هل تتفاعل مع أحداث السوشيال ميديا يومياً وتأخذ ما فيها على محمل شخصي؟ تحمّل السوشيال ميديا الكثير من روادها مشاعر سلبية، على غرار الحزن والغضب وحتى القهر والتشاؤم؛ مشاعر لا يكونون جاهزين للتعامل معها، ولا يريدون ذلك في المرتبة الأولى!
وفقاً لمسح أجرته الجمعية الأميركية للطب النفسي في عام 2019؛ يرى ثلث البالغين الأميركيين أن وسائل التواصل الاجتماعي ضارة بصحتهم العقلية والنفسية؛ حيث أظهر هذا المسح أن 5% من المشاركين في البحث ينظرون إلى السوشيال ميديا على أنها مفيدة لصحتهم العقلية، وقال 45% آخرون أن لها آثاراً إيجابية وسلبية.
يعتقد ثلثا المشاركين في البحث ذاته أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مرتبط بالعزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة، وهناك بعض الأبحاث التي تربط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بالاكتئاب.
أيضاً يربط بعض المستخدمين ما ينشرونه على وسائل التواصل الاجتماعي بالحسد والغيرة؛ حيث تمد وسائل التواصل الاجتماعي المستخدمين بمعلومات وفيرة للمقارنة الاجتماعية مع الأصدقاء والمتابعين؛ والتي تنقل بشكل أساسي صوراً ذاتية إيجابية؛ وبالتالي توفر وسائل التواصل الاجتماعي أرضاً خصبة للحسد.
بصفتي طبيبة نفسية؛ يلجأ إليّ الكثير من الباحثين عن استشارات بنفس الشكوى، وهي التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي على حياتهم. لدي بعض الاقتراحات التي يمكنها تقليل ضرر وسائل التواصل الاجتماعي بالصحة النفسية والعقلية:
1) حدد متى وأين تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي
يؤثر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي سلباً على التواصل الشخصي، فقد تقلل وسائل التواصل الاجتماعي من التواصل مع الآخرين في الواقع، ظناً منك أن التواصل على الإنترنت كافٍ - وهذا غير حقيقي. ستتمكن من التواصل بشكل أفضل مع الأشخاص في حياتك إذا كانت لديك أوقات معينة كل يوم تكون فيها إشعارات الوسائط الاجتماعية متوقفة عن العمل - أو إذا كان هاتفك في وضع الطيران أو مفصولاً عن الإنترنت.
2) الالتزام بعدم التحقق من وسائل التواصل الاجتماعي في أثناء تناول الطعام مع العائلة والأصدقاء، وعند اللعب مع الأطفال أو التحدث مع الشريك
أنصح دائماً بوضع قواعد لمائدة الطعام لتحقيق أفضل تواصل مع الشريك أو العائلة والأصدقاء، وأهم هذه القواعد هي أن تكون المائدة وكل من يجلس عليها دون أجهزة إلكترونية متصلة بالإنترنت.
3) تأكد من أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تتداخل مع العمل
خصص وقتاً محدداً لإنجاز المهام والتواصل مع زملاء العمل، يسمح لك ذلك من إنجاز عملك في الوقت المحدد ويعزز من علاقاتك مع الزملاء.
4) لا تحتفظ بهاتفك أو جهاز الكمبيوتر في غرفة النوم
هذا يعطل نومك ويجعلك تقضي الكثير من الساعات في التصفح بدون فائدة، كما أنه يجعلك مرهقاً في صباح اليوم التالي لأن جودة نومك قد تأثرت وعدد الساعات التي نمتها أصبح أقل بسبب التصفح لساعات طويلة.
5) قد تحتاج في بعض الأحيان لعمل "ديتوكس" أي التخلص من سموم وسائل التواصل الاجتماعي
أفعل ذلك كثيراً بشكل شخصي على فترات متباعدة، وخاصةً قبل الاختبارات، فأنا لا أريد قضاء الكثير من الوقت بلا فائدة، وأحتاج لكل طاقتي ومشاعري للتركيز. قد تكون جدولة فترات راحة منتظمة متعددة الأيام من وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة لك أيضاً.
أظهرت العديد من الدراسات أن الاستراحة لمدة خمسة أيام أو أسبوع من وسائل التواصل الاجتماعي -وتحديداً فيسبوك- تؤدي إلى تقليل التوتر وزيادة الرضا عن الحياة.
6) انتبه لمشاعرك في أثناء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
جرب استخدام منصاتك المفضلة على الإنترنت في أوقات مختلفة من اليوم ولفترات زمنية متفاوتة، وفكر فيما شعرت وحاول تدوينه في أثناء كل جلسة وبعدها. قد تكتشف أن قضاء الساعات ليلاً على "فيسبوك" أو "إنستغرام" بشكل روتيني يجعلك مستنزَفاً، في حين أن استخدامه نهاراً لفترة أقصر لا يجعلك تشعر بالاستنزاف والإرهاق.
8) توقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كأول شيء في يومك
سل نفسك في كل صباح، هل أنت مستعد للتعامل مع المحتوى المجهول الذي ستشاهده؟ ربما يؤثر ما تشاهده في الصباح على إنتاجيتك طوال اليوم، فتشعر بأنك غارق في الأعمال التي لم تنته بسبب المشاعر التي حملتها من تفاعلك في الصباح مع السوشيال ميديا.
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مرآة لحياتنا وامتداداً خارجياً للأعضاء الموجودة داخل أجسامنا، فإذا ذكرت أنك لا تمتلك حسابات لمواقع التواصل الاجتماعي؛ قد يعكس ذلك عنك فكرة أنك لا تواكب ما يحدث حولك؛ لكن في الحقيقة يوجد اتجاه سائد نحو إلغاء حسابات التواصل الاجتماعي يقوده بعض المشاهير على غرار إيلون ماسك وجيم كاري الذين حذفوا حسابات الفيسبوك خاصتهم.
هل تواجه مشكلة في حياتك بسبب وسائل التواصل الاجتماعي؟ اترك تعليقك وشاركنا مشكلتك.