛ وذلك من خلال الشعور بالامتنان تجاه المعطي، فلن تنمو لديه الرغبة في العطاء، أو أنه سيعطي فقط بغرض الحصول على فائدة لاحقاً، وهو ما لا يمكننا تسميته بالعطاء، فهو في هذه الحالة يعطي ليأخذ في المقابل.

ما هي مميزات العطاء؟

هناك 4 مميزات أساسية للعطاء لا يمكن من دونها أن يكون عطاءً حقيقياً:

  1. أول ما يميز العطاء هو أن يكون خيراً؛ أي أن يثير فرح المتلقي وسعادته ويثري مشاعره الإيجابية، فالصفعة أو اللكمة ليست عطاءً لأنها لا تنطوي على خير.
  2. الميزة الثانية للعطاء هو أن يقدمه لنا شخص ما وهو المعطي. فالكتاب الذي وجدناه على الطاولة لا يعتبر عطاءً؛ بل هو غرض عثرنا عليه، ما لم نتخيل أن “الحياة” هي التي قدمت لنا هذا الغرض. يُعتبر العطاء دائماً جزءاً من علاقة شخصية، فهو ينشئ صلةً بين المعطي والمتلقي. لذا فإن العطاء مجهول المصدر يناقض هذا المفهوم، لأنه يحول دون إمكانية إنشاء علاقة وعاطفة بين المعطي والمتلقي؛ أي ارتباط متبادل بينهما.
  3. أما الميزة الثالثة للعطاء هي أنه مجاني؛ أي يقدمه لنا شخص ما دون أن يرتب علينا تقديم أي شيء في المقابل. إن الشخص الغريب الذي يمسك لنا الباب لنتمكن من الدخول يقدم لنا في الحقيقة عطاءً مجانياً، لأنه لا يطلب شيئاً في المقابل وليست لديه دوافع خفية وراء عطائه هذا.
  4. الميزة الرابعة للعطاء هو أن يقدمه المعطي بلطف، ولعل هذا الأمر هو أحد أكثر الأمور المُهمَلة فيما يتعلق بالعطاء، فنحن غالباً ما نركز على الجانب المادي والموضوعي له (كالمال أو الهدية أو الخدمة المقدمة بلا مقابل)، في حين يُمثل أسلوب المعطي الأهمية ذاتها لدى المتلقي. وذلك لأنه من خلال أسلوبه في تقديم العطاء؛ سيتمكن المتلقي من فهم ما يُقدم له وتحديد مشاعره تجاهه، ومن ثم يتمكن من تحديد ما إذا كان سيقبل تلقيه أم لا.

إن موقف المعطي هو موقف تفوّق على المتلقي، بما أن اليد التي تعطي أعلى من اليد التي تأخذ. لذا يجب أن ينتبه المعطي لأسلوبه عند تقديم العطاء حتى لا يشعر المتلقي بالتقليل من شأنه أو الإساءة إليه أو إذلاله بسبب ما يُقدم له دون مقابل، وإلا فإنه لن يتصور الأمر كعطاء؛ بل كإهانة له. بناء على ذلك فإن طريقة العطاء تُعد جزءاً لا يتجزأ من العطاء نفسه، فهي تتويج لهذا الخير المقدم دون مقابل، وفي بعض الأحيان يمكن أن ينظر المتلقي إلى اللطف كعطاء إضافي في حد ذاته.

في كتابه: “اسم الله هو الرحمة” (Le nom de Dieu est miséricorde)، يروي البابا فرانسيس حكايةً ترجع إلى الفترة التي كان فيها رئيس أساقفة أبرشية بوينس آيرس بالأرجنتين: “أصرّت امرأة شابة كان البابا قد رافقها روحانياً وقدم لها أيضاً مواد غذائية لدعم أطفالها، على رؤيته لشكره، وكان يعتقد أنها تريد أن تشكره على الطعام. لكن المرأة قالت له: “إضافةً إلى رغبتي بأن أشكرك على الطعام؛ أردتُ أن أشكرك أيضاً على مناداتي بـ “سيدتي”. تأثرتْ هذه المرأة بصورة خاصة بعلامة الاحترام هذه لأنها كانت تعمل في الدعارة من وقت لآخر لدعم أطفالها، وهو الأمر الذي كان رئيس أساقفة بوينس آيرس على علم به. يكشف لطف المعطي عن رقته تجاه المتلقي، وإن لم يكشف عن حبه له، فهو يشير على الأقل إلى أن عطاءه له نابع من القلب.

إذاً الخلاصة هي أن العطاء هو خير يُقدَّم بلطف ودون مقابل. هذه هي الشروط الأربعة الضرورية للعطاء حتى يتمكن المتلقي من الشعور بالامتنان، أو على الأقل؛ الامتنان التام والكامل دون أي تحفظ.

لماذا تؤثر فينا بعض الأعطية أكثر من غيرها؟

هناك 3 عوامل تؤدي إلى زيادة قيمة العطاء في نظر المتلقي، ومن ثم زيادة امتنانه تجاه المعطي، ويمكن أن نسميها “مضاعِفات الامتنان”.

مقدار التضحية التي بذلها المعطي

كلما تطلب العطاء تضحيةً أكبر من جانب المعطي، ازداد امتنان المتلقي تجاهه. وعلى العكس من ذلك؛ كلما بدا أن العطاء لم يكلف المعطي أي شيء قل امتنان المتلقي. على سبيل المثال؛ إذا قدم شخص ما شيئاً كان قد تلقاه من أحدهم، أو كانت لديه نسختان منه، فسيكون امتنان المتلقي تجاهه ضئيلاً، بينما إذا حرم المعطي نفسه من هذا الشيء ليقدمه للمتلقي، فإن امتنانه سيزيد. إذا كانت الهدية لا تكلف المعطي شيئاً، ولا تحمله على بذل تضحية ما، فإن مستوى امتنان المتلقي ينخفض ​​كثيراً، ويمكن أن ينعدم تقريباً. ومع ذلك، فإن درجة التضحية التي قدمها المعطي لا تكون دائماً مرئيةً أو معروفةً للمتلقي، لذلك لا يجوز للأخير التصرف وفقاً لمستوى امتنانه لما قُدِّم له.

درجة الألفة بين المعطي والمتلقي

سيكون امتنان المتلقي تجاه شخص غريب أكبر منه تجاه صديق مقرب عند تلقي العطاء ذاته، وذلك لأن العطاء الذي يقدمه الشخص الغريب يبدو مجانياً أكثر لأنه غير محكوم بمشاعر تجاه المتلقي أو اهتمام خاص به.

يزداد امتنان المتلقي بازدياد حاجته إلى العطاء المُقدَّم

تعتمد درجة احتياج المتلقي على مدى أهمية وإلحاح التصرف بما يُقدَّم له. بعبارة أخرى؛ كلما كان المتلقي في عوز أو محنة زاد امتنانه تجاه المعطي.

لماذا بعض الأعطية “طعمها مر”؟

يكون للعطاء أحياناً مذاق مرير نظراً لإساءة تعامل المعطي أو المتلقي مع هذا العطاء.

يمكن للمعطي أن يسيء إلى العطاء بأربع طرق؛ وهي:

  • الامتناع عن العطاء.
  • أو أن يكون عطاؤه غير كافٍ.
  • أو أن يقدمه في وقت غير مناسب.
  • أو أن يقدمه بطريقة سيئة.

إن العطاء القليل جداً أو المُقدَّم بعد فوات الأوان (على سبيل المثال العطاء المشوب بالتردد ولو لثانية واحدة في بعض الأحيان) يمكن أن يكون بالنسبة للمتلقي دلالةً على دناءة المعطي أو جشعه أو لامبالاته أو حتى قسوته. أما تقديم العطاء بطريقة سيئة يعني أن تشوب ذلك خشونة أو قلة لباقة سواء عن قصد أو بدافع الحماقة. في جميع الحالات الثلاث قد يتم المساس بالعطاء المُقدم؛ إذ تسبب إساءة العطاء الأذى أو الإهانة أو الشعور بالإذلال للمتلقي؛ ويصبح مذاقه مريراً بالنسبة له لأنه لا يشعر أنه عطاء نابع من قلب المعطي.

يمكن للمتلقي أن يسيء للعطاء المُقدَّم له بأربع طرق وهي:

  • رفض إظهار امتنانه للمعطي.
  • أو عدم إظهاره بصورة كافية.
  • أو إظهاره في الوقت الخطأ.
  • أو إظهاره بطريقة سيئة.

تنطوي الحالة الأولى على رفض الشخص الاعتراف بأنه تلقى العطاء في الأساس، أما الحالات الثلاث المتبقية فهي تعني اعترافاً ناقصاً منه بتلقي هذا العطاء. إن عدم تقديم المتلقي الشكر الكافي أو تقديمه متأخراً يمكن أن يُنظر إليه على أنه علامة على الجحود وعدم الاحترام. أما الشكر بطريقة سيئة يعني أن نشكر من قدم لنا العطاء بطريقة فجة، إما عن قصد أو حماقة. في جميع الحالات الثلاث يكون لدى المعطي انطباع بأن المتلقي لم يولِ عطاءه حق قدره؛ ما يشعره بأنه تعرض للأذى أو الازدراء وحتى الإهانة، كما يخلّف هذا العطاء أثراً مريراً لديه عندما يشعر أنه لم يلامس قلب المتلقي.

ما هي المشاعر التي يولدها العطاء؟

العطاء هو ظاهرة تحفز مشاعر الامتنان التي تنتهي بالفرح، سواء لدى المتلقي أو المعطي.

نعلم أننا تلقينا عطاءً عندما نشعر بالامتنان والفرح، فإذا خلت نفس المتلقي من أحد هذين الشعورين أو كليهما، فذلك لأنه لم يشعر أن ما قُدّم له كان عطاءً. قد يكون هذا بسبب العطاء نفسه (غير ملائم بالنسبة له)، أو المعطي (لا يبدو أن عطاءه هذا كان خالياً من أي نوايا، ومن ثم فقد قدّمه الآن ليأخذ عوضاً عنه لاحقاً) أو بسبب طريقة تقديم هذا العطاء (لم يحترم المعطي المتلقي بما فيه الكفاية). كما يمكن ألا يشعرنا العطاء بالفرح والامتنان بسبب حالتنا العاطفية، ويُعتبر الحسد أحد أهم المشاعر التي تمنع إظهار الامتنان، وهو يشير إلى جحود صاحبه وعدم اعترافه بالجميل، وميله إلى اعتبار العطاء الذي يتلقاه مستحَقاً له حتى لا يشعر بالدونية، وبأنه مدين لمن قدمه له، فعدم شعور المرء بالامتنان قد يشير إلى أنه شخص حسود.

من جهة أخرى؛ يحفز العطاء مشاعر المعطي أيضاً، فنحن نعلم أننا قد قدمنا ​​عطاءً للآخرين عندما يجعلنا ذلك نشعر بالسعادة. خلاف ذلك، فقد تكون للفتتنا هذه اعتبارات أخرى، أو قد تُمثل تأدية التزام ما، ومن ثم فهي ليست نابعةً من القلب.

بينما ينبع الفرح من الامتنان “التصاعدي” لدى المتلقي، فإنه ينبع من الامتنان “الهابط” لدى المعطي. يشعر المعطي بالسعادة لأن الفرصة أتيحت له ليعطي الآخرين من نفسه، فمن طبيعة الإنسان أن يبذل نفسه للآخرين، لأن حياته منحة له لذلك من الضروري له أن يعطي الآخرين منها بدوره، فالإنسان الذي يُحرم من القدرة على العطاء يفقد كل معنى في الحياة. لذلك يمكننا أن نقول شكراً لجميع الذين سمحوا لنا التمتع بإمكانية العطاء.

في معظم الأديان؛ يؤدي تقديم الصدقات للمحتاجين (الصدقة المسيحية، والصدقات الإسلامية والزكاة، والصدقة الخيرية في اليهودية، أو الهندوسية أو البوذية.. إلخ) دوراً أساسياً في الرحلة الروحية للمؤمنين وتطهيرهم وتقربهم إلى الله، لذا يجب عليهم أن يشكروا المحتاجين الذين سمحوا لهم بتقديم هذه الأعطية. عندما يكون العطاء خالياً من أي أنانية، فإنه يجعل المعطي يشعر بفرح بريء ورضا وسلام داخلي.

لماذا يتجاوز العطاء كل منطق؟

كثيراً ما نسمع ممن حولنا عبارات مثل: “ما مدى امتنان أطفالي لي بعد كل ما فعلته من أجلهم؟ لماذا أكون دائماً الشخص المعطاء؟ إن من حولي لا يكتفون مهما قدمت لهم؛ لطالما كرست نفسي لمساعدته وهذه هي الطريقة التي يشكرني بها؟ يقول لي ماذا قدمت لي؟”. تصبح هذه السلوكيات التي تبدو غير مفهومة أكثر وضوحاً إذا أخذنا في الاعتبار التأثيرات العاطفية للعطاء.

مفارقة المعطي: العطاء يجعل المرء أكثر ارتباطاً بالآخرين من التلقي

عادةً ما يكون المعطي أكثر ارتباطاً بالمتلقي وليس العكس. ويرجع سبب ذلك إلى حقيقة أن العطاء الصادق النابع من القلب يؤدي إلى خلق مشاعر المودة والارتباط بالشخص الذي يتلقى هذا العطاء. عندما تعطي، فإنك حتماً تعطي من نفسك، تعطي جزءاً من قلبك. ويندمج العطاء مع الحب لدرجة أنه يربطك بالمتلقي دون أن تعي ذلك، ويولد لديك مشاعر تعاطف وإحسان تجاهه، واهتمام دائم به، فالعطاء ينمي لدى المعطي مشاعر الحب تجاه المتلقي. أفضل مثال على ذلك هو العلاقة بين الآباء والأبناء؛ إذ يرتبط الآباء عموماً بأطفالهم أكثر من ارتباط أطفالهم بهم.

مفارقة العطاء بالنسبة للمعطي: العطاء يجعلك ترغب في تقديم المزيد

كلما زاد عطاؤنا ازدادت رغبتنا في تقديم المزيد. فالعطاء لا ينفد؛ بل على العكس من ذلك العطاء يولد العطاء. يوضح المشهد الأخير من فيلم “قائمة شندلر” (Schindler’s list) هذه المفارقة تماماً.

أنقذ البطل أوسكار شندلر أرواح مئات الأشخاص، وعندما أظهروا امتنانهم له بكى بحرقة لأنه أدرك أنه كان بإمكانه بيع سيارته لينقذ أرواح المزيد منهم. إذا قدمت عطاءً ثم لم تعد ترغب في تقديم المزيد لأنك تعتقد أنك قدمت ما يكفي، فربما لم تكن لفتتك تنم عن عطاء حقيقي؛ بل عن أداء واجب، أو سعي وراء مصلحة ما، وهذه هي الأسباب التي قد تجعل المرء شحيح العطاء.

مفارقة العطاء بالنسبة للمتلقي: العطاء الكافي بالنسبة له ينطوي على العطاء بسخاء

يجب على المعطي أن يقدم للمتلقي أكثر مما هو ضروري حتى يشعر الأخير أنه حصل على ما يكفيه، ومن ثم يجب على المعطي أن يكون أكثر سخاءً مما يعتقد. يستهدف هذا العطاء الإضافي مشاعر المتلقي، ويحول دون تولد الانطباع لديه بأن المعطي بخيل أو دنيء؛ إذ يجب أن يبدو العطاء كافياً له، وأفضل طريقة للتأكد من تحقيق ذلك هي العطاء ببذخ. ويمكن أن نبرر هذه المفارقة بأهمية عنصر اللطف في العطاء الحقيقي. وبعبارة أخرى؛ يجب أن نعطي المتلقي الانطباع بأننا “لا نسخر منه” بعطائنا هذا، وإلا فإنه لن يشعر بالامتنان الكامل.

مفارقة المتلقي: يمكن للعطاء أن يثير مشاعر الكراهية لدى المتلقي

قد يشعر المتلقي بالكراهية تجاه المعطي إذا رأى العطاء على أنه انتقاص من قيمته أو جعله يشعر بالدونية. يحدث هذا عندما تغمر المتلقي مشاعر الحسد بدلاً عن مشاعر الامتنان. ولذلك كلما أُجزِل العطاء للشخص الحسود شعر هذا بالإذلال وتضاعفت كراهيته تجاه الشخص الذي أحسن إليه.

إن معرفة كيفية العطاء للأخرين هو أهم شيء نتعلمه لأنه يحدد مدى حريتنا. يوضح آندريه جيد في كتابه “أغذية الحياة الجديدة”  (Les Nouvelles nourritures terrestres): “إن الشيء الذي لا نستطيع تقديمه سيمتلكنا أكثر مما نمتلكه، الملكية الحقيقة تتمثل في العطاء فقط”. إن معرفة كيفية العطاء هي أهم شيء يجب تعلمه لأنه يحدد أيضاً قدرتنا على الحب. عرّفت ترنيمة “لماذا أحبك يا ماري” (Pourquoi je t’aime, ô Marie) الحب على النحو التالي: “الحب هو أن نمنح كل شيء، وأن نبذل أنفسنا، أن تعرف كيف تعطي هو أن تكون حراً وقادراً على المحبة؛ إنه أن تعرف كيف تعيش”.

المحتوى محمي !!