ملخص: كتابة المذكرات اليومية ليست مجرد متعة أدبية أو ثقافية، إنها وسيلة علاجية تساعد صاحبها على التحرّر من العواطف والأفكار السلبية وفهم تحولاته النفسية والذهنية. لهذا ينصح الخبراء النفسيون بالمواظبة على عادة كتابة المذكرات لاغتنام فوائدها النفسية العديدة. هذا المقال يحدد هذه الفوائد ويقدم لك 3 قواعد أساسية تساعدك على كتابة مذكراتك اليومية بطريقة مثمرة.
محتويات المقال
يمكن أن تكون كتابة بضعة أسطر من المذكرات اليومية وسيلة فعالة لتفريغ الأفكار والعواطف. إليك إذاً الطريقة المناسبة للبدء بكتابة مذكراتك.
الكتابة سبر حقيقي لأغوار النفس
قد يكون من الصعب أحياناً على المرء صياغة الأفكار والعواطف التي تدور في ذهنه المنشغل أصلاً بمشكلات الحياة اليومية ومعلوماتها الجارفة. نقضي أحياناً أسابيع في استرجاع ذكريات سلبية بعضها تافه، دون أن نتمكن من التخلص منها، ولا نأخذ في المقابل الوقت الكافي للاستمتاع بالأخبار السارة والإيجابية التي نتلقاها.
أصبح "تخصيص بعض الوقت للذات" أمراً نادراً، وعندما نجده فإننا لا نعرف كيف نقضيه بقدر من السكينة علماً أن ثمة عادة قد تسمح لنا بإعادة الاتصال بالذات بسهولة. إنها عادة الكتابة اليومية التي تعدّ حلاً بسيطاً لترتيب الأفكار والعواطف.
قضاء بضع دقائق في الكتابة يومياً يسمح بترتيب الأفكار ما يحسّن الحالة النفسية على المدى البعيد، فالكتابة سبر حقيقي لأغوار النفس. كتابة المذكرات اليومية أفضل من التأمل النفسي البسيط. وإذا كانت الأفكار تندثر بسرعة فإن كتابتها تعطيها قيمة مختلفة في أدمغتنا. تتميز الكتابة بقدرة هائلة على تحرير الذات ويُنصح بها في العديد من العلاجات النفسية لأنها تمكننا من تفريغ الأفكار التي نجد صعوبة في التعبير عنها. هكذا يمكنك أن تستفيد من مذكراتك اليومية في تحديد مشكلاتك وتنظيم عواطفك للاحتفاظ بالإيجابية منها فقط.
يمكن أن تحوّل المواظبة على عادة الكتابة اليومية عقليتك جذرياً نحو تبني سلوكيات إيجابية.
فوائد صحية مثبتة لتدوين اليوميات
للكتابة قدرة على تحسين الحالة الصحية النفسية وتقليل الشعور بالقلق والاكتئاب ومواكبة عملية إعادة بناء الذات.
وقد سلطت دراسات عدّة الضوء على فوائد الكتابة لمرضى الاكتئاب. سجلت إحدى الدراسات تراجعاً مهماً في مؤشر الاكتئاب لدى بعض المرضى الذين تحسنّت حالتهم النفسية على نحو مستدام بعد أن طلب منهم الباحثون تدوين المشاعر المرتبطة بأحداث صادمة على مدار 3 أيام متوالية. وأظهرت تجارب أُجريت على مرضى مصابين ببعض الاضطرابات النفسية تراجعاً مستمراً في حالة الاكتئاب التي يشعرون بها بعد أن طلب منهم الباحثون كتابة الجوانب الإيجابية في حيواتهم اليومية.
تمكننا الكتابة من النظر إلى الأمور بموضوعية والتخلص من السلبيات وخفض التوتر لأنها تساعد الدماغ على تجسيد هذه الأفكار والعواطف التي كانت ستظل مكبوتة دون تدوين، وعندما تتحرر على هذا النحو ستتمكن من بلورة أسلوب تفكير جديد وصحّي.
كيف تواظب على عادة كتابة المذكرات اليومية؟
اختر مذكرة تروقك لأنها ستكون شخصية وستمثل مجال تعبير حصريّاً لن يُسمح فيه بتدوين شيء آخر غير أفكارك وعواطفك دون خوف.
وعلى غرار أيّ عادة جديدة ينبغي لك أن تبدأ بتحديد توقيت الكتابة الذي يُفضّل أن يكون منتظماً.
يقترح بعض الخبراء تخصيص 6 دقائق لعملية الكتابة في البداية. ركّز على الأحداث المؤثرة والمشاعر الآنية والعواطف التي انتابتك خلال اليوم.
ترتكز هذه الكتابة على 3 قواعد أساسية:
- اكتب كل يوم على مدار 3 أسابيع على الأقل وإن غاب عنك الإلهام أو وجدت عملية الكتابة صعبة وشاقة. لا تنتظر اتّضاح الأفكار ودقّتها. المهم أن تكتب.
- لا تخش شيئاً وتجرأ على كتابة كل ما يخطر ببالك ولا تهتم بالأسلوب.
- لا تُطلع أحداً على مذكراتك.
قد تبدو ممارسة الكتابة صعبة بالنسبة إليك في البداية، لكن سرعان ما ستشعر بحاجة يومية إلى فتح مذكرتك وستعتاد تسجيل أفكارك وعواطفك بأسلوب مختلف. لذا من المهم أن تعوّد نفسك عدم كتابة السلبيات فقط. فإذا كانت الكتابة تحررك من العواطف فإنها قد تؤدي أيضاً إلى حالة من الإحباط والتشاؤم. لذا يُنصح بإنهاء المذكرات بالتركيز على 3 أحداث إيجابية في اليوم. ألزمْ نفسك بتحديد 3 متع وإن كانت بسيطة، وسرعان ما ستدرك إلى أي حد يمكن أن تبهجك إذا ركزت على قدر السعادة الذي تمنحك إياه.