إليك الحقيقة المرّة: ستشعر في بداية العلاقة العاطفية أو الزواج بحالة أشبه ما تكون بالذهان المؤقت؛ فرح وحب وأمل وإثارة، وكأنك لا تمشي على الأرض؛ وإنما تحلق بين الغيوم؛ ولكن، هذا لا يعني أنك تعيش علاقة حب فريدة من نوعها ستستمر إلى الأبد، فمعظم مَن وقع في الحب، وقع في الفخ ذاته.
محتويات المقال
ولهذه المشاعر الابتدائية، إن صح التعبير، أسباب فيزيولوجية ناتجة عن اندفاع هرمونات الأكسيتوسين والدوبامين والسيروتونين مع هرموني الأستروجين أو التستوستيرون في دماغك وجسدك، ما يغذّي شعورك بأن هذا الحب سيدوم للأبد.
ثم ماذا؟ ثم وبعد فترة معينة سيتبدد تأثير هذه الإشارات الكيميائية، وستجد نفسك مع ذلك الشخص تتعاملان مع واقع الحياة، وقد تصبح تلك العادات التي كنت تحبها في الشريك سابقاً مصدراً لشعورك بالتوتر الآن، فما الحل؟ وكيف يمكن للشخص أن يعيش حياة زوجية واقعية ومُرضية بعيداً عن جمال البدايات؟ إليك 3 نصائح.
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع شريك حياتك الذي يدمر ثقتك بنفسك؟
1. كُن واقعياً في توقعاتك
أول الحلول هو أن تواجه توقعاتك غير الواقعية. وأولها أن تلك الحالة القوية والجياشة من الشغف والإثارة والهيام في المراحل الأولى لن تستمر إلى الأبد، وإنما ستتغير وتتحول مع الوقت إلى رابطة أعمق وأكثر استقراراً.
وأن الزواج ليس سعادة مطلقة ومصدراً دائماً للفرح والاكتمال العاطفي؛ وإنما سيمر بصراعات وتوترات وفترات من الصعوبة. وعليك أن تعلم أن الجدالات ليست إشارة على وجود خطأ في زواجك؛ بل هي أمر طبيعي، ومن الأجدى أن تراها فرصةً ستعلمك كيف تواجه المشكلات، وكيف تتفاوض مع الشريك وتدير اختلافاتكما، وكيف تهدئان بعضكما بنجاح عندما يكون أحدكما أو كلاكما منزعجاً.
ومن التوقعات غير الواقعية التي قد تبنيها في ذهنك أيضاً أن الشريك سيظل كما كان حين تعرفت عليه وتزوجته؛ لكن الناس تتغير مع مرور الوقت، قد تتغير أحلامها وطموحاتها ومعتقداتها، لذا لا بُد من أن تكون منفتحاً على هذا التغيير ومتقبلاً له وجاهزاً لدعمه واحترامه.
وآخر التوقعات الشائعة هي الاعتقاد أن الشريك مسؤول عن سعادتك وعن تلبية احتياجاتك العاطفية كلها، وهذا النمط من التفكير قد يؤذي العلاقة كثيراً؛ لأنه وحين لا يستطيع الشريك منحك ما تعتقد أنه حقك، فقد تشعر بالاستياء وقد يتطور إلى ازدراء ثم إلى تآكل الزواج. لذا عليك أن تعلم أن سعادتك الحقيقية مسؤوليتك أنت، وأن على الشريكين دعم بعضهما بعضاً، وليس تحمل المسؤولية الكاملة عن رفاهية كل منهما.
اقرأ أيضاً: نصائح عملية تُجنّبك الجدال مع شريك حياتك
2. تعلّم كيف تتواصل مع الشريك بصدق وشفافية
يؤكد الطبيب النفسي، أندرياس ناروم (Andreas Narum)، أنه ينبغي ألا تفترض معرفة أفكار الشريك ومشاعره، فأنت لا تعلم على وجه اليقين ما يعتمر داخله؛ وإنما أنت تسقط أفكارك ومشاعرك وتأويلاتك عليه، وهذا ما قد يضر بالعلاقة خصوصاً في حال تصرفت بناء على تفسيراتك، فمشاعرك وأفكارك ليست حقائق بالضرورة، تذكر ذلك. ماذا تفعل إذاً؟ عليك أن تتواصل مع الشريك.
فمن المعروف أن التواصل الصريح والصادق هو أساس الزواج القوي. ولفعل ذلك بطريقة صحيحة، اتبع النصائح التالية:
- تعرف إلى الحواجز التي تعوق تواصلك مع الشريك، سواء كانت الإرهاق أو عوامل التشتت أو غيرها، وحاول أن تتعلم كيفية الحفاظ على أعصابك، وتجنب المشتتات في أثناء التواصل.
- استمع إلى الشريك على نحو فعال، وهذا يعني أن تصغي من أجل الفهم والتفهم وليس من أجل الاستجابة وتجهيز الرد. أي امنح شريكك انتباهك الكامل، وحاول أن تفهم مشاعره ونواياه واحتياجاته وليس أن تركِّز على كلماته. تجنّب المقاطعة، واستخدم لغة جسد إيجابية، مثل الإيماء بالرأس، والتواصل البصري، ونبرة الصوت المنخفضة، ثم إعادة صياغة وتلخيص ما قاله لضمان أنك فهمت ما يود إيصاله.
- فكر فيما تريد قوله، وكن واضحاً بشأن ما تريد إيصاله حتى يفهم الشريك بدقة ما تقصده، وتحدث عما يحدث وكيف يؤثر فيك، وعما تريده وتحتاجه وتشعر به. قل: "أنا أحتاج"، "أنا أريد"، "أنا أشعر".
- تقبل المسؤولية عن مشاعرك الخاصة، وشارك مشاعرك الإيجابية مع الشريك مثل ما تقدره وتحترمه فيه.
- تذكر عندما تنشأ الخلافات أن الهدف الأساسي منها هو تعلم كيف تفهمان بعضكما بعضاً، وليس كيف تهزمان بعضكما بعضاً؛ لذا ركز على حل المشكلات والتوصل إلى تسويات أو حلول وسطى ترضي كليكما، وليس على الفوز في الجدال.
- لا تحصر المحادثات والحوارات عن الصراعات فقط؛ بل اجعل من عادتك أن تشارك معه تجاربك اليومية وأحلامك ومخاوفك وحتى أكثر ما يؤلمك. أي ناقش مواضيع تتجاوز الأمور الروتينية من فواتير وتربية الأبناء. فهذا يبني الحميمية العاطفية والثقة.
- أعطِ الأولوية لقضاء وقت ممتع معاً، ومشاركة اللحظات الحميمية من لطف وتفهم ومواساة. وإذا استمرت صعوبات التواصل، ففكر في استشارة مختص في العلاقات الزوجية لتطوير أنماط أكثر صحة. يتطلب الزواج المزدهر بذل جهد مستمر وصبر وتفاهم متبادل.
اقرأ أيضاً: تجنب هذه العبارات الخطِرة في أثناء جدالك مع شريك حياتك
3. أعطِ الأولوية للاحترام دائماً
يقول الكثير من المتزوجين الناجحين إن الاحترام أهم من الحب عندما يتعلق الأمر بالزواج الناجح، وإن أردنا استعراض آراء الخبراء في هذه النقطة، فغالباً ما تفضي آراؤهم إلى نتيجة مشابهة. على سبيل المثال، يقول الباحث في علم النفس الإيجابي، أحمد سامر، إن الاحترام يبني العلاقة، والعلاقة التي ابتدأت بالاحترام قد تنتهي بالحب.
في حين يوضّح الخبير الاجتماعي والتربوي، جاسم المطوع، إن قلة الاحترام تقلل الحب وتنقصه، وقد تعدم الحب إعداماً في حال وصلت إلى العنف الجسدي أو اللفظي. وكذلك يشرح عالم النفس، بيتر غراي (Peter Gray)، أن الحب دون احترام قد يكون خانقاً ومسيطراً، وقد يؤدي إلى علاقات يهيمن فيها أحد الطرفين على الآخر أو يتجاهل استقلاليته.
اقرأ أيضاً: 3 علامات تشير إلى أن شريك حياتك لا يحترمك
في حين يشجع الاحترام النمو الشخصي والاستقلال والتواصل المفتوح، ويسمح لكل شريك بأن يكون على طبيعته دون خوف من التلاعب أو الإجبار أو محاولة تغييره. فكيف تبدي الاحترام للشريك؟ إليك كيف.
- أظهر اهتماماً حقيقياً بأفكاره ومشاعره ورغباته ومخاوفه دون رفضها أو التقليل من شأنها.
- اعترف بالاختلافات وتقبل حقيقة أن الشريك لديه هويات ووجهات نظر وتطلعات خاصة قد تختلف عما تمتلكه، وعليك أن تحترمها بدلاً من تغييرها.
- شجع نموه الشخصي وادعم اهتماماته وتطلعاته الشخصية والمهنية.
- احترم حدوده العاطفية والجسدية والاجتماعية دون ضغوط.
- لا تقارنه مع الآخرين؛ إلا في حال أردت تسليط الضوء على نقاط القوة والإيجابيات التي يتمتع بها.
- تجنب النقد الجارح والازدراء، فلا بأس أن تختلف معه في الرأي؛ لكن باحترام دون إهانات أو سخرية.
- كُن صادقاً وأوفِ بوعودك وتحمل مسؤولية أفعالك واعتذر عن أخطائك.
- عبّر عن امتنانك وتقديرك له، وأظهر اللطف في أفعالك اليومية.
- تحدث عن شريك حياتك باحترام، سواء سراً أو علانية، ولا تشكوه إلى الآخرين أو تقلل من قيمته في نظرهم، بل تحدث إليه مباشرة أياً يكن ما تود مناقشته.