شريك حياتك يتألم ويدّعي أنه بخير؟ إليك ما يمكنك فعله

5 دقيقة
شريك حياتك
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

إن كنت على يقين من أن شريك حياتك منزعج لكنه لا يبوح بالسبب، أو لاحظت أنه يتهرب من الحديث معك أو مناقشة مشاعره أو مشكلته، فعليك أن تعلم أن معاملته بالمثل والتزام الصمت أو إبداء أفعال عدوانية سلبية للتعبير عن انزعاجك لن يؤدي إلا إلى تفاقم المشكلة بينكما. إذاً ما الحل؟ الحل مع هذا الشريك الكتوم هو التعامل مع الموقف بصبر وتعاطف على نحو يساعد على خلق مساحة آمنة للحوار المثمر. كيف؟ إليك بعض النصائح الفعالة للتعامل معه.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع شريك حياتك الذي يدمر ثقتك بنفسك؟

1. لا تأخذ الموضوع على محمل شخصي وحاول أن تفهم سبب صمته

قد يكون صعباً ألا تأخذ الموضوع على محمل شخصي، بل قد تفترض أن مشاعره تجاهك تغيّرت أو أن التزامه بالعلاقة قلّ أو ما شابه ذلك. لكن في الواقع، ثمة العديد من الأسباب التي قد تدفعه إلى كتمان ضيقه، وربما ستتعاطف معه أكثر وتتصرف بحكمة أكبر إن أنت تعرفت عليها. وإليك بعض العوامل نفسية والعاطفية التي قد تؤدي دوراً في ذلك:

  1. الخوف من الحكم: قد يخشى شرك حياتك التقييم السلبي أو الحكم عليه أو انتقاده أو رفض مشاعره في حال عبّر عن حقيقتها، ما يدفعه إلى رفض الاعتراف بما يشعر تجنباً للعواقب المحتملة.
  2. تجنب الصراع: قد يكبت مشاعره تجنباً للصراع أو المواجهة، وقد يخشى أن يؤدي إفصاحه عما في داخله إلى الخلاف أو زيادة التوتر في العلاقة.
  3. الخوف من إثقال كاهل الآخرين: ربما يشعر أن التعبير عن ضيقه سيضيف ضغطاً غير ضروري لك أو ينغّص راحتك.
  4. حماية الذات: من المحتمل أن يكون إخفاء بعض المشاعر، مثل الذنب أو الإحراج أو الخجل أو الحزن، وسيلة لحماية صورة الذات أو الحفاظ على الشعور بالهوية أو القيمة الذاتية.
  5. الافتقار إلى الذكاء العاطفي: يعاني بعض الأشخاص صعوبة في تحديد مشاعرهم ووصفها؛ أي قد يكون الشريك منزعجاً ولكنه غير قادر على التعبير عن مشاعره بطريقة صحيحة وبناءة، ما يجعل التجنب أسهل من محاولة التفسير.
  6. الافتقار إلى الدعم العاطفي: إذا كان شخص ما يعتمد على نفسه معظم حياته، وخاصة بسبب نقص الدعم العاطفي في مرحلة الطفولة، فقد يواجه صعوبة في مشاركة نقاط ضعفه.
  7. السلوك المكتسب: إن لاحظت أن الشريك يخفي سبب انزعاجه في كثير من الأحيان، فربما تعلّم إخفاء مشاعره وانزعاجه بناء على ما لاحظه خلال مراحل حياته المبكرة من سلوكيات الآخرين واستجاباتهم للعواطف، سواء داخل عائلته أو مجموعات أقرانه أو مجتمعاته. بكلمات أُخرى، إذا ما انتبه إلى أن الآخرين يقمعون عواطفهم ويخفون انزعاجهم أنما انزعجوا، فقد يتبنى استراتيجيات مواجهة مماثلة.
  8. الاكتئاب أو الخدر العاطفي: لي صديق مشخّص بالاكتئاب، وقد لاحظت أنه يتجنب مناقشة أيّ موضوع حساس أو مزعِج، ويتجنّب دائماً التعبير عن مشاعره السلبية، وكنت أظن في البداية أنه لا يكترث، لكن وبعد البحث تبين لي أن الشخص المصاب بالاكتئاب لا يمتلك الطاقة أو الوضوح الكافي للتعبير عن محنته. فضلاً عن ذلك، يمكن للخدر العاطفي أيضاً أن يصعِّب الشعور بالعواطف أو  إظهارها.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع شريك الحياة الشكاك؟

2. تجنب تصعيد الموقف

من الطبيعي أن تشعر بالإحباط عندما لا يتواصل شريكك معك، ولكن الرد بالغضب أو الانسحاب قد يؤدي إلى تفاقم الوضع. في الواقع، عليك أن تتجنب ما يلي:

  • التجهّم والتزام الصمت نوعاً من المعاملة بالمثل، فهذا لا يؤدي إلا إلى خلق المزيد من المسافة العاطفية.
  • الضغط عليه للتحدث وطرح الكثير من الأسئلة، فهذا يضعه في موقف دفاعي ويزيد تحفّظه.
  • تكوين افتراضات والتوصل إلى استنتاجات حول سبب انزعاجه.
  • التقليل من مشاعره عبر قول "ما مِن مشكلة كبيرة"، أو "لا يستحق الأمر الانزعاج" أو غير ذلك. بدلاً مما سبق، حافظ على هدوئك وراعِ النصائح التالية.

اقرأ أيضاً: 3 علامات تشير إلى أن شريك حياتك لا يحترمك

3. أنشِئ بيئة آمنة ومريحة للتحدث

يمكنك العمل هنا بنصيحة الخبير الاجتماعي والتربوي، جاسم المطوع، الذي يقول إن الحوار بين الزوجين يحتاج إلى مبادرة. وسواء بادر الزوج أو الزوجة، فلا بُد أن يطرح أحد الطرفين موضوعاً محبباً للطرف الآخر كي يستجيب له، وذلك على الأقل في مقدمة الحوار، ثم سيسير الحوار بسلاسة بعد ذلك.

وهذا قد يكون مفيداً جداً في حالة الشريك الذي يُخفي سبب انزعاجه؛ إذ قد يكون البدء بمناقشة جادة مرهقاً له، لذا، حاول التخفيف من حدة الأمر من خلال البدء بمناقشة موضوع يستمتع به؛ مثل اهتمام مشترك أو برنامج مفضل أو هواية، ما قد يخفِّض دفاعاته.

ثم بمجرد أن يبدأ في الحديث، ابدأ بطرح موضوع ذي صلة بالعواطف بطريقة غير مباشرة. على سبيل المثال، يمكنك مشاركة شيء شخصي عن يومك أو مشاعرك، لتظهر الانفتاح. ثم حاوِل أن توجِّه أسئلة مفتوحة له مثل "كيف كان يومك؟"، أو "يبدو أنك لست على ما يرام، هل ترغب في التحدث عن ذلك؟".

إذا استمر في المقاومة، طمأنه بأنك ستكون موجوداً للاستماع إليه حين يصبح مستعداً، وتجنب الضغط عليه أو طرح أسئلة ذات طابع استجوابي أو اتهامي مثل "لماذا لا تخبرني بما تعانيه؟" أو "ما الخطب بك اليوم؟".

4. تعاطف معه وامنحه الوقت اللازم للتعبير عن نفسه

تعني ممارسة التعاطف رؤية الموضوع خارج منظورك، والمصادقة على صحة مشاعر شريك حياتك، وخلق مساحة آمنة للحوار المثمر. كيف ذلك؟ حسناً، عندما يشعر الناس بالانزعاج، فقد يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم بوضوح، وقد يحتاج بعضهم إلى قليل من الوقت للتفكير قبل أن يتمكنوا من التعبير عما يزعجهم؛ من ثُم فإن تشجيع شريكك على نيل هذا الوقت بدلاً من الضغط عليه للحصول على استجابة فورية، يمكن أن يمنع الانغلاق العاطفي.

أما وعندما يشاركك بما يزعجه، فإن دورك هو الاستماع باهتمام وتقديم الدعم بطريقة تلبي احتياجاته العاطفية. يتضمن الاستماع الفعال الحفاظ على التواصل البصري والإيماء بالرأس وطرح أسئلة توضيحية لضمان فهمك الكامل لمنظوره.

وعليك أن تتعلم إدارة مشاعرك في أثناء هذه المواقف، فإذا ما تجاهلت مخاوف شريكك أو قللت من قيمتها، فقد يشعر بعدم أهميتها ويتردد في الانفتاح مستقبلاً. لذلك، توقف لحظة قبل الرد إذا ما أفصح عن أمر مزعج أو تافه (من وجهة نظرك)، واسأل نفسك، هل يساعد رد فعلي في إنجاح المحادثة أم ينهيها؟ وركِّز على ما يقوله دون التخطيط لاستجابتك، وحاوِل فهم مشاعره بدلاً من مجرد التركيز على الحقائق.

وعوضاً عن التسرع في تقديم الحلول، اعترف بمشاعره وأكد له أنك تدعمه. يمكن أن تساعده عبارة بسيطة مثل "أنا هنا من أجلك أنما أردت التحدث أكثر" على الشعور بالأمان والتفهم. وإذا ما شعرت بالانزعاج، فخُذ أنفاساً عميقة، واخفض صوتك، وذكّر نفسك بأن مشاعر شريكك حقيقية وموجودة، حتى لو كنت ترى المواضيع من منظور مختلف.

عندما تستجيب بالصبر والتفهم، سيشعر شريكك بأمان أكبر عند مشاركة أفكاره وعواطفه. وتذكر أنه يمكنك تقديم الدعم غير اللفظي حينما يعكف عن الحديث؛ إذ يمكن للمسة مطمئِنة، أو عناق، أو حتى مجرد الجلوس بالقرب منه في صمت، أن يكون أكثر فعالية من الكلمات. كما يمكن للأفعال الصغيرة اللطيفة، مثل إعداد وجبته المفضلة أو منحه مساحة للاسترخاء، أن تظهر اهتمامك دون الضغط عليه.

اقرأ أيضاً: هل يجب أن تخبر شريك حياتك المحتمل باضطرابك النفسي؟

5. قدّر محاولته

عندما يفتح شريكك قلبه، حتى لو كان لفترة وجيزة، أو حتى لو قال قولاً مقتضباً، فعليك أن تعترف بجهده وتقدّره؛ فالاحتفاء بالتقدِّم بدلاً من توقُّع الكمال منه يشجعه على الاستمرار في المشاركة. لذا لا بأس من أن تقول "شكراً على مشاركة مشاعرك" أو "أنا أقدّر فعلاً انفتاحك". وهذا التشجيع ليس استعلائياً أو مبالغاً فيه، بل قد يكون حافزاً قوياً  يشجعه على الاستمرار على هذا المنوال أو زيادة الانفتاح مستقبلاً.

6. كُن قدوة

إذا كان شريكك يواجه صعوبة مستمرة في التعبير عن مشاعره، فإن مساعدته على بناء المهارات العاطفية أمر بالغ الأهمية. ويمكنك أن تلجأ هنا إلى القيادة بالقدوة؛ أي أن تشارك مشاعرك وأفكارك بصراحة حتى يرى أن الضعف وإظهاره أمران طبيعيان. أو أن تقترح عليه كتابة اليوميات؛ إذ يجد بعض الأشخاص سهولة في كتابة أفكارهم بدلاً من قولها، وأنا منهم مثلاً.

اقرأ أيضاً: 3 طرق للتعامل مع الشريك الذي يقاوم التغيير

ختاماً، وعلى الرغم من أن الانسحاب العاطفي العرَضي أمر طبيعي، فإن الرفض المستمر للتواصل قد يضر بالعلاقة. فإذا كان شريكك منزوٍ على نفسه باستمرار ولا يريد معالجة المشكلات، ففكر في استشارة متخصص نفسي أو معالج متخصص في العلاقات الزوجية الذي سيزوّدكما بالإرشادات اللازمة لإجراء المحادثات الأكثر إنتاجية. وإذا ما رفض شريكك التواصل بصورة متكررة، فربما عليك إعادة تقييم العلاقة وإن كانت تلبي احتياجاتك العاطفية أم لا.

المحتوى محمي