عجلة بلوتشيك للعواطف: كيف تقود مشاعرك بدلاً من أن تقودك؟

هل شعرت يوماً أنك تواجه موقفاً صعباً ولا تستطيع العثور على الكلمات المناسبة للتعبير عما يجول بداخلك؟ على سبيل المثال، تخيل أنك تشاجرت مع أحد أصدقائك وواجهت صعوبة في التعامل مع مزيج الغضب والحزن والأسى الذي يتسلل إليك، والحقيقة هي أن المشاعر معقدة وصعبة، وقد تتركك في حيرة وارتباك، ولكن ماذا لو أخبرتك أن هناك طريقة بسيطة لمساعدتك في التعبير عن شعورك؟ تعرف معي إلى عجلة بلوتشيك للعواطف (Plutchik's Wheel of Emotions)، وكيف يمكنك أن تستخدمها لتعبر عما بداخلك من خلال هذا المقال.

ما هي عجلة بلوتشيك للعواطف؟

هي عبارة عن رسم بياني دائري يساعد الناس على تحديد مشاعرهم وفهمها، ومن ثم التصرف وفقاً لها، إضافة إلى أن هذه العجلة التي ابتكرها عالم النفس الأميركي روبرت بلوتشيك (Robert Plutchik) تصف 8 مشاعر رئيسية وهي: الغضب والترقب والاشمئزاز والخوف والفرح والحزن والمفاجأة والثقة، وكل عاطفة لها لون، مع تمثيل الدرجات المختلفة بألوان أغمق وأفتح، على سبيل المثال، في حالة الغضب، يكون الغضب أحمر غامقاً، بينما يعد الانزعاج عاطفة أخف من الغضب ولهذا فإن لونه وردي.

وتحتوي عجلة بلوتشيك للعواطف أيضاً على 8 مجموعات من السلوكيات المرتبطة بالمشاعر، منها على سبيل المثال:

• الغضب + الترقب: العدوانية
• الترقب + الفرح: التفاؤل
• الفرح + الثقة: الحب
• الثقة + الخوف: الخضوع
• الخوف + المفاجأة: الرهبة
• المفاجأة + الحزن: عدم الموافقة
• الحزن + الاشمئزاز: الندم
• الاشمئزاز + الغضب: الازدراء

اقرأ أيضاً: كيف تسهم العواطف في نشوء القلق والاكتئاب؟

كيف تساعدك عجلة بلوتشيك للعواطف على فهم مشاعرك والتعبير عنها؟

إن استخدام عجلة العواطف يمكن أن يساعدك على فهم مشاعرك جيداً، ومن ثم يضعك في وضع أفضل للاستجابة، ما قد يساعد على تعزيز صحتك العاطفية وتحسين اتصالك بالآخرين، وإليك أهم الطرائق التي تساعدك بها عجلة العواطف:

1. تحسين الوعي الذاتي

تعد عجلة بلوتشيك للعواطف أداة مهمة من أجل تحسين وعيك الذاتي. على سبيل المثال، عندما تحس بالإرهاق والاضطراب بسبب المشاعر الشديدة، فإنك تمتلك أداة بصرية تمنحك نظرة ثاقبة لما يحدث معك؛ حيث إن الوعي بمشاعرك والقدرة على تصنيفها وتحديدها سيساعدك على تجنب ردود الفعل المدمرة، ويتيح لك الاستجابة بطريقة أكثر عقلانية.

على الجانب الآخر، فإن التعامل مع مشاعرك يجب ألا يكون بالكبت أو القمع أو التجنب، لذلك حاول استخدام عجلة العواطف من أجل الاستماع إلى مشاعرك، وفهم ما تخبرك به، ومع مرور الوقت سوف تساعدك العجلة على إدارة ضغوطك على نحو أكثر فعالية، وتطوير التعاطف مع الذات.

2. توسيع مفرداتك العاطفية

يمكن أن تساعدك عجلة بلوتشيك للعواطف على توسيع مفرداتك العاطفية. على سبيل المثال، لنفرض أنك تحاول أن تفهم عاطفة التفاؤل؛ في هذه الحالة، يمكنك البحث عنها في عجلة العواطف وستجدها مزيجاً من الفرح والترقب.

3. التنظيم العاطفي

التنظيم العاطفي هو القدرة على البقاء هادئاً ومتماسكاً وفي حالة من التركيز على الرغم من إحساس التوتر، ويمكن القول إن الأشخاص الذين يتمتعون بمهارات تنظيم عاطفية قوية هم أكثر مرونة ويتمتعون بأداء أفضل في العمل، وإذا حاولت الاستعانة بعجلة العواطف فستكون حينها قادراً على تنظيم عواطفك، فإذا حدث وواجهت موقفاً صعباً لن تنغلق على مشاعرك أو تحاول تجنبها، ولكنك ستكون قادراً على تحديدها وفهمها ومن ثم التعامل معها بطريقة صحية.

4. تحسين تواصلك مع الآخرين

إذا كنت تواجه صعوبة في شرح مشاعرك للآخرين، فإن عجلة بلوتشيك للعواطف يمكن أن تساعدك على ذلك الأمر. على سبيل المثال، تخيل أنك تتحدث إلى صديق لك وترغب في أن تخبره أنك تحس باليأس، هنا عجلة العواطف تخبرك أن اليأس هو عبارة عن حزن وخوف، وبذلك يمكنك أن تسترسل في التحدث عن عمق مشاعرك لأنك لن تعالجها من فوق السطح ولكنك ستفهم أعماق شعورك.

5. فهم مشاعر الآخرين

عندما تنشأ خلافات بينك وبين الآخرين، سواء كانوا أصدقاءك أم زملاء العمل، غالباً ما يكون من الصعب عليك النظر في مشكلة من منظور شخص آخر، ولكن باستخدام عجلة العواطف، يمكنك تصور المشاعر في ذهنك واستخدامها للمساعدة على احتواء الموقف، يمكنك أيضاً استخدامها لفهم وجهة نظر صديقك أو زميلك على نحو أفضل، ما يؤدي إلى حل أسرع.

6. التعرف إلى أنماطك العاطفية

يمكن أن يساعدك استخدام عجلة بلوتشيك للعواطف باستمرار على اكتشاف أنماطك العاطفية والتعرف إليها، على سبيل المثال، إذا كانت مشاعرك الأساسية سلبية على نحو منتظم، فقد تكون علامة على ضرورة الانتباه إلى ذلك الأمر والتحدث مع متخصص نفسي.

اقرأ أيضاً: 3 خطوات لتتحكم في عواطفك بدلاً من أن تتحكم فيك

6 إرشادات ستساعدك على الاستفادة من عجلة بلوتشيك للعواطف

يمكن أن تساعدك عجلة العواطف على تحديد المشاعر الأكثر ملاءمة لموقفك، ومن ثم تخفيف حدة القلق المصاحب لتلك المشاعر، ويمكنك استخدامها عن طريق اتباع الإرشادات التالية:

1. احتفظ بنسخة منها

فكر في طباعة نسخة من عجلة بلوتشيك للعواطف ووضعها أمامك على المكتب أو على حائط غرفتك، أو حمّل الصورة على هاتفك، وفي كل مرة تواجه فيها موقفاً يحمل في طياته مشاعر مختلطة أو عاصفة، استعن بها لفهم ما يدور بداخلك، ويمكنك أيضاً الاستعانة بها حين لا تكون متأكداً مما تشعر به، إذ يوضح المعالج النفسي، فيصل البجلي، أن استخدام عجلة العواطف يعد من الأساليب الفعالة لمساعدة الأفراد على التعبير عن مشاعرهم بوضوح، خاصة أن هناك الكثير من الأشخاص يواجهون صعوبة في تسمية مشاعرهم، ما يؤدي إلى شعورهم بالإحباط أو التوتر دون فهم واضح لما يمرون به.

2. حدد مشاعرك من خلال عجلة بلوتشيك للعواطف

الآن بعد أن أصبحت عجلة العواطف أمامك، حاول تحديد أي عاطفة أساسية أو أولية على العجلة تصف شعورك الحالي وصفاً أفضل، قد يكون من الأسهل أن تبدأ باختيار واحدة من المشاعر الأساسية الثمانية لأنها أوسع، بعد ذلك، يمكنك تضييق نطاقها.

3. حاول معرفة المحفزات

المشاعر التي تنتابك لا تأتي من العدم، وغالباً ما يكون هناك شيء ما يحفزك أو يجعلك تشعر بالطريقة التي تحس بها، في بعض الأوقات قد يكون المحفز أمراً سهلاً، ولكنه في أوقات أخرى قد لا يكون حدثاً بسيطاً، وفي كل الأحوال عليك معرفة محفزاتك حتى تتمكن من التعامل معها ومن ثم مواجهة مشاعرك.

4. ابدأ في إجراء تغييرات أو اتخاذ الإجراءات المناسبة

عندما تبدأ في تحديد مشاعرك ومحفزاتك، يمكنك البدء باكتشاف طرق لاتخاذ إجراءات إيجابية. على سبيل المثال، إذا كنت في علاقة رومانسية غير صحية، فقد يتسبب هذا الأمر في قلقك بشأن التغييرات المحتملة التي يمكن أن تحدث في مستقبل علاقتك، لذلك بدلاً من تجنب المشاعر التي تمر بها، حاول تحديد ما تحس به جيداً ثم تحدّث مع شريكك حين تكون مستعداً.

5. تعلّم أن تكون حاضراً ولا تتجاهل مشاعرك

حين تحدد المشاعر التي تحس بها وتتعرف إلى محفزاتك، حاول أن تكون حاضراً في هذه اللحظة، أحياناً يمكن أن تكون المشاعر قوية، وفي بعض الأوقات قد تجعلك تحس بالإرهاق، وعلى الرغم من ذلك، اسمح لنفسك أن تشعر بها. لا تتجنبها أو تبتعد عنها أو تشتت انتباهك، لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تفاقمها، لذلك اشعر بها وحاول أن تتنفس بعمق وهدوء.

6. استعن بالكتابة على تحديد مشاعرك

تعد كتابة اليوميات طريقة مهمة يمكن أن تساعدك لتكون حاضراً مع المشاعر دون أن تطغى عليك، بالإضافة إلى ذلك، سيكون لديك سجل لمشاعرك من أجل تحديد أنماط ما يحفزك وكيف تستجيب لتلك المشاعر، فضلاً عن أنك حين تكتب مستعيناً بعجلة بلوتشيك للعواطف ستجد الكثير من المفردات ومن ثم سوف تعبر عن ذاتك بطريقة أكثر تفصيلاً ووضوحاً.