ملخص: هل فكرت يوماً في أن التركيز على تفاصيل بسيطة من حولك يعزز رفاهتك الذاتية ويدعم صحتك النفسية بتغيير نظرتك للحياة؟ هذا هو تأثير المشي بالألوان؛ فهو نشاط مبتكر يجمع بين الفوائد الجسدية والنفسية للمشي، ويعزز الوعي والتركيز في تفاصيل الوسط المحيط بك. وهو لا يتطلب منك سوى أن تمشي أي مسافة تفضلها مع اختيار لون معين والتركيز على كل ما تراه من أشياء بهذا اللون في أثناء مشيك، ما يساعد على تعزيز اليقظة والتأمل الذاتي. وهناك دراسات تشير إلى أن طريقة المشي هذه تؤثر إيجابياً في تحسين صحتك النفسية من خلال إبعاد ذهنك عن اجترار الأفكار وتحفيز مشاعر الدهشة لديك، كما أن المشي بالألوان يعزز إفراز الهرمون المحفز لتواصلك مع الآخرين. ننصحك بتجربة الخروج في هذه الرحلة الملونة واكتشاف الجمال في كل خطوة.
محتويات المقال
هناك كثير من الفوائد لصحتك البدنية والنفسية في المشي بمفردك. لكن يحتاج هذا النشاط أحياناً إلى لمسة بسيطة ليتحول من نزهة عادية إلى أسلوب علاج حقيقي. وهذه هي الفكرة الأساسية لنشاط المشي بالألوان.
مثلما هو حال الأنشطة الرياضية جميعها، فإن المشي مفيد للعقل والجسم معاً. يمنحنا المشي شعوراً بالراحة، سواء كان نزهة قصيرة لخمس دقائق خلال ساعة الاستراحة في يوم العمل، أو مسيرة طويلة وسط مساحات خضراء.
غير أننا لا نحرص دائماً على اغتنام الفوائد الكاملة الممكنة في المشي. هناك من يمارس المشي بصحبة آخرين، وهناك من يستمع إلى الموسيقا خلاله أو يمشي فقط للانتقال من مكان إلى آخر. وهنا تظهر فائدة "المشي بالألوان" (color walk)، وهو النشاط الذي تحول إلى صيحة عبر مقاطع فيديو متداولة في موقع تيك توك، وتشجع على ممارسة المشي بأسلوب جديد؛ أكثر تأملاً وانغماساً في اللحظة الحاضرة.
ما هو مبدأ المشي بالألوان؟
بعيداً عن مفهوم سباق الألوان؛ حيث يركض المتسابقون بينما يلقي بعضهم على بعض مساحيق ملونة في أجواء مرحة، عليك أن تمارس المشي بالألوان بمفردك، دون أن تلقي أيّ ألوان على ملابس أحد. ولكن الألوان تبقى محور هذا النشاط البدني، فمبدأ هذا النشاط بسيط؛ حيث تخرج للمشي، بغض النظر عن طول المسافة أو الوقت الذي تمضيه ماشياً، وتختار قبل المشي لوناً بعينه، وتركز انتباهك في أثناء مشيك على كل شيء تصادفه يحمل ذلك اللون.
سواء كان ذلك الشيء زهرة في حديقة، أو ملصقاً على جدار، أو ورقة على الأرض، أو منزلاً، أو حتى قطعة ملابس، فعليك أن تكتشف كل ما يطابق اللون الذي اخترته وتتأمله. وبمقدورك أن تزيد صعوبة التجربة ومتعتها، بأن تبحث في أثناء المشي عن جميع الألوان التي يتكون منها طيف قوس قزح.
تعرف إلى فوائد المشي بالألوان
قد يبدو في الوهلة الأولى أن المشي بالألوان مجرد صيحة أخرى من صيحات منصة تيك توك، وهي صيحة جمالية أكثر منها نفسية، لكن الحقيقة أن هذه الممارسة تشمل عادات أخرى ذات فوائد كبيرة تعزز الصحة النفسية. إذ أننا نمارس بالفعل اليقظة الذهنية، ونكون أكثر انغماساً في اللحظة الراهنة، عندما نركز انتباهنا على الوسط المحيط بنا وما نراه في أثناء المشي.
ولهذه اليقظة الذهنية في أثناء المشي دور إيجابي يعزز تركيزنا ويبعدنا عن اجترار الأفكار، فيساعدنا على تعزيز الصفاء الذهني. وبحسب موقع ميديكال نيوز توداي (MedicalNewsToday) الإلكتروني هناك دراسات عدّة أشارت إلى أن لليقظة الذهنية تأثير إيجابي في التأمل الذاتي، كما أنها تساعد على تطوير مفهوم الذات وتحسين الاسترخاء.
يشجعنا المشي بالألوان على تأمل النفس، ويدفعنا كذلك للانتباه إلى تفاصيل العالم من حولنا. ويساعدنا الانتباه إلى أدق التفاصيل التي تتناغم مع اللون الذي نختاره، أو تلك التي لا تنسجم معه، على رؤية الوسط المحيط بنا بوضوح، ويوقظ في نفوسنا مشاعر الدهشة والإعجاب. يقول المختص النفسي، داتشر كيلتنر (Dacher Keltner) في مقال يصف هذه التجربة في صحيفة نيويورك تايمز (New York Times): "الدهشة هي تلك الحالة التي نشعر فيها أننا أمام شيء يفوق حدود فهمنا للعالم".
وقد ألف كيلتنر كتاباً في هذا الموضوع، وتشير أبحاثه إلى أن للدهشة فوائد صحية كبيرة؛ فهي تهدئ الجهاز العصبي وتحفز إفراز هرمون الأوكسيتوسين، المسؤول عن تعزيز مشاعر الحب والرغبة في بناء علاقات اجتماعية إيجابية. وتساعد مشاعر الدهشة في كبح جماح فرط التفكير واجترار الأفكار ونقد الذات، لأنها تبعدنا عن التركيز على الذات.
ووفقاً لموقع سايكولوجي توداي (Psychology Today) الإلكتروني: "فقد تنتابنا مشاعر الدهشة في أثناء معايشتنا تجارب متنوعة؛ سواء كنا نمشي وسط الطبيعة البكر، أو نتأمل قطعة فنية رائعة، أو نمعن النظر في تفاصيل معمارية معقدة في إحدى البنايات". إن بواعث الدهشة في كل مكان حولنا، وقد يوقظ المشي بالألوان تلك المشاعر في نفوسنا، فنرى العالم بعيون جديدة.