دراسة حديثة تتوصل إلى حلول مبتكرة للتخلص من الأرق

4 دقيقة
محاربة القلق
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

كشفت دراسة بحثية حديثة نشرتها مجلة نيو إنغلاند الطبية (The New England Journal of Medicine) في يوليو/تموز 2024 عن طرائق غير تقليدية من أجل محاربة الأرق، وذلك مثل العلاج السلوكي المعرفي للأرق (CBT-I) وتعلم عادات النوم الصحية وممارسة اليقظة الذهنية والتدريب على الاسترخاء. وفقاً لما جاء في هذه الدراسة؛ فإن اضطراب الأرق (Insomnia disorder) يتسم بصعوبة الخلود إلى النوم أو الاستمرار فيه، ويمكن أن يتسبب ذلك في استيقاظك مبكراً وعدم قدرتك على العودة إلى النوم؛ ما يؤدي في نهاية المطاف إلى الشعور بالضيق وعدم الراحة في الصباح، وإليك أهم تفاصيل الدراسة والنتائج التي توصلت إليها.

ما هي الطرائق غير التقليدية لمحاربة الأرق التي اكتشفتها الدراسة؟

أكدت الدراسة البحثية السابق ذكرها أن الأرق هو اضطراب النوم الأكثر شيوعاً بين الأشخاص، وعادة ما يحدث هذا الاضطراب إذا واجهت صعوبة في النوم مدة 3 ليالٍ أو أكثر في الأسبوع، وأضافت الدراسة أن الأرق غالباً ما يكون متزامناً مع حالات طبية أخرى مثل بعض الاضطرابات النفسية والجسدية؛ بما فيها الاكتئاب، ومتلازمة تململ الساقين وانقطاع التنفس في أثناء النوم. وكشفت الدراسة عن عدة طرائق يمكن من خلالها محاربة الأرق؛ مثل:

1. العلاج المعرفي السلوكي للأرق (CBT-I)

هو برنامج علاجي يهدف إلى مساعدة الأشخاص الذين يجدون صعوبة في النوم، ويعتمد هذا النوع من العلاج على إعادة هيكلة الأفكار والمشاعر والسلوكيات التي تسهم في الأرق، وعادة ما تشمل جلسات العلاج المعرفي السلوكي للأرق على:

  • التدخلات المعرفية: وهي تعني إجراء محاولات لإعادة الهيكلة المعرفية من أجل تغيير الأفكار غير الدقيقة أو غير المفيدة حول النوم، وتهدف إعادة الهيكلة المعرفية إلى تحديد الأفكار والمشاعر التي تؤدي إلى أنماط نوم غير صحية وتغييرها. على سبيل المثال؛ تساعد التدخلات المعرفية الشخص على التعامل مع الأفكار المتطفلة عند محاولته النوم، ويمكن أيضاً استخدام القلق البناء لاستكشاف الأفكار التي تُبقيك مستيقظاً ومحاولة التعامل معها ومعالجتها.
  • التدخلات السلوكية: التي تركز على التحكم في التحفيز قبل النوم، ودمج تقنيات الاسترخاء من أجل ترسيخ عادات صحية قبل النوم.
  • التدخلات النفسية: تعتمد على توفير المعلومات حول العلاقة بين الأفكار والمشاعر والسلوكيات والنوم.

2. التحكم في المحفزات

هو تدخل سلوكي يُستخدم لإعادة تدريب الأشخاص على استخدام أسرتهم للنوم فقط، وفي حال وجدت صعوبة في أثناء محاولة نومك، غادر السرير فوراً، ولا تذهب إلى سريرك إلا إذا كنت تشعر بالنعاس.

3. علاج القبول والالتزام للأرق (ACT-I)

يرتكز هذا النوع من العلاج على فكرة مفادها أنه كلما حاولنا التحكم في النوم والأفكار والمشاعر الصعبة التي تأتي معه، كلما انتهى بنا الأمر إلى المعاناة؛ وذلك لأن محاولة مقاومة الأرق والأفكار والمشاعر السلبية التي تراودك قبل النوم لن تنفع أبداً؛ ولهذا عليك تقبل فكرة أنه لا يمكنك بأي حال من الأحوال التحكم في الأرق أو في المشاعر السلبية.

ويعزز علاج القبول والالتزام المرونة النفسية؛ فهو يساعد الأشخاص المصابين باضطراب الأرق على الانفصال عن أفكارهم القلقة من خلال فهم أن تلك الأفكار ليست حقيقة مطلقة، علاوة على أنه يعلمهم المهارات المتعلقة بتحمل الأرق دون الحكم على النفس. علاوة على ذلك، فإنه يشجع الأفراد على تحديد الإجراءات واتخاذها بناءً على قيمهم وليس بناءً على مخاوفهم.

4. ممارسة اليقظة الذهنية

تعني إعادة تركيز انتباهك على اللحظة الحالية عندما تشعر بتشتت الأفكار قبل النوم، وعندما تمارس مهارة اليقظة الذهنية بانتظام ستتمكن من إعادة نفسك إلى الحاضر، وستكون أكثر قدرة على الابتعاد عن الصراع مع أفكارك ومشاعرك؛ ما سيجعلك قادراً على النوم دون منغصات، وأكثر قدرة على عيش الحياة التي تريد أن تعيشها.

5. تعلم عادات النوم الصحية

يؤكد أستاذ طب النوم، ديواكار بالاشاندران (Diwakar Balachandran)، إن الحرمان من النوم يؤثر تأثيراً سلبياً في جودة حياتك. علاوة على ذلك، يؤثر روتينك اليومي وما تأكله وما تشربه في جودة نومك؛ ولهذا فإن إجراء بعض التغييرات على هذا الروتين قد يضمن لك الحصول على قسط من النوم المريح؛ ومن أهم تلك التغييرات تعلم عادات النوم الصحية والتي تشمل ممارسة التمارين الرياضية في الصباح وتناول الطعام الصحي والابتعاد عن الشاشات قبل وقت النوم.

6. العلاج الدوائي لمحاربة الأرق

يضم هذا النوع من العلاج مستقبلات البنزوديازيبين (Benzodiazepine Receptor) وكبسولات الميلاتونين (Melatonin) والأدوية المهدئة المضادة للاكتئاب؛ بما فيها الأدوية الثلاثية الحلقات والمركبات الحلقية غير المتجانسة، وتجدر الإشارة إلى أن الدراسة البحثية أكدت أن فعالية مضادات الاكتئاب المهدئة في علاج الأرق ليست مدعومة على نحو جيد من خلال التجارب العلمية.

اقرأ أيضاً: هل تعاني من الأرق الصيفي؟ إليك 4 إرشادات فعالة للتخلص منه

لماذا ارتفع معدل الإصابة بالأرق في واقعنا المعاصر؟

يؤكد المختص في طب النوم، ناثانيال واتسون (Nathaniel Watson)، إننا نعيش في العصر الحالي في بيئة سامة تصعّب جداً على الأشخاص تصفية أذهانهم والسماح بالنوم، ويضيف واتسون إن العوامل النفسية والاجتماعية والبيئية التي تحاصرنا من الجهات جميعها غير مواتية مع بيئة النوم والاسترخاء، وهذه أهم أسباب الإصابة بالأرق في الواقع المعاصر:

1. التعرض إلى التوتر والضغط النفسي

توضح أستاذة علم الأعصاب وطب النوم، أنيس ويلسون (Annise Wilson)، إن الضغط النفسي لا يضر بصحتك فحسب؛ لكنه يمنعك أيضاً من الحصول على قسط كافٍ من النوم. وتضيف ويلسون إن الأشخاص الذين يعانون التوتر والضغط النفسي يفكرون بطريقة مفرطة في المسؤوليات المتعددة التي عليهم إنجازها؛ مثل مهام العمل وأعباء الأسرة والشؤون المالية، وعندما يحاول أحدهم النوم، تستمر تلك الأفكار وتمنعه من الخلود إلى النوم.

2. مواعيد النوم غير المنتظمة

في عالم مثالي وهادئ ومتخلف كلياً عن الذي نعيشه في واقعنا المعاصر، تتبع الساعة الداخلية للجسم من كثب النمط اليومي ليلاً ونهاراً؛ ولكن حالياً يعاني العديد من الأشخاص خللاً في في إيقاع الساعة البيولوجية لديهم ما يسبب مشكلات واضطرابات في النوم. على سبيل المثال؛ الأشخاص الذين يعملون وفق نظام الورديات أو فترات العمل المتغيرة لديهم اضطراب في إيقاع الساعة البيولوجية.

3. نمط الحياة

يمكن للعادات غير الصحية المرتبطة بنمط الحياة والطعام والشراب أن تزيد خطر إصابة الشخص بالأرق، ويمكن أن تؤدي خيارات نمط الحياة المختلفة إلى مشكلات في النوم؛ مثل العمل حتى وقت متأخر وتصفح وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم. علاوة على ذلك، فإن استخدام سريرك لأنشطة إلى جانب النوم يمكن أن يخلق ارتباطات ذهنية بين سريرك واليقظة.

اقرأ أيضاً: كيف تهزم الأرق وتحظى بنوم عميق؟

كيف تتأكد من إصابتك بالأرق؟

هل جربت هذا الشعور من قبل؟ أن تستيقظ من نومك في أثناء الليل، كل شيء هادئ من حولك باستثناء عقلك. إذا كنت تعاني صعوبة في النوم، فهناك 3 مراحل رئيسة لحدوث ذلك؛ وهي:

1. الأرق الأولي: أو بداية النوم؛ وهذا يعني أنك تواجه صعوبة في الخلود إلى النوم.

2. الأرق الأوسط: هذا النوع يجعلك تستيقظ في منتصف الليل وتجد صعوبة في النوم مجدداً، ويمكن القول إنه الأكثر شيوعاً؛ حيث يؤثر فيما يقرب من ثلثَي الأشخاص الذين يعانون الأرق.

3. الأرق المتأخر: يعني أنك تستيقظ مبكراً جداً في الصباح دون الحصول على كفايتك من النوم.

ونظراً لأنك تحتاج إلى النوم لتكون في أفضل حالاتك؛ فإن الأرق عادةً ما يسبب أعراضاً تؤثر فيك. ويسرد استشاري الطب النفسي أحمد النعمي أهم هذه الأعراض التي تشمل:

  1. صعوبة الخلود إلى النوم.
  2. الاستيقاظ عدة مرات في أثناء الليل.
  3. الشعور بالتعب وعدم الراحة.
  4. صعوبة التركيز في أثناء العمل.
  5. اضطراب الحالة المزاجية والشعور بالعصبية والاكتئاب.
  6. ارتكاب الكثير من الأخطاء.
  7. وجود مخاوف وقلق مستمر بشأن النوم.
  8. اضطرابات الجهاز الهضمي.