ملخص: تسهم زيادة مستويات التوتّر في زيادة إنتاج هرمون الإجهاد (الكورتيزول)؛ ما يؤدّي إلى فرط نشاط الغدد الدهنية ومن ثَمّ ظهور حب الشباب في أكثر الأوقات حرجاً وأهميّة. تعرّف إلى آراء الخبراء حول العلاقة بين التوتّر والأمراض الجلدية، وطرائق إدارة التوتّر تجنّباً لظهور البثور وحبوب الوجه.
محتويات المقال
"الجلد يتكلّم"؛ هكذا تشير اختصاصية الأمراض الجلدية المغربية، فدوى ملياني إلى الأمراض الجلدية العديدة التي تؤدّي الحالة النفسية إلى ظهورها أو تفاقمها، مشدّدة على دور الاستعداد الجيني لدى الأشخاص حتّى يتأثّروا بهذه الحالة أكثر من غيرهم.
فأمراض مثل الصدفية والإكزيما الدهنية هي أمراض جلدية مزمنة يسبّبها التوتّر بالدرجة الأولى، إضافة إلى المشاعر المكبوتة والصدمات والصراعات الداخلية التي يعاني منها الأشخاص وتؤثّر في صحّة جلودهم.
وتُعتبر البثور وحبوب الوجه، وحب الشباب تحديداً، من بين أكثر الأمراض الجلدية شيوعاً؛ إذ يصيب قُرابة 80 إلى 90% من الشباب في سن المراهقة وما دون العشرين، ويمكن أن يصيب الأشخاص من أعمار متقدّمة كذلك؛ حيث يرجع أحد الأسباب المهمة إلى إفراز هرمون الكورتيزول بسبب التوتّر الذي قد يعاني منه الأشخاص قبل الامتحانات أو المواعيد أو المناسبات ذات الأهمية بالنسبة إليهم.
كيف تؤثّر الحالة النفسية والعاطفية في البشرة؟
يشير مصطلح الأمراض الجلدية النفسية (Psychodermatology) إلى التخصّص الذي يغطّي جوانب كيفية تفاعل العقل والجسم جميعها في ما يتعلق بظهور اضطرابات الجلد المختلفة وتطوّرها. وتشير عالمة النفس البريطانية، ليندا بابادوبولوس (Linda Papadopoulos) إلى الروابط التي تجمع بين النفس والجلد؛ إذ يشترك كلٌّ من الجلد والجهاز العصبي المركزي في عدّة هرمونات ونواقل عصبية ومستقبلات، ناهيك بالتواصل الدائم بين الدماغ والنهايات العصبية في الجلد.
فعندما نلاحظ ظهور البثور قبل حدث كبير أو مناسبة مهمّة، فذلك يعني أننا نتعرّض للإجهاد بسبب التوتّر والإرهاق، فالإجهاد يمكن أن يتداخل مع جهاز المناعة، ويؤثّر في قدرة الجلد على الشفاء.
كما يمكن أن يؤدّي الإجهاد المزمن (Chronic Stress) إلى تعطيل وظيفة الحاجز الواقي للبشرة الذي يُبعد المواد الضارّة، ويمنع فقدان السوائل من طبقات خلايا الجلد.
اقرأ أيضاً: أبرز 6 تأثيرات للتوتر في جمالك وصحة بشرتك وسبل التعامل معها
دور التوتّر النفسي في ظهور الأمراض الجلدية
توضّح استشارية الأمراض الجلدية وتجميل الجلد الأردنية، فريدة طنوس إنّ التوتّر النفسي يؤثّر في كامل الجسم؛ بما فيه الجلد الذي هو أكبر عضو في جسم الإنسان. فخلال فترة التوتّر، يرتفع الكورتيزول المعروف بـ "هرمون الإجهاد" ويؤثّر سلباً في الجسم.
وثمّة أمراض جلدية تظهر نتيجة ذلك مثل الصدفية والبهاق وأنواع معينة من الإكزيما، وبخاصة لدى الأشخاص الذين لديهم قابلية وراثية لحدوث ذلك.
ويمكن أن تسهم الأمراض الجلدية في زيادة مستويات التوتّر لدى الأشخاص، فيدخلون في حلقة سيّئة من التوتّر والمشكلات الجلدية؛ كما يمكن للتوتّر أن يفاقم أعراض أمراض جلدية موجودة من قبل. وتعرض الطبيبة فريدة طنوس أمثلةً لمجموعة من المشكلات والأمراض الجلدية التي يشارك التوتّر في تكوّنها وظهورها على نحوٍ كبير؛ وهي كالتالي:
- قضم الأظافر ونتف الشعر.
- شحوب الجلد والشيخوخة المبكرة.
- التجاعيد.
- تساقط الشعر.
وتشير الطبيبة فريدة طنوس إلى مشكلة حب الشباب ودور الكورتيزول في زيادة إفراز الدهون؛ التي تتراكم وتؤدّي إلى انسداد مسام البشرة ومن ثَمّ ظهور البثور وحبوب الوجه.
ما علامات حب الشباب الناتج من الإجهاد؟
يظهر حب الشباب الناتج من الإجهاد عادةً في المناطق الأكثر عرضة للزيوت في الوجه، ويسبّب الاحمرار والحكة، ولا يقتصر على عمر معيّن؛ إذ يمكن أن يصيب الأشخاص من الأعمار جميعها عندما يتعرضون لضغوط هائلة بسبب التوتّر في المنزل أو العمل أو المدرسة.
ويختلف حب الشباب الناتج من الإجهاد عن حب الشباب الهرموني الذي يظهر حول فترة الدورة الشهرية لدى المرأة على نحو رئيسي، فهذا الأخير تسبّبه زيادة مستويات الأندروجين (Androgen) التي تؤثّر في الغدد الدهنية، ويمكن التمييز بين الاثنين بملاحظة توقيت ظهور حب الشباب.
كيفية الوقاية من حب الشباب الناتج من الإجهاد
تؤكّد الطبيبة فدوى ملياني إنّ إدارة التوتّر جزء كبير من علاج الأمراض الجلدية، فتحقيق حالة الاستقرار النفسي يساعد الأشخاص على التخلّص من مشكلاتهم الجلدية. هذا إلى جانب ممارسة الرياضة والتغذية السليمة التي تحتوي على مضادات الأكسدة؛ نظراً لأنها ترفع من المناعة، فتساعد على محاربة هذه الأمراض.
أمّا الطبيبة فريدة طنوس، فتؤكّد ضرورة الابتعاد عن محفّزات التوتّر النفسي العالي مثل مشاهدة الأخبار، ومحاولة تعزيز التفكير الإيجابي، إضافة إلى العناية الأساسية بالجلد؛ مثل حمايته من أشعة الشمس والتلوّث وعلاج المشكلات الجلدية منذ بدايتها عند الطبيب المختص.
اقرأ أيضاً: هل هناك علاقة بين القلق وتساقط الشعر؟
وختاماً، قد يكون حب الشباب الناتج من الإجهاد من بين أكثر التجارب إزعاجاً؛ لأنه قد يظهر فجأة في أكثر المواقف والمناسبات التي نحتاج فيها إلى الظهور بشكلٍ لائق. لكن معرفة العامل المسبّب؛ وهو التوتّر، تساعدنا على محاولة تخفيف مستوياته تجنبّاً للظهور المفاجئ للبثور وحبوب الوجه المزعجة.