ملخص: عادة ما ينظر المجتمع إلى الغضب باعتباره سلوكاً مرفوضاً وغير صحّي تماماً؛ لكن هذه العاطفة الهادرة تفاجئنا وفقاً لدراسة أميركية حديثة توصلت إلى أن الغضب يمكن أن يتحوّل إلى طاقة إيجابية تساعد على إنجاز المهمات المعقدة بنجاح وفعالية، وإليك التفاصيل.
لن يدور في بالك أبداً أن الغضب ليس عاطفة سلبية تماماً؛ حيث يسمح لنا وفقاً لبعض الباحثين بحلّ مشكلات معقدة بسرعة.
تقترن نوبات الغضب في مجتمعنا المعاصر بحقل معجمي سلبيّ للغاية يضم صفات مثل العجز عن السيطرة على النفس أو قلة النضج أو تقلّب المزاج أو نفاد الصبر أو العدوانية إلى غير ذلك. ولم يعد لهذه العاطفة أيّ مجال في هذا العصر الذي نمدح فيه سلوكيات التأمل واللطف والتعايش؛ لكن الغضب لا ينطوي على السلبيات فقط كما نعتقد.
وفقاً لما أوردته صحيفة ذا غارديان (The Guardian)؛ أجرى باحثون من جامعة إيه آند إم بولاية تكساس الأميركية دراسة حول هذا الموضوع، نُشرت في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي (Journal of Personality and Social Psychology)، وخلُصوا إلى أن العواطف السلبية، ولا سيّما الغضب، محفزات قوية وأدوات فعالة في إنجاز المهمات المعقدة.
الغضب من عوامل نجاح
للتوصل إلى هذه النتيجة، أجرى الباحثون تجارب عدة وحلّلوا بيانات البحث الذي شمل أكثر من 1,400 مشارك لاستكشاف تأثير الغضب في الأشخاص في ظروف مختلفة. وكانت النتائج واضحة؛ حيث حقّق الأشخاص الذين كانوا يشعرون بالغضب في أثناء تنفيذ سلسلة من المهمات الصعبة نتائج ممتازة مقارنة بالأشخاص الذين لم يكونوا يشعرون بأيّ عاطفة أو أولئك الذين كانوا يشعرون بعاطفة أخرى (مثل الرغبة أو المتعة أو الحزن).
ومع توالي التجارب، لاحظ فريق الباحثين أن الغضب يقترن بردود أفعال قصيرة من الناحية الزمنية. وتبيّن أن الشعور بالغضب في أثناء إنجاز مهمة معقدة يجعل الفرد أكثر سرعة في الأداء وفقاً لهذه الدراسة الأميركية. تقول الدكتورة والمؤلفة الرئيسية للدراسة هيذر لينش (Heather Lench): "تُظهر هذه النتائج أن الغضب يؤدي إلى زيادة الجهد لتحقيق الهدف المنشود وهذا ما يفضي إلى نجاح أكبر في تنفيذ المهمة".
مزيج العواطف الإيجابية والسلبية يعزّز الرفاهية
يفسر الباحثون هذه النتيجة بالصلة القائمة بين الغضب وقيم المثابرة والتحمّل والحماس. واكتشفوا بناءً على ذلك أن المشاركين الغاضبين قضوا وقتاً أكبر في تنفيذ سلسلة المهمات الصعبة وكانوا أكثر تركيزاً عليها مقارنة بالمشاركين الآخرين.
تؤكد هيذر لينش ذلك قائلة: "يفضل الناس عادة توظيف العواطف الإيجابية باعتبارها أدوات بدلاً من توظيف العواطف السلبية، ويميلون أيضاً إلى اعتبارها عواطف غير مرغوب فيها وغير لائقة". وأضافت لينش: "تُظهر الدراسة التي أنجزناها أن مزيج العواطف الإيجابية والسلبية يعزّز الرفاهية، وأن توظيف العواطف السلبية باعتبارها أدوات يمكن أن يكون فعالاً للغاية في بعض المواقف". لقد فهمتَ إذاً باختصار أن كبت العواطف سلوك سيء حتّى لو كانت عواطف سلبية.