كيف تتغلب على الاكتئاب على الرغم من تخلي مَن حولك عنك؟

5 دقيقة
العيش مع الاكتئاب
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

العيش مع الاكتئاب معركة ينبغي ألا يخوضها شخصٌ بمفرده؛ لكن قد يكون الواقع بالنسبة إلى العديد من المكتئبين النقيض من ذلك، وربما يتملّكهم الشعور الساحق بالوحدة؛ إذ قد يكون الأصدقاء وأفراد العائلة غائبين، أو غير متأكدين من كيفية المساعدة، أو قد يلقون اللوم على المكتئب نفسه، أو يدلون بتعليقات غير مدروسة تزيد الوضع سوءاً وتُفاقم الشعور بالإحباط.

فما الذي يمكنك فعله عندما تكتئب ولا تجد من يدعمك؟ حسناً، عليك أن تعلم في البداية أن الكثير من المكتئبين يمرون بظروف مماثلة من نقص الدعم وسوء الفهم؛ لكن هذا لا يعني أنه ما مِن شيء يمكن فعله؛ إذ ثمة العديد من الاستراتيجيات التي ستساعدك في محنتك حتى عندما لا يتمكّن الأشخاص حولك من تقديم الدعم والتفهم اللذَين تحتاجه إليهما، وإليك ما عليك فعله.

7 نصائح للتعامل مع الاكتئاب عندما يكون دعم الآخرين نادراً

في البداية، إذا كنت تعاني اكتئاباً سريرياً ولم تستشر مختص الصحة النفسية بعد، فيُنصح بأن تفعل ذلك في أقرب وقت ممكن؛ لأنه حتى لو كانت أعراض الاكتئاب التي تعانيها تختفي من تلقاء نفسها من حين إلى آخر، وهذا يتعلق بنوع اكتئابك وشدته، فإن الحصول على العلاج المناسب يؤدي إلى تقصير مدة النوبة وشدتها، علاوة على أنه يمنع الاكتئاب من التفاقم أو التأثير في صحتك البدنية.

فضلاً عن أن الأدلة تشير إلى أن الشخص الذي يعاني نوبة اكتئاب واحدة يزداد خطر تعرضه إلى نوبة أُخرى بنسبة 50%، ثم ترتفع احتمالية الإصابة بنوبات لاحقة مع كل نوبة إضافية تحصل. لنعد إلى الموضوع الأساسي، إليك ما ينبغي فعله في حال كنت مكتئباً ولم تجد مَن يدعمك.

اقرأ أيضاً: كيف أتخلص من الاكتئاب المبتسم؟

1. حاوِل أن تفهم وجهات نظرهم

من المهم أن تفهم أن افتقارك إلى دعم أفراد أسرتك قد لا يكون متعلقاً بك شخصياً؛ بل قد ينبع من قيودهم الخاصة في فهم الاكتئاب، فقد لا يدركون تماماً ما هو الاكتئاب أو كيف يؤثر فيك. بالإضافة إلى ذلك، ربما نشؤوا في بيئة لا تشجِّع على إظهار الضعف؛ ما يصعِّب عليهم التعاطف مع تجربتك، وقد يكون سلوكهم متأصلاً وتلقائياً متأثراً بالوصمة المجتمعية المحيطة بالمرض النفسي.

ومن ثَمّ؛ قد يساعدك تفهُّم هذه العوامل على استيعاب ردود أفعالهم وإدراك أن افتقارهم إلى تقديم الدعم ليس انعكاساً لقيمتك الشخصية أو تقليلاً من شرعية حالتك، وربما يؤدي تثقيف أسرتك وأصدقائك عن الاكتئاب في بعض الأحيان إلى تحسين فهمهم لحالتك ودعمهم لك؛ لذا فكر في مشاركة بعض المصادر الموثوقة الصادرة عن منظمات ذات سمعة طيبة.

اقرأ أيضاً: كل ما تريد معرفته عن الاكتئاب

بالإضافة إلى ذلك، عليك أن تدرك أن الآخرين ربما يكافحون هم أيضاً للتعامل مع مشكلاتهم أو مشاعرهم الخاصة، وقد لا يكون نقص الدعم ناتجاً عن عدم اهتمامهم بك؛ بل ربما لأنهم لا يمتلكون الموارد النفسية والجسدية اللازمة للاعتناء بأكثر من أنفسهم. عليك أن تذكّر نفسك بهذه الحقيقة عندما يخيّب الناس ظنك أو لا يستطيعون أن يقفوا إلى جانبك عندما تحتاج إليهم.

2. ادعم نفسك

حتى لو لم تنل دعم العائلة والأصدقاء، فما زال بإمكانك أن تكون أكبر داعم لذاتك، وذلك بأن تكون لطيفاً مع نفسك وتحافظ على حديثك الذاتي الواقعي الإيجابي. بكلمات أخرى: انتبه إلى الصوت الداخلي وما يقوله لك، فالحديث السلبي مع الذات يغذّي الاكتئاب فعلياً.

قد تنصح نفسك من أجل التغلب على هذه السلبية بأن تفكِّر فقط على نحو إيجابي؛ لكن ذلك لا قد يجدي نفعاً؛ إذ يصبح كثيرٌ من هذه الأفكار نمطاً تلقائياً من التفكير يصعب إدراكه أحياناً. وبدلاً من ذلك، تحتاج إلى تحديد هذه الأفكار التلقائية غير العقلانية واستبدال وجهات نظر أكثر توازناً وواقعية بها.

لتحديد أفكارك السلبية، احتفظ بسجل خاص بها واكتب كل فكرة سلبية تخطر في بالك مع ما أثارها؛ ثمّ بمجرد التعرف إليها، يمكنك البدء في تحدِّيها. على سبيل المثال؛ إذا كان شريك حياتك يهملك اليوم، فقد تفترض تلقائياً أن العلاقة في ورطة. ومع ذلك، قد يكون المنظور الأكثر واقعية هو أن شريكك يمر بيوم سيئ فقط. تذكّر أن تفحص الأدلة التي تدعم أفكارك، وأن تفكر فيما قد تقوله إلى صديق لديه الفكرة السلبية نفسها.

من الأمور التي قد تساعدك أيضاً في حال وجدت نفسك محاصراً في حلقة مفرغة من الأفكار السلبية، أن تبحث عن طرائق لتشتيت انتباهك وقطع هذه الحلقة؛ مثل أخذ حمام ساخن أو مشاهدة فيلم أو التحدث إلى صديق أو الاستماع إلى بودكاست أو الذهاب في نزهة إلى الحديقة وما إلى ذلك.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تكشف الأضرار المستقبلية للإصابة بالاكتئاب في سن الشباب

3. لا تصدّق المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالاكتئاب

ربما من الأسباب التي تجعل العائلة تحجم عن تقديم الدعم بالإضافة إلى ما ذُكر آنفاً، هو وجود بعض الخرافات والمفاهيم الخاطئة المتعلقة بهذه الحالة، وعليك أنت أولاً ألا تصدق هذه المعلومات المغلوطة؛ فالاكتئاب ليس علامة على الضعف أو الكسل؛ بل مرض معقد قائم على أساس بيولوجي ينطوي على اختلال التوازن في النواقل العصبية في الدماغ؛ حيث تؤثّر هذه الاختلالات الكيميائية في تنظيم الحالة المزاجية، وقد تؤدي إلى أعراض عاطفية وجسدية عميقة.

وفي السياق نفسه، من الخرافات الشائعة أن الأفراد المصابين بالاكتئاب يسعون إلى جذب الانتباه عندما يطلبون المساعدة. في الواقع، يعد طلب الدعم خطوة شجاعة نحو التعافي، فهو يُظهِر استعداداً لمواجهة مرض خطِر وإدارته. لذا؛ لا تغفل عن هذه الحقائق بغض النظر عما يقوله لك أيّ شخص آخر؛ لأن طلب الدعم يتطلب قدراً كبيراً من الشجاعة، وعليك أن تستمر في الطلب حتى تجد الشخص المناسب الذي سيدعمك.

الجدير بالذكر أيضاً إنه من المهم أن تطلب المساعدة على نحو مباشر ومحدد، فقد يكون الناس في بعض الأحيان على استعداد لدعمك ومساعدتك؛ لكنهم قد لا يدركون مدى سوء وضعك؛ إذ اعتادوا على رؤيتك الشخص القوي الذي لا يطلب المساعدة. لذا إذا احتجت أمراً، تحدث علناً واطلبه، فالناس لا يستطيعون قراءة أفكارك.

اقرأ أيضاً: أشهر 7 خرافات عن الاكتئاب وحقيقتها

4. ابحث عن الدعم في مكان آخر

عندما لا يستطيع أفراد الأسرة والأصدقاء المقربون تقديم الدعم الذي تحتاج إليه، ابحث عن المساعدة في مكان آخر؛ إذ يمكنك أن تنضمّ إلى مجموعات دعم الاكتئاب على أرض الواقع أو عبر الإنترنت؛ لأن التواصل مع الآخرين الذين يفهمون ما تمر به حقاً قد يكون مفيداً للغاية.

لذا لا تتردد في طلب المساعدة من شخص ما من خارج دائرتك الاجتماعية؛ إذ في بعض الأحيان، تغدو مشاركة صراعاتك مع شخص غريب واجهَ تحديات مماثلة أسهل وأكثر فعالية؛ إذ يكون أقل عرضة إلى إطلاق الأحكام أو الانتقاد؛ ما يخلق مساحة آمنة لك للتعبير عن مشاعرك والعمل نحو الشفاء.  

5. مارِس الرياضة

قد تشعر بالغضب والاستياء والاحباط إذا لم تنل الدعم والمساعدة اللذَين تحتاج إليها من العائلة والأصدقاء؛ لكن وبدلاً من تحويل غضبك نحو الذات ومفاقمة اكتئابك، وجِّه هذا الغضب نحو الخارج؛ أي اخرج ومارس بعض الرياضة أو ابحث عن أي نشاط جسدي يمكنه تحرير مشاعرك المكبوتة وتخفيف أعراض الاكتئاب.

يُذكر إنه من المفهوم أن تعاني صعوبة في النهوض من سريرك خلال نوبة الاكتئاب؛ لكن حاوِل أن تبدأ بـ 5 دقائق يومياً من المشي أو أي نشاط رياضي، هذه الدقائق الخمس ستصبح لاحقاً 10 ثم 15 دقيقة. تذكّر أن المواظبة على التمرّن تحسِّن مستويات طاقتك ومزاجك وتخفِّف الأعراض ويساعد على منع الانتكاس؛ لذا حاوِل التمرّن مدة 30 دقيقة يومياً على الأقل.

اقرأ أيضاً: ما العادات التي قد تساعدك على الوقاية من الاكتئاب؟

6. انخرط في أنشطة تستمتع بها أو معتاد عليها

قد لا تستطيع إجبار نفسك على الاستمتاع أو الشعور بالتلذذ في أثناء نوبة الاكتئاب؛ لكن دفع نفسك إلى الانخراط في بعض الأنشطة قد يساعدك على الشعور بالتحسن والنشاط والإيجابية بمرور الوقت، خصوصاً في حال خصصت وقتاً منتظماً لهذه الأنشطة. لذلك؛ أعد ممارسة قديمة، أو عبّر عن نفسك إبداعياً من خلال الموسيقا أو الرقص أو الكتابة، أو اذهب في رحلة ليوم واحد إلى أماكن مثل الجبل أو الشاطئ أو المتحف.

اقرأ أيضاً: ما هو الذهول الاكتئابي؟ وكيف يمكن علاجه؟

7. ابحث عن طرائق لدعم الآخرين

من الجيد أن تتلقى الدعم؛ لكن دعم الآخرين قد يعزز مزاجك أيضاً؛ لذا شارك في الأعمال التطوعية، أو افعل شيئاً لطيفاً لشخص ما، أو اعتنِ بحيوان أليف؛ فرعاية الحيوانات الأليفة تمنح الرفقة والشعور بالهدف؛ ما يخفف العزلة ويصرف الانتباه عن الأفكار التي تركز على الذات.