هل شعرت من قبل أنك تقف في مكانك نفسه منذ مدة طويلة؟ تستيقظ يومياً من نومك في تمام الساعة 6 صباحاً، تتناول وجبة إفطارك ثم تذهب إلى العمل، وبعد أن تنهي مهامك اليومية تغادر إلى البيت، تتناول العشاء وتتصفح مواقع التواصل الاجتماعي ثم تنام، لتستيقظ بعدها من أجل أداء المهام نفسها، مراراً وتكراراً، ثمة شعور يلوح في خلفية حياتك ويهمس داخلك بأنك عالق في مكانك منذ مدة طويلة، ولهذا قد تسأل نفسك: لماذا ينتابنك هذا الشعور؟ وماذا يمكن أن تفعل حياله؟ الإجابة ستجدها في هذا المقال.
محتويات المقال
كيف يبدو الشعور بأن حياتك مفعلة على وضع الجري في المكان؟
تشرح المختصة النفسية، تاي ألونسو (Thai Alonso)، أن هذا الشعور يختلف من شخص إلى آخر؛ فبالنسبة للبعض قد يعني الصراع بين موقفين أو خيارين دون القدرة على حسم النتيجة، وعادة ما يكون هذا الصراع مدفوعاً بالقلق الشديد، أما بالنسبة للبعض الآخر، فهذا الشعور يعني بذل الجهد دون رؤية التقدم في غمار الحياة، وتضيف ألونسو، أنه بالنسبة لها شخصياً فإن هذا الإحساس يعني عدم معرفة كيفية إحداث التغيير الذي تريده، وأنها عالقة في فخ، تعيش في وضع لا تحبه، تود تغييره، لكنها لا تعرف كيف.
وحين تحس أنك عالق في المكان نفسه منذ مدة طويلة، ستشعر أنك لا تستطيع السيطرة على زمام حياتك، وأن هناك شيئاً ما يعيقك ويحد من اختياراتك؛ قد يكون هذا الشيء هو المال أو الوظيفة أو الأشخاص أو الموقف، حينها سينتابك الكثير من الأفكار السلبية وتشعر أنك محاصر من كل اتجاه.
9 علامات تؤكد توقفك عند النقطة نفسها في حياتك منذ فترة طويلة
إذا كنت عالقاً منذ مدة طويلة في المكان نفسه، قد لا تلاحظ ذلك الأمر في البداية، لأن هذه المشاعر غالباً ما تتراكم ببطء مع مرور الوقت. في أول الأمر سوف تتبع الروتين نفسه يوماً بعد يوم، ثم ستدرك في أحد الأيام أنك لا تعمل من أجل شيء ما، أنت فقط تعيد ما تفعله مراراً وتكراراً، وهذه هي أهم العلامات التي تخبرك أنك عالق في المكان ذاته:
- تبدو الأيام متشابهة للغاية إلى درجة أنك تواجه صعوبة في تذكر أي يوم من أيام الأسبوع هو اليوم؛ هل هو الاثنين أم الجمعة؟ حيث إن أيامك تبدو غير قابلة للتمييز بعضها عن بعض.
- لا تشعر بالحماس أو التحفيز، أنت فقط تحاول تجاوز الأيام.
- الإحساس بعدم الرضا حيث تبدو الحياة مملة.
- الشعور بالإرهاق طوال الوقت.
- إلهاء نفسك بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي طوال اليوم.
- الإحساس بالإحباط والغضب السريع.
- البقاء في منطقة الراحة فيما يخص العمل والعلاقات.
- الشعور بالهزيمة والعجز واليأس.
- الإحساس بعدم الراحة والضيق لفترة طويلة.
اقرأ أيضاً: كيف تتغلب على الشعور بالخوف؟
ما الذي قد يجعلك تعيش هذا الوضع المزعج؟
هل سألت نفسك من قبل: لماذا أشعر بأني عالق في المكان نفسه؟ في الحقيقة إن الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة، وخاصة أن هذا الشعور يتجلى في عدة أشكال مختلفة، ويمكن القول إن هناك العديد من الأسباب التي قد تجعلك تحس أنك تقف مكانك منذ مدة طويلة، منها على سبيل المثال:
1. الصراع النفسي بين رغبات الذات والآخرين
في بعض الأوقات، قد تشعر بالصراع بين ما تريد أن تكون عليه حياتك، وما يشعر به الآخرون تجاه اختياراتك، والحقيقة أن التردد بين الاختيارين قد يعيق نموك الشخصي ويؤدي إلى الشعور بأنك عالق في مكانك، وفي هذا السياق توضح المعالجة النفسية، جويس مارتر (Joyce Marter)، أن الشعور غير المبرر بالذنب أو بالقلق المفرط تجاه آراء الآخرين حول كيفية عيش حياتك يؤدي إلى إحساسك بأنك عالق، لذا تذكّر أنك تحتاج إلى أن تعيش حياتك لنفسك، كما تريدها أنت وليس كما يريدها الآخرون.
2. الافتقار إلى الشعور بالمعنى
يعد الشعور بالمعنى أمراً بالغ الأهمية؛ إنه يشبه بوصلتك التي ترشدك في الحياة، وحين تفقد هذا الشعور أو تفتقر إليه؛ سوف تحس أنك عالق في مكانك.
3. الإصابة بالاكتئاب أو القلق
من الأعراض الشائعة للاكتئاب انخفاض القدرة على الاستمتاع بأنشطة الحياة، ويمكن القول إن أعراض الاكتئاب قد تجعلك تحس بأن حياتك لا تحمل أي معنى على الإطلاق، علاوة على الشعور باليأس والحزن وفقدان الدافع، ومن ثم الإحساس بأنك عالق في فخ الحياة دون القدرة على النجاة، وأحياناً قد يدفعك اليأس إلى الشعور بأنك غير راضٍ عن وضعك الحالي.
على الجانب الآخر، يعطّل القلق مسار حياتك اليومي ويؤثر في ثقتك بنفسك وعلاقاتك الشخصية وطريقتك في أداء المهام اليومية، وقد يدفعك الصراع اليومي مع القلق إلى الشعور بأنك عالق في هذه الحياة دون مخرج.
4. تطوّرك بما يتجاوز وضعك الحالي
نحن جميعاً نتغير مع مرور الوقت ونتطور على مدار الأيام. على سبيل المثال، قد لا توفر الوظيفة المثالية التي حصلت عليها قبل عدة أعوام ما يكفي من التحفيز لك الآن بعد أن أتقنتها، وأحياناً تكون قد فقدت علاقتك شرارتها الأولى ولم تعد تحس بأنك تود الاستمرار فيها، ويمكن القول إن هذه المواقف تدفعك في بعض الأوقات إلى التساؤل عن الاتجاه الذي يجب أن تسلكه في حياتك.
5. الخوف من التغيير
ربما تكون مجموعة أصدقائك الحالية هي التي كنت تمتلكها منذ فترة الجامعة على الرغم من اختلاف اهتماماتك هذه الأيام، أو ربما توفر وظيفتك الحالية الأمان والاستقرار؛ لذا على الرغم من قدرتك على التطور ورغبتك الدفينة في التحدي، فأنت تفضل البقاء في منطقة الراحة المألوفة حتى لو كان ذلك سوف يجعلك غير سعيد على المدى الطويل، وفي هذا السياق يؤكد المعالج النفسي، أسامة الجامع، أن الخوف من تجربة الأشياء الجديدة لن يجعلك تنمو في حياتك، وإذا كنت لا تخاطر فلن تصل إلى مبتغاك.
6. فقدان الأمل في المستقبل
الأفكار التي تراودك على نحو يومي قوية للغاية؛ فقد تدفعك بقوة إلى التقدم والتطور، وقد تهوي بك في بئر سحيقة من اليأس، وحين تداهمك الأفكار السلبية مراراً وتكراراً وتشعر بفقدان الأمل في المستقبل، سوف تواجه صعوبة في المضي قدماً وتحس أنك عالق ومحاصر في المكان الذي تمكث فيه.
اقرأ أيضاً: ما أهمية الشعور بالامتنان في حياتنا؟
كيف تتعامل مع شعورك بأنك عالق في المكان نفسه منذ مدة طويلة؟
من المهم أن تدرك أن شعورك طبيعي ويحدث مع معظم الأشخاص في مرحلة معينة من مراحل حياتهم. وفي الحقيقة، هناك الكثير من الطرائق التي يمكن أن تساعدك على الخروج من هذا المأزق، منها على سبيل المثال:
1. اعرف سبب تلك المشاعر
الخطوة الأولى لإنقاذ نفسك من هذا المأزق هي تحديد المشكلة التي تجعلك تشعر بأنك عالق في المكان نفسه؛ هل هو نقص الموارد؟ أم الخوف من الفشل؟ أم هو عدم الإحساس بالتحفيز؟ خذ الوقت الكافي لفهم سبب شعورك حتى تتمكن من البدء بوضع خطة عمل.
2. حدد هدفك الذي تريد تحقيقه حقاً
خلال هذه المرحلة، قد تحس إحساساً غامضاً ومبهماً بأن ثمة شيئاً خاطئاً في حياتك. عندما تلاحظ هذه المشاعر، امنح نفسك الوقت حتى تعرف الهدف الذي تريد تحقيقه حقاً؛ إحدى الطرائق البسيطة لتنفيذ ذلك هي إحضار ورقة وقلم لتدوين أفكارك.
3. غيّر نظرتك إلى حياتك
قد ينتابك الشعور في بعض الأحيان بأنك عالق في مكانك بسبب أفكارك السلبية، ولهذا حاول أن تنظر إلى حياتك من منظور جديد، وكن أكثر مرونة، تعرّف إلى أشخاص جدد وجرّب أفكاراً جديدة، وسوف تساعدك هذه التغييرات على اكتساب نظرة جديدة إلى حياتك وإلى المستقبل.
وفي هذا السياق، ينصح المعالج النفسي، أسامة الجامع، بضرورة عدم التقليل من شأن حياتك التي عشتها، وحتى يكون لتلك الحياة معنى ليس بالضرورة أن تحقق 100% مما تريد، لذلك لا تشترط أن تحقق كل شيء كي ترضى عن حياتك؛ لأن هذا تفكير قاسٍ وغير واقعي.
4. تجنَّب أخذ قرارات سريعة
حين تشعر أنك عالق في المكان نفسه منذ مدة طويلة، قد تراودك بعض الأفكار التي تدفعك إلى أن تتخلص من هذا الوضع مهما كان الثمن. على سبيل المثال، قد تفكر في تقديم الاستقالة من وظيفتك التي تحس فيها بعدم التحفيز، أو قد تبتعد عن أصدقائك الذين لا تشاركهم الاهتمامات ذاتها، لكن خلال هذه المرحلة، حاول قدر الإمكان منح نفسك الوقت الكافي من أجل تصفية ذهنك، وأعِد تقييم وضعك، واسمح لنفسك بالعيش في الحاضر، وستمكّنك هذه الممارسة من الالتزام الكامل بالتغيير عندما تكون مستعداً له.
5. تبنّ توقعات أكثر واقعية
أحياناً قد تظل في مكانك نفسه مدة طويلة لأنك تسعى سعياً حثيثاً إلى الكمالية، ربما تكون لديك معايير عالية لنفسك لدرجة أنك تتجنب البدء بأي شيء على الإطلاق، يمكن أن يتزامن هذا أيضاً مع الخوف من الفشل؛ لذلك حاول أن تتبنى توقعات أكثر واقعية مع نفسك، وعلى الجانب الآخر، قسّم الأهداف الكبيرة إلى مهام أصغر واحتفل بالنجاحات الصغيرة حتى تشعر بالتقدم في حياتك وتفخر بنفسك.
6. واجِه التشوهات المعرفية
تشير التشوهات المعرفية إلى المعتقدات غير العقلانية حول نفسك أو الآخرين. على سبيل المثال، التفكير وفقاً لطريقة كل شيء أو لا شيء، أو افتراض حدوث أسوأ سيناريو هما مثالان على التشوهات المعرفية؛ لذلك حاول مواجهة تلك التشوهات وكن على دراية بأن أفكارك قد لا تكون دقيقة وأنك لا تزال قادراً على تحقيق النجاح حتى لو كانت أفكارك تخبرك بخلاف ذلك.
7. ركّز على الرعاية الذاتية
لن ينهار العالم من حولك إذا توقفت قليلاً من أجل الاستمتاع بمنظر غروب الشمس، أو إذا قرأت فصلاً من كتابك المفضل، أو إذا أخذت حماماً دافئاً قبل النوم، أو إذا قلت "لا" لصديقك الذي يصمم على الخروج في نهاية الأسبوع وأنت تريد قضاء الوقت في المنزل، تذكّر جيداً أن رعاية نفسك أولوية.