ملخص: "يتجاوز الآخرون دوري أحياناً أو يدفعونني بعنف في طوابير الانتظار. أشعر في هذه المواقف بالإهانة والاحتقار لكنني لا أنطق بكلمة واحدة؛ ما يجعلني أكاد أتميز غيظاً من نفسي"، تقول نجوى ذلك، جميعنا نرغب في أن يحرمنا الآخرون ونسعى إلى تجنب الإهانة سواء بقصد أو من دون قصد. ماذا تفعل من أجل فرض احترامك على الآخرين؟ إليك نصيحة الطبيب والمحلل النفسي ستيفان كليرجت (Stéphane Clerget).
كيف تنال الاحترام في المجتمع وفي محيطك الأُسري وفي علاقتك الزوجية؟ إليك نصيحة الطبيب والمحلل النفسي ستيفان كليرجت (Stéphane Clerget)؛ مؤلف كتاب "هكذا تنال احترام الآخرين" بالتعاون مع برناديت كوستا براديس (Bernadette Costa-Prades).
فرض احترامك على الآخرين في الأماكن العامة
"يتجاوز الآخرون دوري أحياناً أو يدفعونني بعنف في طوابير الانتظار. أشعر في هذه المواقف بالإهانة والاحتقار لكنني لا أنطق بكلمة واحدة؛ ما يجعلني أكاد أتميز غيظاً من نفسي"، نجوى ذات الـ 27 عاماً.
تحليل الموقف
"نتعرَّض جميعاً لمواقف كهذه في حياتنا اليومية نشعر خلالها بشيء من الإهانة، وهي وإن بدت إهانات بسيطة إلا أنها مزعجة وبغيضة. وكما تقول أنجيل، فإن المواقف التي قد تبدو هيّنة تصيب هويتنا في مقتل لأنها تلغي وجودنا كأفراد في لحظة معينة، وتحولنا إلى مجرد كائنات غير إنسانية. وقد نتأثر بها بقوة أو تمر علينا مرور الكرام، ويتوقف ذلك على حالتنا المزاجية حينها؛ لكنها قد تنغّص علينا اليوم كله".
كيف تتعامل مع هذا الموقف؟
"لا تحاول أن تتوارى عن الأنظار، لأن سهام عدم الاحترام تتوجه بسهولة إلى الأشخاص المتحفظين الذين يتسمون بالحذر الشديد، فلن يجرؤ أحد على دفع الشخصيات البارزة في المجتمع مثلاً! لذا لا بد أن تحرص على فرد كتفيك، والوقوف أو الجلوس منتصب الظهر. واحرص على أن توحي للآخرين بأنك لا تكترث بالموقف، إلا إذا كنت تواجه عصابة من الشباب العدوانيين طبعاً. ويمكنك تحقيق هذه الغاية من خلال البحث عن الروابط التي تجمعك بالآخرين ومحاولة تلقي الدعم من الحضور. قل بصوت عالٍ لافتاً انتباه أحدهم: "تبدو تلك السيدة في عجلة من أمرها!"، واستخدم الدعابة إن أمكن. لكن إحدى أفضل طرائق التفاعل مع الآخرين أن تكوّن معهم علاقة حقيقية وأن تحيط نفسك بأشخاص تألفهم ويألفونك. ويمكن تشبيه الروابط الاجتماعية بحائط الصد الذي يحميك من التعرُّض للإهانات. وكما يقول المثل الدارج، فإن الهجوم خير وسيلة للدفاع، ويمكنك تطبيق هذه الحكمة من خلال دعم الآخرين الذين يتعرّضون لمثل هذه الإهانات الصغيرة. وفي الماضي، كان الحاضرون ينحُّون الطفل سيئ الخلق جانباً".
كسب احترام الوالدين
"قضت ابنتي البالغة من العمر 6 أعوام آخر إجازة لها مع أمي، وعندما عادت إلى المنزل صُدمت عندما رأيت قَصّة شعرها التي لم تأخذ أمي رأيي فيها. لم أستطع تحمل الأمر ودخلت معها في مشادة كلامية عنيفة. لم أستطع أن أستوعب هذا الموقف الذي لا يُطاق بعد أن ثبت لي بالدليل القاطع أنها تريد أن تسلبني سلطتي ولا تريد أن تحترم دوري كأم"، هالة ذات الـ 35 عاماً.
تحليل الموقف
"هالة محقة لأن تصرف أمها ينم عن غياب الاحترام من ناحيتين، فهي لم تحترم الأم والطفلة معاً. ولا داعي للتذكير بأن الوالدين فقط هما من يملكان سلطة أبوية على أطفالهما، لا الأجداد، وقد تعدّت الجدة بفعلتها تلك على دور الأم وأرادت أن تأخذ لنفسها شيئاً ليس من حقها. ولاحظوا معي أن الأمر يتعلق بقَصّة شعر؛ لكن مجرد المساس بشعر الطفلة أو تصفيفه بطريقة مختلفة يشي بأنها تريد أن تأخذ زمام المبادرة وتسلب ابنتها سلطتها وكأنها أرادت أن تقول "إنني المتحكمة هنا"! لقد أرادت الجدة أن تنزع سلطة ابنتها رمزياً بقص شعر حفيدتها دون استشارة أمها، والأنكى من ذلك أنها قَصّته بطريقة تبرز أنوثتها على الرغم من أن حفيدتها ما تزال في مرحلة الطفولة. وإن دلَّ هذا على شيء فإنما يدل على أن هذه المرأة ترفض مبدأ تعاقب الأجيال أو الاعتراف بوجود جيلين بعدها؛ جيل الابنة والحفيدة".
كيف تتعامل مع هذا الموقف؟
ينبغي أن تطلب هالة من والد الطفلة أن يتدخل، لأنها حينما تطلب تدخُّل رجل كطرف ثالث فإنها ستعيد التوازن إلى العلاقة بين الأم وابنتها وحفيدتها. علاوة على ذلك، إذا كان الحوار مستحيلاً فلماذا لا تكتب الأم رسالة إلى الجدة؟ سيتيح لها هذا خلق مسافة بينها وبين أمها. ويحق لهالة أن تعبّر بكل جدية عن مشاعرها حيال سلوك أمها مع تذكيرها بدورها؛ كأن تقول لها: "أنا الأم، شئتِ أو أبيت". وأخيراً، يمكنها أن تطلب من أمها الإقرار بخطورة ما حدث والاعتذار عنه. ومن المؤكد أن هذه الأزمة ستسمح لهالة باتخاذ خطوة جادة نحو تصحيح مسار العلاقة غير المنضبطة التي تربطها بأمها على ما يبدو".
رفض أي إهانات من شريك حياتك
"عندما نكون بصحبة أشخاص آخرين، يستخدم زوجي الفكاهة لكن على حساب كرامتي في أغلب الأحيان؛ فيروي مواقف يحاول من خلالها إبراز حماقتي، ويضحك مع الآخرين على أخطائي الساذجة من وجهة نظره. كنت أتقبّل هذا الوضع في البداية لكنني أشعر الآن بأنه يحاول الاستهزاء بي، وعندما أتحدث معه عن ذلك الأمر يجيبني دائماً: ’لقد كانت مجرد مزحة، يبدو أنكِ فقدتِ حس الفكاهة‘"،
سوزان ذات الـ 37 عاماً.
تحليل الموقف
"هذا الموقف شائع بين الكثير من الأزواج، فقد يتم استخدام الفكاهة كسلاح لتصفية الحسابات، وهنا تفقد الفكاهة معناها الحقيقي وتتحول إلى نوع من العدوانية المقنَّعة التي يجري استخدامها عند مخاطبة الآخرين على الملأ. وقد حاول الزوج في هذه الحالة استخدام الفكاهة مع زوجته لكن على حساب كرامتها، وإن دلَّ تكرار حدوث ذلك في الأماكن العامة على شيء فإنما يدل عدم احترام الزوج لزوجته وضعف أواصر العلاقة الزوجية فيما بينهما. ونلاحظ أثر السادية هنا؛ وكأنه يقول لها: لقد آذيتك، ولا يمكنك أن تعترضي ولو بكلمة واحدة".
كيف تتعامل مع هذا الموقف؟
"يجب على هذه المرأة أن تطلب من زوجها بوضوح أن يكف عن أساليبه تلك، وأن تخبره بأن سلوكه لا يُطاق وبخاصة طريقته المتكررة في إلقاء النكات التي تسخر منها ومن تصرفاتها. ويجب أن تشير بوضوح إلى أنه إذا لم يستجب إلى هذا المطلب، فإنها ستمتنع من الآن فصاعداً عن حضور هذه التجمعات؛ إذ يمكن تفسير حضورها في الواقع على أنه موافقة ضمنية منها على تصرفات زوجها. قد يزداد الأمر سوءاً لكن عليها أن تصدمه، وربما يصل بها الأمر إلى التهديد بقطع العلاقة. ولماذا لا تجعله نفسه؟ على سبيل المثال؛ يمكنها أن تسأله بهدوء عمَّا إذا كان قد تعرّض لمواقف مماثلة في طفولته، أو أن تغتنم هذه الفرصة للتخلص من أي إحباط أو استياء قد يكون متوارياً وراء نكاته".