هل تنتقد نفسك باستمرار؟ إليك خطوات بسيطة للتخلص من هذه العادة المَرَضية

4 دقيقة
النقد الذاتي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: ليس هناك سلوك أكثر إضراراً بالنفس وتدميراً لها من النقد الذاتي المفرط. ينبع هذا السلوك من أسباب عديدة مثل المقارنة بالآخرين والتوقّعات غير الواقعية والهوس بالتفوّق والكمال. وإذا كان النقد الذاتي يشكل في بعض الحالات حافزاً قويّاً للتطوّر والنموّ، فإنّه قد يتحوّل إلى معوّق نفسي خطِر إذا أصبح عادة مرَضية. كيف يمكننا إذاً أن نتخلّص من هذا النقد الذاتي المذموم؟ إليك 7 خطوات لتحقيق ذلك يقترحها الخبير النفسي روبرت ليهي.

قد يبدو من الصعب التخلّص من عادة سيئة مثل نقد الذات والتقليل من شأنها. مع ذلك، ثمّة حلول ملموسة للعمل على هذه المسألة والتوقف عن نقد الذات باستمرار. إليك إذاً هذه الحلول التي ترتكز على تعزيز التعاطف مع الذات وقبولها.

تعرف إلى انعكاسات النقد الذاتي

في مقال له على موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today)، يوضّح أستاذ علم النفس روبرت ليهي (Robert Leahy) انعكاسات النقد الذاتي المستمر: "يؤدي النقد الذاتي إلى القلق والاكتئاب والشعور بالخجل".  يقترح هذا الخبير النفسي المختصّ في موضوع الغيرة التي تغذّي النقد الذاتي مجموعة من الخطوات الملموسة للتخلص منه. فقد تؤدي هذه العادة السيئة إلى حالات نفسية سلبية عديدة كالقلق المفرط والغيرة من الآخرين مثل الأصدقاء والمؤثّرين المشهورين في مواقع التواصل الاجتماعي، علاوة على سعيٍ مرَضي إلى الكمال وحالات اكتئاب حادّة.

إذا لم تكن تشعر أبداً بأنّك في مستوى الأهداف التي وضعتها لنفسك أو مستوى توقّعات الآخرين فإنّك ستسقط غالباً في فخّ التفاعل الزائد. هذا ما يفسّر مثلاً سقوط البعض في فخّ السباق المحموم نحو الكمال أو ميل آخرين إلى الانكفاء على الذات. لا تخلو هذه السلوكيات من بعض الانعكاسات لأنها قد تقودك إلى الإرهاق التامّ أوالاكتئاب. فإذا كنت ممّن يتحسّرون على ما فات ومن أنصار مقولة: "كان بإمكاني أن أكون أفضل" إليك إذاً خطوات الحلّ الناجع وفقاً للخبير روبرت ليهي.

طريقة كسر دورة النقد الذاتي والشعور بالكآبة

راجعْ الصّفات النمطية التي ترتبط بشخصيتك

عندما تحاول وصف نفسك فما هي الصّفات النمطية التي تستخدمها بانتظام؟ على سبيل المثال، عندما تجتاز اختبار تحديد 3 مزايا و3 عيوب في شخصيتك، هل تجد صعوبة في العثور على المزايا بينما تحدّد العيوب بسرعة؟ عادةً ما يصف المرء نفسه بـ "الأحمق" أو "الغبي" أو "الفاشل في هذا المجال أو ذاك"، علماً أنّ "هذه الصفات النمطية تلغي كلّ ما هو إيجابي فيه" وفقاً لتوضيحات الدكتور روبرت ليهي. لذا، يجب تعويض الأفكار المثالية باستخدام "معايير صحية وعالية"، ومراجعة التوقّعات الذاتية، فالانخراط في عملية تقبّل الذات والتعاطف معها يحفّف التوتّر والقلق.

اخلقْ حافزاً للتغيير

لامتلاك القدرة على تعديل هذا السلوك المضرّ، يتعيّن عليك بالطبع المرور بمرحلة تقبّل الذات، لكن قبل ذلك لا بدّ أن تخصّص الوقت الكافي للتفكير في انعكاسات النقد الذاتي عليك وفهمها. وتتجلّى هذه الانعكاسات في ضعف التقدير الذاتي وفقدان الثقة بالنفس والقلق والاكتئاب. فكّر بعد ذلك في الفوائد التي ستجنيها بعد التخلّص من هذه العادة: قد تظنّ أن انتقادك لذاتك يحفّزك على العمل والفعل، لكن لماذا لا تجد طرائق أخرى بديلة لتحفيز نفسك؟ يمكنك إذاً أن تبحث عن أساليب إيجابية تدفعك إلى إحداث التغيير.

حدّد بعد ذلك استراتيجيات التحفيز الذاتي: إذا كان هدفك هو بذل المزيد من الجهود فيمكنك التفكير في وسائل أخرى تحفّزك للحصول على النتائج ذاتها دون أن تقلّل من شأن نفسك. على سبيل المثال، إذا كنت غير راضٍ عن أدائك في جلسة التمرين الرياضي فتعاملْ معها باعتبارها مرحلة أولى للوصول إلى أداء أفضل في الجلسة القادمة، وتحليل أخطائك لاستئناف نشاطك بمزيد من الارتياح.

ابحث عن بدائل تُغنيك عن التقليل من شأن ذاتك

إذا كان انتقادك لذاتك مفرطاً وعنيفاً في معظم الأحيان، فقد حان الوقت كي تجد بدائل أخرى. هل تشعر أنّك كسول في بعض المجالات ويثير ذلك انزعاجك؟ فكّر في مجال آخر تفوّقت فيه، ومن المؤكّد أنّك ستجده، ثمّ ركّز على نجاحاتك لاكتشاف نمط أدائك المفضّل. يوضّح روبرت ليهي ذلك قائلاً: "يمكن أن تغيّر مواقفك النمطية المتشدّدة وتتخلص من منطق كلّ شيء أو لا شيء، من الطبيعي أن يكون أداؤك متذبذباً أحياناً وهذا يعني أنّك قادر على تحقيق التحسّن".

تحقق من معاييرك

ما تعريفك للفشل؟ غالباً ما نبالغ في مطالبة أنفسنا بالكثير وهذا ما يؤدي حتماً إلى النقد الذاتي. لذا، نؤكد مرة أخرى أنّ منطق "كلّ شيء أو لا شيء" ليس معياراً سليماً: كنْ متسامحاً مع نفسك. لذا؛ يدعوك الخبير النفسي إلى تعويض المعايير المثالية "بمعايير صحية وعالية". عندما ستغيّر توقّعاتك ستصبح أكثر لطفاً بنفسك وستعزّز فعاليتك. لتحليل معاييرك يمكنك اللجوء إلى تمرين بسيط: اسأل نفسك إذا كنت ستوجّه الانتقادات ذاتها إلى صديقك المفضّل. والهدف من ذلك هو أن تتعلّم معاملة نفسك مثلما تعامل هذا الصديق.

تعلّمْ شُكر نفسك

يضيف روبرت ليهي: "يشبه النقد الذاتي حساباً بنكياً يسمح بالسحب ولا يسمح بالإيداع، لذا؛ ليس من المستغرب أن يقوّض تقديرك لذاتك". من الطبيعي إذاً أن ينصحنا الخبير النفسي بالامتنان لأنفسنا يومياً. يقول عن ذلك: "احرص على شكر نفسك يومياً على 5 أمور إيجابية أنجزتها".

عزّز تقبّلك لذاتك

بعد تقييم انعكاسات النقد الذاتي عليك والبدء بالبحث عن مسارات بديلة لتحفيز نفسك، يجب أن تتعلّم كيفية تقبّل ذاتك. إذا كنت مثلاً قادراً على تغيير بعض سماتك، فإنّ هناك جوانب أخرى في ذاتك لا يمكنك تغييرها، ومن الأفضل أن تتقبّلها بدلاً من محاولة تغييرها بالاعتماد على النقد الذاتي.

يشرح روبرت ليهي هذه المسألة قائلاً: "جانبٌ كبير من انتقادنا لذواتنا نابع من مقارنة أنفسنا بالآخرين، ويأتي من التخيّلات التي تدور في أذهاننا حول إنجازاتهم وأنماط حياتهم". لذا؛ يمثّل التخلّي عن عادة المقارنة الخطوة الأول في مسار تعزيز تقبّل الذات والسعي إلى تحقيق السعادة.

احرص على التعاطف التلقائي مع ذاتك

لنعدْ إلى فكرة مقارنة نفسك بصديقك المفضّل. عليك أن تكون أيضاً صديقاً لنفسك من خلال التعامل معها بالتسامح والتعاطف اللذين تُعامل بهما مَن حولك. يبدو ذلك سهلاً لكن البعض يجد صعوبة بالغة في تطبيق هذا المبدأ. احرص إذاً على مخاطبة نفسك بالعبارة ذاتها التي يمكن أن تقولها لصديقك: "أحبّ شخصيتي الأصيلة وأتقبّل نفسي باعتباري شخصاً مهمّاً وعزيزاً".

اقرأ أيضاً: