العلم يؤكد: قدرتنا على رسم الخرائط الذهنية تتراجع مع العمر

2 دقيقة
رسم الخرائط الذهنية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

الفكرة 

أكدت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة ستانفورد أن التقدم في العمر يضعف قدرة الدماغ على تكوين خرائط ذهنية دقيقة، وهي المهارة التي تساعد الإنسان على تذكر الطرق والأماكن، وقد استخدم الباحثون أجهزة تسجيل دقيقة لقياس نشاط آلاف الخلايا العصبية في منطقة تدعى القشرة الشمية الأنسية لدى فئران شابة ومتوسطة وأخرى مسنة في أثناء تنقلها في بيئة افتراضية، حيث لوحظ أن الفئران المسنة واجهت صعوبة في تمييز السياقات المكانية المختلفة، وفقدت قدرتها على التقاط إشارات الدماغ المسؤولة عن تحديد المكان، وهو الأمر الذي يؤكد ضعف الذاكرة المكانية.

لماذا هي مشكلة مهمة؟

ضعف الذاكرة المكانية من أبرز مظاهر الشيخوخة الدماغية، إذ يؤثر مباشرة في قدرة كبار السن على التنقل وتذكر المواقع والاتجاهات، ما يحد من استقلاليتهم اليومية، ويمكن القول إن فهم كيفية تغير النشاط العصبي مع العمر يفتح الباب أمام تطوير أساليب تدريبية أو علاجية لتحسين الذاكرة وتقليل خطر أمراض، مثل آلزهايمر، تبدأ غالباً في هذه المنطقة من الدماغ.

ما هي أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة؟

  1. أظهرت الفئران المسنة تراجعاً واضحاً في أداء مهام التمييز المكاني، خاصة عند تغير السياق بسرعة، ما يشير إلى ضعف في مرونة الدماغ المكانية.
  2. خلايا "الشبكة المكانية" في أدمغة الفئران المسنة أظهرت نشاطاً غير مستقر حتى في بيئات ثابتة، ما يدل على اضطراب في الترميز المكاني الأساسي.
  3. جرى تحديد 458 جيناً تغير تعبيرها مع العمر، ووجد الباحثون أن 61 منها ترتبط مباشرة بجودة التشفير المكاني، ومعظمها يشارك في اللدونة العصبية وتنظيم الاتصالات بين الخلايا العصبية.

تؤكد هذه النتائج وجود ارتباط بين تغير الجينات واضطراب الشبكات العصبية، لكنه ليس سبباً مباشراً مثبتاً، أي إن التغير الجيني قد يكون عاملاً مساهماً وليس العامل الوحيد في تراجع الذاكرة.

التوصيات والتطبيق العملي 

  1. مارس أنشطة تحفز الدماغ على التوجيه المكاني مثل ألعاب الذاكرة المكانية أو الملاحة في بيئات جديدة (كالخرائط أو الواقع الافتراضي).
  2. شجع كبار السن على التمارين البدنية المعتدلة المنتظمة التي تظهر أبحاث أخرى أنها تعزز نمو الوصلات العصبية وتحسن وظائف الذاكرة.
  3. للمؤسسات الطبية: يمكن تطوير برامج تدريب معرفي رقمية تستهدف تحسين استقرار "الخرائط الدماغية" للمكان.

مثال تطبيقي 

يمكن لشخص مسن أن يستخدم تطبيقات الملاحة الافتراضية للتدرب على تذكر مواقع افتراضية مختلفة أسبوعياً. هذه الطريقة يمكن أن تحفز الخلايا العصبية المسؤولة عن الذاكرة المكانية، ويمكن للفرد تطبيق هذه الأنشطة بنفسه، لكن في حال وجود ضعف ذاكرة واضح أو فقدان اتجاهات متكرر، يستحسن مراجعة مختص عصبي.

المصدر

عنوان الدراسة: Spatial coding dysfunction and network instability in the aging medial entorhinal cortex

الترجمة: اضطراب الذاكرة المكانية وعدم استقرار الشبكات العصبية في الدماغ لدى كبار السن

الباحثون: شارلوت س. هيربر، وكاريشما ج. ب. برات، وجيريمي م. شيا، وسول أ. فيليدا وليزا م. وجيوكومو.

الجامعة: جامعة ستانفورد

المجلة: Nature

تاريخ النشر: 3 أكتوبر/تشرين الأول 2025

المحتوى محمي