هذا التغيير في هاتفك الذكي سيجعل دماغك أصغر بعشر سنوات

11 دقيقة
شيخوخة الدماغ
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

أكدت دراسة بحثية حديثة نشرتها الأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم (National Academy of Sciences) في فبراير/شباط 2025 أن إيقاف تشغيل الإنترنت على هاتفك يعزز صحتك النفسية وتركيزك ونومك وإنتاجيتك، علاوة على تحسُّن الانتباه ما يجعل دماغك أصغر بعشر سنوات، فما هي تفاصيل هذه الدراسة؟ وكيف يمكن أن يؤدي إيقاف تشغيل الإنترنت إلى تحسّن صحتك النفسية؟ الإجابة عبر هذا المقال.

دراسة حديثة: إيقاف تشغيل الإنترنت على هاتفك يحسّن صحتك النفسية وإنتاجيتك

كشفت الدراسة البحثية السابق ذكرها أن إيقاف الإنترنت على هاتفك الذكي يحسّن صحتك النفسية بمعدل أفضل من ذلك الذي تقدمه مضادات الاكتئاب، إلى جانب أنه يساعد على تعزيز الانتباه ما يجعل دماغك أصغر بعشر سنوات، وقد شارك في هذه الدراسة 467 شخصاً قسّمهم الباحثون عشوائياً إلى مجموعتين؛ أوقفت المجموعة الأولى الوصول إلى الإنترنت عبر الهاتف خلال الأسبوعين الأولين بينما توفر الوصول إلى الإنترنت عند المجموعة الثانية، ثم بُدلّت المجموعتان خلال الأسبوعين التاليين، وبعد 4 أسابيع قارن الباحثون المشرفون على الدراسة الفرق في مستوى الأداء وكيفية قضاء المشاركين لوقتهم.

وقد تبين من نتائج الدراسة أن المشاركين من دون الوصول إلى الإنترنت عبر الهاتف المحمول، قضوا وقتاً أطول في التواصل الاجتماعي وجهاً لوجه إلى جانب ممارسة الرياضة والخروج في الهواء الطلق، وقد أدت هذه التحولات في السلوك إلى تحسن الصحة النفسية؛ إذ أفاد الكثير من المشاركين بأنهم يشعرون بالسعادة، وبرضا أكبر عن حياتهم.

وأكد المؤلف الرئيسي للدراسة، أدريان وارد (Adrian Ward)، أن الهواتف الذكية غيرت شكل الحياة تغيراً هائلاً على مدار السنوات الـ 15 الماضية، لكن البنية النفسية للبشر ظلت كما هي، وقد كان سؤال الدراسة البحثي الكبير هو: هل نحن متكيفون لاستخدام وسائل التواصل طوال الوقت؟ تشير البيانات إلى أننا لسنا مؤهلين لذلك!

من بين أهم نتائج الدراسة، تلك التي تتعلق بالأشخاص المصابين بظاهرة الفومو (FOMO)، إذ إن هؤلاء الأشخاص يبقون على اتصال دائم بالعالم الرقمي لأنهم يخشون أن يخوض الآخرون تجارب مثيرة من دونهم، وعلى عكس المتوقع، أدى قطع الاتصال بالإنترنت عبر الهاتف المحمول إلى تحسينات كبيرة في صحتهم النفسية. وهذا يشير إلى أن الوصول المستمر إلى وسائل التواصل الاجتماعي والتحديثات عبر الإنترنت قد يغذي القلق الرقمي بدلاً من محاولة تخفيفه.

اقرأ أيضاً: اتبع هذه الخطوات العملية لتتخلص من السموم الرقمية

كيف يؤثر هاتفك الذكي في صحتك النفسية؟

على الرغم من أن استخدام الهواتف الذكية يعد أمراً أساسياً وضرورياً في أنشطة الحياة اليومية، فإن الإفراط في استخدامها يمكن أن يؤثر تأثيراً سلبياً في صحتك النفسية، وذلك لأنه يؤدي إلى:

1. ارتفاع مستوى التوتر والقلق

يمكن لهاتفك الذكي أن يكون أداة رائعة تمكّنك من التواصل مع الآخرين ويفتح لك باباً من أجل التعلم والاطلاع على ثقافات العالم الواسع، لكن على الرغم من ذلك فإنه يملك جانباً مظلماً، وهو أنه قد يؤدي إلى تفاقم الشعور بالقلق والتوتر؛ فحين تتفقد هاتفك باستمرار بحثاً عن الرسائل والإشعارات، قد يؤدي ذلك بمرور الوقت إلى إدمان هاتفك المحمول ورغبتك في البقاء متصلاً بالإنترنت طوال الوقت.

علاوة على ذلك، فإن تصفح وسائل التواصل الاجتماعي باستمرار يجعلك تقع في فخ المقارنة بين الحياة المثالية التي تظهر على الشاشة وحياتك العادية، وهنا قد ينتابك الإحساس بأن حياتك فقيرة بالإضافة إلى ضعف الثقة بالنفس وانعدام الشعور بالأمان، ما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع مستوى التوتر والقلق وأحياناً الإحساس بالغضب.

2. اضطرابات النوم

يعطّل الضوء الأزرق المنبعث من شاشة هاتفك الذكي عملية إفراز الميلاتونين الطبيعي، وخاصة عند استخدامه في غضون ساعتين من وقت النوم. والميلاتونين هو الهرمون الذي يساعد على تنظيم دورة النوم والاستيقاظ، لذلك تؤدي عملية تعطيل إفرازه إلى تدهور جودة نومك، ما يعني أنك ستكون متعباً خلال النهار، علاوة على ذلك فإن اضطرابات النوم يمكن أن تسبب الإصابة بالاكتئاب.

عامل آخر يسهم في اضطراب نومك، وهو أنك تضع هاتفك بجانب سريرك وقد تستيقظ في كل مرة ينبعث فيها إشعار من هاتفك، أو تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي عندما تقلق في الليل، ما يؤثر بالسلب على جودة نومك ويرفع معدلات توترك ويقلل راحتك.

3. الشعور بالعزلة والوحدة

حين تقضي الكثير من وقتك على هاتفك الذكي محاولاً تفقد الإشعارات والرسائل وتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا يعني قضاءك وقتاً أقل بصحبة العائلة والأصدقاء وأفراد الأسرة، ومع مرور الوقت ستشعر بأنك لا تقابل أشخاصاً حقيقيين ولا تتفاعل معهم وجهاً لوجه، ما يؤدي إلى تفاقم مشاعر الوحدة والعزلة.

4. الإصابة بالاكتئاب

يحدث ذلك جراء مقارنة نفسك بالآخرين وعدم حصولك على قسط كافٍ من النوم وتمضية الكثير من الوقت على هاتفك الذكي مع ابتعادك عن أهلك وأصدقائك. كل هذه العوامل مجتمعة ترفع خطر إصابتك بالاكتئاب، والذي سيظهر بوضوح في مشاعر انعدام القيمة والكفاءة.

5. الانفصال عن الواقع

أحياناً يكون تصفح مواقع التواصل الاجتماعي طريقة جيدة من أجل الاسترخاء وتمضية الوقت، ولكنه قد يكون أيضاً وسيلة لتجنب قضاء الوقت مع نفسك واستكشاف الرغبات والاحتياجات والإحباطات التي تمر بها، وحين تنخرط بشدة في عالم الإنترنت ستشعر مع مرور الوقت بالانفصال عن الواقع.

6. الإرهاق العاطفي

يمكن أن يؤدي التحقق من الأخبار باستمرار ومشاهدة الصور أو مقاطع الفيديو المزعجة إلى تعزيز مشاعر اليأس واللامبالاة، وعلى الرغم من أن متابعة الأخبار الجديدة قد يعد أمراً مهماً، لكن عليك أحياناً أن تقلل هذا التعرض قدر الإمكان حفاظاً على صحتك النفسية. وفي هذا السياق يشرح المختص النفسي، عبد الله الجليطي، أن الأخبار التي تتابعها على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تسبب لك صدمات نفسية حتى لو لم تشعر بذلك، وأحياناً تحدث تلك الصدمات تدريجياً بمرور الوقت.

اقرأ أيضاً: كيف تؤثر الرسائل غير المقروءة في نفسيتك؟ وماذا تفعل لتجنب ضررها؟

7. انخفاض الإنتاجية في العمل والدراسة

يمكن أن يؤدي الإفراط في استخدام الهواتف الذكية إلى انخفاض الأداء في العمل أو المدرسة؛ فحين تتحقق باستمرار من هاتفك بحثاً عن إشعارات أو تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، فإن هذا يأخذ من الوقت الذي يجب أن تقضيه في المهام المتعلقة بوظيفتك أو دراستك، ويمكن أن يؤدي هذا إلى ضعف أدائك في العمل، وزيادة مستويات التوتر.

5 نصائح لتقليل الوقت الذي تقضيه على هاتفك الذكي

بحكم وظيفتي، فأنا أقضي الكثير من وقتي اليومي بين الشاشات، وقد حاولت مؤخراً تقليل هذا الوقت، وإليك أهم النصائح التي يمكنها مساعدتك على تقليل الوقت الذي تقضيه على هاتفك الذكي:

1. عطّل إشعارات مواقع التواصل الاجتماعي

حين أحاول التركيز على مهام عملي تأتي إشعارات مواقع التواصل الاجتماعي وتشتت تركيزي وانتباهي، وعلى الفور، أترك المهمة التي أمامي وأذهب من أجل تفقد الإشعار الذي قد لا يكون مهماً على الإطلاق، لهذا قررت مؤخراً تعطيل إشعارات مواقع التواصل الاجتماعي ولم أترك سوى إشعار البريد الإلكتروني الخاص بالعمل، لذا يمكنك تعطيل إشعارات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك، والاحتفاظ بإشعارات التذكيرات التي تحتاجها، مثل الاجتماعات، وستقل احتمالية تفقدك الدائم لهاتفك.

2. حدد أوقاتاً لا تستخدم فيها هاتفك الذكي

عندما تحدد لنفسك أوقاتاً لا تستخدم فيها الهاتف الذكي ستجد أنك أصبحت أكثر قدرة على الحضور في الأنشطة التي تمارسها، على سبيل المثال لا تستخدم هاتفك في أثناء تناول الطعام، وكذلك لا تتصفحه عند قضاء الوقت مع الأصدقاء أو العائلة وذلك حتى تتمكن من تكريس انتباهك الكامل لأحبائك.

3. اختر منطقة خالية من الشاشات في منزلك

مع إشراقة كل صباح، أجهز أطفالي للمدرسة ثم أحضر الفطور وأتناول قهوتي الصباحية في الشرفة لأنها تعد منطقتي المفضلة الخالية من الشاشات، فمهما حدث لا أدخل بالهاتف إلى الشرفة أبداً، وهناك أحاول أن أشغل نفسي بأنشطة أخرى حتى لا يقفز عقلي إلى التفكير في آخر الأخبار، على سبيل المثال، أتأمل شكل السماء أو أكتب في مفكرتي الصغيرة.

4. ضع بدائل للوقت الذي تقضيه على هاتفك الذكي

دعني أخبرك سراً صغيراً خاصاً بالتعامل مع العادات؛ حين تود التخلص من عادة سلبية مثل تمضية الكثير من الوقت على الهاتف، يجب أن تحاول استبدال أخرى إيجابية بها، على سبيل المثال إذا كنت ترغب في تقليل وقت هاتفك الذكي يجب أن تملأ ذلك الوقت بأنشطة أخرى، وإلا ستحس بالملل وتعود مرة أخرى إلى تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، يمكنك على سبيل المثال، ممارسة الرياضة أو الخروج بصحبة صديقك المفضل.

اقرأ أيضاً: كيف توقعنا شبكات التواصل الاجتماعي في فخ الاكتئاب؟

5. مارس اليقظة الذهنية

يمكن أن تكون اليقظة الذهنية أداة مهمة من أجل تقليل الوقت الذي تقضيه على الهاتف، وذلك لأنها تساعدك على الحضور في اللحظة الحالية، دون تشتيت انتباهك بالإشعارات أو الرسائل القادمة من بريدك الإلكتروني، وحتى تمارس اليقظة الذهنية يمكنك تخصيص بضع دقائق يومياً من أجل تركيز انتباهك على تنفسك والأحاسيس المختلفة في جسمك، أو تغرق في تفاصيل الروائح والألوان التي تحيط بك.

المحتوى محمي