ما أهم الفوائد النفسية للفكاهة والضحك؟

استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تتعدد التأثيرات النفسية للفكاهة والضحك فهي تساعدنا على تقدير ذواتنا كما يمكن استخدامها كمضادات فعالة للاكتئاب، إلى جانب سمحاها لنا بالتعبير عن انفعالاتنا الغاضبة وأفكارنا التي نتردد في التصريح عنها، وهي كذلك تنجح في أن تقربنا من بعضنا البعض، وحتى تتعرف إلى الفوائد السابقة بالتفصيل لا تتردد في قراءة المقال.

الفكاهة تعزز تقدير الذات

تُمثل النكتة التي تُضحك جميع الحاضرين إبداعاً حقيقياً والأفضل من ذلك أن من يلقيها سيشعر بالفخر المصحوب بـ “تضخم الأنا” خاصةً إذا كانت نكتته تتجاوز المحظورات وقوانين المنطق. وتكون مشاعر الفخر هذه أكثر شدة عندما تتناول نكتتنا موقفاً مخيفاً أو محزناً فنشعر بالرفاهة وبأننا أصبحنا فجأةً أكثر ذكاءً. وعلاوةً على ذلك فإن الشخص القادر على إضحاك الآخرين يكتسب محبتهم بالفعل ولهذا السبب غالباً ما يبدأ قادة السياسية والأعمال في الولايات المتحدة الأميركية خطاباتهم بنكتة لطيفة.

الفكاهة مضاد فعال للاكتئاب

تؤدي معظم الكوارث تقريباً إلى تأليف الكثير من النكات حولها؛ فعندما غطت سحابة رماد بركاني سماء أوروبا، ظهرت النكات والتلاعبات اللفظية على الفور مثل: “هل هذا الرماد بسبب البراكين أم الطائرات؟” أو : “السحب البركانية أكثر ذكاءً من السحب الذرية فهي لا تتوقف على حدود فرنسا”. إن هذه الظاهرة البشرية تماماً تشير إلى القدرة الشفائية لروح الفكاهة فالنكتة الجيدة تساعدنا على التخلص من التوتر الذي قد يصيبنا عند وقوع الأزمات.

الفكاهة تطلق دوافعنا اللاواعية

وفقاً لكتاب فرويد “النكات وعلاقتها باللاوعي” (Jokes and its relationship with the unconscious) المنشور عام 1905، فإن النكات كالأحلام تماماً؛ إنها تطلق دوافعنا اللاواعية الأكثر خزياً والممزوجة بالرغبة في الإفلات من العقاب؛ إذ تسمح لنا بالتخلص من الرقيب الداخلي فينا أي الأنا العليا. تسمح لنا النكات بالتعبير عما لا يمكن الإفصاح عنه أو الأسوأ من ذلك ما لا يمكن وضعه موضع التنفيذ؛ مثل رغباتنا الدموية الدفينة وتخيلاتنا السادية واحتقارنا للجنس الآخر، وغيرها. “ما تلك القطعة الحمراء التي تتأرجح؟ إنه طفل صغير يتدلى من خطاف الجزار!” تسمح هذه النكتة البسيطة للطفل بأن يتخيل بهدوء مقتل أخيه الأصغر ليواسي نفسه ويخفف من شعوره بأنه لم يعد المفضل لدى والديه. أما بالنسبة للوالدين فتسمح لهما هذه النكتة بقتل طفلهما الرضيع رمزياً بعد أن حُكم عليهما بالأرق منذ ولادته. “يمر رجل أعمى ببائع السمك فيقول: “مرحباً يا فتيات!” وهي نكتة تشير إلى تشبيه النساء بسمك القد، ويسمح هذا النوع من الفكاهة بإرضاء الدوافع الجنسية العدوانية ومشاعر الكره تجاه النساء ووفقاً لفرويد فإن النكات الفاحشة التي تُقال للمرأة هي بمثابة دعوة جنسية منحرفة ممزوجة بمحاولة إذلالها. “لماذا هنالك رائحة للغازات التي نخرجها؟ ليتمكن الأصم من الاستمتاع بها!”.

تتيح لنا النكات العودة إلى مرحلة الطفولة واسترجاع متعة استخدام الأصوات والكلمات والتلاعب بها بطرق مختلفة.

الفكاهة تقربنا من بعضنا بعضاً

“في كل أنحاء العالم، عندما يصل الناس إلى القاع يتمكنون من الصعود مجدداً أما نحن فكلما وصلنا إلى أسفل القاع حفرنا أكثر!” هذا ما قاله الفنان الكوميدي الأمازيغي فيلاغ في عرضه الذي تحدث فيه عن معاناة الأمازيغ وبؤسهم. لقد تأثر جميع المتابعين بما قاله رغم أنهم ولدوا في باريس أو تولوز وغيرها من المدن الفرنسية فلماذا تأثروا؟ ببساطة لأنهم بشر؛ وهذا هو التأثير التعاطفي للفكاهة والضحك فهما يمثلان طريقة أخرى لنقول: “نحن جميعاً متشابهون على الرغم من اختلافاتنا وتحيزاتنا وأفكارنا ونقاط ضعفنا. يقول مختص العلاج والتحليل النفسي موسى النبطي: “تحثنا الفكاهة على التفكير في ذواتنا والآخرين والإنسانية جمعاء، وهي وسيلة تواصل تتيح للبشر نزع فتيل الخلاف بينهم، وعلى الرغم من أنها لا تغير الواقع فإن الفكاهة تتيح لنا، ولو قليلاً، أن نكون أكثر تسامحاً ومودة وأقل أنانية”.

يمكنك اكتساب روح الفكاهة في أي سن

لا نتمتع جميعاً بالقدر ذاته من روح الفكاهة، وعادةً ما يوصي المتخصصون في العلاج السلوكي والمعرفي (CBT) الأشخاص الذين لا يتمتعون بالحس الفكاهي؛ بممارسة تمارين تنطوي على تخيل مواقف مضحكة وغير اعتيادية، في العمل أو المنزل أو حتى في العلاقات العاطفية. ويتمحور الأمر حول القدرة على تفسير الأحداث والنظر إليها بطريقة مختلفة؛ يمكنك على سبيل المثال تَخيُّل رئيسك في العمل المصاب بالإمساك وهو يجلس على مقعد المرحاض، وبدلاً عن إصابة أصدقائك بالملل بإخبارهم للمرة الألف عن مشاحناتك مع والدك أو والدتك أو كليهما على الغداء؛ أطلقوا مسابقةً بينكم موضوعها لقب “الأب الأكثر إزعاجاً”.

الفكاهة شفاء للنفس والبدن

حتى تكون النكتة جيدة فإنها يجب أن تثير الضحك ولكن ما هي آلية الضحك؟ في كتابه “أتحداك أن تكون قد سمعت بهذا من قبل: تاريخ النكات وفلسفتها” (Stop Me If You’ve Heard This: A History and Philosophy of Jokes) يصف الصحفي الأميركي جيم هولت آلية الضحك ويقول: “يُعرّف الضحك من الناحية الفيزيولوجية بأنه انقباض حوالي 15 عضلة في الوجه إضافة إلى تحفيز عضلات الشهيق والزفير ما يؤدي إلى تشنجات في الجهاز التنفسي ومن ثم انطلاق صوت الضحك. أما فوائده الصحية فعديدة؛ ومنها زيادة مستوى الأكسجة في الدم والحد من التوتر وتقوية الجهاز المناعي، والأهم من ذلك أنه يطيل العمر. ويقول الصحفي: “المنافس الوحيد للضحك كمصدر للرفاهية والسرور هو الحب وإذا كان الحب أعمى وقد يجعلنا أغبياء فإن الفكاهة على العكس من ذلك تشحذ الذكاء عبر تعديل وظائف المخ. يقول الطبيب النفسي فريديريك روزنفيلد: “يؤدي التأثير المبهج للفكاهة إلى تنشيط النصف الأيسر من الدماغ وهو المسؤول عن التفكير المنطقي والتحليلي؛ ما يمنحنا القدرة على التعامل مع المشكلات بسهولة أكبر. ووفقاً لمختص العلاج النفسي أوليفييه لوكير فإن الضحك يزيد من مرونة الدماغ وقد يؤدي ذلك إلى توليد روابط جديدة، وبمعنى آخر فالفكاهة هي عبارة عن منشط ذهني ممتاز.

المحتوى محمي !!