تصادفني بين الحين والآخر أغانٍ تتضمن كلماتها التحسر على فراق شريك الحياة وتمني العودة إليه مجدداً لإصلاح العلاقة، لكن على أرض الواقع يكون ذلك أمراً شبه مستحيل ويُدخل الفرد إلى دوامة من الأفكار السلبية التي تبحث بلا جدوى عن إجابة لسؤال غير منطقي هو: "ماذا لو؟"، فينسج الكثير من السيناريوهات الافتراضية التي كان يمكن باتباعها ألا تنتهي العلاقة.
محتويات المقال
من ذلك القول: "ماذا لو لم أقل تلك الكلمة في هذا اليوم؟"، أو: "ماذا لو تفهمت الطرف الآخر بطريقة أفضل؟"، والانسياق وراء التفكير حول تلك التساؤلات يعوق الشخص عن التقدم في حياته ويجعله يتوقف عند التجربة السابقة ويمنعه من التعافي والتجاوز للدخول في علاقات أفضل، لذا نتطرق في هذا المقال إلى أبعاد هذه المساحة من التفكير وتأثيراتها الضارة وكيفية التعامل معها.
لماذا تتخيل السيناريوهات البديلة بدلاً من تنفيذ السيناريوهات المفيدة؟
حسناً، لنكن صرحاء ونعلن أنه من المألوف بعد الخروج من علاقة عاطفية خاسرة أن يلاحقنا الماضي لفترة تتباين فيها مشاعرنا بين التحسر على ما بذلناه من جهد أو الندم على تصرفاتنا، أو الحزن على فراق شريك حياتنا، لكن تلك مشاعر طبيعية، ومنطقي أن تأخذ وقتها وتذهب إلى حال سبيلها، لكن غير المنطقي والضار هو أن نحبس أنفسنا في محاولة الإجابة عن سؤال "ماذا لو؟"، والذي يعكس توهمنا السيطرة على ما جرى واستعادة قدرتنا على توجيه الأمور وفق رغبتنا ورؤيتنا.
ويوقعنا السؤال السابق في دوامة جهنمية من لوم النفس والندم الذي يؤخر تعافينا ويضعف قدرتنا على النمو الذاتي واستعادة الطاقة للدخول في علاقات جديدة، ومهما استغرقنا من وقت في التفكير، ففي النهاية ستظل المحصلة أفكاراً لا تؤخر ولا تقدم فما حدث قد حدث، والأجدى أن نركز على الفائدة التي يمكن أن نحصل عليها من هذه التجربة والاستعداد للانطلاق إلى تجربة جديدة في الوقت المناسب.
اقرأ أيضاً: 4 خطوات فعّالة للتعامل الصحي مع الندم
كيف نتعافى من الماضي الأليم؟
الخطوة الأولى التي تساعدنا على التعافي من العلاقة العاطفية المنتهية هي تقبّل الواقع والاقتناع تماماً بأن العلاقة قد انتهت ولا توجد مساحة لإصلاحها، فعند هذه النقطة يحدث التحوّل من التوقف عند ما فات إلى النظر لما هو آت.
وحتى ينجح الشخص في تحقيق ذلك، عليه أن يفكر في الأسئلة الإيجابية البناءة، مثل: "كيف أحوّل معاناتي إلى فرصة لنمو شخصيتي؟"، أو "ما هي الأخطاء التي وقعت فيها حتى أتلافى تكرارها في علاقاتي المستقبلية؟"، أو "كيف أستثمر التجربة السابقة في تحسين سلوكياتي؟"، فإذا نجح في الإجابة عن الأسئلة السابقة سيجد نفسه تدريجياً يتعافى من المشاعر السلبية المرتبطة بالماضي ويفتح صفحة جديدة في علاقته مع ذاته.
اقرأ أيضاً: ما الذي يمكنك تعلمه من 23,000 قصة ندم من حول العالم؟
تذكّر: قيمتك أكبر من تجاربك المنتهية!
"لا تندم على أي شيء فات، الندم على ما مضى لن يفيد بل سيعيدك إلى نقطة الصفر من جديد. فرق كبير بين الندم على الماضي وقراءته بمنظور أوسع ووعي أعلى".
يؤكد على ما سبق الطبيب النفسي محمد اليوسف، ويوجد جانب آخر سيساعدك على تجاوز العلاقات العاطفية المنتهية هو أن تفصل بين قيمتك الذاتية وانتهاء العلاقة، فما حدث ليس سوى فصل من فصول حياتك ولا يعني بأي حال من الأحوال أنك لم تعد قادراً على المضي قدماً، لذا وجّه طاقتك ووقتك نحو حاضرك وامتنّ لما تملكه فيه حتى تسعد به.
وحتى تحقق ذلك، ركّز على أبسط التفاصيل الإيجابية في حياتك اليومية لتتحول من النظرة التشاؤمية إلى النظرة الإيجابية تجاه واقعك، فتصبح واثقاً من قدرتك على الاستفادة من الفرص الجديدة التي ستصادفك مجدداً.
اقرأ أيضاً: ما الذي ندم عليه كبار السن في آخر أيامهم؟ وماذا تفعل كي تتجنب مصيرهم؟