تفاصيل خفية في منزلك قد تجعلك من التعساء!

11 دقيقة
تفاصيل المنزل
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

قد يبدو ذلك غريباً، إلا أن وجود بعض الأغراض في منزلك قد يشير إلى انخفاض حالتك المزاجية، إذ قد تؤثر هذه الأشياء في نومك أو ساعتك البيولوجية أو طاقتك الذهنية وغيرها! وإليك 8 أشياء تظهر غالباً في المنازل التعيسة، وسبب تأثيرها السلبي في صحتك النفسية.

1. أكوام الفوضى

ترتبط الفوضى، مثل أكوام الأوراق أو الملابس المتناثرة أو الأغراض العشوائية المبعثرة، بانخفاض الحالة المزاجية، فهي ترهق الدماغ؛ نظراً لتأثيرها السلبي في الموارد المعرفية والتركيز والإنتاجية.

بكلمات أخرى، بدلاً من التركيز على مهمة واحدة، يتم إجبار الدماغ على توزيع انتباهه بين محفزات بصرية متعددة، ما يزيد العبء المعرفي ويستنزف الطاقة الذهنية. وقد تحفز الفوضى سلوكيات التجنب والتسويف، وتثير الشعور بالذنب أو تدني احترام الذات.

كما يؤدي العيش في بيئة فوضوية أيضاً إلى ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول المرتبط بالتوتر والقلق، حيث وجدت دراسة منشورة في نشرة علم النفس الاجتماعي والشخصية، أن النساء اللواتي وصفن منازلهن بأنها فوضوية أظهرن مستويات أعلى من الكورتيزول طوال اليوم وحالة مزاجية أكثر اكتئاباً، وذلك مع مراعاة الرضا الزوجي والسمات الشخصية.

اقرأ أيضاً: كيف يؤثر تصميم منزلك ومكتبك في صحتك النفسية؟

2. العفونة والرطوبة

أظهرت مراجعة منشورة في دورية منظور الصحة البيئية عام 2024 أن العيش في مساكن رطبة أو ملوثة بالعفن لا يرتبط فقط بالأمراض الجسدية، بل أيضاً بتدهور الصحة النفسية. إذ تبين في 19 دراسة مختلفة أن البالغين المعرضين لمثل هذه البيئات أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق والتوتر، بينما أظهر الأطفال أعراضاً عاطفية واضطرابات في الانفعالات.

قد يعزى ذلك إلى أن العفن والرطوبة ربما يثيران استجابات التهابية، أو يرتبطان بضغوط نفسية واجتماعية ناجمة عن ظروف معيشية غير صحية. مع ذلك، ما زالت الأدلة غير قاطعة وثمة حاجة إلى مزيد من الدراسات.

3. رزم الفواتير غير المدفوعة

تشير كثرة الفواتير غير المسددة إلى وجود ضائقة مالية. ووفقاً لدراسة منشورة في مراجعة علم النفس السريري، ترتبط الديون غير المسددة بضعف الصحة النفسية، وخاصة الاكتئاب والقلق وإدمان المخدرات، وحتى الانتحار. كما أشارت مراجعة منشورة في دورية بلوس ون عام 2022 إلى أن الضغوط المالية ترتبط ارتباطاً مباشراً بالاكتئاب.

اقرأ أيضاً: كيف تؤثر ضغوطك المالية في علاقتك الزوجية؟ وماذا تفعل للحد منها؟

4. الستائر المنسدلة طوال اليوم

بما أن التعرض الكافي للضوء خلال النهار يسهم في الحفاظ على إيقاع الساعة البيولوجية الصحية وتنظيم المزاج، خصوصاً مع قلة التعرض للضوء الاصطناعي خلال الليل، فإن ضوء الغرف الخافت الناجم عن الستائر المنسدلة طوال اليوم قد يؤثر سلباً في إيقاع الساعة البيولوجية والحالة المزاجية والنوم.

5. المخزون الكبير من الوجبات الخفيفة

ربما تعلم عن أي درج نتحدث هنا، فذلك المخزن من رقائق البطاطس والكعك والبسكويت، وغير ذلك من الأطعمة السريعة فائقة المعالجة، قد يكون علامة خفية على عدم السعادة. فوفقاً لدراسة أجرتها جامعة هارفارد ونشرتها عام 2023، تابعت فيها أكثر من 21 ألف امرأة، تبين أن اللواتي يستهلكن كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة، مثل المشروبات الغازية والكعك والخبز الأبيض والوجبات الجاهزة، كن أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة 50% مقارنة بمن تناولن كميات أقل.

عادة ما تكون هذه الأطعمة غنية بالسكر والملح والدهون والمواد المضافة، ما قد يخل بتوازن بكتيريا الأمعاء، كما قد تعطل المحليات الاصطناعية المواد الكيميائية في الدماغ المسؤولة عن الشعور بالسعادة وتواصل الخلايا الدماغية بصورة طبيعية.

6. الكثير من الأجهزة الإلكترونية

قد يعكس الإفراط في استخدام الشاشات في المنزل بيئة تعيسة أو مضطربة عاطفياً. فقد وجدت دراسة منشورة في تقارير الطب الوقائي رابطاً قوياً بين قضاء وقت طويل أمام الشاشات وتردي الصحة النفسية عند الأطفال والمراهقين؛ إذ يعانون انخفاض الفضول وضعف ضبط النفس وعدم الاستقرار العاطفي والصعوبات الاجتماعية.

وكان الأشخاص الأكثر استخداماً للأجهزة أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب أو القلق بمرتين مقارنة بالأقل استخداماً. فإذا انزوى الأبناء باستمرار أمام الشاشات، فقد يشير ذلك إلى افتقار الأسرة للتواصل العاطفي أو الأنشطة المحفزة أو التواصل الداعم. وقد ينعزل الآباء أيضاً أمام شاشاتهم بسبب التوتر أو الخلافات أو انخفاض الحالة المزاجية.

وفي سياق متصل، يقول المعالج النفسي أسامة الجامع إن العديد من البيوت تعاني الجفاف العاطفي وغياب التعبير عن الحب والبرود في العلاقات، في حين أن الجميع يحتاج إلى اللمسة الدافئة والاهتمام والاحتواء والإنصات والاحتضان والحب والعناية، فهذه القضايا ليست ضعفاً بل حاجات إنسانية أساسية. وهو ينصح بنشرها وطلبها والاتصاف بها.

اقرأ أيضاً: نصائح لتقليص الوقت الذي تقضيه في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي

7. التذكارات العاطفية غير المفيدة

سواء كانت صوراً قديمة لأحبة سابقين أو هدايا منهم، أم الكثير من ألعاب الطفولة، أم الملابس القديمة، أم ميراثاً عائلياً من شخص كانت العلاقة معه معقدة، فإن التعلق المفرط بهذه الأعراض قد يشير إلى صعوبة في التعامل مع الحاضر.

فعلى الرغم من أن الحنين إلى الماضي قد يكون عاطفة إيجابية في كثير من الأحيان، فإنه قد يسبب ما يسمى اكتئاب الحنين إلى الماضي، وهو شعور بالحزن والضيق النفسي يحدث عندما يعتبر الشخص أن ماضيه أسعد من واقعه الحالي، الأمر الذي يؤدي إلى ظهور أعراض الاكتئاب.

في مثل هذه الحالات، تعمل الأغراض العاطفية بوصفها تذكيرات مستمرة بما فقده، ما يغذي مشاعر الندم أو الوحدة أو عدم الرضا. بدلاً من تعزيز الراحة، يمكن لهذه الأشياء أن تذكر الناس بحزن لم يحل أو رغبات لم تتحقق، ما قد يمنعهم من الانخراط في الحاضر.

باختصار: عندما يكون المنزل مليئاً بهذه العناصر ويفتقر إلى التوازن مع التجارب الحالية المبهجة، فقد يكشف ذلك عن أن أفراد الأسرة عالقون عاطفياً في الماضي.

8. المعدات الرياضية غير المستخدمة

قد تجسد معدات التمرين غير المستخدمة تذكيراً بصرياً دائماً بالأهداف أو النوايا غير المحققة المتعلقة بالصحة واللياقة البدنية. وقد يثير ذلك شعوراً بالذنب أو الخجل أو الإحباط، ما يؤثر سلباً في المزاج والرفاهية.

6 نصائح لجعل منزلك أكثر سعادة

إذاً، بات واضحاً كيف تؤثر العوامل البيئية المحيطة بك في صحتك النفسية، سواء عبر رفع مستويات هرمونات التوتر أو خفضها. في الواقع، يمكن للبيئة الداعمة والإيجابية أن تكون عاملاً وقائياً يعزز الصحة النفسية والمرونة في مواجهة تحديات الحياة.

وعلى العكس، قد تحفز البيئة السلبية أو المجهدة الإصابة باضطرابات الصحة النفسية أو تفاقم الاضطرابات الموجودة أساساً. وبما أن ثمة العديد من عوامل الضغط النفسي التي لا يمكن التحكم فيها، فلم لا تضع في حسبانك التحكم في البيئة حولك؟ إليك بعض النصائح:

1. تخلص من الفوضى: يقلل المنزل المرتب التوتر ويحسن النوم ويقلل الرغبة في تناول الوجبات السريعة. ولكن حتى لا تشعر بأن الترتيب عبء كبير، ابدأ بإزالة الفوضى تدريجياً، وليس مرة واحدة. يمكنك تحديد أهداف صغيرة وواقعية، مثل درج واحد أو مكان معين في كل مرة.

احتفظ بما هو مفيد أو يثير السعادة؛ إذ يجب أن تخدم عناصر المنزل غرضاً محدداً أو تمنحك استجابة عاطفية إيجابية. أي من المفيد أن تحترم الأغراض ذات القيمة العاطفية، فلا تجبر نفسك على التخلص منها. لكن في المقابل، قد يكون من الأفضل أن تتخلى عن التذكارات التي تثقلك عاطفياً وتثير شعوراً بالحزن أو تعلقاً كبيراً بالماضي.

اقرأ أيضاً: 7 نصائح للتخلص من الفوضى في منزلك بسهولة

2. احرص على تهوية المنزل: قلل الرطوبة التي تحفز نمو العفن في المنزل باستخدام الأجهزة المزيلة للرطوبة وتشغيل المراوح وفتح النوافذ عند الاستحمام أو الطهو، وتحديد مناطق تجمع المياه أو الرطوبة في المنزل ومعالجتها. كما أن اقتناء النباتات المنزلية يساعد على تقليل ملوثات الهواء الداخلية مثل المركبات العضوية المتطايرة والجسيمات الدقيقة.

3. افتح الستائر نهاراً: بات الناس في العصر الحديث يغمرون ليلهم بالضوء الذي لم يكن من الممكن الحصول عليه سابقاً، ويحرمون أنفسهم الضوء الطبيعي في أثناء النهار، وهذا ما ينعكس سلباً على النوم وضغط الدم وكيفية استخدام الطاقة وإطلاق الهرمونات وعدد لا يحصى من الوظائف التي قد ترتبط بالوفاة المبكرة.

لذا من المهم جداً التعرض الكافي للضوء في أثناء النهار، وإن لم يكن بالإمكان التجول تحت ضوء الشمس المباشر، فعلى الأقل السماح للضوء بالدخول إلى المنزل. كما من المهم أيضاً تقليل التعرض للضوء الاصطناعي في أثناء الليل، وخاصة الضوء الأزرق الصادر عن الأجهزة الإلكترونية.

4. لا تحضر الوجبات الخفيفة إلى المنزل: غالباً ما تكون مقاومة هذه الأطعمة صعبة ما دامت متوفرة أمام ناظريك في المنزل، لذا احرص على عدم شرائها أساساً.

5. قلل وقت الشاشات: يوصى البالغون بتقليل الوقت الذي يقضونه أمام الشاشات إلى أقل من ساعتين يومياً، وأن يقسم هذا الوقت إلى فترات قصيرة محددة خلال اليوم. على سبيل المثال؛ 20-30 دقيقة، 3 مرات في اليوم.

وقد وجدت دراسة نشرتها مجلة علم النفس الاجتماعي والسريري، أن تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى 30 دقيقة يومياً يحسن الرفاهية النفسية إلى حد كبير؛ إذ يسبب انخفاضاً كبيراً في مستويات القلق والوحدة والاكتئاب.

6. استشر الخبراء لحل مشكلاتك المالية: في حال كنت تعاني مشكلة مالية، فقد يساعدك أن تكتب قائمة بالصعوبات المالية التي تواجهها، وتتخذ خطوات صغيرة لمعالجة كل مشكلة على حدة. كما يمكن لتتبع نفقاتك أن يساعدك على معرفة أين أنفقت الأموال على نحو كبير وأين كان بالإمكان تقليل الإنفاق، ووضع خطة للتعامل مع هذه النفقات؛ ما يساعد على الاستعداد لأي انتكاسات قد تأتي مستقبلاً.

اقرأ أيضاً: دليلك للنجاة بصحتك النفسية من الأزمات المالية

وفي حال أوشكت الضغوط المالية على التأثير في حالتك النفسية على نحو كبير، أو شعرت بأنك لا تستطيع التعامل معها بمفردك، ففكر في طلب مساعدة شخص آخر؛ سواء كان متخصصاً في الأمور المالية أم الصحة النفسية.

المحتوى محمي