بينما أعدّ طعام العشاء لأطفالي، وبعد أن أنتهي من عملي، أتصفح عادة موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام، ولأكون صادقة معكم تبهرني هذه المنصة أكثر من غيرها، أحب مشاهدة الأزياء الباهرة، والمجوهرات الثمينة، والساعات الفاخرة، والسيارات الفارهة وابتسامات المؤثرين بجانب ممتلكاتهم، ودائماً ما أتساءل عن شعورهم وهم يمتلكون الكثير والكثير من الأشياء المادية. وسواء أحببنا ذلك أم لا، يجب أن نعترف لأنفسنا أننا أصبحنا نعيش في مجتمع مهووس بتملك الأشياء، وكلما زاد ما لدينا رغبنا في المزيد، ولكن ما هو سبب الهوس الزائد بالتملك؟ وكيف يمكن التعامل مع هذه الحالة؟ الإجابة من خلال هذا المقال.
محتويات المقال
هل أنت شخص لديه هوس زائد بالتملك؟ هذه العلامات تجيبك
الإنسان كائن اجتماعي، ولهذا فهو يسعى دوماً تجاه تحقيق المكانة الاجتماعية، وخلال هذا العصر فإنك قد تجد نفسك تسعى سعياً حثيثاً للوصول إلى المكانة الاجتماعية عبر شراء المزيد من الأشياء المادية، وهذه العلامات قد تخبرك بأن لديك هوساً زائداً بالتملك:
- إنفاق الكثير من الأموال من أجل شراء الأشياء الجديدة وإبهار الآخرين.
- الرغبة الماسة في شراء الملابس وفقاً لآخر صيحات الموضة ومواكبة كافة التوجهات العالمية، مثل شراء أحدث هاتف ذكي حتى وإن كنت لا تعرف الفروق الدقيقة بين الطرازين الحديث والقديم.
- تشعر بالحسد تجاه ما يملكه الآخرون.
- تعطي الأولوية للأشياء في مقابل الأشخاص، على سبيل المثال، تجد نفسك تتجنب قضاء الوقت مع الأصدقاء حتى تتمكن من التركيز على شراء المزيد من الممتلكات.
- تحكم على الأشخاص من خلال ممتلكاتهم، فقد تسخر من صديقك لأنه لا يملك أحدث هاتف.
- تمتلك الكثير من الأشياء التي لا تحتاجها ولا تستخدمها إلا نادراً، ما يدل على أنك مهتم بشراء الأشياء أكثر من اهتمامك باستخدامها.
- ترغب في تملك المزيد دائماً.
اقرأ أيضاً: كيف تتغلب على هوس التسوق في موسم التخفيضات؟
ما هي الأسباب التي قد تدفعك إلى الهوس الزائد بالتملك؟
هل سألت نفسك من قبل لماذا تشتري الكثير من الأشياء، ولماذا تسعى دوماً إلى تملك المزيد؟ في الحقيقة، ثمة الكثير من الأسباب التي قد تدفعك إلى هذا الهوس، منها على سبيل المثال:
1. البحث عن السعادة
قد تشتري العديد من الأغراض المادية والسلع والأشياء وترغب دوماً في تملك المزيد سعياً وراء السعادة، وفي هذا السياق، تؤكد أستاذة علم جراحة الدماغ في جامعة هارفارد (Harvard University)، آن كريستين دوهايم (Ann-Christine Duhaime)، أن الشعور الممتع المرتبط بالمكافآت غير المتوقعة هو سبب رغبتك في تملك المزيد من الأغراض وشراء الأشياء؛ ففي كل مرة تمتلك فيها شيئاً ما يطلق دماغك الدوبامين ومن ثم تشعر ببعض السعادة، ولهذا تكرر السلوك نفسه أملاً في تحقيق المزيد من السعادة.
2. تأثير الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي
تؤثر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي تأثيراً مهماً في سعيك الدائم إلى تملك المزيد من الأشياء، فأنت تتعرض طوال الوقت إلى الكثير من الإعلانات التجارية التي تخبرك بأنك ستكون أكثر سعادة وراحة إذا اقتنيت أحد المنتجات، وعادة ما تخلق الإعلانات شعوراً بالرغبة، وتجعلك تعتقد أن الحصول على الأشياء سيعزز حياتك ويجعلها أسهل وأكثر راحة.
3. مواكبة التوقعات الاجتماعية
قد ترغب في اقتناء المزيد من الأشياء ولا تتوقف عن هوسك بتملك المزيد تحت ضغط التوافق وتلبية التوقعات المجتمعية، ففي بعض الأوقات يسعى الأشخاص إلى إظهار ممتلكاتهم المادية بوصفها وسيلة من أجل كسب القبول والتحقق من الآخرين، على سبيل المثال، قد تسعى إلى شراء سيارة جديدة أو اقتناء مجوهرات باهظة الثمن حتى تثبت لنفسك وللآخرين أنك حققت الرخاء المالي، لكن تذكّر دوماً أن هذا السباق المستمر لمواكبة المعايير المجتمعية يمكن أن يؤدي إلى وقوعك في ضغوط مالية وزيادة ديونك وفقدان هويتك الشخصية.
في هذا السياق يؤكد الطبيب النفسي، محمد اليوسف، أن بعض الأشخاص يشترون الممتلكات الضخمة من أجل التباهي أمام الآخرين، ومن أجل تسكين ألم الشعور بعدم الكفاءة وبحثاً عن المكانة الاجتماعية، لكنهم سيكتشفون يوماً ما أنها مجرد مسكّنات لا أكثر.
4. التكيف العاطفي
يمكن أن يكون السبب الأساسي الذي يدفعك إلى الهوس بالتملك واقتناء الأشياء هو التكيف العاطفي؛ على سبيل المثال، يوفر لك الشراء واقتناء الممتلكات مهرباً من مشاكل الحياة، أو يمكن أن يكون وسيلة من أجل تخفيف مشاعر القلق والتوتر أو طريقة سهلة من أجل ملء الفراغ العاطفي.
5. البحث عن التميز
عندما يكون لديك شيء لا يمتلكه أحد على الإطلاق أو يقتنيه عدد قليل من الآخرين، فقد تشعر بأنك مميز، وحين تكون مميزاً أو فريداً من نوعك تحصل على المزيد من اهتمام الآخرين، وفي بعض الأحيان قد تبحث في ممتلكاتك عن الأمان، وتظن أن امتلاك الفائض سوف يمنحك المزيد من الأمان.
اقرأ أيضاً: "أنت لست ما تملك": نصائح فعالة لتحوّل هذه المقولة إلى واقع تعيشه
6 إرشادات تساعدك على التخلص من حالة الهوس الزائد بالتملك
يوضح أستاذ علم النفس بكلية نوكس في غاليسبورغ (Knox College in Galesburg)، تيم كاسر (Tim Kasser)، أن الهوس الزائد بالتملك واقتناء الكثير من الممتلكات لن يجعلك سعيداً، بل على العكس تماماً؛ كلما زاد سعيك إلى التملك ارتفعت احتمالية إصابتك بالقلق والاكتئاب، علاوة على ظهور بعض المشكلات الجسدية مثل الصداع وآلام المعدة، وحتى تتخلص من هوسك الزائد بتملك الأشياء جرب اتباع الإرشادات التالية:
1. ركز على التجارب عوضاً عن الممتلكات
إحدى أكثر الطرائق فعالية لكسر حلقة هوس التملك هي التركيز على التجارب عوضاً عن الممتلكات. على سبيل المثال، بدلاً من التفكير في شراء أشياء جديدة، حاول أن تخوض تجارب جديدة، لأن تأثير تلك التجارب أكثر ديمومة من الممتلكات، يمكنك أن تذهب في عطلة نهاية الأسبوع إلى إحدى الحدائق أو المزارات السياحية في مدينتك، لتجرب إحساساً مختلفاً بالرضا والسعادة.
2. قلل الوقت الذي تقضيه في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي
حاول قدر الإمكان تقليل الوقت الذي تقضيه في تصفح منصات التواصل الاجتماعي، وهذا سيؤدي إلى تقليل تعرّضك إلى الإعلانات التجارية، ومن ثم، لن تجد الحافز لشراء المزيد من الممتلكات والأشياء، وحين ينخفض وقت تصفحك لمنصات التواصل الاجتماعي يمكنك استغلال وقت الفراغ الجديد في قراءة الكتب أو المشي في الطبيعة.
3. ضع مسافة فاصلة بينك وبين هوسك
ابتعد عن مصدر هوسك بتملك المزيد واترك مسافة فاصلة بينك وبينه. على سبيل المثال، إذا كنت مهووساً بتملك الأشياء واقتناء الأغراض الجديدة، لا تذهب إلى المول التجاري لأنك لن تتمكن من التوقف عن الشراء، وعوضاً عن ذلك حاول تشتيت هوسك بطرائق مختلفة مثل مقابلة الأصدقاء في أحد المقاهي.
4. توقف عن تغذية هوسك
التفكير المستمر في هوسك سوف يعزز سيطرته عليك، ومن أجل كسر تلك السيطرة توقف عن تغذيته. على سبيل المثال، إذا رأيت إعلاناً تجارياً يخص سلعة تود امتلاكها، توقف عن تصفح الإعلان ولا تفتحه، ولا تتخيل امتلاكك تلك السلعة ولا تفكر في السعادة المختفية وراءها.
5. ركز على الأمور المهمة الأخرى في حياتك
حين يصيبك هوس بالتملك لن يجد عقلك وقتاً أو طاقة للتفكير في أي شيء آخر، ولهذا قد تجد نفسك أهملت عملك ولم تتحدث إلى أصدقائك منذ وقت طويل، وتوقفت عن ممارسة هوايتك المفضلة، ولهذا حان الوقت لإصلاح ما أفسده الهوس؛ بتركيزك على الأمور المهمة في حياتك، وهذا ما يمكنك تحقيقه بإعطاء مهام عملك بعض الأولوية، والذهاب لزيارة أفراد عائلتك، وقضاء بعض الوقت في ممارسة هوايتك المفضلة.
6. تعلّم كيف تعيش في اللحظة الحاضرة
حين تحس بالهوس الزائد بالتملك، سوف تتمكن منك الأفكار التكرارية، فحتى إذا كنت تجلس مع أصدقائك سوف تكون أفكارك في مكان آخر مشغولة بامتلاك شيء جديد، وهذا يفوّت عليك الاستمتاع باللحظة الحالية، ولهذا إذا كنت مستعداً للتوقف عن الهوس، تعلّم ممارسة اليقظة الذهنية وركز على حاضرك عن طريق إشراك حواسك الخمس فيما تشعر به من حولك.