ملخص: "الكنز في الرحلة"! سمعت هذه الجملة كثيراً؛ لكن حتى وقت قريب لم أكن أعي معناها، حتى بدأت أحاول الاستمتاع بما أفعله والاستغراق في تفاصيله الدقيقة. وهنا، اكتشفت أن المتعة الكبرى ليست في النتيجة؛ إنما فيما تضيفه الأفعال التي تسبقها من معنىً إلى حياتي. لذا؛ حتى تتمكن من الاستمتاع بما تفعله، عليك أولاً أن تقدّر ما تملكه في يومك من أبسط الأشياء وأصغرها، إلى أكبرها وأكثرها تعقيداً، ثم بعد ذلك، أن تستكشف احتياجاتك ونمط شخصيتك حتى تستطيع صياغة أهداف تتناسب معك وتستمتع في طريق تحقيقها، ولا تنسَ الاحتفال بالانتصارات الصغيرة. عليك أيضاً ألا تتوقف عن تنمية ذاتك بتعلم مهارات وهوايات جديدة، وحتى لا يتعكر صفو استمتاعك بما تفعله، لا تخشَ الخطأ؛ إنما انظر إليه بوصفه فرصة للتعلم، وكن حاضراً قدر ما استطعت في لحظتك الحالية، مستغرقاً في تفاصيلها. أخيراً، لا تَنْسَ التوقف بين الحين والآخر للراحة بطرائق مختلفة؛ مثل أخذ قيلولة نهارية، أو ممارسة للتأمل، أو الحصول على إجازة لاستعادة نشاطك وصفاء ذهنك.
محتويات المقال
"الكنز في الرحلة، لا في محطة الوصول"! جملة عابرة قرأتها في أثناء تصفحي منصة التواصل الاجتماعي إكس (X) منذ عدة أيام؛ لكنها دفعتني إلى التفكير لاحقاً في تركيز البشر الدائم على الفرحة بالنتائج الباهرة، لا على استمتاعهم بالتفاصيل الغنية خلال رحلتهم نحو تحقيق أهدافهم في الحياة.
يذكّرني هذا البُعد بحديث للمعالج النفسي أسامة الجامع؛ إذ ينصح في واحدة من تغريداته أن تستمتع بما تفعل، فعندما تستمتع بالشيء، تبدع فيه ولا تشعر بالوقت. أما مَن يؤدي العمل وعينه على النتيجة أو التقييم، لن يشعر بالاستمتاع؛ بل بالقلق الذي يربك الأداء ويقلل جودة العمل. وحتى تتمكن من الاستمتاع بما تفعل، سأقدم لك مجموعة من الإرشادات العملية في هذا المقال.
1. قدّر ما تملك
في كل صباح، ثمة العديد من الأشياء التي يمكن أن تمتن لوجودها حولك؛ بدايةً من ضوء الشمس الذي يتسلل إلى عينيك، مروراً بالأشجار التي تراها في طريقك، ووصولاً إلى العلاقات الاجتماعية التي تحظى بتأثيرها في حياتك. وقد تعمدت أن أقدم لك أمثلة شديدة البساطة لأننا غالباً ما نغفل عنها في زحام حياتنا.
سيجعلك هذا الامتنان تعيش حالة من الرضا تساعدك على الاستمتاع بما تفعله، فمن دونه ستسيطر عليك حالة من السلبية يمكنها أن يُشعرك بالإحباط والنقمة على واقعك. ولا يعني ذلك أن تتجاهل الحقائق الصعبة لتصبح رؤيتك للحياة مزيفة؛ إنما المطلوب أن ترى العالم من منظار متزن أكثر شمولية. لذا؛ جرب من الآن وصاعداً أن تدوّن كل يوم 3 أشياء تمتن لحدوثها أو وجودها، وستجد أن معدل حيويتك وسعادتك يزداد.
2. استكشف احتياجاتك
ما الذي يجعلك تستيقظ في الصباح؟ سؤال صعب لكن عواقب تجاهله أصعب. لذا؛ حتى تضمن الاستمرار في فعلٍ ما، عليك أن تأخذ وقتاً كافياً للوصول إلى الدوافع الشخصية المحفزة لك؛ وهذا سيجعلك بالتأكيد تتعرف إلى احتياجاتك وكيفية تلبيتها.
وهنا، من الضروري الإشارة إلى وجود طرائق لا نهائية لفعل الأشياء؛ المهم أن يتناسب نمط حياتك مع تفضيلاتك. على سبيل المثال؛ إذا لم تكن شخصاً صباحياً، سيكون الأفضل لك العمل في وظيفة بنظام الساعات المرنة، وإذا لم تكن تحب ممارسة الرياضة بمفردك، بالتأكيد ستجد سعادتك في رياضة جماعية؛ المهم أن تصل إلى إجابة واضحة عن سؤالَين محوريَّين هما: "من أنت؟" و"ما الذي تبحث عنه؟".
اقرأ أيضاً: ما أسباب شعورك بالفراغ الداخلي؟ وكيف تجد ما يرضيك حقاً؟
3. ضع أهدافك بذكاء
تتصل هذه النصيحة بالتي تسبقها، فبعد أن تعرف احتياجاتك ونمط شخصيتك، ستكون تلك اللحظة المثالية لتكتب أهدافك. ولا بد أن تندرج تحت الهدف الكبير مجموعة من الأهداف الفرعية الصغيرة التي تحتفل عند الوصول إليها، وهذا سيساعدك على الاستمتاع بما تفعل حتى لو كان بسيطاً؛ لأنك ستراه خطوة فارقة في اتجاه الوصول إلى هدفك، فالإنجازات الكبيرة ليست سوى خطوات صغيرة متجمعة.
اقرأ أيضاً: أهداف العام الجديد لا تدوم طويلاً؟ إليك كيفية الالتزام بتحقيقها من دون ضغط نفسي
4. استمر في تنمية ذاتك
شعورك بأنك اليوم أفضل من الشخص الذي كنته بالأمس، سيجعلك ترضى عن حالك وتسعد بها. وحتى يلازمك هذا الشعور، عليك ألا تهمل ما يساعدك على النمو الشخصي من تعلم مهارات جديدة تضيف إلى عملك، أو ممارسة هوايات تجعلك أكثر استمتاعاً بحياتك، أو رياضة تعزز صحتك النفسية.
اقرأ أيضاً: كيف تعرف أن شخصيتك تتطور نحو الأفضل؟
5. لا تخشَ الخطأ
أعلم جيداً أن تلك اللحظات التي تكتشف فيها ارتكابك الأخطاء تكون ثقيلة على نفسك؛ لكن أحياناً، ينتج عنها نوع من الخوف يُفقدك القدرة على الاستمتاع بما تفعله. لذا؛ حاول تغيير نظرتك إلى الخطأ، وتعامَل معه بوصفه فرصة للتعلم، ولا توجه جهدك نحو تجنب ارتكاب الأخطاء؛ فهذا سيفسد عليك حياتك، وهو في الوقت نفسه أمر يتنافى مع الطبيعة البشرية.
6. كن حاضراً في اللحظة الحالية
ترقبك المستقبل وحذرك منه، أو ندمك على الماضي، لن يوصلك سوى إلى نتيجة حتمية وهي حرمانك من الاستمتاع بيومك. لذا؛ ركز على أن تكون حاضراً في هذه اللحظة بطاقتك الذهنية وحواسك كافةً، وغُص في التفاصيل الدقيقة لما تفعله؛ فهذا سيجعله أكثر متعة.
7. توقَّف للراحة
فكر معي، إذا كان هناك شخص يقود سيارته مسافاتٍ طويلة دون توقفه في محطات للاستراحة، هل يمكننا أن نطالبه بالاستمتاع بما يقابله في طريقه؟ بالتأكيد سيكون ذلك ضرباً من الجنون؛ وهكذا أنت في حياتك: حتى تستطيع الاستمتاع بما تفعله، عليك التوقف بين الحين والآخر لالتقاط أنفاسك، وذلك عبر الالتزام بالعديد من الممارسات؛ مثل أخذ قيلولة في منتصف النهار، أو ممارسة التأمل، أو حصولك على إجازة لاستعادة نشاطك وتصفية ذهنك.
اقرأ أيضاً: “سأكون سعيداً عندما”: لماذا تعد هذه الفكرة خاطئة؟ وكيف تتجاوزها؟