كيف تخلصك رياضة التاي تشي من التوتر والقلق؟

2 دقائق
رياضة التاي تشي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: ترتسم على وجه مريم ابتسامة عريضة بعد أن شعرت بطاقة تسري بين يديها المتباعدتين بأكثر من 10 سنتمترات وكأنهما حجرا مغناطيس يتدافعان. "إنها طاقة تشي، هذا يحدث تلقائياً بمجرد أن تشعر بها"، يقول مدرب التاي تشي. ماذا تعرف عن رياضة التاي تشي؟ وكيف تؤدي إلى السلام النفسي؟

أشاهدهم مندهشاً ومحبطاً في الوقت نفسه لأنني لم أشعر بشيء؛ وكأنني مقصيّ من لعبتهم. تمارس سلوى أيضاً التاي تشي منذ 25 عاماً، وتتحدث عن ذلك وكأنها تعتذر: "بدأت ممارسة التاي تشي متأخرة وأنا في الخمسين من العمر، كنت أعمل مهندسة في الكيمياء، وكان ذلك كله يبدو لي غير منطقي".

ما فائدة ممارسة رياضة التاي تشي؟

أراقب بإعجاب مشيتها المتأنية وقوتها الثابتة ومرونة حركاتها، ينبعث من وجهها شيء بسيط ومشرق، وجمالٌ عبَرَ سنواتها الـ 75. تلفّ نصف جسمها العلوي من اليمين إلى اليسار، وتتحرك يداها أفقياً ببطء أمامها في مستوى وركها وكأنها تطفو على سطح الماء. يشجع المدرّب تلاميذه قائلاً: "اتركوا أيديكم تنزلق على حزام طاقة تشي الذي يحيط بكم، ولا تبذلوا أيّ جهد". أحاول تقليدهم قدر الاستطاعة لكن حركاتي تبدو مرتعشة وعشوائية؛ ربما لأنني لا أشعر بحزام طاقة تشي هذا!

يدير محمود البالغ من العمر 45 عاماً شركة في مجال العلاقات العامة، ويمارس التاي تشي منذ عدة سنوات. يقول عن ذلك: "أكتسب من وراء هذه الرياضة راحة هائلة، وعندما أستشعر هذه الطاقة ملموسة وحاضرة في جسدي، فإنني أحس باتصالي ببقية الناس، هذه الطاقة موجودة فينا جميعاً".

ومن خلال مراقبة مريم وسلوى ومحمود، أتساءل عن معنى هذه التجارب الغريبة عن نمط تفكيرنا. وإذا كانت هذه الطاقة الهائلة موجودة فعلاً فلماذا يتجاهلها الكثيرون دون أن يجرّبوها؟ تُعدّ هذه الطاقة جزءاً من الحياة اليومية في آسيا، وعندما يريد الياباني تحذير أحد فإنه لا يقول له: "كن حذراً" بل يعبّر عن ذلك بالقول: "وجّه طاقة تشي نحو الخارج".

وفي الصين وتايوان وهونغ كونغ، تمتلئ الحدائق العامة كل صباح بملايين البشر الذين يمارسون هذه الحركات البطيئة والعريقة ليتصلوا بطاقة تشي الكامنة فيهم.

فهل يمكن أن يكون ذلك مجرد وهم جماهيري؟ أم أنه جنون جماعي (وعريق) بدأ يمسّ في الوقت الحالي بعض الأرواح في مناطق أخرى من العالم؟

ماذا وجدت الدراسات العلمية عند بحثها لهذه الرياضة؟

أظهر بعض الدراسات في الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا فوائد رياضة التاي تشي للصحة؛ حيث يعادل تأثير ساعة منها تأثير ساعة من المشي في الطبيعة. وكذلك، فإن ممارسة هذه الرياضة مرتين في الأسبوع لأشهر كفيل بالحفاظ على هذا التأثير في الفترة الفاصلة بينهما.

وقد لاحظ المشاركون في تجارب هذه الدراسات من سكان المدن الذين لم يعتادوا على ممارسة التمارين، تحسناً واضحاً في حالتهم البدنية. وكلّما كان المشارك أقل ممارسة للرياضة من قبل زادت الآثار الإيجابية لهذه الممارسة في صحته!

ومن المؤكد أن ممارسة فن من فنون الحرب ببطء وفي الهواء الطلق يمكن أن يحسن حالتنا الصحية، وربما حالتنا المزاجية أيضاً؛ لكن ما حقيقة طاقة تشي أو هذه "القوة" التي تذكّرنا بقصص "حرب النجوم" (Star Wars)؟ ما حقيقة هذه الطاقة التي لا يمكن إثبات وجودها علمياً لكن أدمغتنا وأيدينا قادرة على تعلّم استشعارها؟

لقد شهدت الولايات المتحدة الأميركية تجربة عجيبة في مختبر الدكتور يو (Yue) بمستشفى كليفلاند كلينيك، عندما دُرّب المشاركون لمدة 3 أشهر على تطوير قوة أحد أصابع أيديهم بتوظيف الخيال لمدة 15 دقيقة في اليوم، دون تحريك العضلات والاكتفاء فقط بقوة التفكير؛ حيث كان هؤلاء يتخيلون هذا الإصبع يزيح شيئاً ثقيلاً جانباً. وبعد نهاية التجربة، تبيّن أن القوة الفعلية لهذا الإصبع قد زادت بنسبة 35%؛ وهو أثر مادّي ناتج من تركيز ذهني خالص.

ويشبه هذا التمرين بالضبط التعليمات التي كانت مريم تتلقاها من مدرّب التاي تشي لتتعلم توجيه طاقتها. إن اليابانيين لا يميزون بين حرف "l" وحرف "r" كما يُنطقان في اللغات اللاتينية؛ لكنهم إذا تدرّبوا على الاستماع إلى كلمات مكررة لعدة مرات مع نطق واضح جداً فإن بإمكانهم تعلّم الفرق بين هذين الحرفين بسهولة. وإذا كان ذلك ممكناً بالنسبة إليهم، فهل من الممكن بالنسبة إلينا أيضاً أن نتعلّم استيعاب طاقة تشي؟

المحتوى محمي