يزداد عالم الأعمال تعقيداً يوماً بعد الآخر، حيث تقاس الإنتاجية بالأرقام والنتائج والإحصائيات، وعلى الرغم من ذلك، يظل العنصر البشري هو العامل الأهم والأكثر تأثيراً في نجاح أي شركة، وهنا تبرز قوة العادات الصغيرة والسلوكيات البسيطة التي تحول الشركة من مجرد مساحة لإنجاز مهام العمل إلى بيئة ملهمة ومرضية تجعل الموظفين أكثر إنتاجية، كما تعزز الشعور بالاستقرار الوظيفي، ومن خلال هذا المقال سوف نستكشف معاً أهم العادات التي تجعلك محبوباً في عملك دون التنازل عن احترافيتك.
محتويات المقال
1. المشاركة الفعالة
ابق منخرطاً في اجتماعات الفريق، وحاول تقديم حلول ذكية للمشاكل التي قد تنشأ في أثناء تنفيذ المشاريع المختلفة. يمكنك ترك انطباع جيد لدى مديرك وزملائك من خلال تقديم مساعدتك في إنجاز مهام العمل العاجلة، لذا بادر بتقديم المساعدة عند الحاجة، وفي هذا السياق، يشرح أستاذ إدارة الأعمال في جامعة ولاية يوتا، جون هانتسمان، أن اعتياد التفكير في كيفية المساعدة بمختلف المواقف يسهم بصورة كبيرة في كسب ود الآخرين، لذلك احرص على المشاركة الفعالة، وقدم المساعدة وفقاً لجدولك الزمني، وبناءً على احتياجات فريق العمل بروح تطوعية، وستكون حينها محبوباً للغاية.
2. التواصل الجيد
من أهم العادات التي تجعلك محبوباً في العمل؛ هي التواصل الجيد مع زملائك في العمل، سواء عبر البريد الإلكتروني أم شخصياً، لذلك تواصل مع مديرك وفريق عملك بطريقة احترافية، وسهلة الفهم، وودودة. انتبه إلى نبرة صوتك حتى لا ترسل رسالة خاطئة إلى المتلقي، وعند إجراء محادثات وجهاً لوجه، انتبه جيداً لإشاراتك غير اللفظية، فكلاهما يؤثر في كيفية تفسير زملاء العمل لكلماتك وتفاعلهم معها.
وتؤكد مديرة الموارد البشرية، تيريزا فوزا، أن لغة جسدك تحمل الكثير من المعاني؛ بل إنها ترسل إشارات أقوى من الكلمات التي تستخدمها، وتضيف فوزا أن الموظف المحبوب يميل لإظهار الاهتمام بوجهة نظر الشخص الآخر، ويبتسم كثيراً، ويتواصل بصرياً بانتظام، وتوصي بالحفاظ على لغة جسد منفتحة تعزز الشعور بالراحة، واليقظة.
بالإضافة إلى ذلك، ومع أهمية الإشارات غير اللفظية، فإن كلماتك لها وزنها أيضاً، فالموظفون المحبوبون يتميزون بوعي ذاتي وذكاء عاطفي، حيث يختارون كلماتهم بعناية ويحرصون على أن تعكس تلك الكلمات الاحترام والتعاطف والتقدير.
3. الصدق والنزاهة
من المهم أن تكون صادقاً مع مديرك وزملائك في العمل حتى تبني بينك وبينهم جسراً ممتداً من الثقة، ويمكن القول إن الثقة لا تنشأ بين عشية وضحاها؛ حيث إنها تبنى تدريجياً، لذا لا تكن ملحاً جداً أو تفعل أي شيء خارج عن المألوف لشخصيتك في محاولة لبناء ثقة فورية، قد يكون لهذه الأفعال رد فعل معاكس، وتسبب انعدام الثقة، وبدلاً من ذلك، كن صادقاً، ليعلم الآخرون أن ما تقوله وتفعله نابعاً من داخلك حقاً، وأنك تستحق الثقة.
4. الإنصات العميق
الإنصات العميق عادة ومهارة تواصل تتطلب التفكير النقدي لفهم الإشارات اللفظية وغير اللفظية، ولا يرتكز الإنصات على مجرد الاستماع إلى كلمات الآخرين؛ بل يتطلب منك التفكير في المغزى من وراء هذه الكلمات، ويمكن أن يجعلك الإنصات العميق محبوباً في مكان العمل لأنه يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وذلك لأنه يعزز معالجة المعلومات ويطرح أسئلة تفضي إلى وجهات نظر جديدة، وهو الأمر الذي يساعدك على الفهم الكامل، ومن ثم حل المشكلات عبر ابتكار وجهات نظر مختلفة ومتنوعة.
الإنصات العميق يؤدي أيضاً إلى رفع الروح المعنوية، وبناء علاقات أقوى مع أفراد الفريق، وزيادة الرضا الوظيفي، ومن ثم ارتفاع مستوى الثقة والراحة بينك وبين باقي الموظفين.
اقرأ أيضاً: ما هو الإصغاء العميق؟ وكيف يجعلك قائداً أكثر تأثيراً؟
5. الالتزام بالمواعيد
إذا أخبرت مديرك بأنك قادر على إنجاز مشروع في وقت محدد، فتأكد من ذلك، وتذكر جيداً ألا تلتزم إلا بالمشاريع التي تعلم أنك قادر على إنجازها، يمكنك بالطبع محاولة إنجاز أكثر مما وعدت به، ولكن حاول التخطيط لذلك الأمر جيداً.
وإذا حدث معك ظرف طارئ ولم تتمكن من تسليم المهمة المطلوبة في موعدها المحدد، كن صريحاً مع مديرك وأبلغه بأي تحديثات على الفور عبر وسيلة التواصل المفضلة لديه، علاوة على ذلك، تابع مع مديرك سير العمل عبر إرسال تحديثات منتظمة حول ما أنجزته وحول مهامك القادمة؛ لأن هذا يظهر له أنك مبادر وتأخذ عملك على محمل الجد، وحين يسير العمل بينك وبين الآخرين بسلاسة ودون ضغط أو توتر فهذا سيجعل منك محبوباً وسهل المعشر، فكلما كنت موظفاً يسهل التعامل معه، بنيت جسراً من المحبة بينك وبين الآخرين.
6. الإيجابية
أحياناً قد تحس بالتوتر والضغط النفسي في بيئة العمل، خاصة إذا كان لديك الكثير من المشاريع التي يجب تسليمها، والحقيقة هي أن مشاعر القلق والتوتر ستعطلك عن أداء مهامك بفعالية، وعلى العكس من ذلك تماماً تساعدك عادة التفكير الإيجابي على مواجهة تحديات العمل، وعوضاً عن التفكير في المشاكل والضغوط التي تواجهك فإن الإيجابية تجعلك تعالج المعلومات بطريقة متفائلة.
ويمكن القول إن الإيجابية تؤثر في طريقة تفكيرك؛ إذ تجعلك تنظر إلى التحديات على أنها عقبات بسيطة يمكنك التعامل معها، إضافة إلى أنها تعزز الإنتاجية، وتزيد مستوى طاقتك، ما يجعلك أكثر يقظة واستعداداً لأداء مهام عملك، هذا بالإضافة إلى رفع مستوى المرونة ومن ثم سهولة التعامل مع الآخرين وبناء علاقات قوية في بيئة العمل؛ ما يجعلك محبوباً بسهولة.
اقرأ أيضاً: ما هي عقلية التفكير الإيجابي؟ وكيف ترسخها في حياتك اليومية؟
7. الاعتذار الصادق عن الأخطاء وتحمل المسؤولية
يرتكز الاعتذار الصادق على الاعتراف بالأخطاء وتحمل المسؤولية. على سبيل المثال، قد تنسى تقديم تقرير في الموعد المحدد، لذلك عليك في هذه الحالة إرسال بريد إلكتروني إلى مديرك مع اعتذار صادق، ويظهر الاعتراف بأخطائك أنك محترف، وجدير بالثقة، ومستعد للتعلم من أخطائك، بالإضافة إلى ذلك فإن الاعتراف بالخطأ وتحمل المسؤولية يعزز بناء الثقة مع الآخرين، ويجعل بيئة العمل أكثر تعاوناً وإيجابية، علاوة على أنه يشجع على ثقافة التعلم والنمو والتحسن المستمر، ويقوي العلاقات بينك وبين مديرك وزملائك في العمل.
8. الانفتاح وعدم إصدار الأحكام
إذا كنت تريد أن تكون محبوباً، فعليك أن تكون منفتح الذهن، حيث إن هذا الانفتاح يجعلك ودوداً، ويجعل الآخرين يرغبون في إجراء المحادثات معك، وتجدر الإشارة إلى أن الانفتاح أمر بالغ الأهمية في مكان العمل، حيث يعني سهولة التواصل، والتخلص من الأفكار والأحكام المسبقة، إذ عليك أن ترى العالم من خلال عيون الآخرين، وهذا لا يتطلب منك التغاضي عن السلوكيات السلبية، بل يعني ببساطة أن تتوقف عن الحكم عليهم وتتركهم يتصرفون على طبيعتهم.
اقرأ أيضاً: 7 سمات للمنفتحين ذهنياً؟ كيف تصبح واحداً منهم؟
في النهاية، سأخبرك بنصيحة مهمة؛ لا تسع لأن تكون محبوباً، أعرف أن الأمر يبدو غريباً بعض الشيء. دعني أشرح لك وجهة نظري؛ لا تجعل هدفك في العمل أن تكون محبوباً لأنك حينها سوف تسعى إلى لفت الانتباه، وقد تكون مبتذلاً، لذلك حاول قدر الإمكان أن تكون ودوداً ومراعياً، لا تتكلف أو تتصنع الود ولا تظهر للآخرين سلوكيات تنبع من ذات مزيفة، كن حقيقياً وواثقاً من نفسك، وتأكد أن بناء المحبة يحتاج إلى بعض الوقت والمجهود.
وفي هذا السياق يؤكد المعالج النفسي، أسامة الجامع، أنك نتاج عاداتك اليومية، حيث إن حالتك المزاجية ترتكز على سلوكياتك وتصرفاتك الصغيرة مثل حديثك إلى نفسك عند الاستيقاظ من نومك، وحديثك إلى الآخرين، خاصة لو كانت كلماتك تجعلهم يشعرون بالرضا والسعادة.