سمة شخصية يفتقدها كثيرون في العمل وتجعلك في المقدمة

9 دقائق
الضمير الحي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

يتسم العالم المهني الحالي بتسارع الخطى، والتطور المستمر دون توقف. وفي صخب الحياة المهنية وضغوطها المختلفة، قد تظن أن إنجاز المهام اليومية هو الغاية الوحيدة، ولكن الحقيقة أن ثمة سمة شخصية مهمة في بيئة العمل، وهي الضمير الحي الذي يضفي المعنى والقيمة على أدائك، إنه يشبه ذلك الصوت الداخلي الذي يهمس لك قائلاً "أحسن أداءك في العمل ليس خوفاً من الرقابة، لكن رغبة في الإتقان"، ويمكن القول إن الضمير الحي يظهر في تفاصيل عملك، ويصنع الفارق لأنه يحولك من موظف عادي إلى موظف استثنائي مهم للشركة التي تعمل بها، فهل تمتلك ذلك الضمير اللازم لنجاحك؟ وكيف تتمكن من تطويره؟ الإجابة عبر هذا المقال.

ما هو الضمير الحي؟ 

هو سمة شخصية تدفع الأشخاص الذين يتسمون بها للدقة والتنظيم والانضباط الذاتي والمسؤولية، فالأفراد أصحاب الضمير الحي يتميزون بالتزامهم العميق بتحقيق الأهداف ومواجهة التحديات بثقة، ويمكن القول إن الضمير الحي عنصر أساسي في سمات الشخصية الخمس الكبرى، وهو نموذج يعرف باسم نموذج العوامل الخمسة ويعد إطاراً مشهوراً على نطاق واسع لفهم سمات الشخصية المختلفة وتصنيفها. وإلى جانب الضمير الحي، يشمل هذا النموذج ما يلي:

  1. الانفتاح على التجارب المختلفة والاستعداد لاستكشاف آفاق جديدة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تعزيز الإبداع والابتكار، والرغبة الدائمة في تعلم مهارات جديدة.
  2. اللطف؛ وهو سمة شخصية ترتكز على التعامل مع الآخرين بسلاسة وثقة ومودة، وعادة ما يكون الأشخاص الذين يتمتعون بمستوى عال من اللطف أكثر تعاوناً، بينما يميل من يتمتعون بمستوى منخفض من هذه السمة إلى أن يكونوا أكثر تنافسية، بل وأحياناً أكثر تلاعباً.
  3. العصابية أو الاستقرار العاطفي؛ تقيم هذه السمة مرونة الفرد العاطفية، وقدرته على التعامل مع التوتر، وميله للمشاعر السلبية، حيث يرتبط ارتفاع مستوى العصابية بالقلق وتقلبات المزاج والتقلب العاطفي، بينما يدل انخفاض مستوى العصابية على الاستقرار العاطفي ورباطة الجأش في مواجهة الصعوبات المهنية ومشاكل العمل.
  4. الانبساطية أو الانفتاح في التعامل مع زملاء العمل، وتعكس هذه السمة مدى اجتماعية الشخص وحزمه. وغالباً ما يتميز المنفتحون بكثرة حديثهم وطاقتهم الإيجابية وحماسهم في التفاعلات الاجتماعية.

اقرأ أيضاً: ما هو العبء الذهني المهني ولم يعانيه المدراء التنفيذيون

10 علامات تؤكد امتلاكك ضميراً حياً في العمل

أكدت دراسة بحثية أجرتها جامعة مينيسوتا الأميركية أن الضمير الحي هو السمة الشخصية التي تنبئ بأفضل نجاح على أصعدة الحياة جميعها، بما يشمل الحياة المهنية. وتشرح مؤلفة الدراسة، وأستاذة علم النفس الصناعي والتنظيمي في جامعة مينيسوتا، دينيز أونيس، أن سمة الضمير تتجاوز مجرد التنظيم والترتيب، إذ إنها تعكس الميول التحفيزية لوضع الأهداف والعمل على تحقيقها بطريقة متسقة وموثوقة. وهذه أهم العلامات التي تخبرك أنك صاحب ضمير حي بالعمل:

  1. الحفاظ على المكتب نظيفاً ومرتباً.
  2. الموثوقية.
  3. الوصول دائماً إلى الفعاليات واجتماعات العمل في الوقت المحدد.
  4. الانضباط الذاتي.
  5. التمسك بالمبادئ المهنية والأخلاقية.
  6. المثابرة والتطلع الدائم إلى الأمام.
  7. التركيز على تحقيق الأهداف.
  8. الدقة والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة.
  9. التخطيط المسبق والحفاظ على الجدول الزمني.
  10. إنجاز المهام في الموعد المحدد.

لماذا يعد الضمير الحي مهماً في بيئة العمل؟

عادة ما يبحث أصحاب العمل عن سمة الضمير الحي، وفي بعض الأحيان تكون هذه السمة أهم من الخبرة العملية، وذلك لأن الموظفين الذين يتمتعون بهذه السمة يمتلكون وعياً ذاتياً بمهامهم، ولديهم مهارات إدارة وقت فعالة، وموثوق بهم للغاية؛ ومن ثم، فإن القادة يثقون بهم لإنجاز المهام الصعبة، والتغلب على التحديات اليومية، وإلى جانب ذلك، فإن امتلاك هذه السمة يعزز الإنتاجية. ولأن أصحاب الضمير الحي يتميزون بالدقة؛ فإن ذلك الأمر يقلل الأخطاء ويحسن الجودة، وهنا تنشأ ثقافة التميز، حيث يمكن لأعضاء الفريق الاعتماد على عمل بعضهم بعضاً والثقة في دقة النتائج.

كما يحافظ الموظفون أصحاب الضمير على مساحات عمل وجداول زمنية منظمة، ما يضمن إدارة المهام بصورة فعالة، وإنجازها في الوقت المحدد؛ حيث يساعد أسلوبهم المنظم على سير العمل بسلاسة، والحد من الفوضى، وتقليل اضطرابات مكان العمل ومشاكله، ما يمكن المدراء والموظفين من العمل في بيئة مهنية خالية من التوتر.

ويتميز الموظفون أصحاب الضمير بالذكاء العاطفي، ولهذا فإنهم قادرون على بناء علاقات إيجابية في مكان العمل بسبب تمكنهم من فهم المشاعر وإدارتها؛ ما يعزز التواصل والتعاطف والتعاون بين الموظفين والمدراء، علاوة على ذلك، يساعد الذكاء العاطفي على خلق ثقافة عمل داعمة وتعاونية، ما يعزز الرضا الوظيفي ويقلل دوران الموظفين.

اقرأ أيضاً: ما هي نظرية الخمس سمات الكبرى للشخصية وكيف تطبقها؟

6 استراتيجيات تساعدك على تعزيز سمة الضمير الحي في عملك

يعد الضمير الحي صفة فطرية جزئياً، وعلى الرغم من ذلك يمكنك تعلمه أو تطويره؛ وذلك من خلال اتباع الاستراتيجيات والخطوات العملية التالية:

1. رتب أولوياتك 

يعد تحديد الأولويات الخطوة الأولى من أجل تحسين ضميرك الحي. على سبيل المثال، حدد مهام العمل العاجلة، ثم خصص وقتاً لكل مهمة، وتعامل معها وفقاً لأولويتها، بعد ذلك، حدد المشاريع التي يجب إنجازها مع الآخرين وضع خطة، قسم المهام الرئيسية إلى خطوات أصغر. وتأكد أن التخطيط الجيد وتتبع مهامك وأهدافك، سيساعدك على تحسين جودة عملك وتقليل الأخطاء.

2. قلل مصادر التشتت 

تستند سمة الضمير الحي إلى التركيز من أجل الدقة في أداء المهام وتعزيز الإنتاجية، ولذلك من أجل تحسين ضميرك المهني قلل مصادر التشتت. على سبيل المثال، جرب تعطيل إشعارات منصات التواصل الاجتماعي، واحرص على إبقاء هاتفك الذكي بعيداً عن متناول يدك حتى لا تتفقده كثيراً، ومن ثم، يمكنك إنجاز المزيد من العمل في وقت أقل، وستزداد احتمالية التزامك بالمواعيد النهائية.

اقرأ أيضاً: كيف تتغلب على التشتت وتستعيد تركيزك لتسعد في حياتك؟

3. كن مثابراً في مواجهة التحديات

حين تواجه مشكلة في العمل خلال أداء إحدى المهام، أو تحدياً صعباً جراء إنجاز مشروع ما فلا تستسلم، حاول أن تجد حلاً، وإذا لم تتمكن من إيجاد حل، جرب منظوراً جديداً، أو اطلب المساعدة من خلال طرح الأسئلة التوضيحية، وتأكد من استخدام مهارات الإنصات العميق للتوضيح.

4. أنشئ جدولاً أسبوعياً

خصص وقتاً من أجل التخطيط لأسبوع عملك، سجل الأحداث المجدولة في مفكرتك، ودون المهام التي ترغب في إنجازها كل يوم، وعلى الجانب الآخر، حاول أن تستعد مسبقاً. على سبيل المثال، فكر في مهام يومك التالي بالعمل قبل النوم، وينصح المختص النفسي، محمد علي الأسطى، بضرورة الابتعاد عن الجداول المزدحمة حتى لا تكون ضحية للفوضى، ولا تقفز بين المهام حتى لا تستنزف طاقتك، وتذكر أن الإنجاز لا يعني أن تعمل أكثر، بل يعني أن تعمل بذكاء وهدوء ووعي.

5. توقف عن المماطلة والتسويف

غالباً ما يضر التسويف بعملية تطوير الضمير الحي، لكن تذكر أن التسويف ليس مجرد كسل في العمل، بل يمكن أن يكون استجابة للقلق والسعي للكمال، فبعض الأشخاص قد يماطلون لأنهم يخشون الفشل. وحتى تتوقف عن التسويف، قسم مهامك إلى خطوات صغيرة، واطلب من صديق موثوق أن يتابع أداءك، ثم احتفل بإنجازاتك الصغيرة من أجل تدريب دماغك على الربط بين الضمير والمكافأة.

6. احرص على التحلي بالصبر مع نفسك 

تتطلب عملية تحسين سمة الضمير الحي بعض الوقت، وقد يكون صقلها صعباً من دون ممارسة منتظمة، لذلك فإنك ستحتاج إلى الصبر، وعندما ترتكب أخطاء أو تتصرف باندفاع، اقض وقتاً من أجل التفكير فيما حدث، وبدلاً من أن تصبح ناقداً، كن فضولياً، واسأل نفسك لماذا تصرفت بهذه الطريقة، وكيف تغير استجابتك لتصبح بصورة مختلفة في المرة القادمة. ومع مرور الوقت، وباستمرار الممارسة ستزيد فرص نجاحك.

المحتوى محمي