طرحت دراسة نفسية دولية منشورة في مجلة علم النفس التجريبي في يوليو/تموز 2025 سؤالاً مثيراً للاهتمام؛ ألا وهو: ما معنى أن تكون شخصاً رائعاً؟ وللحصول على إجابة، استطلع فريق البحث آراء 6,000 شخص تقريباً، من 12 دولة حول العالم، منها الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا ونيجيريا والهند وإسبانيا وتركيا وكوريا الجنوبية والمكسيك.
محتويات المقال
وخلصت النتائج إلى أن الروعة لا تقتصر على المظهر العصري أو الشهرة؛ إذ يرى الناس أن الأشخاص الرائعين المثيرين للإعجاب يتمتعون بـ 6 سمات تظل ثابتة في البلدان جميعها. فما هي هذه السمات الشخصية؟ وكيف يمكنك الاستفادة من هذه النتائج إن أردت أن تبدو أكثر روعة؟ إليك التفاصيل.
اقرأ أيضاً: 10 مفاتيح تساعدك على اكتساب الحضور القوي أمام الآخرين
إذا كنت رائعاً هنا، فأنت رائع في كل مكان! سمات الروعة تتحدى الحدود الجغرافية
الشخص الرائع أو "الكول" أو المثير للإعجاب، وفقاً للنتائج، هو شخص يتمتع بالسمات التالية:
- الانبساطية: يستمتع بالحضور مع الناس ويشعر بالراحة في المواقف الاجتماعية.
- حب المتعة أو التلذذ: يسعى إلى المتعة والتسلية والاستمتاع بالحياة، ويركز على الشعور بالسعادة والاستفادة القصوى من اللحظة.
- القوة: يتمتع بالنفوذ أو بشخصية قوية (كاريزما) تجذب الانتباه.
- روح المغامرة أو المجازفة: يحب تجربة كل ما هو جديد واستكشاف المجهول، ولا يخشى المخاطرة أو كسر الروتين.
- الانفتاح على الآخرين: فضولي ويهتم بالأفكار والثقافات والتجارب الجديدة، كما يرحب بالتغيير ووجهات النظر المختلفة ويتقبلها.
- الاستقلالية: يحكم نفسه بنفسه، أي يتخذ قراراته ويسلك طريقه الخاص دون الاعتماد على الآخرين ليقرروا ما يناسبه.
اللافت للنظر هو مدى اتساق معنى كلمة رائع حول العالم. فسواءً كان المشاركون من ثقافات فردية أم جماعية، من دول غنية أم نامية، متعلمين أم لا، فقد قيموا جميعاً الأشخاص الرائعين على نحو متشابه. يشير هذا إلى أن مفهوم "الروعة" أصبح مفهوماً اجتماعياً مستقراً عالمياً، ما يعكس ربما تأثير وسائل الإعلام العالمية والتقارب الثقافي العالمي.
اقرأ أيضاً: كيف تزيد جاذبية شخصيتك وهيبتها؟
كيف توصل الباحثون إلى هذه النتائج؟
طلبوا من المشاركين أن يفكروا في شخص يعرفونه شخصياً ويعتبرونه رائعاً أو ليس رائعاً، أو طيباً أو ليس طيباً، ثم طلب الباحثون منهم تقييم شخصية ذلك الفرد باستخدام أداتين نفسيتين معروفتين، هما: استبيان القيم الشخصية؛ وهي أداة تقييم نفسي تستخدم لفهم الاختلافات الفردية في القيم، ومقياس السمات الخمس الكبرى للشخصية.
ثم قارن الباحثون مدى ظهور كل سمة في الأشخاص الرائعين مقارنة بالأشخاص غير الرائعين، وفي الناس الطيبين مقارنة بالناس غير الطيبين. وقد كرروا العملية في الدول جميعها، وتحققوا مما إن كانت النتائج تتغير باختلاف العمر أو الجنس أو التعليم أو مستوى التنمية الوطنية؛ لكن النتائج لم تتغير، وظلت ثابتة.
الجدير بالذكر أن البحث قد أظهر أن الأشخاص الرائعين والطيبين ليسوا الشيء نفسه، على الرغم من وجود بعض السمات المتداخلة بينهما. بكلمات أخرى، امتلكت كلتا المجموعتين صفات إيجابية، لكنها لم تكن متشابهة. على سبيل المثال، قد يكون الشخص الودود والموثوق به "طيباً" ولكنه ليس بالضرورة "رائعاً" أو مثيراً للإعجاب. من ناحية أخرى، قد لا يبدو الشخص القوي والمرح والمتمرد قليلاً "طيباً" بالمعنى التقليدي، ولكن غالباً ما ينظر إليه على أنه رائع.
اقرأ أيضاً: اتبع هذه النصائح الثلاث في أثناء حديثك لتنال اهتمام من حولك
هل تريد أن تكون أكثر إثارة للإعجاب؟ إليك بعض النصائح
لا تتعلق روعتك بالمال أو الشهرة أو المظهر، بل بكيفية عيشك لحياتك. فصفات مثل الفضول والشجاعة والثقة والأصالة أهم من المكانة الاجتماعية. فإذا كنت منفتحاً على التجارب الجديدة، ومستعداً للمجازفة وصادقاً مع نفسك، فمن المرجح أنك تمتلك بالفعل ما يلزم لتكون رائعاً أينما كنت على هذه الأرض.
ومع ذلك، عليك أن تعلم أن المبالغة في محاولة الظهور بمظهر الرائع، أو السعي الحثيث في محاولة الظهور بشخصية غير حقيقية قد يضر أكثر مما ينفع؛ إذ قد يؤدي ذلك إلى فقدانك مكانتك في أعين الآخرين، وشعورك بالقلق والانفصال عن ذاتك الحقيقية.
وهنا ينصح المعالج النفسي أسامة الجامع بألا تطارد اهتمام الآخرين، بل أن تسعى نحو بناء نفسك، فذلك سيلفت الآخرين إليك تلقائياً على الرغم من أنك لست بحاجة إلى انتباههم. عموماً، إليك بعض النصائح التي ستساعدك على أن تكون أكثر روعة بناء على نتائج الدراسة:
- كن أصيلاً: ابدأ ببناء وعي ذاتي من خلال اليقظة والتأمل، وحدد الأفعال التي تتوافق مع قيمك الحقيقية، واتخذ خطوات صغيرة نحو تطبيقها. توقف وتأمل قبل اتخاذ القرارات المهمة للتأكد من أنها تتطابق مع ذاتك الحقيقية. وإذا ما اضطررت لإخفاء هويتك حفاظاً على سلامتك أحياناً في بعض المواقف الاجتماعية، فلا تشعر بالذنب؛ بل اعمل بدلاً من ذلك على بناء حياة يمكنك فيها أن تكون صادقاً وحراً وعلى طبيعتك بالكامل.
- كن مغامراً: قل نعم للتجارب الجديدة، حتى لو كانت صغيرة، مثل تجربة طعام مختلف، أو هواية مختلفة، أو مكان مختلف.
- تقبل مبدأ اللذة بوعي: استمتع بملذات الحياة، فالضحك والموسيقى والطعام والمرح ليست أموراً تافهة، بل هي ضرورية للرفاهية. لكن الاستمتاع بملذات الحياة الآنية ينبغي أن يكون بوعي واعتدال، وليس بطريقة تضر بصحتك أو علاقاتك أو مستقبلك. كما من المهم أن تختار الملذات التي تعزز سعادتك على المدى الطويل أيضاً، مثل قضاء الوقت مع الأشخاص الذين تحبهم، أو الاسترخاء في الطبيعة، أو ممارسة عمل إبداعي.
اقرأ أيضاً: كيف تضر المتعة الفورية بصحتك النفسية؟ وما سبيل تجنبها؟
- ابن الثقة الاجتماعية: لا يعني هذا بالضرورة أن تكون محط أنظار الجميع؛ بل يعني ببساطة أن تكون منفتحاً على التواصل مع الآخرين بطرائق بسيطة وصادقة، مثل بدء محادثة أو الابتسام أو إبداء الاهتمام بقصة أحدهم. يتعلق الأمر بتنمية المهارات العقلية اللازمة للنجاح في المواقف الاجتماعية، وبناء علاقات ذات مغزى، وعيش حياة أكثر إشباعاً.
- حافظ على انفتاحك: كن فضولياً تجاه العالم والناس والأفكار ووجهات النظر، وتعلم تقبل الاختلاف ولا تسارع لإطلاق الأحكام.
- عبر عن استقلاليتك: اتخذ قراراتك بناءً على قيمك، بدلاً من اتباع التوجيهات أو السلطة بطريقة عمياء.
- ثق بقدراتك: اعرف نقاط قوتك، وثق بنفسك، وعبر عن نفسك بوضوح واحترام، ولا تخف من إظهار ضعفك. وأيضاً، لا تحاول السيطرة على الآخرين، فليس ضرورياً أن تكون متسلطاً لتكون جذاباً ومؤثراً. فالكاريزما تكمن في التأثير بالآخرين بطريقة إيجابية، وليس في تخويفهم أو التسلط عليهم.