لماذا من المهم أن تتقبل المختلفين عنك وكيف تنجح في ذلك؟

3 دقيقة
الأشخاص المختلفون
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

أحاول من فترة إلى أخرى أن أتأمل المواقف الحياتية التي تدور حولي، وأن أستخلص منها الدروس التي تساعدني على أن أكون أكثر استنارة في فهم الآخرين، وأحد أهم تلك الدروس هو أن الكثير من المشكلات عند فحص جذورها أجدها رغبة طرف أن يغير الطرف الآخر ويضمه إلى معسكره، بدءاً بالعلاقات الأسرية مروراً بالعلاقات العاطفية والصداقات وصولاً إلى العلاقات المهنية.

لكن الأشخاص الذين يقودون هذه الصراعات المحتدمة يغفلون قاعدة حياتية أساسية وهي أننا من المستحيل أن نصبح نسخة موحدة، فأفكارنا وطباعنا مثلها مثل بصمات أصابعنا مختلفة، واختلافها هو ما يميزها ويجعلها متفردة، لذا فالأجدى أن نستمتع بجمال اختلافنا لا أن نحاول محوه وتقليصه، لكن كيف نصل إلى هذه النتيجة؟ الإجابة في السطور القادمة.

لماذا من المهم أن نتقبل الآخرين كما هم؟

يشير الطبيب النفسي عاصم العقيل إلى أنه ليس ضرورياً أن يتفق معك الجميع حتى تضمهم إلى مجموعة أصدقائك وزملائك، مؤكداً أن الشخص تختلف وجهات نظره على مدار مراحل حياته، لذا من الأولى أن يستوعب اختلاف الآخرين عنه، ويوضح أنه في حال تطبيق ذلك سيحظى بالكثير من العلاقات الاجتماعية.

ويؤكد العقيل أن تبني فكرة توحد رأي الناس حول موضوع معين يعد من أخطاء التفكير، ففي الواقع يصعب إجماع البشر على وجهة نظرة واحدة، ويكفي للتأكد من ذلك كتابة تغريدة في موضوع ما لتجد أن الآراء تتباين بين مؤيد ومعارض لمحتواها.

جانب آخر مؤثر يحدث عندما نتقبل الأشخاص المختلفين عنا، هو أننا ننتقل من مقعد الشخص الذي يحكم على من حوله إلى الشخص الذي يحبهم ويحتويهم بعطفه، وهذا بالتأكيد يجعلنا أكثر جاذبية وقدرة على الاندماج في الدوائر الاجتماعية المختلفة، بالإضافة إلى ذلك، عندما نتقبل حقيقة أننا لا نعرف ما الذي جعل الطرف الآخر يتصرف بهذه الطريقة تصبح عقليتنا أكثر مرونة وتطوراً، فالبشر حولنا كتب مغلقة لا نرى منها سوى الغلاف.

وللتوضيح، فتقبلك الآخرين المختلفين عنك لا يعني بالضرورة أن تحبهم أو تتفق معهم، لكنه يعني أن تعطيهم حقهم ليكونوا ما يريدون وليس ما تريد، وفي الوقت نفسه تعاملهم بأريحية ولطف وانفتاح على أفكارهم ومشاعرهم دون إصدار أحكام، فمن الضروري الفصل بين قيمة الشخص المستقلة والآراء التي يعبر عنها أو الخلفيات المختلفة التي يحملها، ومن المدهش أن الممارسات السابقة ستجعلنا أكثر تقبلاً لذواتنا الحقيقية فنتواصل مع من حولنا بتلقائية دون خوف، ونظهر بشخصياتنا الحقيقية الأصيلة.

اقرأ أيضاً: لماذا يُعد تقبُّل ضعفك ضرورياً لتوازنك النفسي؟

6 إرشادات لتتقبل الأشخاص المختلفين عنك

إذا كنت في مساحة تبتعد فيها عن الأشخاص المختلفين عنك قد يكون من الصعب بعض الشيء أن تتقبلهم بسهولة، لذا إليك بعض الإرشادات التي ستساعدك:

1. افحص افتراضاتك وتحيزاتك

نعيش أحياناً وفقاً لافتراضات وتحيزات موروثة لم تخضع للفحص وفقاً للمنطق السليم، لذا من الضروري أن نراجع مواقفنا تجاه المختلفين عنا لنتحقق هل هي متزنة وحقيقية، أم إنها ناتجة فقط عن موقف دفاعي تجاههم نتيجة اختلافهم عنا.

2. ضع نفسك مكان الآخر

ماذا لو كنت أنت ذلك الشخص المختلف، هل ستكون سعيداً عندما تتعرض للرفض؟ بالتأكيد لا. لذا انطلق من شعورك بالتعاطف تجاه المختلفين عنك وبدلاً من رفضهم جرّب أن تستمع إلى أفكارهم، ليس لقبولها بالضرورة ولكن لتُعرّض نفسك لأفكار ووجهات نظر جديدة توسع مداركك.

3. امنع نفسك من الانسياق وراء الجموع

نعيش في عصر تؤثر فيه منصات التواصل الاجتماعي بدرجة كبيرة، وهي أرضية خصبة لإصدار الأحكام على الآخرين وتبني آراء معادية تجاه الأشخاص الخارجين عن الجموع، لذا حاول قدر الإمكان أن تتبنى وجهة نظر مصدرها عقلك وليس المنشورات الرائجة، واعمل على الحد من قراءة المحتوى الذي يرفض الاختلاف والتنوع.

4. كن أكثر فضولاً

حتى تتمكن من تقبل الأشخاص المختلفين عنك عليك أن تتحلى بالفضول وتصبح أكثر انفتاحاً على التعرف إلى حقيقتهم بدلاً من الاستسهال الذي يظهر في الاستنتاجات السطحية السريعة، على سبيل المثال إذا رأيت شخصاً يرتدي ملابس غير معتادة بالنسبة لك، فكر قليلاً: ما هي الدولة التي ربما عاش فيها وتعرف فيها إلى هذا الزي؟ لماذا قد يعدّ هذا الزي هو الأكثر راحة له؟ وغيرها من الأسئلة المفتوحة التي تنشط ذهنك وتجعلك أكثر انفتاحاً على الآخرين.

5. خفف رغبتك في السيطرة

أحد الأسباب التي تدفعنا لرفض المختلفين عنا هو رغبتنا الشديدة في السيطرة عليهم، لكن تلك الرغبة مؤذية لنا ولمن حولنا، والأفضل أن نحاول السيطرة فقط ضمن نطاق حدودنا الشخصية.

6. فكّر في فوائد تقبل المختلفين عنك

عندما تتقبل الأشخاص المختلفين عنك فهذا يعني أنك شخص واثق من نفسك ومعتقداتك وقيمك وتتحلى بالمرونة والذكاء الاجتماعي نتيجة قدرتك على الاستماع لوجهات النظر الأخرى بغض النظر عن اتفاقها أو اختلافها معك.

اقرأ أيضاً: كيف تتقبل الأمور الخارجة عن نطاق سيطرتك وتستمتع بحياتك؟

المحتوى محمي