ملخص: يمكن أن يعزز فهم الإشارات غير اللفظية مهارات التواصل بيننا وبين الآخرين، ما يساعدنا على بناء علاقات شخصية ومهنية أكثر سلاسة وعمقاً، لكن كيف نفهم تلك الإشارات ودلالاتها؟ هذا ما سنجيب عنه في مقالنا.
محتويات المقال
يعد التواصل الجيد مفتاح النجاح في العلاقات الشخصية والمهنية، ولكن ليست الكلمات التي تختارها هي الأكثر أهمية، بل الإشارات غير اللفظية التي ترسلها بجسدك، لذا يمكن وصف لغة الجسد بأنها فن استخدام الإيماءات وتعبيرات الوجه ووضعيات الجسد لنقل الرسائل دون كلمات، وغالباً من دون وعي بذلك، ما يساعد على فهم الآخرين حتى عندما تقول كلماتهم شيئًا مختلفاً، بعبارة أخرى، هي أقرب ما يمكن إلى قراءة العقل.
سواء أدركت ذلك أم لا، أنت تتبادل الإشارات الصامتة باستمرار عندما تتفاعل مع الآخرين، من الطريقة التي تحرك بها يديك، إلى نظرة عينيك ونغمة صوتك. في الواقع، أشارت دراسة منشورة في دورية الطب النفسي (Psychiatry) إلى أن الإشارات غير اللفظية تمثل جزءاً كبيراً من تواصلنا اليومي، يبلغ نحو 60-65% من جميع الاتصالات.
علاوة على ذلك، أشار الاستشاري النفسي سليمان الحفظي، إلى أنه يمكن للغة الجسد أن تكون وسيلة في تشخيص الاضطرابات النفسية، على سبيل المثال، عندما يحني الفرد بأكتافه للأمام، ويضعف تواصله البصري مع الآخر، ويتحدث بصوت رتيب، يرجح الطبيب احتمال إصابته بالاكتئاب. إذا، وإن كنت تفكر في معنى سلوكيات الآخرين وتصرفاتهم، يمكنك متابعة هذا الدليل المبسط.
لغة العيون
يُقال أن العيون "نوافذ الروح"، وذلك لأنها قادرة على البوح بما لا يمكن للكلمات التعبير عنه. لذا فإن أفضل طريقة لقراءة الشخص المقابل لك هي بالانتباه إلى إشارات العين، وتشمل:
نظرات العين
النظر المباشر في العينين يعني أن الشخص المقابل لك منتبه ومهتم بحديثك، وقد تشعر بالتفضيل. في المقابل، يمكنك تعزيز قدرتك على الإقناع وتعزيز مصداقيتك من خلال التحديق المتبادل بالعين.
لكن وفقاً لدراسة منشورة في دورية الاتصالات الصحية (Health Communication)، عندما ينقطع الاتصال البصري معك أثناء الحديث، مثل أن يشيح بنظره بعيداً عنك لعدة مرات، فإن ذلك يدل إلى أنه مشتت أو غير مرتاح أو ربما يحاول إخفاء مشاعره الحقيقية حول ما تقوله.
رمش العين
بينما يعد الرمش أمراً طبيعياً وصحياً لحماية العين وترطيبها، فإن دراسة منشورة في مجلة فرونتيرز إن سايكولوجي (Frontiers in Psychology)، بينت أن لعدد مرات الرمش دلالات أخرى. أفادت الدراسة أن الرمش المتكرر والسريع، يشير إلى شعور بالضيق أو عدم الراحة. بينما عندما ينخفض عدد مرات الرمش فقد يكون ذلك دليلاً على التركيز والاهتمام.
حجم بؤبؤ العين
قد يكون حجم البؤبؤ علامة دقيقة، وتحتاج لشدة انتباه للتمييز بينها وبين توسع الحدقة الناتج عن تغير مستويات الضوء. إذ يمكن أن يشير حجم البؤبؤ المتسع إلى الإعجاب أو الإثارة.
اقرأ أيضاً: تمارين الوجه: 10 دقائق لإعادة تشكيل الوجه
إشارات الفم
للفم أيضاً القدرة على كشف خبايا النفس، على سبيل المثال:
- يشير مضغ الشفة السفلية إلى مشاعر القلق والخوف أو عدم الأمان، أو العصبية، أو الانجذاب أو الإعجاب، أو الملل.
- الابتسامة: تُعرف الابتسامة التي تعبر عن السعادة الحقيقية بابتسامة دوشين، وتتميز بظهور تجاعيد حول العينين والفم، فإذا لم تبتسم العينين مع الفم، أي لم تظهر التجاعيد حولهما، فهي ابتسامة زائفة.
- الشفاه المزمومة: تدل على النفور وعدم الموافقة أو عدم الثقة.
- تغطية الفم: هي محاولة لإخفاء رد فعل عاطفي، مثل تجنب إظهار الابتسامة.
إيماءات الجسد
تعد إيماءات الجسد، مثل حركة اليدين والرجلين والأصابع، واحدة من أكثر الإشارات وضوحاً ومباشرة. وإليك أهمها:
لمس الجبهة
قد يكون لمسة الجبهة وسيلة للتستر على شعور بالخجل والإحراج، غالباً ما يكون ذلك وسيلة للتستر أو إخفاء ما يحدث أو يُقال. وفي بعض الحالات، عندما يكون الشخص محرجاً جداً، يتحول من لمس الجبهة إلى تغطية العينين.
إمالة الرأس
يمكن وصف إمالة الرأس بالاستماع الجسدي، فهي تعني أنك تصغي بانتباه وتركيز والأهم من ذلك باهتمام. أي أنها تعني أننا نرغب في سماع المزيد والخوض أكثر في تفاصيل الموضوع. وقد أوضحت دراسة منشورة في مجلة البراغماتية (Journal of Pragmatics)، أن ميل الرأس يسهل الفهم والتواصل.
فرك الرقبة
يفرك الناس رقبتهم، على جانب الرقبة أو خلفها، أو الثلمة فوق القفص حيث تلتقي الرقبة بالترقوة (وهي حركة خاصة بالنساء أكثر من الرجال) عند الشعور بعدم الأمان أو التوتر. علاوة على ذلك، عادة ما يميل الأشخاص الذين يفركون رقبتهم باستمرار لأن يكونوا أكثر سلبية أو انتقادية من غيرهم.
وضعية الذراعين
لحركة لف الذراعين وتقاطعهما، أو مباعدتهما عدة معان، بما في ذلك:
- الحجب: وهو خلق حاجز مادي، بينك وبين الشخص الآخر، أو اتخاذ وضعية امتناع أو انغلاق، بمقاطعة الذراعين، لتوضيح الرغبة بالابتعاد أو الانزعاج وعدم الراحة، أو الكراهية للشخص المقابل، أو الحماية الذاتية.
- الأصابع المتشابكة، تعد شكلاً من أشكال "عناق الذات". وهي وسيلة لمنح النفس الراحة، وإشارة للشعور بالحنين والحاجة للأمان الذي شعرنا به عندما أمسكنا أيدي آبائنا حين كنا صغاراً. غالباً ما تجد نفسك تشبك أصابعك أثناء مقابلة عمل أو خلال حدث رسمي مهم. بينما يشير شبك اليدين خلف الظهر إلى الشعور بالملل أو القلق أو حتى الغضب.
- الوقوف مع وضع اليدين على الوركين علامة على أن الشخص مستعد ومسيطر، كما قد تشير إلى العدوانية.
- النقر بالأصابع علامة على التململ أو عدم الصبر أو الإحباط.
- الأكف المفتوحة علامة على الصدق والإخلاص.
- إخفاء الإبهام مثل وضعه في الجيب قد يكون علامة على انخفاض الثقة بالنفس، ويشير إلى القلق أو عدم الأمان أو الشعور بالتهديد.
وضع اليدين في الجيب أثناء محادثة يشير إلى موقف متحفظ ومنغلق، أي أنك غير مرتاح أو مهتم بالحديث، ولا ترغب في التعامل مع الطرف الآخر. فقد أشار باحثون في كتاب "التواصل بلغة الجسد" (Body language Communication)، إلى أننا نستخدم إيماءات اليد للتواصل مع الآخرين، لذا فإن وضع اليدين في الجيب يحد من القدرة التعبيرية، ما يؤدي لسوء التفاعل أو التواصل.
اقرأ أيضاً: 7 سلوكيات تكشف الشخصية العدوانية السلبية
وضعية الرجلين
قد تشير الأرجل المتقاطعة، مع وجود كاحل واحد فوق الآخر، سواء في كنت جالساً أو واقفاً، أو حتى مع وضع القدمين على الطاولة، إلى الشعور بعدم الارتياح والانغلاق، أو الحاجة إلى الخصوصية. وكلما كان الكاحل مغلقاً بإحكام أكبر، كان القلق أو التوتر الذي قد يعاني منه الشخص أكبر. ومع ذلك، تُستثنى من هذه القاعدة حركة عقد الكاحلين مع مد الرجلين، لأنها وضعية مريحة.
المساحة الشخصية
صاغ عالم الأنثروبولوجيا إدوارد هول (Edward T. Hall)، مصطلح "القربيات" (Proxemics)، لوصف مستوى المسافة الشخصية التي يحتاجها الأفراد للشعور بالراحة أثناء تفاعلهم مع الآخرين. حيث حدد هول 4 مستويات، وهي:
- المسافة الحميمة ما بين 15-45 سنتيمتراً: تشير هذه المسافة إلى علاقة وثيقة وراحة بين الأفراد، وعادة ما يحدث خلالها تفاعل حميم مثل العناق أو اللمس.
- المسافة الشخصية ما بين 0.5-1.2 متراً: هي المسافة التي تفصل غالباً بين أفراد الأسرة والأصدقاء المقربين.
- المسافة الاجتماعية ما بين 1.2-3.6 متراً: هي المسافة التي تفصل بين المعارف، مثل زميل العمل.
- المسافة العامة، ما بين 3.6-7.6 متراً: هي المسافة التي نستخدمها أثناء التحدث أمام جمهور، أو في فصل دراسي أو خلال عرض تقديمي
ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن المسافات التي يحتاجها الفرد للشعور بالأمان، قد تتباين بين الثقافات.
اقرأ أيضاً: 3 تعبيرات جسدية تكشف النرجسيين
أخيراً، عليك أن تعلم بأن فهم لغة الجسد يشبه امتلاك مفتاح للعقل البشري، يفتح المشاعر والنوايا الحقيقية وراء الكلمات المنطوقة. إنها رحلة رائعة إلى عالم التواصل غير اللفظي، ودليل لفهم الآخرين بما يتجاوز كلماتهم.