لم تستطع "سيلفيا"، مربية أطفال تبلغ من العمر 48 عاماً، التخلّص من رهاب المصاعد. والتجأت إلى أسلوب معالجة يعتمد على الطاقة اسمه "تقنيات الحرية النفسية" (EFT). تسرد في هذا المقال كيف ساعدتها هذه التقنيات على التخلص من الرهاب.
تقول جينيفيف غاغوس، مؤسِسة مدرسة تقنيات الحرية النفسية في فرنسا: "في بداية مقابلتنا، قالت سيلفيا إنها جربّت العديد من الأساليب العلاجية المختلفة التي كانت نتائجها قصيرة الأمد". تشرح العديد من الفيديوهات على الإنترنت كيفية تطبيق هذه التقنيات دون مساعدة المختصين، ودون الخضوع لدورات تدريبية. كانت سيلفيا ترغب في تجربة هذه التقنيات، ولكن طبيبها نصحها بأن تستشيرني أولاً، لأن حالتها كانت تستوجب تطبيق تقنيات الحرية النفسية العلاجية. تمثّل نسخة "التنمية الذاتية" الخاصة بالفيديوهات العمليّة 20% فقط من إمكانيات هذه التقنيات العلاجية.
تتضمّن تقنيات الحرية النفسية النقر على مداخل المسالك الطاقية الخاصة بعلاج الوخز بالإبر باستخدام أطراف الأصابع في أثناء تكرار جملة إيجابية تتعلق بالمشكلة التي تتم معالجتها. في السنوات الأخيرة، حظيت هذه التقنية بنجاح باهر نتيجة لبساطتها الظاهرة التي تجعلها متوفّرة بسهولة أمام الجميع. تنتمي هذه التقنية إلى عائلة جديدة من العلاجات الطاقيّة تعتمد على الاتصال بين العقل والجسد، وهو مبدأ صاعد بقوة في عالم العلاج النفسي والطب البديل.
الجلسات
توضّح غاغوس أن: "الجزء الأول من جلسات المعالجة بتقنيات الحرية النفسية يتألف من عملية تحديد المشكلة بدقة، ثم تحديد الحدث المحفِّز لاكتشاف الخيط المشترك الذي يقودنا إلى منشأ المشكلة في الطفولة". سألت غاغوس سيلفيا عما يجعل المصاعد مخيفة بالنسبة لها. وأجابت سيلفيا قائلة: "أخاف أن يتعطّل المصعد، وأن أُحبس داخله وأطرق على جدرانه دون أن يسمعني أحد". تعتمد هذه التقنية على العواطف والمشاعر، لذلك تطلب غاغوس من سيلفيا أن تحدد الشعور الذي سينتابها في هذه الحالة بدقة. تقول سيلفيا: "الشعور بالاختناق والذعر والموت". تسأل غاغوس: "ألا يوجد جرس يمكن أن تقرعيه في حال تعطّل المصعد حتى يأتي أحد لمساعدتك؟"، فتجيب سيلفيا: "هؤلاء أشخاص غير مسؤولين!".
تقول غاغوس: "أثار مصطلح "غير مسؤولين" اهتمامي وأكملتُ المقابلة في محاولة لاكتشاف أسباب الرهاب، وقالت لي سيلفيا إنها في سن الـ 25 كانت حُبلى وبدأت تخاف الكثير من الأشياء. عندما سألتها عن العلاقة بين حملها وهذه المخاوف، أجابت قائلة: "المسؤولية". كان هذا درباً رائعاً! سألتها أي من والديها كان سلوكه يوصف بمصلح "مسؤول" أو "غير مسؤول"، فأجابت سيلفيا مباشرةً أن والدتها كانت غير مسؤولة تماماً…". طلبت غاغوس من سيلفيا أن تعطيها مثالاً عن قلة المسؤولية هذه. تذكّرت سيلفيا طفولتها عندما كانت في الرابعة من عمرها، كانت خائفة من كلمات والدتها التي قالت لها ذات مرة: "أكثر ما أخاف منه أن أُحبس حيّة في نعش، وأن أطرق على الجدران دون أن يسمعني أحد. تقول غاغوس: "كان ذلك رائعاً، إذ أننا اكتشفنا عندها منشأ الرهاب، وهو جملة سلبية محفورة في ذهن سيلفيا، أصبحت مؤثرة عندما كانت ستصبح أماً".
تضيف غاغوس: "تمكّنا من البدء بتطبيق تقنيات الحرية النفسية بهدف إزالة المشاعر السلبية المرتبطة بهذا الحدث المؤلم". لكن كيف؟ عن طريق لمس مداخل ومخارج المسالك الطاقية أو الضغط عليها في أثناء استحضار المشاعر أو الذكريات أو الحوادث المزعجة السلبية، ثم تكرار جملة إيجابية متعلقة بالمشكلة التي تجب معالجتها. تقول غاغوس: "لا يتعلق هذا الأمر بالصدمات المثبتة فقط، بل يمكن أن تتسبب الحالة المزاجية والأحداث البسيطة، كما هو الحال مع سيلفيا، بـ "دارة قصر" (دائرة كهربية قصيرة أو ماس كهربي) في الدماغ، أو "أزيز"، كما يصفه "غاري كريغ"، المهندس الأميركي الذي طوّر تقنيات الحرية النفسية. عملية اللمس والتكرار الملائمة للمشاعر تحرر المشاعر وتزيل ذلك الأزيز. تعود الطاقة للتدفّق بحرية مجدداً، ما يسمح بإعادة دمج الذكرى المؤلمة في عملية تشكيل الذاكرة العرضية كذاكرة قديمة. تعتبر هذه الآلية العلاجية طريقة معتدلة لا تتطلّب إحياء الذكريات المؤلمة، إذ أنها تعتمد ببساطة على كشف دارة القصر وإزالتها. كانت سيلفيا تستطيع أن تطبق تقنيات الحرية النفسية وحدها وأن تحل بعض المشاكل اليومية، لكنها لم تكن لتستطيع حل المشكلة جذرياً كما فعلنا خلال الجلسات العلاجية".
لمحة تاريخية
نشأت حركة العلاج بالمسالك الطاقية عندما فكّر جون دايموند، الطبيب النفسي وعالم الحركة الأسترالي، باستخدام التأكيدات الإيجابية في أثناء لمس النقاط الخاصة بعلاج الوخز بالإبر لعلاج المشاكل العاطفية. في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، حسّن روجر كالاهان، عالم النفس الإدراكي وخبير التنويم المغناطيسي الأميركي، هذه العملية باستخدام لمس النقاط الخاصة بعلاج الوخز بالإبر، والتركيز على مشكلة عاطفية معينة. قام كالاهان بتحديد خطوات لكل نوع من أنواع العواطف، وفصل طريقته العلاجية المنهجية عن مفهوم الحقل العقلي (العلاج بحقول التفكير)، وهي تقنية معقدة للغاية. في أوائل تسعينيات القرن الماضي، أكمل غاري كريغ ما بدأه كالاهان، ونشر تقنيات الحرية النفسية الخاصة به من خلال إتاحة دليله على الإنترنت بالمجان للجميع. ثم في 2012، قلل كريغ من عدد النقاط التي يجب تحفيزها في الجسم، ما بسّط آليته العلاجية إلى حد كبير.