ما الذي عليك فعله عندما تفقد الشغف في عملك؟

4 دقيقة
فقدان الحافز في العمل
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

هل وجدت نفسك يوماً جالساً أمام مكتبك، تحدق في قائمة مهامك، مدركاً تماماً لما يجب عمله، فقد فعلته من قبل كثيراً، ومع ذلك، تفتقر إلى أدنى رغبة في البدء؟ فجأة، تتلاشى شرارة حماسك، والمشروع -أو المهمة- الذي كنت بالأمس مفعماً بالطاقة والنشاط للبدء به، يبدو اليوم باهتاً بلا هدف أو معنى. السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا قد يفقد الفرد فجأة الرغبة والشغف بالعمل، حتى مع معرفته بما يجب فعله؟ والأهم من ذلك، كيف يمكن إشعال الحماس من جديد؟ إليك ما ينبغي معرفته.

كيف تشعل حماسك من جديد في العمل؟

الشغف أو الحافز حالة عاطفية، لا يغذيها المنطق، بل الهدف والحماس والإنجاز والتقدير، فإذا وجدت نفسك غارقاً في اللامبالاة وانعدام الحافز، ثمة بعض الخطوات التي يمكنها مساعدتك:

  1. حدد السبب الجذري لفقدان الحافز في العمل: لاحظ النمط، هل أنت منهك أم مكتئب أم مرهق أم تعاني الجمود العاطفي؟ إن تحديد السبب الجذري الذي يستنزف حماسك واندفاعك، يساعدك على إيجاد الحلول المناسبة.
  2. أضف التجديد والتحدي: قد ينتج فقدان الشغف والحافز عن الروتين وتكرار المهام والمسؤوليات ذاتها، ويمكن استعادته من خلال تنويع الأنشطة وتعلم مهارات جديدة وحمل مسؤوليات مختلفة، إذاً حدد لنفسك تحديات وأهدافاً صغيرة قابلة للتحقيق، لأنها تحفز الذهن وتجدد الحماس.
  3. غير بيئتك: يمكن لتغييرات بسيطة في بيئة العمل، مثل تغيير مكان المكتب والعمل في المقهى أو الحديقة، بضعة أيام، أو حتى إضافة بعض تغييرات بسيطة في روتينك اليومي أن تساعدك على منح نفسك نظرة جديدة لحياتك.
  4. مارس أنشطة العناية الذاتية: إن النوم المنتظم وممارسة الرياضة ووقت الراحة ليست ترفاً، بل هي ضروريات للصحة النفسية وحماية نفسك من الإرهاق النفسي والجسدي. في الواقع إن الراحة مهمة للغاية من أجل التغلب على الإرهاق النفسي والجسدي الذي يصاحب العمل، حيث يقسم المختص النفسي، محمد القحطاني، الراحة إلى:
    • راحة جسدية، تتمثل في الحصول على قسط كاف من النوم.
    • راحة ذهنية، بالابتعاد عن الإفراط في التفكير.
    • راحة اجتماعية، من خلال مقابلة الأشخاص الإيجابيين وتخصيص بعض الوقت لنفسك.
    • الراحة الروحية؛ بممارسة العبادات والتطوع.
    • الراحة العاطفية؛ بالوجود مع الأشخاص الصادقين، أو التحدث إلى معالج مختص لتخفيف الضغوط.
    • الراحة الإبداعية وهي تقدير الجمال من حولك مثل الاستمتاع بشروق الشمس وغروبها.
  5. حقق التوازن بين العمل والحياة: أعد التفكير في المهام والأولويات، وتعلم وضع حدود والتزم بها، ولا تخش قول "لا" عندما يطلب منك أمر يتجاوز طاقتك أو وقتك.
  6. استعن بمختص الصحة النفسية: في حال لم تجد الحلول السابقة نفعاً، فمن المهم استشارة مختص في الصحة النفسية للحصول على تقييم دقيق لحالتك، وإيجاد الحلول المناسبة لها.

7 أسباب نفسية لفقدان الحافز في العمل

عادة ما يتسلل الشعور بفقدان الحافز للموظف تدريجياً، وغالباً ما تكون جذوره أكثر تعقيداً وتشابكاً من مجرد الكسل أو عدم الانضباط، ومن أهمها:

1. متلازمة انعدام الحافز

متلازمة انعدام الحافز هي حالة نفسية تتميز بانخفاض ملحوظ وعام في الدافعية. غالباً ما ترتبط بالاستخدام المزمن لبعض المواد، مثل القنب، أو أحد الآثار الجانبية لبعض الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب. يمكن أن تكون أيضاً أحد أعراض حالات نفسية أو عصبية أخرى، مثل الاكتئاب واضطراب ثنائي القطب وإصابات الدماغ أو السكتات الدماغية.

يؤثر هذا الاضطراب على نحو رئيسي في الفص الجبهي من الدماغ، وهو المنطقة المسؤولة عن الوظائف التنفيذية مثل اتخاذ القرار والتخطيط وتنظيم المشاعر، ما يؤدي إلى تثبيط المشاعر وقلة الاهتمام واللامبالاة، وعيش حالة من الجمود العاطفي حيث يفقد الشخص شعور النجاح أو الرضا الناتج عن إنجاز مشروع مرهق بسبب خلل في عمل دائرة المكافأة في الدماغ. هذا الانفصال بين الجهد والمكافأة يشعرك بعدم جدوى العمل ويبدد شغفك.

اقرأ أيضاً: هل تشعر بغياب الحافز في العمل؟ هذه النصائح ستساعدك على مواجهة هذه الأزمة

2. الاحتراق الوظيفي

الاحتراق الوظيفي هو استجابة الجسم للإجهاد المزمن المرتبط بالعمل، ويعد أحد أكثر الأسباب شيوعاً للانخفاض المفاجئ للدافع في العمل. يختلف الاحتراق الوظيفي عن الإرهاق العادي، فبينما يزول الإرهاق بعد أخذ استراحة مدتها يوم واحد أو الحصول على قسط كاف من النوم في ليلة واحدة، يتطلب الاحتراق الوظيفي فترة راحة أطول وتغييراً في أسلوب العمل. إنه حالة من الإنهاك الجسدي والذهني والنفسي، تنشأ بسبب:

  • ضغوط العمل المستمرة، مثل كثرة المهام وتعددها دون وجود فترات راحة كافية.
  • خرق ما يدعى "العقد النفسي"، وهو توقعات الموظف غير الرسمية من المؤسسة، مثل الاحترام والتقدير والاستقرار الوظيفي والثقة.
  • عدم التوازن بين الحياة والعمل، وصعوبة الفصل بينهما.
  • بيئة العمل السامة، والتي يسودها التنمر والمنافسة والعلاقات المتوترة مع الزملاء.
  • عدم وضوح الأدوار أو أهداف العمل.

وفقاً لخبيرة الصحة النفسية، كلير أشلي، يمكن تمييز الإرهاق الناجم عن الاحتراق الوظيفي من خلال 3 نقاط أساسية وهي، الإرهاق العاطفي، وتبدد الشخصية (أي اللامبالاة والانفصال عن المحيط)، وانخفاض الأداء المهني.

عموماً، يؤدي الاحتراق الوظيفي إلى الشعور بعدم الجدوى والاستنزاف العاطفي وفقدان الهوية المهنية؛ حيث يشعر الفرد بأنه مجرد آلة لتنفيذ الأوامر، ما يضعف ارتباطه بالعمل، ويصبح عبئاً عوضاً عن أن يكون هدفاً ووسيلة لتحقيق الذات، فيقل الحماس لأي مهمة.

اقرأ أيضاً: هل أنت كسول أم محترق نفسياً؟ اكتشف الفروق والحلول العملية

3. الشعور بعدم التقدير

حتى لو كنت على دراية بواجباتك، فإن لم تلاحظ مساهماتك أو لم تقدر، قد يضعف شعورك بالاندفاع والتحفيز للعمل. بمرور الوقت، يبدأ الموظفون الذين يشعرون بالتجاهل أو عدم التقدير بفقدان الفخر والحماس في عملهم، وتتضاءل رغبتهم في المساهمة.

4. الروتين والملل

لا يمكن لشيء أن يفقدك حماسك أسرع من التكرار والروتين؛ فتكرار المهام ذاتها يومياً يحد من شعورك بالتحفيز والتحدي، ويسبب الركود. يمكن تفسير ذلك بالطبيعة البشرية، إذ يتوق الإنسان إلى التجديد والتغيير والنمو، وعندما تتوقف الوظيفة بمهامها الروتينية عن تحدي مهاراتك الحقيقية، أو لا تضيف لك ما يساعدك على النمو والتطور ويعزز قيمتك الذاتية، يتلاشى شغفك تلقائياً، وتشعر بالملل لأداء المهام على الرغم من أنك متمكن منها.

5. انعدام الاستقلالية والتحكم

نحن البشر لدينا حاجة فطرية للاستقلالية، أي الشعور بأننا نتحكم في حيواتنا وأعمالنا. عندما تشعر وكأنك مجرد آلة لا تمتلك القدرة على التحكم في كيفية أداء المهام أو ما تعمل عليه، قد تفقد دافعك الداخلي تدرجياً إلى الحد الذي يصبح به من الصعب الاستمرار في أداء مهام لا تتناسب مع أسلوبك أو رغباتك. يمكن أن يؤدي هذا الشعور بالعجز إلى الاستياء وفقدان الرغبة في العمل.

6. المقارنة

إن المقارنة المستمرة لتقدمك وإنجازاتك بما حققه الآخرون يمكن أن يضعف ثقتك بنفسك، فتبدو وظيفتك غير جديرة بالاهتمام، ما يفقدك الحافز.

7. الإصابة باضطرابات نفسية

غالباً ما يرتبط الشعور بالعجز عن متابعة المهام على الرغم من معرفة ما يجب فعله بالضبط مع بعض الاضطرابات النفسية التي تسبب خللاً في الوظيفة التنفيذية، وهي نظام الدماغ المسؤول عن إدارة المهام والانتباه والعواطف والسلوك، ما يصعب بدء مهام العمل أو التخطيط لها أو إكمالها حتى مع وضوح الخطوات. ومن هذه الاضطرابات النفسية:

  • اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط: يسبب صعوبة في التركيز والتحكم في الانفعالات، وغالباً ما يؤدي إلى التسويف والنسيان وعدم التنظيم.
  • اضطراب عمى الوقت: يؤدي إلى صعوبة في تقدير المدة التي تستغرقها المهام.
  • الاكتئاب: يسبب انخفاض الطاقة والحافز، بما يسبب ضعف القدرة على التركيز وتصبح حتى المهام البسيطة مرهقة.
  • اضطرابات القلق: يمكن أن يشل القلق المفرط عملية اتخاذ القرار وبدء المهام، مثل الخوف من الفشل أو الكمال تجنباً.

المحتوى محمي