بداية، لا يعني تعزيز الإنتاجية بذل جهد لا ينضب، إنما يتعلق بتفعيل دوافعك النفسية بطريقة تدعم جسمك وذهنك. على سبيل المثال، يمكن للفكاهة في العمل والاستمتاع به والمشاعر الإيجابية أن تحسن الأداء بدرجة كبيرة. إذاً، قد لا يحتاج الأمر دائماً تخطيطاً متقناً أو ظروفاً خارجية شديدة المثالية للشروع بالعمل؛ إذ يمكن لبعض الاستراتيجيات غير التقليدية أن تساعدك على تحفيز ذهنك وزيادة الإنتاجية في كثير من الأحيان. وإليك 5 نصائح غريبة بعض الشيء لتحقيق ذلك.
محتويات المقال
1. افهم السبب الجذري الذي يعوق الإنتاجية
لماذا تتكاسل عن أداء العمل؟ ثمة نقطة أساسية هنا لا بد من توضيحها: الغريزة الطبيعية للإنسان هي الكسل! فمن منظور علم النفس التطوري، ما نسميه "الكسل" هو غريزة بقاء ورثناها من أسلافنا؛ إذ كان على البشر الأوائل الحفاظ على طاقاتهم وتوفيرها للصيد والهروب من الخطر والبقاء على قيد الحياة في بيئات غير متوقعة. وكان إهدار الجهد وصرف الطاقة على شيء آخر غير المنفعة القصيرة المدى فعلين محفوفين بالخطر.
وعلى الرغم من أن الحياة العصرية لم تعد تتطلب يقظة دائمة للنجاة، فإن غريزة الدماغ لتوفير الطاقة لا تزال قائمة، ما يجعل الناس يقاومون بطبيعتهم المهام التي تتطلب جهداً، وخصوصاً على مشروعات ذات عوائد متأخرة وغير مؤكدة.
فمن ناحية نفسية، غالباً ما ينبع الكسل من ألم الجهد المبذول دون إشباع فوري. إذ يعتمد الدافع للإنجاز على الاعتقاد بأن المكافآت المستقبلية تفوق الانزعاج الحالي، وهو حساب يجده الكثيرون غير موثوق. لذا نجد أن من يتمتع بثقة أكبر بالنفس أو يمتلك هدفاً أعلى، يتغلب على هذا التحيز بسهولة أكبر.
أما الآخرون المفتقدون للدافع أو الحافز أو العمل الهادف، فإنهم يفشلون في إيجاد الرابط العاطفي بين الجهد والأثر، ما يؤدي إلى اللامبالاة. وكذلك قد يؤدي الخوف دوراً أيضاً في تجنب العمل، فالبعض يتجنب العمل هرباً من الفشل، أو نتيجة تردي المزاج.
الخلاصة وقبل قراءة النصائح التالية لزيادة الإنتاجية، عليك التوقف عن نعت نفسك بالكسول، وأن تخصص وقتاً لفهم السبب الحقيقي لافتقارك إلى الحافز من أجل العمل والإنتاج، والذي قد يكون خوفاً أو يأساً أو مللاً أو إرهاقاً أو انعداماً للمعنى. إذ يمكنك من خلال التفكير العميق في هذه المشاعر أن تحدد ما ينقصك، وأن تجري تغييرات توائم بين مهامك اليومية وقيمك وأهدافك الحقيقية، ما يعيد دافعيتك إليك بصورة طبيعية.
2. اجعل الخطوة الأولى بسيطة وسهلة جداً لخداع دماغك
قد تتجنب البدء بالعمل بسبب صعوبة المهمة أو عدم معرفة كيفية تنفيذها، أو الخوف من ألا يتناسب أداؤك مع توقعاتك، أو كثرة عوامل التشتيت حولك، أو كثرة المهام المتراكمة. فكيف تبدأ إذاً؟
اجعل الخطوة الأولى سهلة جداً إلى حد يصعب مقاومتها، فلا تفكر في مقدار العمل الذي ستبذله في المهمة، ولا تفكر في إنجازها كلها دفعة واحدة؛ إنما خطط للعمل مدة 15 دقيقة أو 5 دقائق فحسب.
أي بدلاً من التخطيط لإنهاء تقرير العمل كاملاً، قل سأفتح الملف وأكتب الفقرة الأولى فقط، وعوضاً عن التفكير في الرد على رسائل البريد الإلكتروني جميعها، قل سأرد على الرسالة الأولى، وبدلاً من التفكير في إجراء بحث معمق عن الموضوع، قل سأجد مصدراً موثوقاً واحداً فقط.
فكثيراً ما يكون البدء بالعمل هو الجزء الأصعب منه، لأن الدماغ يميل إلى المبالغة في تقدير الجهد المطلوب قبل بدء أي مهمة، ثم بمجرد الشروع بخطوة صغيرة وسهلة، يبدأ الزخم وإفراز الدوبامين الناتج عن التقدم في العمل، ما يسهل الاستمرار في العمل.
اقرأ أيضاً: توقف عن التسويف خلال 5 ثوان فقط! اكتشف التقنية الأشهر لتحفيزك
3. استمع إلى الأغاني والموسيقا الإيقاعية التي تحفزك على الرقص!
تبين أن المشاعر الإيجابية تحفز الناس على العمل وتزيد قدراتهم على الاستمتاع بالمهام الصعبة، دون أن تقلل المسؤولية أو الأداء في المهام المطلوبة. ومن أبسط وأسهل الطرق لتحسين الحالة المزاجية، هي الاستماع إلى الموسيقا.
ففي حال شعرت بصعوبة الشروع بالعمل أو علقت في دوامات من التشتت أو التفكير المفرط أو التسويف، فإن عالم الاجتماع ومختص دعم المصابين بفرط النشاط ونقص الانتباه، سام ديلان فينش، ينصح بتشغيل قائمة من الأغاني المبهجة والحيوية التي تثير الرغبة في الرقص.
إذ يرى أن هذه الموسيقا، خصوصاً المرتبطة ببعض الذكريات الإيجابية مثل الحفلات والمناسبات السعيدة، تستطيع أن تساعدك على تنظيم مشاعرك وتنشيط نظام معالجة المكافآت في الدماغ، ما يسهل التبديل بين المهام والانتقال من الجمود إلى الفعل. باختصار، الموسيقا تجعل المهام أكثر متعة، وتبقيك مركزاً، وتساعدك على إنهائها.
ويمكنك أيضاً أن تستخدم الأغاني بوصفها مؤقتاً للعمل، أي أن تعمل على مهمة ما حتى تنتهي أغنية محددة، يساعدك ذلك على البدء ثم الاستمرار، فالبدء هو المرحلة الأصعب كما ذكرنا. يمكنك أيضاً أن تشغل أغنية رئيسية للمهمة الواحدة؛ أي تشغيل الأغنية نفسها دائماً للمهمة نفسها. مع مرور الوقت، يربط ذهنك هذه الأغنية بالمهمة، ما يسهل البدء تلقائياً.
4. عد تنازلياً بصوت عال 5-4-3-2-1 وانطلق!
قد يبدو هذا سخيفاً بعض الشيء، لكن ماذا ستخسر إن جربته؟ فمن وجهة نظر عالم الاجتماع المذكور آنفاً، فينش، يرسل العد التنازلي قبل الشروع بالعمل إشارات جسدية للذات بأنها على وشك الانتهاء من نشاط ما والانتقال إلى نشاط آخر.
إذاً، عندما تشعر بالعجز قبل بدء مهمة، عد تنازلياً بصوت عال: "3-2-1: انطلق!"، وأضف حركة جسدية بسيطة، كأن تصفق، أو تحرك ذراعيك أو تقف أو تجلس إن كنت واقفاً. تذكر أن الأمر لا يتعلق بأداء المهمة على أكمل وجه؛ إنما بخلق زخماً للانتقال بسلاسة من الجمود إلى الفعل.
5. احتفل بالإنجازات الصغيرة
على الرغم من أن إنجاز العمل في حد ذاته مكافأة، فإن المكافأة الخارجية تحفز نظام المكافأة في دماغك مباشرة. لذا لا تتوانى عن الاحتفال بالإنجازات مهما كانت صغيرة، حتى لو كانت إرسال بريد إلكتروني أو كتابة فقرة واحدة في تقرير العمل.
وهذا ما يؤكد عليه المعالج النفسي، أسامة الجامع، إذ ينصح بألا تتوقف عن مكافأة نفسك مهما كان مزاجك متعكراً، وأن تكافئ نفسك بعد كل فترة ضغوط بالكلمة الطيبة، أو بالفعل الحسن، أو بالهدايا، أو بالتسوق، أو بممارسة الهوايات، وألا تتوقف حتى لو قل استمتاعك بها. لتكن عنايتك بنفسك أولوية دائماً، فمن وسائل مكافحة الاكتئاب أن تكافئ نفسك بعد كل جهد.
كيف تحتفل؟ اهتف لنفسك بصوت عال، أو تناول مشروباً مفضلاً أو وجبة خفيفة، أو ارقص رقصة قصيرة أو تمدد نصف دقيقة، أو شاهد أحد برامجك المفضلة بضع دقائق، أو تمتع ببعض الهواء النقي، أو غير ذلك. ستزيد المكافآت شعورك بالرضا تجاه المهام الصعبة، وتزيد دافعيتك للخطوة التالية؛ إذ تدرب دماغك على ربط الجهد بالمتعة، ما يسهل بدء المهام ومواصلتها وإتمامها. تذكر ألا تبالغ في المكافأة، بل أن تجعل حجم المكافأة متناسبة طردياً مع حجم المهمة.
اقرأ أيضاً: ما الإنتاجية السامة؟ وكيف تتجنب الوقوع في فخها؟