احذر: قلة النوم قد تكشف جانبك المظلم في العمل!

9 دقائق
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

كيف نمت الليلة الماضية؟ هل خلدت إلى النوم بسهولة، أم كنت تتقلب في الفراش وتتصفح مواقع التواصل الاجتماعي؟ إذا لم تحصل على قسط كاف من النوم ليلاً فسوف تواجه الكثير من المتاعب صباحاً، حيث سيداهمك الشعور بالتعب والإرهاق وانخفاض الطاقة، علاوة على ذلك فإن قلة النوم قد تظهر الجانب المظلم من شخصيتك في العمل، وذلك وفقاً لما أكدته دراسة بحثية حديثة نشرتها مجلة السلوك التنظيمي في أبريل/نيسان 2025، فما هي نتائج هذه الدراسة؟ وما تأثير قلة النوم في أدائك بالعمل؟ الإجابة عبر هذا المقال.

كيف يمكن أن تؤدي قلة النوم إلى ظهور الثالوث المظلم في الشخصية؟

سلطت الدراسة البحثية السابق ذكرها الضوء على العلاقة بين قلة النوم والثالوث المظلم في الشخصية الذي يشمل النرجسية والمكيافيالية والاعتلال النفسي، وقد ارتبط هذا النمط بالسلوكيات الضارة في مكان العمل، وعلى الرغم من أن الدراسات والأبحاث السابقة أثبتت أن نمط الثالوث المظلم مستقر ودائم، فإن الدراسة الحالية أوضحت أن هناك تقلبات قد تؤدي إلى ظهور هذا النمط، واكتشفت الدراسة أن قلة النوم يمكن أن تتسبب في ظهور سماته في العمل.

وقد طلب الباحثون المشاركون في الدراسة من المتطوعين إكمال استطلاعين كل يوم؛ واحد في الصباح الباكر، والآخر في فترة بعد الظهر. وصنف المتطوعون جودة نومهم في الليلة السابقة؛ حيث أبلغوا عن شعورهم طوال اليوم بمستويات النرجسية، والميكافيلية، والاعتلال النفسي.

وقد جمع الباحثون 786 سجلاً يومياً كاملاً من المتطوعين، وكشف تحليلهم لتلك السجلات أن جودة النوم وكميته ترتبط ارتباطاً وثيقاً بسمات شخصية الثالوث المظلم، وبعبارة أخرى، عندما أبلغ المشاركون في الدراسة عن النوم بصورة سيئة أو الحصول على ساعات أقل من النوم، كانوا أكثر عرضة للتعبير عن سلوكيات ترتكز على التلاعب أو التمحور حول الذات أو الانفصال عاطفياً في العمل.

وأكدت مؤلفة الدراسة، إيفي كويجبيرز، أننا جميعاً نمتلك جانباً مظلماً في شخصياتنا، ومن المهم أن ندرك أن خصائص هذا الجانب غير ثابتة، وعادة ما تتأثر بتقلبات الحياة اليومية، ومن أهم العوامل التي تظهر الجانب المظلم في شخصيتك هي قلة النوم، وتضيف كويجبيرز أن الهدف من الدراسة هو استكشاف الوقت الذي يظهر فيه هذا الجانب، على أمل أن يساعد ذلك على منع تطور الجانب المظلم من شخصيتك وتحوله مع مرور الوقت إلى أنماط سلوك أكثر ثباتاً.

اقرأ أيضاً: هل تعاني انخفاض جودة النوم؟ هذه السمة الشخصية قد تكون السبب

ما هو نمط الثالوث المظلم في الشخصية؟

صاغ الباحثان ديلروي بولهوس وكيفن ويليام مصطلح "الثالوث المظلم" خلال عام 2002، ويرتكز هذا المصطلح على 3 سمات شخصية سلبية، وهي النرجسية والميكافيلية والاعتلال النفسي، ويميل الأشخاص أصحاب هذا النمط إلى القسوة والتلاعب، وهم على استعداد لفعل أو قول أي شيء تقريباً لتحقيق أهدافهم، وقد ينخرطون في سلوكيات خطيرة دون أدنى اعتبار لكيفية تأثير أفعالهم في الآخرين.

ويمكن القول إن النرجسية هي ميل نحو العظمة والغرور وحب الذات المفرط، حيث يحتاج الأشخاص أصحاب الميول النرجسية إلى الكثير من الاهتمام والدعم، والبعض منهم مستعد لإلحاق الأذى بالآخرين جسدياً وعاطفياً للحصول عليه، أما الاعتلال النفسي فهو سمة شخصية تنطوي على نقص التعاطف، إذ يمكن للأشخاص الذين لديهم ميول اعتلال نفسي أن يكونوا مندفعين للغاية، وغالباً ما يميلون إلى السلوك السلبي والمعادي للمجتمع والإجرامي، ولا يعد الاعتلال النفسي تشخيصاً رسمياً للصحة النفسية، وأقرب مكافئ له هو اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.

وفيما يخص الميكافيلية فإنها الميل إلى الكذب والتلاعب، ووضع الاستراتيجيات للوصول إلى السلطة، ويفهم الأشخاص أصحاب الميول الميكافيلية ماهية القواعد الأخلاقية، لكنهم لا يلتزمون بها، وغالباً ما يفتقرون إلى التعاطف، ما يجعل التعامل معهم أمراً صعباً.

اقرأ أيضاً: ما يجب عليك فهمه عن جودة النوم وأثرها في صحتك

10 علامات تحذيرية تشير إلى شخصية الثالوث المظلم 

الثالوث المظلم ليس تشخيصاً رسمياً للصحة النفسية، ولهذا السبب لا يأتي مع قائمة محددة من الأعراض، وعلى الرغم من ذلك، هناك بعض الأنماط السلوكية التي تمتلكها شخصية الثالوث المظلم، وكلما زادت شدة إظهار الشخص للأعراض التالية، زاد احتمال أن يكون خطيراً أو ضاراً، ومن أهم هذه الأعراض:

  1. الأنانية.
  2. التمتع بكاريزما وجاذبية كبيرة، مع القدرة على إخفاء النوايا الحقيقية.
  3. الافتتان الشديد بالنفس.
  4. انعدام التعاطف واحترام الآخرين.
  5. التلاعب.
  6. الكذب بصورة مستمرة.
  7. السرقة والسلوك الإجرامي المحتمل.
  8. العنف والغضب المتفجر.
  9. الحاجة الدائمة إلى الثناء والاهتمام.
  10. عدم الندم على أي ضرر تسبب به.

كيف تؤثر قلة النوم سلباً في أدائك بالعمل؟

يعد النوم جزءاً أساسياً ومهماً من حياتك اليومية، إذ يسمح لجسمك بالراحة والتعافي من ضغوط الحياة اليومية، وهو بالغ الأهمية لصحتك البدنية والنفسية، ويمكن القول إن قلة النوم تؤثر تأثيراً سلبياً في أدائك بالعمل، حيث تؤدي إلى انخفاض الإنتاجية والإبداع، وعدم القدرة على التركيز، علاوة على ذلك فإن قلة النوم تسبب التعب والإرهاق في العمل، والعاملون الذين يعانون التعب والإرهاق أكثر عرضة للإصابة بالتوتر والقلق والاكتئاب.

وتوضح أستاذة الطب النفسي في جامعة إيراسموس روتردام، لورا جورج، أن قلة النوم تحفز السلوك السلبي في مكان العمل، إضافة إلى أنها تجعل الموظفين غير قادرين على ضبط انفعالاتهم، وهو الأمر الذي يؤدي إلى عدم الاستقرار العاطفي، وتضيف جورج أن عدم الاستقرار العاطفي للموظفين قد يصعب على الشركة العمل بكامل طاقتها، ما يسبب الكثير من الخسائر المالية.

وفي سياق متصل، تؤكد الجمعية العالمية للنوم أن الأفراد المحرومين من النوم حول العالم يتغيبون عن العمل كثيراً أو يرتكبون أخطاء أكثر في المكتب، مقارنة بمن يحصلون على قسط كاف من النوم، ما يعني أن قلة النوم تؤثر سلباً في مسيرتك المهنية.

وتشرح دراسة علمية نشرتها المكتبة الأميركية الوطنية للطب خلال عام 2020، أن قلة النوم تسبب الإصابة بسمات الثالوث المظلم، لأن هناك علاقة قوية بين جودة نومك وانعدام التحكم في الانفعالات، ومن ثم تصبح أكثر غضباً وعنفاً، وعلى الجانب الآخر، ترتبط قلة النوم ارتباطاً مباشراً بالاعتلال النفسي لأنها تحفز السلوك العدواني، وتزيد اجترار العنف.

اقرأ أيضاً: احذر السهر لما بعد الواحدة صباحاً لهذا السبب

6 نصائح تساعدك على تعزيز جودة نومك من أجل تحسين أدائك في العمل 

حين تحصل على قسط كاف من النوم فأنت تعزز صحتك الجسدية والنفسية، وتحسن وظائف الإدراك والتعليم، وتكون قادراً على الإبداع في العمل، وحتى تعزز جودة نومك اتبع النصائح التالية:

  1. تجنب مسببات اضطرابات النوم قبل الذهاب إلى سريرك، وذلك عن طريق تقليل تناول الوجبات الثقيلة والكافيين والنيكوتين؛ حيث تؤثر هذه المواد في قدرتك على النوم والاستمرار فيه.
  2. حاول الفصل بين عملك وحياتك الشخصية، ولا تفكر في مهامك اليومية أو المشاريع التي تعمل عليها قبل النوم، وعوضاً عن ذلك اتبع روتيناً ثابتاً للاسترخاء قبل النوم. على سبيل المثال، ما رأيك لو جربت أنشطة مختلفة مثل الاستحمام بماء دافئ، أو شرب شاي مهدئ خال من الكافيين، أو الاستماع إلى موسيقى هادئة، أو قراءة بضع صفحات كتاب ورقي.
  3. اجعل غرفة نومك بيئة مناسبة للنوم، وحافظ عليها باردة، وهادئة، ومظلمة لخلق بيئة تعزز النوم الصحي، ولتحقيق ذلك ضع الأجهزة الرقمية بعيداً عنك قبل ساعة على الأقل من النوم لتجنب التعرض للضوء الأزرق، الذي قد يؤثر في إنتاج الميلاتونين.
  4. تعرض لضوء النهار بكثرة، وذلك عبر قضاء وقت في الخارج، أو في ضوء طبيعي ساطع خلال النهار للمساعدة على تنظيم دورة النوم والاستيقاظ.
  5. تحدث إلى مديرك حول أعباء العمل؛ خاصة إذا كنت تشعر أن تلك الأعباء تثقل كاهلك وتؤثر في جودة نومك، وحاول تفويض بعض المهام إلى زملائك، ولا ترد على رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل في أوقات الراحة.
  6. مارس الرياضة بانتظام لكن ليس قبل النوم مباشرة؛ فعلى الرغم من أن ممارسة الرياضة ضرورية لنوم هانئ، فإن ممارستها في وقت متأخر من اليوم قد يسبب مشاكل في النوم، وذلك لأن الرياضة تزيد اليقظة، وتحفز إطلاق هرمونات، مثل الأدرينالين والإبينفرين، تمنعك من النوم وتجدد نشاطك.

وفي هذا السياق، يشير أستاذ طب النوم في جامعة الملك سعود، أحمد بن سالم باهمام، إلى أن هناك علاقة ثنائية الاتجاه بين التمارين الرياضية والنوم؛ فممارسة الرياضة في النهار تحفز إنتاج هرمون الميلاتونين الذي ينظم النوم، ولكن التمارين الرياضية ليلاً ترفع درجة حرارة الجسم وتسبب الحرمان من النوم.

المحتوى محمي