ملخص: هل تشعر بالضجر أحياناً لمواجهتك أموراً خارجة عن نطاق سيطرتك؟ دعني أخبرك بأن تلك الأمور لن تتوقف عن الحدوث، وثمة بعض العلامات التي تؤكد عدم تقبلك لها مثل ترديدك إن الحياة غير عادلة، أو شعورك بعدم قدرتك على تغيير حالك للأفضل والاستياء مما حدث لك في الماضي. ونظراً لأنك مهما بذلت من جهد لن تستطيع السيطرة على ما يدور حولك؛ فمن الأجدى أن تمارس سلوك التقبل الذي سيجعلك تركز على ما يمكنك التحكم فيه وتتعامل مع الأشياء غير القابلة للتغيير بإيجابية، وهذا ما يمكن الوصول إليه بتصالحك مع واقعك ومحاولة تحسينه، ونقل جسدك من حالة التحفز إلى حالة الاسترخاء بممارسة تمارين التأمل أو التنفس، وترديد عبارات إيجابية تدعم تقبلك لما هو خارج عن سيطرتك، إلى جانب بحثك عن الدروس المستفادة من الأوقات العصيبة، واللجوء إلى أساليب التكيف الصحية مثل التحدث إلى أحبائك وتدوين الأفكار وممارسة الرياضة، أو أخذك إستراحة لإعادة تنظيم نفسك وتصفية ذهنك، وأخيراً لا تتردد في طلب مساعدة المختص النفسي عند الحاجة.
محتويات المقال
"اللهم امنحني السكينة لأتقبل الأشياء التي لا أستطيع تغييرها، والشجاعة لتغيير الأشياء التي أستطيع تغييرها، والحكمة لمعرفة الفرق بينهم".
تَردد الدعاء السابق كثيراً في أحداث المسلسل المصري "تحت السيطرة" الذي تناول رحلة التعافي من الإدمان، ودعاني إلى الغوص بعض الشيء وراء معانيه بالأخص فيما يتعلق بتقبل الأشياء غير القابلة للتغيير، وأهمية ذلك في استقرار الحالة النفسية وتحقيق الرضا والسلام الداخلي.
وتذكرت في أثناء إعدادي لهذا المقال مشهداً للممثل المصري عادل إمام وهو يخبر الشخص الذي يحاوره بأن الحياة أحياناً تكون سيئة؛ لكن في حال رفضها لكونها سيئة فالعجيب أنها ستصبح أكثر سوءاً؛ لذا من المهم أن نتعرف إلى المفاتيح العملية لزيادة معدل التقبل الذي نمارسه في حيواتنا اليومية حتى نحظى بفوائده الثمينة.
7 علامات تؤكد إنك غير متقبل لما يدور حولك
قد يكشف بعض العبارات والسلوكيات أحياناً عدم تقبلك للحياة التي تعيشها؛ ومنها:
- تأكيدك معظم الوقت إن الحياة غير عادلة، أو إنك لا تستطيع التعامل مع ما يحدث لك، أو إن الامور ينبغي ألا تسير بهذه الطريقة، وكذلك إشارتك إلى أن حظك سيئ على طول الخط.
- لومك نفسك على كل شيء سيئ يحدث لك.
- شعورك بعدم قدرتك على تغيير حالك للأفضل.
- غضبك المستمر من العالم والأشخاص المحيطين بك جميعهم.
- استيائك مما حدث لك في الماضي.
- حملك بداخلك ضغائن تتسبب في عدم رضاك عن حياتك.
- لجوئك إلى آليات تكيف غير صحية مثل الإدمان.
اقرأ أيضاً: هل داهمك القلق مع بداية سبتمبر؟ إليك الأسباب المحتملة لذلك وكيفية التعامل معها
لماذا من المهم ممارسة التقبل؟
جزء كبير من المعاناة الناتجة عن الألم هي في الأساس لا تنتج عنه مباشرة وإنما من التعلق به واجتراره؛ لذا يعد التقبل الخطوة الأولى لتغيير الواقع السيئ وعدم السماح للألم أن يتحول إلى معاناة مزمنة، وذلك بالتكيف مع الواقع كما هو وعدم أخذ ردود فعل سلبية تجاهه قائمة على حالة الاحتقان مما جرى في الماضي.
ويعد التقبل سلوكاً ضرورياً لأنه مهما فعلنا لتحسين حيواتنا ستظل هناك مساحات خارجة عن نطاق السيطرة أو التغيير؛ لذا سيكون الأنفع التركيز على ما يمكن التحكم فيه وتقبل الأشياء غير القابلة للتغيير والتعامل معها بإيجابية.
لذا حاول من اليوم ألا تهدر جهدك وطاقتك في غضبك من الأشياء الخارجة عن سيطرتك مثل الازدحام المروري أو سلوكيات الآخرين أو مرض من تحبهم، واعمل على تقبل الواقع كما هو وابحث عما يمكنك فعله للتكيف معه أو تحسينه إن أمكن ذلك، وستجد بمرور الوقت أنك أزحت عن عاتقك عبء نفسي ثقيل استنزفك لسنوات.
اقرأ أيضاً: 7 إرشادات عملية تساعدك على تجاوز أسوأ أيامك
كيف تتقبل الأمور الخارجة عن نطاق سيطرتك؟
الفرق بين الشخص الذي يعيش مشاعر إيجابية والذي يعيش مشاعر سلبية هو التقبل، تقبل الحياة كما هي واستمتع بالممكن؛ لأن رفض الواقع مدمر. كذلك؛ أنت لست سبب مشكلات الحياة بل الحياة تصميمها هكذا، فليس كل شيء تحت سيطرتك.
يوضح المعالج النفسي أسامة الجامع في كلماته السابقة إنه مهما فعلنا لصناعة واقع يعجبنا ستظل هناك مساحات خارج نطاق سيطرتنا، وتلك المساحات في حال واجهناها بالرفض والضجر يمكن أن تعكر صفو حياتنا؛ لذا كلمة السر هي التقبل؛ لكن كيف ننقلها من حيزها النظري إلى حيزها العملي، إليك أهم الإرشادات الفعالة:
- تصالح مع واقعك إنطلاقاً بأنه مهما فعلت فليس بإمكانك إعادة عقارب الساعة إلى الوراء؛ إنما المتاح لك هو تحسين حالك اليوم وفق المتاح، وهذا سيجعل طاقتك موجهة إلى الحيز العملي الإيجابي.
- انقل جسدك من حالة التحفز والتوتر إلى حالة الاسترخاء، بممارسة تمارين التأمل أو التنفس أو اللجوء إلى الاستحمام بالماء الساخن، فهذا سيرسل إشارات إلى عقلك بأن حالة الخطر قد زالت مما سيجعلك تشعر بالراحة؛ ومن ثم تستطيع التفكير في الحلول البناءة التي ستساعدك على مواجهة ما يدور حولك.
- ردد عبارات تدعم تقبلك لما هو خارج عن سيطرتك، ومنها الدعاء الذي ذكرناه في مقدمة المقال، أو قل لنفسك: "يمكنني تقبل الأمور كما هي"، أو "لا أستطيع تغيير ما حدث بالفعل".
- ابحث عن الدروس المستفادة من الأوقات العصيبة، فبدلاً من أن تحزن ويصيبك الإحباط حاول أن تحلل ما حدث وتستخلص منه نقاط عملية تفيدك في حياتك.
- الجأ إلى أساليب التكيف الصحية لتخفيف انزعاجك؛ مثل التحدث إلى أحد الأشخاص في دائرتك المقربة، أو تدوين الأفكار في مذكراتك أو ممارسة الرياضة، أو تجربة طريقتي الخاصة وهي الانهماك في ترتيب وتنظيف المنزل.
- فكر في أخذ استراحة تساعدك على إعادة تنظيم نفسك؛ ومن ثم العودة بذهن صافٍ يسهم في أخذك قرارات أفضل.
- لا تتردد أن تطلب المساعدة من مختص الصحة النفسية إذا وجدت أن محاولاتك للتقبل غير فعالة، حتى يساعدك على تجاوز هذه الفترة الصعبة.
اقرأ أيضاً: كيف تمرن دماغك ليبقى هادئاً في أثناء تعرضك إلى الضغط النفسي؟