ما سبب شعورك أنك شخص سيئ أحياناً؟ وكيف يمكنك التغلب عليه؟

5 دقيقة
الشخص السيئ
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: من وقت إلى آخر، أسأل نفسي: "هل أنا أم جيدة؟"، ومن هذا السؤال تنبثق أسئلة أخرى لأصل في النهاية إلى التساؤل: "هل أنا شخص سيئ؟". الحقيقة أن هذا الشعور تمكَّن مني سنوات طويلة، فما سببه؟ وكيف يمكن التعافي منه؟ الإجابة في هذا المقال.

هل أنا شخص سيئ؟ سؤال يطرحه معظم الأشخاص على أنفسهم من وقت إلى آخر، والحقيقة أن هذا ليس مجرد سؤال؛ إنه شعور يخيم فوق رأسك مثل غمامة داكنة تلقي بظلالها على قيمتك الذاتية، وهذا السؤال التأملي يُعد بوابة لفهم العوامل النفسية والعاطفية التي تؤثر في نظرتك إلى نفسك، فإذا شعرت في يوم من الأيام أنك شخص سيئ، فأنت لست وحدك، وهناك عدة عوامل يمكن أن تؤثر في كيفية رؤيتك لما هو سيئ وما هو ليس سيئاً، فما سبب هذا الشعور؟ وكيف يمكن التعافي منه؟ الإجابة يقدمها هذا المقال.

ماذا يُقصد بالشخص السيئ؟

لا يوجد تعريف موحد وبسيط لما يعنيه أن تكون "شخصاً سيئاً"؛ لكن يمكن القول إنه الشخص الذي ينخرط في سلوكيات ضارة أو مدمرة. وقد يعرّف آخرون الشخص السيئ بأنه فرد لا يهتم بالآخرين، بغض النظر عن نوع الأفعال التي ينخرط فيها. والحقيقة أن تعريف الشخص السيئ هو أمر شخصي للغاية ويعتمد غالباً على عدة عوامل؛ مثل قيمك وثقافتك المجتمعية ومعتقداتك وخلفيتك.

وفكرة تصنيف نفسك على أنك "سيئ" غالباً ما تكون نابعة من نظام القيم الخاص بك، وتنشأ هذه القيم من المعتقدات التي كوّنتها من خلال تربيتك وخبراتك؛ لكنها تتأثر أيضاً تأثراً كبيراً بالثقافة، وبعبارة أخرى: يمكن أن تختلف التوقعات لما يعنيه أن تكون "جيداً" اعتماداً على المجتمع الذي تعيش فيه.

اقرأ أيضاً: هل تنتقد نفسك باستمرار؟ إليك خطوات بسيطة للتخلص من هذه العادة المرضية

5 علامات تدل على الشخص السيئ

يشرح أستاذ علم النفس، موري جوزيف (Maury Joseph)، إن مفهومَي "السيئ" و"الجيد" ذاتيان للغاية؛ ما يعني أن كل شخص لديه خلفية توفر سياقاً مهماً لسلوكياته، وإن ما يمكن اعتباره سلوكاً سيئاً بالنسبة إلى شخص ما قد يبدو أكثر منطقية بالنسبة إلى شخص من خلفية مختلفة. ومع ذلك، هناك بعض العلامات التي قد تخبرك إنك شخص سيئ:

  1. عدم التفكير في عواقب أفعالك.
  2. السلوكيات المتمحورة حول الذات.
  3. عدم الشعور بالندم عند إيذاء مشاعر الآخرين.
  4. الشعور بالاستحقاق الزائد.
  5. التلاعب والاستغلال وخيانة الأمانة.

لماذا قد تشعر في بعض الأحيان أنك شخص سيئ؟

تخيل أنك لا تملك أياً من العلامات السابق ذكرها؛ ما يعني أنك تفكر جيداً في عواقب أفعالك، ولا تؤذي الآخرين، ولا تتلاعب بهم. تُرى في هذه الحالة، لماذا قد تشعر أنك شخص سيئ؟ الحقيقة أن هذا الأمر نابع من عدة أسباب مثل:

1. تجارب الطفولة الصعبة

يؤدي الوالدان دوراً مهماً في تشكيل التصور الذاتي والإحساس العام بالقيمة للأبناء، فعندما يُظهران سلوكيات سلبية تجاههم مثل الإهمال أو الانتقاد أو سوء المعاملة، قد تكون لذلك آثار طويلة المدى في الصحة النفسية والعاطفية. ولذلك؛ إذا نشأتَ في بيئة مليئة بالتحديات والتجارب الصعبة، فربما تكون قد طورت معتقدات سلبية عن نفسك أسهمت في شعورك أنك شخص سيئ، فالأطفال مثل الإسفنج؛ يمتصون سلوكيات الوالدين ويتطلعون إلى الحب والرعاية، وعندما لا يحصلون على هذه الاحتياجات، قد يعتقون أنهم سيئون أو لا يستحقون الحب؛ ويمكن أن يؤدي هذا التكييف السلبي إلى الشعور بالذنب والعار والشك في الذات الذي يستمر حتى مرحلة البلوغ.

ويشرح المختص النفسي، أسامة الجامع، إن هناك فرقاً بين العائلة التي تخبر طفلها إنه ارتكب سلوكاً سيئاً، وبين الأسرة التي تربي طفلها ليقول عن نفسه: "أنا سيئ"، فالأولى تبحث عن الوعي ومحاولة تجنب الخطأ؛ أما الأسرة الثانية فتبحث عن الخطأ من أجل العقاب واللوم.

2. التصور الذاتي السلبي والنقد الذاتي

هل تنتقد نفسك باستمرار وتنظر إلى نفسك على أنك شخص سيئ؟ إذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني أنك تملك تصوراً سلبياً للذات؛ ويمكن أن يكون هذا نتيجة عوامل مختلفة مثل:

  • متلازمة المحتال: هي ظاهرة يشك من خلالها الأفراد في قدراتهم وإنجازاتهم، خوفاً من أن يُكشَفوا بصفتهم محتالين. ويمكن أن يؤدي هذا الشك المستمر في نفسك إلى تصور سلبي لذاتك؛ حيث تعتقد أنك لست مؤهلاً أو مستحقاً كما يتصورك الآخرون، وهذا الخوف من أن تُكتشَف بوصفك محتالاً يمكن أن يدفعك إلى انتقاد نفسك بقسوة، والاعتقاد أنك شخص سيئ.
  • ضغط الكمالية: عندما تضع لنفسك معايير عالية مستحيلة وتشعر بالحاجة إلى تحقيقها بأي ثمن، قد يَسهل الوقوع في نمط من النقد الذاتي؛ حيث يمكن تضخيم أي فشل أو خطأ؛ ما يؤدي إلى الشعور بالنقص والنظرة السلبية إلى نفسك والإحساس بأنك شخص سيئ.

3. المعايير والمقارنات المجتمعية غير الواقعية

يمكن للمعايير والمقارنات المجتمعية غير الواقعية أن تسهم في شعورك بالنقص والتصور السلبي للذات والإحساس بأنك شخص سيئ وفي عالم اليوم، يؤدي تأثير وسائل الإعلام وضغوط وسائل التواصل الاجتماعي دوراً مهماً في تشكيل هذه المعايير وتأجيج المقارنة. ويمكن القول إن التعرض المستمر إلى الصور وأنماط الحياة المنسقة بعناية على منصات التواصل الاجتماعي يمكن أن يخلق تصوراً غير واقعي لما هو جيد.

فمن خلال التمرير عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، قد تقارن حياتك بحيوات الآخرين، ثم تجد نفسك تشكك في إنجازاتك أو مظهرك أو قيمتك الشخصية بناءً على ما تراه عبر الإنترنت؛ ولهذا فإن الضغط من أجل تلبية هذه المعايير غير الواقعية يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالنقص وحتى كراهية الذات.

4. التفكير في أخطاء الماضي 

يمكن أن يسهم التفكير في أخطاء الماضي والندم عليها في كثير من الأحيان في الشعور أنك شخص سيئ؛ وذلك لأنك تفكر في التجارب والأفعال السلبية التي سبق وفعلتها. في هذه الحالة، من المهم أن تتذكر أن الجميع يرتكبون الأخطاء، ويعد الاعتراف بأخطاء الماضي الخطوة الأولى نحو تحقيق النمو الشخصي وتحسين الذات.

5. الحديث السلبي مع النفس 

تشكل الطريقة التي نتحدث بها إلى أنفسنا داخلياً صورتنا الذاتية على نحو عميق، والحديث السلبي عن النفس الذي يتميز بالنقد الذاتي القاسي والتركيز المستمر على أوجه القصور المتصورة، يمكن أن يؤدي إلى تآكل احترام الذات والإسهام في الشعور أنك شخص سيئ.

6. الإصابة باضطرابات الصحة النفسية

يمكن لتحديات الصحة النفسية؛ مثل الاكتئاب أو القلق أو اضطرابات المزاج الأخرى، أن تؤثر تأثيراً كبيراً في كيفية إدراك الأفراد لأنفسهم. على الجانب الآخر، قد تسهم أنماط التفكير المشوهة والعواطف الشديدة المرتبطة بهذه الأنماط في الشعور المستمر بأنك الشخص السيئ.

اقرأ أيضاً: احترام الذات: أسباب تدنّيه ونصائح لتعزيزه

كيف تتعافى من الشعور بأنك شخص سيئ؟

إذا كنت تعاني الشعور بأنك شخص سيئ، فهناك بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها للحصول على المساعدة وإحداث تغيير في حياتك؛ وذلك مثل:

1. اعترف بمشاعرك

الخطوة الأولى للتعامل مع الشعور بأنك شخص سيئ هي الاعتراف بوجود هذه المشاعر؛ وذلك لأن محاولة تجاهل شعورك بالسوء أو قمعه، ستؤدي إلى زيادة حدة مشاعرك. وبدلاً من ذلك، خذ بعض الوقت للتفكير في مشاعرك وتحديد سبب إحساسك بأنك شخص سيئ.

2. تجنب الحديث الذاتي السلبي 

الجميع يرتكبون الأخطاء؛ لذا كن لطيفاً مع نفسك عندما تشعر بأنك شخص سيئ، ولا تقع في فخ الحديث الذاتي السلبي؛ لأنه يعزز مشاعرك بالخجل وعدم الكفاءة. وبدلاً من ذلك، تحدَّ هذه الأفكار السلبية واستبدل بها حديثاً ذاتياً أكثر تعاطفاً وواقعية.

3. تعلم من أخطائك

الأخطاء جزء من الحياة؛ ولذلك عندما ترتكب خطأً ما، فإن أفضل ما يمكنك فعله هو التعلم منه إلى جانب التعاطف مع الذات والمضي قدماً. تذكَّر أن ارتكاب الأخطاء لا يجعلك شخصاً سيئاً، وأنه ليس سبباً لمعاقبة نفسك، وتقبَّل أنك سترتكب الأخطاء مستقبلاً لكن انظر إليها على أنها فرص للنمو.

4. تخلص من شعورك بالذنب 

إن مسامحة نفسك على الأخطاء خطوة حاسمة ومهمة للغاية في إدارة الشعور بالسوء. هذا لا يعني التغاضي عن أفعالك أو نسيانها؛ لكنه يعني التخلص من الشعور بالذنب وانتقاد الذات الذي يُثقل كاهلك. لا يمكنك تغيير ما حدث؛ لذا من الأفضل التركيز على الحاضر والمضي قدماً نحو المستقبل.

في النهاية، حتى لو كانت لديك لحظات تشعر فيها بالسلبية تجاه نفسك، تجنب تصنيف ذاتك على أنك "شخص سيئ"، وتذكَّر أن الجميع يرتكب الأخطاء، ويمر بأيام سيئة، ولديه أشياء يود تغييرها. لهذا؛ أظهِر لنفسك التعاطف، وذكّر نفسك بأنك حتى لو ارتكبت الأخطاء، فهناك أشياء يمكنك فعلها لإحداث تغيير وتحسين ما تشعر به تجاه نفسك أو الآخرين.

المحتوى محمي