هل تريد حماية دماغك من الخرف؟ ضع أهدافاً لحياتك

5 دقيقة
حماية دماغك من الخرف
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

وجود هدف واضح في الحياة لا يمنحك فقط شعوراً بالمعنى، بل يسهم أيضاً في حماية دماغك من التدهور مع التقدم في العمر. فقد أوضحت دراسة من جامعة كاليفورنيا، نشرت في المجلة الأميركية للطب النفسي لكبار السن، أن امتلاك غاية يعيش الإنسان من أجلها يقلل احتمالية الإصابة بالخرف. ولتج…

بينما تستيقظ كل صباح حتى تؤدي مهامك اليومية المعتادة وتنخرط في روتينك المستقر، هل سبق وتساءلت عن الأنشطة والأشياء التي تمنح حياتك معنى حقيقياً؟ هل فكرت يوماً في وجود هدف واضح في حياتك يكون بمثابة بوصلتك التي ترشدك نحو الطريق، الحقيقة أن وجود هدف في حياتك لا يجعلك تحس بالرضا والسعادة فحسب، ولكنه أيضاً يحمي دماغك ويقلل احتمالية إصابتك بالخرف، وذلك وفقاً لدراسة بحثية حديثة أجرتها جامعة كاليفورنيا، ونشرتها المجلة الأميركية للطب النفسي لكبار السن في أكتوبر/تشرين الأول 2025، فما هي أهم نتائج هذه الدراسة، الإجابة تجدها في هذا المقال.

ما هي أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة؟

كشفت الدراسة البحثية السابق ذكرها أن وجود هدف واضح في الحياة يقلل خطر الإصابة بضعف الذاكرة أو الخرف مع التقدم في العمر، وشملت الدراسة أكثر من 13,700 شخص من مختلف الأعراق في الولايات المتحدة، أعمارهم فوق 45 عاماً، وجرت متابعتهم مدة وصلت إلى 15 سنة عبر اختبارات موضوعية للذاكرة والتركيز، وقد سعى الباحثون لمعرفة إذا ما كان الإحساس بغاية في الحياة يساعد على تأخير ظهور التدهور المعرفي أو تقليله.

ويمكن القول إن ضعف الذاكرة والخرف من أكثر التحديات التي تهدد جودة الحياة لدى كبار السن، ليس فقط صحياً بل اجتماعياً ونفسياً أيضاً، ويزداد خطرها مع التقدم بالعمر أو وجود استعداد وراثي، لذا فإن فهم العلاقة بين الإحساس بالهدف في الحياة وصحة الدماغ يمكن أن يقدم وسيلة وقائية تحمي الأشخاص من التدهور العقلي المبكر، ومن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة:

1- الأشخاص الذين يتمتعون بشعور قوي بوجود هدف في حياتهم كانوا أقل عرضة بنسبة 28% للإصابة بضعف الذاكرة مقارنة بغيرهم.

2- الإحساس بالهدف في الحياة ارتبط ارتباطاً وثيقاً بتأخير ظهور التدهور المعرفي سنوات أطول حتى بعد أخذ العمر والجنس والتعليم والحالة النفسية بعين الاعتبار.

3- وحتى لدى من لديهم استعداد وراثي للإصابة بالخرف استمر الأثر الوقائي للإحساس بالهدف في الحياة.

اقرأ أيضاً: أهم السمات الشخصية التي تحمي من الخرف عند التقدم في السن

وأكدت المؤلفة الرئيسية للدراسة، والأستاذة في قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية بجامعة كاليفورنيا، عليزة وينجو، أن نتائج الدراسة تشير إلى أن الشعور بالهدف يساعد الدماغ على الحفاظ على مرونته مع التقدم في السن، وأضافت: حتى بالنسبة للأشخاص المعرضين لخطر وراثي للإصابة بمرض آلزهايمر، ارتبط الشعور بالهدف بتأخر ظهور المرض وانخفاض احتمالية الإصابة بالخرف، ومن أهم الأنشطة التي يمكن أن تعطي هدفاً في الحياة وتمنحها المعنى:

  1. العلاقات وذلك مثل رعاية الأسرة، وقضاء الوقت مع الأحفاد، أو دعم الزوج أو الصديق.
  2. العمل أو التطوع وذلك عبر المساهمة في قضايا مجتمعية.
  3. الروحانية أو الإيمان وممارسة الشعائر والمشاركة في الأنشطة الدينية.
  4. الأهداف الشخصية مثل ممارسة الهوايات، وتعلم مهارات جديدة، أو تحديد أهداف شخصية وتحقيقها.
  5. مساعدة الآخرين عبر أعمال اللطف، والأعمال الخيرية، وتقديم الرعاية، أو العمل التوعوي.

لماذا يجب أن تملك هدفاً في حياتك؟

توضح المختصة النفسية، ستايسي شايفر، أن معنى الحياة يتكشف في أثناء وضع أهدافك ثم العمل على تحقيقها، وتضيف شايفر أن هدفك في الحياة ليس من الضروري أن يكون عظيماً، بمعنى أنه ليس مطلوباً منك أن تنقذ العالم حتى تحس بالمعنى؛ يكفي أن تستيقظ من نومك صباحاً وتقضي ساعة خلال ذلك اليوم في إنجاز شيء تحبه، والحقيقة أن وجود أهدافك في حياتك سوف يحقق لك الكثير من الفوائد، منها على سبيل المثال:

1. الشعور بالتوجه والمعنى

عندما تكون لديك أهداف واضحة، وتعرف جيداً ما تسعى لتحقيقه، فهذا يعني أنك تضفي قيمة على روتينك اليومي، بمعنى آخر، أنت ترسي خارطة طريق تحدد وجهتك وما تريد الوصول إليه في هذه الحياة، والحقيقة أن هذا الإحساس يقلل شعورك بالارتباك والضياع، ويجعلك تحس بأنك تحيا حياة إيجابية ذات قيمة، وتستحق أن تعاش.

اقرأ أيضاً: كيف تستمتع بما تفعله خلال رحلتك نحو تحقيق أهدافك؟

2. تحسين الثقة بالنفس وتقدير الذات

إن تحقيق الأهداف، حتى لو كانت صغيرة، يمكن أن يعزز تقديرك لذاتك وثقتك بنفسك على نحو كبير، حيث إن كل إنجاز يعزز إيمانك بقدراتك ويشجع على بناء صورة إيجابية عن نفسك، وعندما تحدد أهدافاً وتحققها، فإنك تدرك قدراتك، ما قد يحارب مشاعر عدم الكفاءة أو الشك الذاتي، ويمكن القول إن هذه الحلقة الإيجابية تقوي مرونتك العصبية وتعزز صحتك النفسية.

3. تخفيف مشاعر التوتر والقلق

تساعدك أهدافك على تخفيف مشاعر القلق والتوتر، وذلك لأنها تمنحك شعوراً بالإنجاز، علاوة على ذلك، فإنك حين تضع أهدافاً وتسعى إلى تحقيقها، وتمشي وفقاً لخطة ونهج منتظم، سوف يقل شعورك بالإرهاق والاستنزاف، وهذا الأمر ينعكس بالإيجاب على صحتك النفسية، كما يمنحك إحساساً بالسيطرة على حياتك.

4. تعزيز عقلية النمو

يشجعك تحديد الأهداف ومن ثم تحقيقها على تشجيع عقلية النمو، لأنك في هذه الحالة سوف تقتنع بأن إمكاناتك وقدراتك ليست ثابتة، بل يمكن تطويرها عبر العمل الجاد والمثابرة، علاوة على ذلك، فإن طريقك نحو تحقيق أهدافك سوف يحتوي على بعض التحديات، وحين تنجح في اجتياز تلك التحديات، سوف تصبح أكثر مرونة، لأنك تنظر إلى التحديات والصعاب بصفتها فرصاً للتعلم والنمو.

كيف تضع أهداف حياتك حتى تحمي دماغك وتقلل احتمالية إصابتك بالخرف؟

تختلف رحلة كل شخص في الحياة، ولهذا تختلف الأهداف والتوجهات، لكن ثمة قواعد محددة يمكن اللجوء إليها من أجل عملية تحديد الأهداف، ومن أهم تلك القواعد:

1. اعرف نفسك جيداً

لن تتمكن من وضع أهداف حياتك الكبرى قبل أن تعرف نفسك جيداً، قد تضع لنفسك أهدافاً مثل الآخرين، لكنك لن تستمر في رحلة تحقيقها لأنها ليست أهدافك ولا تشبه روحك، لذلك فإن الخطوة الأولى التي يجب عليك الالتزام بها هي توسيع نطاق معرفتك بنفسك، وحتى تحقق ذلك، غادر منطقة راحتك، وجرب، وفي أثناء محاولات التجريب كن صادقاً مع نفسك، وحتى تتعرف إلى ذاتك بعمق، جرب الكتابة اليومية، وتتبع أنماطك، وتعرف إلى الأنشطة التي تجعلك تحس بالسعادة، بالإضافة إلى ذلك، لاحظ نقاط قوتك وضعفك، وتقبل قدراتك وحسن مهاراتك.

اقرأ أيضاً: "من أنا؟": كيف تجيب نفسك عن هذا السؤال الصعب بدقة؟

2. تقدم بثبات نحو الأمام

بعد أن تعرف نفسك جيداً، وتحدد أهدافك، ضع خطوات وإجراءات كل يوم لتعزيز تقدمك نحو الإنجاز؛ فإذا اخترت البقاء خاملاً وساكناً في مكان، هناك احتمال ألا تحقق أهدافك، لهذا تحرك، وحفز نفسك، وضع خطوات يمكن قياسها من أجل تتبع تقدمك، يمكنك على سبيل المثال، تقسيم أهدافك الكبرى إلى أهداف محددة قصيرة المدى، وبذلك سوف يكون تحقيق الهدف الأكبر أسهل وأكثر إمتاعاً.

3. كن مثابراً على الرغم من العقبات

حين تسير في رحلتك الخاصة نحو تحقيق أهدافك، لن يكون الطريق عامراً بالورود وممهداً، ولكن ستقابلك بعض التحديات والعقبات، والحقيقة أن هذه التحديات سوف تجعلك أقوى وأكثر مرونة، لذلك حاول المضي قدماً والحفاظ على مثابرتك مهما كانت الصعوبات، ومع مرور الوقت سوف تشعر أن تلك الصعوبات حققت لك النمو والتطور.

4. مارس الامتنان

رحلتك نحو تحقيق أهداف الحياة الكبرى يمكن أن تكون طويلة، ولهذا أنت بحاجة إلى التوقف قليلاً وممارسة الامتنان، احتفل بإنجازاتك الصغيرة، وكن ممتناً لأنك وصلت إلى هنا، وقتها سوف تغمرك مشاعر الرضا والسعادة، وستصبح أكثر قدرة على مواصلة الطريق.

5. تعلم شيئاً جديداً

لنتخيل أن هدفك هو السفر إلى الخارج ورؤية العالم، ما رأيك لو تعلمت مهارات جديدة تساعدك على إثراء تجربتك، ما أقصده هو أن الرحلة تجاه تحقيق أهدافك تحتاج إلى بعض المهارات التي ستساعدك على الاستمرار. على سبيل المثال، إذا كنت تهوى السفر سوف تحتاج إلى معرفة مهارات توفير المال، بالإضافة إلى تعلم لغات جديدة وتعلم الطهو، ومن الممكن أن تتعلم أيضاً التصوير من أجل توثيق رحلتك.

6. كن مرناً

حين أضع نصب عيني هدفاً وأسعى سعياً حثيثاً إلى تحقيقه، تحدث أشياء خارجة عن إرادتي وتفسد خطتي بالكامل، في البداية كنت أقول لنفسي، حسناً، لقد أفسدت الأمر بالكامل، ويمكن أن أقضي أياماً طويلة وأنا أحس الفشل والتقصير، ولكن مع مرور الوقت، تعلمت أن أترك مساحة كافية للمرونة، لن تسير الأمور كما نخطط لها دوماً وعلينا تقبل ذلك الأمر.

وفي هذا السياق، يشرح المختص النفسي، محمد علي الأسطى، أن المرونة النفسية ليست قوة خارقة، لكنها مهارة يمكن صقلها بالتدريب اليومي، وهي قوة لا تشبه الصلابة، بل تشبه القدرة على التوسع من الداخل، أي أن يتسع قلبك لمشاعر متناقضة، وعقلك لأفكار مزعجة، وجسدك لما يثقله، ومع ذلك تستمر في التحرك.

المحتوى محمي