حتى يشعر الإنسان أنه جميل فيجب أن يرى نفسه كذلك أولاً وبخاصة عندما يود نشر صوره على وسائل التواصل الاجتماعي والتباهي بها. ومع الكم الهائل من الصور التي نراها تُنشر هنا وهناك كل يوم قد نتساءل: كيف يمكننا إضفاء لمسات على صورنا لتبدو أجمل؟ نتعرف في المقال التالي إلى استخدامات "التجميل الرقمي" إضافةً إلى نصائح يقدمها لنا خبيران حول كيفية التقاط صور السيلفي الشخصية الجذابة التي تلفت الأنظار على وسائل التواصل الاجتماعي.
كان المصور والفنان الأميركي آندي وارهول (Andy Warhol) محقاً عندما قال ذات مرة: "في المستقبل سيحصل كل شخص على نصيبه من الشهرة"، وهذا ما نشهده اليوم بالفعل على شبكة الإنترنت. يستحضر مختص الطب والتحليل النفسي سيرج تيسيرون (Serge Tisseron) افتتاح أول متحف لصور السيلفي في مانيلا بالفيلبين ويقول: "إن الرغبة في إظهار الذات أمر أساسي للبشر، وهي تسبق الرغبة في خلق روابط حميمة". في عام 2013 شارك الناس نحو 1.8 مليار صورة يومياً في جميع أنحاء العالم؛ أي 5 أضعاف عدد الصور التي شاركوها خلال عام 2012 (المصدر: التقرير السنوي لماري ميكر (Mary Meeker) "توجهات الإنترنت 2014" (Internet Trends 2014)، الذي أعدته لصالح شركة كلينر بيركنز كوفيلد بايرز (KPCB) في شهر مايو/أيار من عام 2014)، وإضافةً إلى ذلك فقد شارك الناس 35 مليون صورة سيلفي شهرياً خلال العام ذاته. إنها صور كثيرة جداً نسعى من خلالها إلى بناء هويتنا الرقمية، وهذا ما يأخذنا إلى حقيقة أن الناس لم يعودوا يكتفون بإنشاء صفحة شخصية "مثالية" على الشبكات الاجتماعية؛ إذ إن استخدام صورة شخصية ملائمة بات اهتماماً رئيسياً أيضاً، فالصور الشخصية الجذابة على منصات كفيسبوك وإنستغرام هي ضرورة لا مفر منها اليوم.
تجميل الحياة اليومية من خلال الصور
هل الصورة المثالية هي تلك التي تعبر عن حقيقتنا؟ تقول مختصة التحليل النفسي فابيان كرامر (Fabienne Kraemer): "لا ليس بالضرورة لأن صورنا التي ننشرها على الشبكات الاجتماعية هي غالباً تلك التي نريد تبنيها عن أنفسنا حتى لو كانت هذه الصور منقّحةً". يحاول المرء من خلال التقاط صور السيلفي إظهار الصورة التي يرغبها عن نفسه وتشعره بالرضا؛ إذ نحرص جميعاً على اختيار صورنا التي نريد نشرها بعناية ونستخدم تطبيقات لتنقيحها إضافةً إلى الفلاتر المتنوعة لمنحها مظهراً أجمل؛ وكأننا نضيف بهذه اللمسات التجميلية الافتراضية المتعددة وجوهاً أخرى على أوجهنا. إنها محاولة أيضاً لتجميل صورة حياتنا ككل وإظهار الأفضل منها وفقاً لكل منصة، لنأخذ مثلاً منصة فيسبوك حيث يحرص الناس دائماً على مشاركة اللحظات الأكثر السعادة من حياتهم الشخصية على الخصوص. أما على منصة إنستغرام، وبوصفها شبكة لمشاركة الصور، فإن الناس يعبّرون عن أنفسهم بصورة أساسية من خلال استخدام الفلاتر التجميلية التي تتيحها المنصة، وتوضح فابيان كرامر إن تأثير الوسائط الاجتماعية في الذات بهذه الطريقة يحفز رغبة الإنسان في تجميل صورته ليحب نفسه أكثر.
وعلى الرغم من ذلك فإن تغيير مظهرنا في الصور بهذه الطريقة قد يصعِّب علينا قبول الواقع الذي لا يخضع لأي تنقيح. طلبتْ رنا وهي محامية تبلغ من العمر 38 عاماً من مصور محترف التقاط صورة لها لاستخدامها في ملفها الشخصي على شبكة لينكد إن المهنية، أملاً في تعزيز فرصها خلال بحثها عن عمل، وتقول: "أنا أحب صور السيلفي جداً وأتقن التقاطها ولكنني وددتُ الحصول على صورة احترافية لأعزز حظوظي المهنية". وعلى الرغم من ذلك فإن الصور التي حصلت عليها رنا في هذه الجلسة كانت بمثابة صدمة لها، وتتابع: "عندما أرسل لي المصور اختياراته من جلسة التصوير انهرتُ تماماً؛ لقد بكيت بحرقة لساعة من الزمن لأنني شعرت بأن الشخص الذي كان في الصور ليس أنا، وكان ذلك أسوأ من شعوري عندما كنتُ عاطلةً عن العمل".
تأثير صورنا في حياتنا
عندما نشارك صورنا الشخصية على الإنترنت فإننا نحصل على اعتراف دائرة أصدقائنا بها من خلال تفاعلهم معها بالتعليقات والإعجابات. وتُمثل كل صورة في حد ذاتها جانباً جديداً من "شخصيتنا الرقمية" نستخدم فلتراً خاصاً بها، وتقول فابيان كرامر:"التجميل الرقمي هو محاولة لتغيير الواقع والهروب من ما لا يروقنا فيه فنختار لحظات من حياتنا الشخصية نرغب في أن تبقى في أذهان الآخرين، وهي فكرة لا تختلف كثيراً عن ألبومات الصور التقليدية، باستثناء أن عرض الصور على الشبكات الاجتماعية يعني مشاركتها مع عدد أكبر بكثير من الناس، ومن ثم فإننا نشعر أنها تتطلب اهتماماً أكبر".
هل تُعد هذه الإضافات على صورنا نوعاً من التمويه؟ ألا يمكننا تشبيه هذه الفكرة بفكرة تغيير الملابس، مثلاً عندما نرتدي ملابس معينة تُظهرنا بمظهر راقٍ، أو أخرى تجعلنا نبدو كأشخاص رياضيين؟ يقول مختص علم النفسي التحليل النفسي يان ليرو (Yann Leroux): "بالفعل يمكن تشبيه فلاتر الصور بخزانة الملابس؛ إذ "يختبر" الفرد هذه العناصر على الشبكات الاجتماعية فإذا لاقت استحسان الآخرين أصبحت بالنسبة إليه جزءاً منه. مثلاً قد يبدو شخص ما أكثر غروراً أو كرماً على الشبكات الاجتماعية مما هو عليه في الواقع، وهي في الحقيقة طريقة تحفز المرء على اكتشاف نفسه أكثر". ويقول سيرج تيسيرون في مقال عن الصورة الذاتية والشبكات الاجتماعية: "إنه تغيّر كبير لأن هوية الفرد لم تعد ملكيةً خاصةً له وحده، فقد أصبحت صورةً تخيليةً تعتمد على التفاعلات بين مجموعة من الأشخاص ومن ثم فإن ماهية هذه الهوية تختلف في كل مرة، وحتى لو لم تمثل انعكاساً صادقاً للواقع فإن الحياة على الإنترنت تؤثر تأثيراً ملموساً في حياتنا الواقعية". ويضيف يان ليرو قائلاً: "نحن نحاول التماهي مع الصور التي نعرضها عن أنفسنا عبر الإنترنت، وهو أمر لا يُستهان به وله عواقب مباشرة تطال سلوكياتنا وشخصياتنا".
الصور أصبحت لغةً في حد ذاتها
على سناب شات، وهو تطبيق لمشاركة الصور ومقاطع الفيديو، أصبحت الصور المصحوبة برموز الوجوه الضاحكة التعبيرية والتعليقات التي تُدرج فيها مباشرةً أحياناً، لغةً في حد ذاتها. تقول سوسن ذات الـ 34 عاماً: "أبدأ الأسبوع بمشاركة صورة سيلفي ملتقَطة ومنقَّحة بعناية فهذا يُشعرني بالسعادة ويعبر عن ما يدور في داخلي؛ كما أنها طريقة لأحفز نفسي وأشارك حالتي المزاجية الجيدة مع الآخرين". هل يمكن أن تكون الصور بديلاً عن الكلمات؟ ترى فابيان كرامر إن الصور قد حلت محل الكلمات بالفعل في يومنا هذا فقد أتاحت لنا طرقاً مختلفةً للتواصل مع الآخرين.
وعلى الرغم من أنها تمثيلات مرئية فإننا نعبر من خلالها عن مشاعرنا وحالتنا المزاجية والأخبار التي نريد إيصالها للآخرين أيضاً، تقول منى البالغة من العمر 45 عاماً: "سأذهب في إجازة قريباً وسأنشر بالتأكيد صوراً منها لأشارك هذه اللحظات مع أحبائي، وأغلب الظن أنني لن أتصل خلال هذا الأسبوع بابني لكننا سنتبادل بعض "التعليقات" و"الإعجابات"، التي ستكون بمثابة محادثات بيننا". يُعد تبادل الصور التخاطبية ممارسةً شائعةً بين المراهقين ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك فقط؛ إذ تقول مؤلفة كتاب "هل تتكلم لغة الصور؟" (Parlez-vous pic speech?)، تو تريه بوفييه (Thu Trinh-Bouvier): "يُمثل التخاطب بالصور لغةً جديدةً لكنه لا يقتصر على الصور بل يشمل أيضاً الرموز التعبيرية والرسومات على سناب شات ومقاطع الفيديو والرسومات النصية". إنها رسائل تشكل الصور أساسها ممزوجةً بالوسائط الأخرى. عندما تنشر صورة سيلفي مثلاً فكأنك تقول "أنا"، فالصورة صوت حقيقي ووسيلة للمشاركة، وليست مجرد تعبير عن رغبة المرء في إظهار "جماله الرقمي".
3 تطبيقات مجانية لتعديل الصور
وضع المكياج الافتراضي: تطبيق ميك آب جينياس (Makeup Genius)
يتيح لكِ هذا التطبيق تجربة أي من مستحضرات التجميل بطريقة افتراضية تحاكي حركات وضع المكياج وهو شبيه بتطبيق لوريال باريس (L’Oréal Paris app)، كما يمكنكِ شراء المنتجات التي جربتِها عبر التطبيق ذاته. هذا التطبيق متاح لنظام تشغيل آي أو إس (iOS) فقط.
تطبيق مور بوتي 2 (MoreBeauté2)
يكتشف هذا التطبيق تلقائياً ملامح الجزء المحدد من الوجه لتعديله، ويمكنك أيضاً تنعيم الخطوط ومحو العيوب . هذا التطبيق متاح لنظام تشغيل آي أو إس (iOS) فقط.
تطبيق ريتريكا (Retrica)
يمكِّنك هذا التطبيق من اختيار إطار الصورة والفلتر الذي تريد استخدامه قبل التقاطها أما الفلتر المفضل بالنسبة إلينا فهو غولد 680 (680 Gold) إذ يضفي إضاءةً خافتة على الصورة تجعل ملامح الوجه أكثر دفئاً دون أي تشويش. يتوفر هذا التطبيق لنظاميّ تشغيل آي أو إس وأندرويد.
فن التقاط صور السيلفي
نصائح مصورة البورتريه بريجيت بودسون (Brigitte Baudesson):
"استخدم إضاءة مناسبة والأفضل هي الإضاءة الطبيعية غير المباشرة. خلال النهار يمكنك التقاط الصور بالقرب من النافذة أما في المساء ضع مصدر الضوء على ارتفاع الوجه لمنع الضوء القادم من الأسفل أو الأعلى من طمس ملامحك.
ولتبدو الصورة طبيعيةً قدر الإمكان؛ لا تلتقطها وجهاً لوجه تماماً بل أدِر وجهك بضع درجات نحو اليمين أو اليسار، وقف على قدم واحدة فوضعية عدم الثبات تضفي على الصورة قدراً من العفوية ولا بأس بإمالة وجهك قليلاً إلى الجانب لإعطاء انطباع باللطف والوداعة، والآن اخفض ذقنك قليلاً وارخِ كتفيك وابتسم ابتسامةً عريضةً ثم التقط الصورة.
دع ابتسامتك تظهر على عينيك: ثبت عينيك على الجزء السفلي من عدسة الكاميرا وارفع رأسك بضع سنتيمترات وفكر بذكرى سعيدة قبل التقاط الصورة لأن ذلك سيمنح عينيك بريقاً سيظهر جلياً في صورتك".
نصائح من خبير التجميل في شركة لانكوم (Lancôme)، ميكي (Miky) لالتقاط صور سيلفي أجمل
- قبل التقاط الصورة بأيام احرصي على ترطيب وجهكِ صباحاً ومساءً، وقبل يوم من التقاط الصورة امزجي بعضاً من كريم تسمير البشرة مع الكريم المرطب، وكلما اعتنيتِ بوجهكِ قلت حاجتك لاستخدام مستحضرات التجميل.
- ضعي بعضاً من كريم الترطيب قبل المكياج أو "البرايمر" (Primer) مطفأ اللمعة حول الفم وعلى الذقن والجبهة والأنف والخدين، وهي خطوة مهمة في حال كانت بشرتك دهنية أو مختلطة.
- وللحصول على مظهر طبيعي ضعي كريم أساس لماعاً أو مطفأ اللمعة (لا فرق) إذ سيمنع الضوء من إظهار أي من عيوب البشرة. إذا كانت بشرتك باهتة أو كثيرة العيوب، فاختاري كريم أساس أكثر كثافةً واستخدمي فرشاة لتوزيعه على أنحاء الوجه بما في ذلك الهالات السوداء تحت العينين.
- ضعي بعض اللمسات التي تعزز تناسق الإضاءة على الوجه ويفضل استخدام أحمر الخدود الكريمي على الجزء العلوي من الوجنتين مع لمسة من أحمر الخدود الوردي.
- باستخدام قلم تحديد العين بني اللون، ارسمي خطاً من الرموش العلوية والسفلية وخطاً صغيراً آخر (بضعة مليمترات) على الزاوية الخارجية للعين لزيادة اتساع فتحتها. أما اللمسة الأخيرة فهي استخدام أداة تجميل الرموش (المَسْكَرة) مع فرشاة سميكة لأنها تزيد طول الرموش دون ترك الكثير من الرواسب.