هل لفت انتباهك من قبل الجاذبية التي يتمتع بها بعض القادة ونجوم الأعمال إلى حد أنك تساءلت عن السر الذي يكمن في شخصيتهم ليتمكنوا من الحضور بقوة؟ في الحقيقة إن الإجابة عن هذا التساؤل ليست سهلة؛ فالقيادة الناجحة عبارة عن مجموعة من السلوكيات والمهارات الاجتماعية، إذ يشير الباحث في علم الإدارة بندر بليهان الضحيك إلى أن الإدارة الفعالة ليست في إصدار الأوامر إنما في تحفيز الفرق وتوجيه الرؤية وصنع القرارات الحكيمة، فالقائد الناجح من وجهة نظر الضحيك هو من يصنع بيئة تُلهم الإنجاز.
محتويات المقال
ويبدو أن الرئيس التنفيذي لشركة أوبن أيه آي (Open AI)، سام ألتمان (Sam Altman)، قد نجح في هذه المهمة الصعبة، فبعد تعرضه للإقالة هدد عددٌ كبير من موظفي شركته بالاستقالة الجماعية احتجاجاً على ما حدث، وقد نجحت هذه الورقة الضاغطة في إعادته إلى منصبه مجدداً بعد مرور أسبوع واحد، فما هي أهم الدروس التي يمكن تعلُّمها من تجربة ألتمان في الإدارة؟ وكيف تطبقها؟ هذا ما سنعرفه في السطور القادمة.
1. ابحث عن دوافعك الداخلية
تواجهنا في الحياة بين الحين والآخر صعوبات وعوائق تحتاج إلى عزيمة وجهد مضاعفين لتجاوزها، وهنا يظهر معدن دوافعنا الداخلية؛ هل هي حقيقية نابعة من أعماقنا أم سطحية هشة قد تكون ناتجة عن ضغط الآخرين علينا؟
لذا يرى ألتمان أن من أهم الجوانب التي ساعدته على أن يكون شخصاً طموحه يعانق السحاب هي أنه كان مدفوعاً برغبة شديدة من أعماقه للنجاح والتميز، فدوماً كان يتطلع إلى صنع تجربة تُحدث تأثيراً إيجابياً على نطاق واسع وتدوَّن في كتب التاريخ، وهذا يدفعنا للبحث عن الأشياء التي نفعلها لأننا نحبها ونعتقد أنها تستحق بذل الجهد.
وحتى تتحول الكلمات السابقة إلى مسار عملي؛ عليك أن تركز على القيمة التي يمكن أن تقدمها للآخرين من خلال عملك حتى لو كانت بسيطة، وفي حال شعورك بالإحباط ابحث عن الأشياء التي كنت ترغب في ممارستها في صغرك فقد تجدها تحركك إلى مساحات جديدة تكتشف فيها ذاتك، إلى جانب أن تحرص على التعلم والتطور باستمرار؛ ما يدفعك لتقديم الأفضل حتى ترى أثر تعلمك وتسعد به.
اقرأ أيضاً: تكتم أهدافك أم تعلنها؟ علماء النفس يجيبون
2. احذر الوقوع في فخ المقارنات
ربما تظن أن عبارة "قارن نفسك بما كنت عليه بالأمس" متكررة وليس لها وقع عملي، لكن دعني أخبرك أنها تعد قاعدة أساسية عند ألتمان، فهو لم يكن حريصاً سوى على منافسة نفسه وصقلها من مختلف النواحي حتى تقدم الأفضل، ومن وجهة نظره فهذه العملية مستمرة باستمرار الحياة.
وفي السياق نفسه، يشير مختص العلاج النفسي معتز العتيبي إلى أن الحياة التي تقوم على المقارنة بالآخرين من أجل إثبات الأفضلية عنهم، ستقلل رضا الفرد عن حياته، لأن المقارنة قاتلة للرضا والاستمتاع والفرحة.
وسيساعدك على التوقف عن المقارنة وعيك بذاتك وأهمية ما تسعى إلى تحقيقه، فحينها ستدرك أن ما يشغل اهتمامك ليس بالضرورة أن يشغل اهتمام غيرك، وأولوياتك وأحلامك مختلفة عن الآخرين، كما عليك أن تمتنّ لما تمتلكه وتحظى به في حياتك اليومية بدلاً من التركيز على السلبيات والأشياء التي تفتقدها.
اقرأ أيضاً: كيف تتوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين؟
3. رتب أولوياتك جيداً
هناك تدوينة رائعة لسام ألتمان بعنوان "أمور كنت أتمنى أن يخبرني بها أحد" يؤكد في سطورها على ضرورة أن يركز الفرد موارده على عدد قليل من المسارات المتوقع لها النجاح، وفي المقابل يتخلى عن المسارات الأخرى غير المجدية.
وهذا يُظهر أهمية ترتيب الأولويات وذلك ما ستساعدك عليه النصيحة الأولى في مقالنا، إذ عليك أن تفعل ما تود فعله حقاً وتتخلى عن تلك الأمور التي تؤديها لترضي الآخرين، ولا تتردد أن تقول لا للأشياء التي تسرق وقتك وتستنزف جهدك دون أن يكون لها أي عائد إيجابي على حياتك.
4. تواصل بإيجاز ووضوح
في الحقيقة، توقعت وجود هذه النصيحة في تدوينة ألتمان لأن إحدى المهارات الأساسية للقادة الناجحين هي أنهم يعرفون جيداً ما يريدون تحقيقه، وفي الوقت نفسه يستطيعون التعبير عنه بأقصى درجات الوضوح، وهذا يعتمد على حسن اختيارك للكلمات وحرصك بأن تكون كلماتك وفقاً لقاعدة "خير الكلام ما قل ودل"، إلى جانب تحديدك الهدف الذي تود تحقيقه من وراء حديثك، وتحضيرك المعلومات اللازمة لعرض رسالتك بطريقة تزيد موثوقيتها.
وهنا يلفت استشاري الطب النفسي محمد اليوسف انتباهنا إلى ملاحظة مهمة هي أن الوضوح يختلف عن العنف اللفظي والصراحة تختلف عن الوقاحة، إذ يمكنك التعبير عن عدم رضاك وغضبك واحتياجاتك دون أن تسيء لغيرك، فالشخص الواثق ينتقي مفرداته وعباراته لتوصيل المعنى الذي يريده بعفوية ورقة.
اقرأ أيضاً: لا تكبت مشاعرك: تعرّف إلى التواصل السلبي وتأثيره في صحتك النفسية
5. اجعل أنفاسك طويلة في رحلة تحقيق أهدافك
يشير سام ألتمان إلى ضرورة أن ينهض الفرد مرة أخرى بعد السقوط ويحاول من جديد، ونظراً لأن هذه المهمة قد تكون ثقيلة أحياناً فهناك بعض العوامل التي ستساعدك على تحقيقها؛ مثل أن تتخيل المكان الذي تتطلع لأن تصبح فيه والتغيير الذي سيحدث في حياتك حينها، إلى جانب أن تتعرف إلى قيمك ومعنى النجاح بالنسبة لك، وتدوّن أهدافك بدقة لتكون متحمساً لتحقيقها، وأيضاً لا تنسَ أن تقسمها إلى خطوات صغيرة فتجعلها أكثر قابلية للتحقيق، ولا تتردد أن تكافئ نفسك عندما تحقق هدفاً صغيراً لتجدد طاقتك للاستمرار.
وفي حال وجدت أن عزيمتك في انخفاض؛ يمكنك أن تستعين بدعم الأشخاص المقربين منك ليبثوا الأمل في روحك، وتذكر دوماً أن الطريق قد يكون وعراً لكن الثمرة والفرحة التي تنتظرك في كل محطة من محطاته تستحق أن تبذل من أجلها أقصى ما بوسعك.
اقرأ أيضاً: 8 حلول عملية لاستعادة قوتك والبدء من جديد عند شعورك بالانهيار