العيش بروح معنوية عالية مهارة لا يتقنها كثير من الناس، لا يتعلق الأمر فقط بالسعادة والرضا، بل بكيفية الحفاظ على سلوك إيجابي ونظرة متفائلة نحو المستقبل، حتى عند مواجهة أصعب المواقف أو الظروف المحبطة.
إن مزايا تمتع الإنسان بروح معنوية عالية هائلة، بصرف النظر عن المزايا المعروفة مثل الشعور بالسعادة، فإن لها أيضاً فوائد صحية مثل تقليل مستويات التوتر وتحسين جودة النوم وتحسين مستوى الصحة النفسية.
ماذا يعني العيش بروح معنوية عالية؟
أن تعيش بروح معنوية عالية يعني أن تكون مواقفك متفائلة في أغلب الأحيان على الرغم من ظروف الحياة الصعبة، حيث تركز على الجانب المتفائل فيها وتبحث عن درس قيّم في كل نكسة تواجهها، لتتفادى تأثيراتها السلبية المحتملة على صحتك الجسدية والنفسية.
احتفاظك بتفكير إيجابي ومتفائل لا يعني بالضرورة أن تنفصل عن الواقع وتقلل من جدية المشاكل فلا تركز على إيجاد حلول لها، إنما هو الإبقاء على التفكير في التوقعات الإيجابية مع التعامل في نفس الوقت مع الجوانب السلبية للمواقف الحياتية.
وحيث يعتبر التفكير الإيجابي المبدأ الأساسي الذي يعتمد عليه علم النفس الإيجابي، ذلك لا يعني الاحتفاظ بالابتسامة الدائمة في كل الأوقات، وإنما يشير أكثر إلى مجابهة الحياة بروح معنوية عالية وتركيز على الخير، وهذا ما يؤكده الكاتب والمؤسس لوعي النجاح (Success Consciousness) ريمز ساسون (Remez Sasson) بقوله: "التفكير الإيجابي هو موقف عقلي وعاطفي يركز على الجانب المشرق من الحياة ويتوقع نتائج إيجابية".
اقرأ أيضاً: الإيجابية السامة: لا بأس إن لم يكن نور في آخر النفق
ما هي مزايا تمتع الإنسان بروح معنوية عالية؟
على الرغم من أنه في بعض الأحيان قد يبدو الأمر وكأنه صراع شاق أن تعيش بروح معنوية عالية، أن تفكر بإيجابية كل يوم سيكون نقطة جيدة للبدء، قد تكون هذه النصيحة آخر ما تعتقد أنك تريد أن تسمعه في الوقت الذي تشعر فيه بالاكتئاب أو الغضب أو القلق أو الإحباط! ولكن من المحتمل أن تغير رأيك عند الاطلاع على الفوائد الصحية والنفسية التي أثبتها العلم لدى الأشخاص الذين يتمتعون بنمط تفكير إيجابي ويعيشون بروح معنوية عالية.
1. تحسين صحة القلب والأوعية الدموية
في مراجعة علمية لعشرات الدراسات السابقة، أشارت الباحثة في الصحة العامة لورا كوبزانسكي (Laura D. Kubzansky) من جامعة هارفارد ببوسطن ماساتشوستس بالتعاون مع مجموعة من الباحثين إلى وجود علاقة بين الحالة النفسية الإيجابية وتحسن أعراض مرضى القلب والأوعية الدموية، وأوضحت المراجعة ارتباط المسارات البيولوجية والسلوكية والنفسية والاجتماعية بصحة القلب، كما اقترح الباحثون جدول أعمال عاجل للبحث المستقبلي لفهم الآليات الكامنة وراء العلاقة بين العافية النفسية والنتائج الجيدة عند مرضى القلب والأوعية الدموية.
2. تفاؤل أكثر يعني صحة بدنية ونفسية أفضل
في دراسة نشرت حديثاً عن التفاؤل والتي استمرت لمدة 25 عاماً، فحص مجموعة من الباحثين على رأسهم جيون أوه (Jeewon Oh) من جامعة ميشيغان الأميركية؛ التغييرات الخاصة بالصحة الجسدية والنفسية على مدار 25 عاماً بين عام 1989 و2014 لمشاركين بالغين، يبلغ عددهم 984 ويتراوح سنهم بين 16 و70 سنة، وأفضت الاستنتاجات النهائية أن المشاركين الذين زاد عندهم التفاؤل بمرور الوقت تمتعوا بصحة أفضل ورضا أكبر عن أنفسهم وأهداف ذات مغزى لحياتهم، وقد أفاد المشاركون الأكثر تفاؤلاً بالانخراط في سلوكيات صحية كالنشاط البدني والتغذية السليمة.
خطوات عملية ترفع روحك المعنوية في وقت الأزمات والشدائد
من البديهي أننا سنواجه حتماً أوقاتاً نشعر فيها بالإحباط وخيبة الأمل أو الانزعاج، فالتحديات قد تكون صعبة، وتحقيق أهدافنا ليس بالأمر السهل دائماً ولا يخلو من التوتر أيضاً، ووفقاً لمقولة الأستاذ في علم النفس بجامعة تورنتو الكندية جوردان بترسون (Jordan Peterson)؛ "ضع نفسك دائماً فوق كيانك الحالي"، بمعنى أنه لا شيء دائم في الحياة، يمكن أن تكون حالتك الحالية مختلفة غداً، لكن الروح المعنوية العالية تمنح القوة والأمل الذي يساعدنا على التغلب على التحديات اليومية بطريقة لا تؤثر سلباً على صحتنا النفسية.
لذلك يمكنك الحفاظ على روح معنوية عالية في الأيام السيئة والأوقات الصعبة في 7 خطوات عملية تقترحها الأستاذة المساعدة في علم النفس الإكلينيكي بجامعة كولومبيا، إيرين أوليفو (Erin Olivo):
- اكتب عن الامتنان كل يوم، فقد ربطت الدراسات الامتنان بالعواطف الإيجابية والرفاهية العامة والرضا عن الحياة.
- استمع إلى الموسيقى "المبهجة" التي تحسن حالتك الشعورية، لأنها تنشط منطقة الدماغ المسؤولة عن إفراز هرمون الدوبامين الذي يمنح الجسم شعوراً بالرضا والاسترخاء.
- شارك الإيجابية مع الأشخاص في محيطك، من خلال منح الشكر والتقدير مرة في اليوم، لأن هذا السلوك يقلل من الاكتئاب ويطيل العمر.
- تحدى التفكير السلبي وابحث عن أفكار أكثر إيجابية، لأن القدرة على التفكير المتفائل تحسن الصحة النفسية والجسدية.
- ابتسم ببساطة، فردود الفعل المتعلقة بعضلات الوجه قد تؤثر على تطور المشاعر، فالابتسام يساعد على الشعور بالسعادة.
- اتبع شغفك، فحين تنجز مهامك بحماس تعطي لوجودك معنى حقيقي وتشعر بالرضا عن حياتك.
- تأمل لمدة سبع دقائق على الأقل يومياً، فالتأمل يحسن الحالة المزاجية ويقلل التوتر ويحسن جودة نومك.
تثبت الدراسات والأبحاث العلمية مرة تلو الأخرى أهمية الحفاظ على روح معنوية عالية ونمط تفكير يميل أكثر إلى الإيجابية، وغالباً ما نكون في أمس الحاجة لتبني هذه الرؤية في الظروف المحبطة والأوقات السيئة، وكما يؤكد العلم، لذلك مزايا كثيرة لا يستهان بقدرتها على التأثير إيجاباً على الصحة النفسية والجسدية أيضاً.