الحياة غالباً لا تسير على إيقاع منتظم، فلا أحد منا في مأمن من المرض أو فقدان الأحبة، والأوقات الصعبة التي نعيشها نتيجة متغيرات الحياة المؤلمة تجعلنا نشعر باليأس أحياناً، ونشعر أن المستقبل مظلم في أعيننا.
حينها قد يصعب علينا تأدية أبسط المهام اليومية مثل مغادرة السرير والاستحمام وتحضير الإفطار، نظراً لمعاناتنا من الإرهاق وانخفاض الطاقة، نعم توجد مشكلات حلولها تحتاج إلى وقت وجهد، لكن في النهاية لن يفيد اليأس شيئاً في تجاوزها، وكذلك الهروب منها لن يخفيها من الوجود، لذلك سنساعدك ببعض الإرشادات للتعامل معها.
1. تأكد من أن دماغك لا يخدعك
أحياناً تهول لنا أدمغتنا المواقف الحرجة وتصورها على أنها نهاية الحياة، وتحاول إقناعنا أنه لا جدوى من محاولة النجاة فقد استنفدنا جميع الفرص، لكن رغم كل ما سبق فلا ينبغي علينا السماع لما تمليه علينا أدمغتنا، فقد تكون الأفكار الآتية منها مشوهة أو غير دقيقة أو خاطئة تماماً.
ويساعد على نمو تلك الأفكار اليأس الذي يحتل أدمغتنا خلال هذه الفترة، فوفقاً لمقالة بحثية كتبتها الباحثة ليزا ستار (Lisa Starr) من قسم علم النفس في جامعة كاليفورنيا الأميركية، فإنه يسهل وقوع الشخص اليائس في دائرة سلبية مغلقة تجعل من الصعب عليه الاقتناع أن الأمور يمكن أن تتحسن.
يظهر ذلك في قوله لقد جربت جميع الحلول وفشلت معي، وهو تشويه معرفي لأنه ربما يكون جرب بعض الحلول، لكنه لم يجرب جميع الحلول المتاحة، فخذ فرصتك الكاملة للمحاولة وتغيير تفكيرك، ولا تدع دماغك تقود الموقف مدفوعة بمشاعر وأفكار اليأس.
2. فكر، ما الذي سيعود عليك من يأسك؟
نجد أنفسنا عندما يصيبنا اليأس وسط دائرة من الإحباط والسلبية لا تعود علينا بالفائدة، فمثلاً إذا كنت يائساً من تسديد ديونك غالباً أنك لن تهتم بمحاولة زيادة دخلك أو إدارة نفقاتك، لذلك يرشدك الباحث في الصحة النفسية بمعهد كارولينسكا السويدي أندرياس لارسون (Andreas Larsson) إلى القيام بأي شيء يحميك من تغير الأمور للأسوأ.
بالإضافة إلى بذل قصارى جهدك للتركيز على ما يجعلك أكثر تفاؤلاً، والتفكير في حياتك بعد تغييرها للأفضل كيف ستكون تفاصيلها، فهذا بحسب تأكيد لارسون سيجعلك تتغلب على يأسك، لأنه عندما يتصرف الشخص مدفوعاً بالأمل يكتسب مرونة تمكنه من إدارة المواقف الصعبة وتجاوزها.
3. إياك والاستسلام
توجد عدة طرق يمكنك باتباعها أن تمنع اليأس من التغلب عليك، يدلنا المعالج النفسي شون جروفر (Sean Grover) على واحدة منها، وهي بذل قصارى جهدك لتخرج من المنزل وتنفس بعض الهواء المنعش مع ممارسة المشي السريع الذي سيرفع معدل التمثيل الغذائي لديك، وهي العملية المسؤولة عن تحويل الطعام والشراب إلى طاقة.
بالإضافة إلى دور المشي في تعزيز هرمون الإندروفين، الذي يعمل على تخفيف الشعور بالألم ويخفض معدل الإجهاد ويحسن الحالة المزاجية، وأخيراً ستحظى بجرعة فيتامين (د) جيدة ما سيدعم تحسن صحتك النفسية.
4. اطلب المساعدة
يساعدك التحدث مع صديق أو أحد أفراد عائلتك بحسب الباحثة كاثلين جريفيث (Kathleen Griffiths) التي تعمل بمركز أبحاث الصحة النفسية التابع للجامعة الوطنية الأسترالية، على رؤية المشهد من الجانب الآخر، فلربما لا يكون الوضع مأساوياً مثلما تتصور، وقد يقترح عليك هؤلاء الأصدقاء حلولاً فعالة من منظور مختلف، أو يساعدونك على الوصول لاستراتيجيات تجعلك تتجاوز يأسك وتشعر بالأمل في تحسن وضعك.
5. ركز على حل المشكلة
رغم أن اليأس يشعرك بأن الحال سيتأزم أكثر وأكثر بالتالي لا تبذل جهدك في التوصل لأي حلول، لكن في حقيقة الأمر أن أخذك أي خطوات بسيطة تجاه حل المشكلة سيجدي نفعاً لتحسن الموقف، وينصحك الباحث في الصحة النفسية أندرياس لارسون أن تخصص بعض الوقت في التفكير لحلول محتملة لمشكلتك، والبحث عن أفضل الاستراتيجيات لعلاجها.
حتى في أسوأ الظروف، إذا لم تتمكن من حل بعض المشكلات المستعصية مثل مرض أحد أفراد عائلتك، فعلى الأقل ستسطيع تغيير شعورك اليائس تجاه المشكلة، من خلال القيام بحلول متنوعة منها أخذ اجازة من العمل لبعض الوقت حتى تتخفف من الضغوط.
6. احذر من الإيجابية السامة
من الضروري أن يعمل الشخص على الخروج من دائرة اليأس، لكن من الضار أن يخدع نفسه بوضع زائف، ذلك ما يؤكد عليه المعالج النفسي شون جروفر متذكراً أحد المرضى الذي كان آتياً للعيادة يشكو من يأسه، وفي إحدى الجلسات قال له أن أحد أصدقائه حاول بث الإيجابية فيه بأن دعاه لعدم القلق لأن كل شيء سيتحسن من تلقاء نفسه.
وهي كلمات وفقاً لجروفر مريحة ظاهرياً لكنها شكلت خطراً على مريضه كونها تنتمي إلى الإيجابية السامة، التي تتمثل في التعامل بإيجابية بشكل دائم رغم الآلام العاطفية أو الجسدية التي نعانيها، وهي تختلف عن الإيجابية المعتدلة التي تساهم في حل مشكلات الحياة لكن بحكمة ومنطق.
اقرأ أيضاً: الإيجابية السامة: لا بأس إن لم يكن هناك نور في آخر النفق
تتشابه حياة الإنسان مع الكثير من المخلوقات في الطبيعة مثل الأشجار التي تتساقط أوراقها في الخريف لكنها تعود لتزهر في الربيع، وهكذا أنت ربما تمر بفترات يأس ومحبط من وضعك، لكن تذكر أنه بالحلول الفعالة سيمكنك تجاوزها، وفي حال عجزك عن إدارة المشكلة لا تتردد في زيارة المعالج النفسي لطلب النصح والإرشاد.