عندما نسترجع ذكرياتنا سنجد موقفاً لا يمكننا نسيانه وهو المرة الأولى التي وخزتنا فيها إبرة الحقن، من المنطقي أن يصاحب هذا الموقف حينها بعض الخوف من الوخز. لكن إذا استمر خوفنا من مواجهته بمرور السنوات إلى حد أننا على سبيل المثال نتهرب من أخذ اللقاحات والأدوية الضرورية، فحينها تصبح فوبيا الإبر اضطراباً نفسياً يستوجب العلاج، بالأخص عندما يصل إلى حد الذعر مع وجود استجابات جسدية كالإغماء.
الجدير بالذكر أن هناك بعض الأشخاص أكثر عرضةً من غيرهم للإصابة بفوبيا الإبر، وفي مقدمتهم المصابون باضطرابات القلق أو فوبيا الألم، فجميعها اضطرابات تتشابك مع فوبيا الإبر. وبما أن كل شخص معرّض لمواجهة مواقف يتحتم عليه فيه تلقي الإبر العلاجية، فمن الضروري التعرف إلى فوبيا الإبر أكثر واستكشاف أسبابها وأعراضها وعلاجها.
6 أسباب لفوبيا الإبر
ليس هناك سبب واحد أجمع عليه الأطباء باعتباره يقف وراء الإصابة بفوبيا الإبر؛ لكن توجد مجموعة أسباب أهمها:
- التعرض لصدمات حياتية، أو وجود تجربة سيئة مع تلقي الإبر في الطفولة.
- معاناة بعض الأقارب من فوبيا الإبر؛ إذ توصلت دراسة علمية أجراها معهد أورتن الفلندي للأبحاث (Orton Research Institute) إلى أن 80% من المصابين بفوبيا الإبر أكدوا وجود قريب لهم من الدرجة الأولى يعاني من نفس نوع الرهاب.
- معاناة الشخص من صغر العروق؛ ما يصعّب إيجاد الوريد مع كل عملية سحب عينة دم أو تلقي إبرة حقن.
- ردود الأفعال اللاإرادية عند رؤية الإبر أو أخذها مثل الإغماء المفاجئ.
- حدوث تغيرات في كيمياء الدماغ.
- حساسية المزاج.
ما أعراض هذا الاضطراب؟
تزداد حدة أعراض فوبيا الإبر عندما يرى الشخص إبرة حقن أو يعلم أنه ينبغي له تلقّيها؛ وأبرزها:
- الدوخة.
- الإغماء.
- القلق.
- الأرق.
- نوبات الهلع.
- ارتفاع ضغط الدم.
- ازدياد معدل نبض القلب.
كيف يتم تشخيص فوبيا الإبر؟
يلجأ المعالجون النفسيون إلى طرح عدة أسئلة على المصاب بالفوبيا من الوخز بالإبر من أجل تشخيصه بشكل صحيح؛ مثل:
- منذ متى تخاف الإبر؟
- ما الأعراض التي تظهر عليك عندما ترى الإبرة؟
- ما الفترة التي تلازمك فيها تلك الأعراض؟
- هل يقف الخوف من الإبر عائقاً أمام حصولك على الرعاية الطبية؟
كيف تتجاوز خوفك من الإبر؟
مثلما تتشارك العوامل الجسدية والنفسية في الإصابة بفوبيا الإبر؛ يجمع علاجها كذلك بين الناحيتين، فالعلاج النفسي بحسب الطبيبة ميمي ترينه (Mimi Trinh) يشمل العلاج المعرفي السلوكي الذي يتضمن الحديث مع المعالج عن مخاوفك، إلى جانب العلاج بالتعرض وفيه يحاول المعالج التقليل من خوفك تجاه الإبر بشكل عملي عن طريق اتباع عدة ممارسات، بالإضافة إلى البحث عن مهارات للتأقلم مع الخوف من الإبر بعد اكتشاف جذوره وعلاجه.
وقد يلجأ الطبيب النفسي في بعض الحالات المتقدمة إلى وصف مضادات للقلق قد تجدي نفعاً مع المريض، إلى جانب الإرشاد لاتباع أساليبَ غير طبية للتخفيف من قلقه مثل التنفس العميق. وإذا كان أساس الخوف رهبةَ الألم الجسدي فتوصف له كريمات مخدرة توضع على مكان الحقن قبل زيارة الطبيب.
كما يوجد بعض الخطوات العملية التي ستساعدك لمواجهة خوفك:
- اعرف التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالحقن فكلما عرف الشخص أكثر عما يخفيفه أصبح اطمئنانه قائماً على ثوابت علمية يصعب أن تتأثر بالعاطفة.
- صارِح الطبيب أو الممرض بمعاناتك حتى يراعي ذلك ويعاملك بشكل خاص يجعل عملية تلقي إبرة الحقن أسهل.
- مارس تمارين التأمل قبل موعد أخذ إبرة الحقن للتخفيف من توترك قدر الإمكان.
- حاول اللجوء إلى تشتيت ذهنك عن عملية الحقن نفسها بالاستماع إلى الموسيقى أو حل بعض مسائل الرياضيات في ذهنك.
- فكر بإيجابية واعتبر عملية الحقن مجرد لحظات معدودة ستمر لا محالة، وعلى الجانب الآخر سيكون لها أثر في صحتك يستحق العناء.
تُعد فوبيا الإبر واحدة من الاضطرابات النفسية التي يجب العمل على علاجها بصورة فعالة، لأن التأخر في التعافي منها يجعل المريض عرضة للوقوع في مواقف قد لا يتمكن فيها من الحصول على الرعاية الطبيبة اللازمة؛ ما يؤثر في صحته سلباً. لذا إن كنت تخاف من تلقي إبر الحقن، فلا تتردد أن تلجأ إلى المعالج النفسي في أقرب فرصة لبدء رحلة علاجك.
اقرأ أيضاً: لماذا يخاف البعض من الوخز بإبرة بشكل مرضي؟