ملخص: يؤثر التلعثم في الصحة النفسية، وقد يفاقم الشعور بالإحراج والقلق والخوف من التحدث. ومع ذلك، فثمة العديد من الأشخاص والمشاهير الذين استطاعوا تحقيق إنجازات كبيرة على الرغم من أنهم مشاهير عانوا من التلعثم.
محتويات المقال
الآن، يمكن القول إن التلعثم أو التأتاة أمرٌ محبِط ومحرِج، وليس غريباً أن يشعر الشخص المتلعثم بالقلق أو الخجل. ومع ذلك، فإن التلعثم حالة طبية لا داعي للخجل منها، فالكثيرون حول العالم يتغلبون عليها أو يتعايشون معها، والأمثلة على ذلك كثيرة سواء من قادة العالم أو نجوم السينما أو الرياضيين المحترفين وغيرهم. تعرَّف أكثر إلى التلعثم وتأثيره في الصحة النفسية، وبعض المشاهير ممَّن أُصيبوا به.
اقرأ أيضاً: دليلك الشامل حول التأتأة أو التلعثم
ما هو التلعثم؟
التأتأة أو التلعثم هو اضطراب في الكلام يؤثر في إيقاع الحديث وطلاقته، يؤدي إلى تكرار الأصوات أو الكلمات، أو إطالة الأصوات، أو التوقف المفاجئ في أثناء التحدث عن غير قصد. وعلى الرغم من أن الشخص الذي يتلعثم يعرف تماماً ما يريد قوله؛ لكنه يواجه مشكلة في إنتاج تدفق طبيعي للكلام.
يُذكر إن حدّة التلعثم تختلف بشكل كبير على مدار اليوم بالنسبة إلى الشخص نفسه، فقد يؤدي التحدث أمام جماعة من الناس أو عبر الهاتف إلى جعل التلعثم أكثر حدةً، بينما يؤدي الغناء أو القراءة أو التحدث في انسجام تام إلى تقليل التلعثم مؤقتاً.
وعادةً ما يقسم التلعثم إلى نوعين؛ النوع الأول وهو الأكثر شيوعاً هو التلعثم النمائي الذي يحدث عند الأطفال بين سنّّي الثانية والثامنة، وهو ينطوي على تفاعلات معقدة داخل الدماغ، ويميل لأن يكون وراثياً؛ إذ حدد الباحثون 4 جينات مختلفة إلى حد اليوم ترتبط بحدوثه. ومع ذلك، فإن نحو 90% من هؤلاء الأطفال يصبحون قادرين على التكلم بطلاقة بحلول عامهم الـ 18.
أما النوع الثاني فهو التلعثم المُكتسب الذي يحدث بعد مرض أو إصابة تؤثر في الدماغ؛ حيث يواجه الدماغ صعوبة في تنسيق المناطق المختلفة التي تشارك في التحدث، فيواجه الشخص مشكلات في إنتاج كلام واضح. قد يكون التلعثم المكتسب دائماً أو مؤقتاً، وهذا يعتمد على سبب المشكلة.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن علاج الرهاب الاجتماعي دون أدوية؟
تأثير التلعثم في الصحة النفسية
اعتُقد في فترة من الفترات أن التلعثم بأنواعه ناتج من الصدمة النفسية؛ لكن العلماء باتوا يعلمون اليوم أن التلعثم النفسي نادر الحدوث، وأن التلعثم بطبيعته عصبيّ فيزيولوجيّ المنشأ.
وعلى الرغم من أن التلعثم ليس حالة خطِرة في حدّ ذاته، ويتعافى منه معظم الناس باستخدام علاج النطق وغيره من الوسائل؛ لكنه قد يؤثر في الصحة النفسية تأثيراً جسيماً؛ إذ يعاني نحو 40% من الأطفال المتلعثمين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاماً، من بعض المشكلات النفسية مثل القلق أو الاكتئاب.
ويكون البالغون أكثر عرضة للإصابة بهذه المشكلات، فاضطراب الكلام مشكلة تواصلية واجتماعية ذات آثار سلبية في الصحة النفسية والعاطفية عند نسبة كبيرة من البالغين. يؤثر اذطراب الكلام في نوعية حياة الشخص وعلاقاته الشخصية وأنشطته اليومية، ومن ثَمّ يؤثر سلباً في أدائه الأكاديمي والوظيفي وحصوله على فرص العمل.
علاوة على ذلك، فقد أظهر معظم الدراسات وجود علاقة معنوية بين التلعثم ومستوى القلق الاجتماعي؛ حيث تزداد مستويات التعب والاضطرابات النفسية والعاطفية عند الأشخاص الذين يتلعثمون، في حين ينخفض مستوى أنشطتهم الاجتماعية.
وجدير بالذكر إنه وعلى الرغم من أن التلعثم والقلق حالتان مختلفتان تماماً، فثمة رابط قوي متبادَل بينهما؛ ذلك أنّ التلعثم قد يجعل القلق يتطور ويزداد سوءاً، وفي المقابل، يزداد التلعثم سوءاً عند الشعور بالقلق.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر التلعثم سلباً في الانفعالات وتقدير الذات وإنجاز العمل عند البالغين الذين يتلعثمون.
اقرأ أيضاً: هل يسبب القلق تشنج العضلات؟
علاج التلعثم وأهمية رعاية الصحة النفسية للمصابين به
على الرغم من عدم وجود علاج فعّال قادر على جعل التلعثم يختفي تماماً عند المصابين به جميعهم؛ لكن ثمة مجموعة متنوعة من الخيارات العلاجية التي من شأنها أن تساعد على تعلُّم التحدث بسهولة أكبر وتعزّز القدرة على التواصل بشكل أكثر فعاليةً كعلاج النطق والعلاج الدوائي وبعض الأجهزة الإلكترونية وغيرها.
وتختلف طبيعة العلاج بناءً على عمر الشخص وأهداف التواصل وعوامل أخرى، لذلك ينبغي اللجوء إلى اختصاصي تقويم الكلام واللغة لتحديد أفضل خيارات العلاج.
ومن المهم جداً أن تُولى الصحة النفسية للمصابين بالتلعثم الاهتمام الكافي؛ حيث سيساعد التواصل مع طبيب نفسي أو معالج أو متخصص في الصحة النفسية، على التعامل مع حالات القلق والاكتئاب، وتعزيز احترام الذات والثقة بالنفس.
تُعد رعاية الصحة النفسية عند الأطفال مهمة جداً لتقليل شدة الآثار السلبية للتلعثم؛ إذ غالباً ما يعاني الأطفال الذين يتلعثمون من التنمر والمضايقة؛ ما يفاقم بدوره القلق والاكتئاب لديهم.
ويُشار إلى أن الشكل الوحيد من التلعثم الذي يتطلب رعاية طبية طارئة هو التلعثم المكتسب الذي يظهر فجأة، وبخاصة عندما يترافق مع أي أعراض أخرى تدل إلى حدوث سكتة دماغية أو إصابة في الدماغ.
مشاهير أُصيبوا بالتلعثم
حقق عدد كبير من المشاهير إنجازات مذهلة على الرغم من التلعثم، ومنهم مَن تحدث عن تجربته مع هذه الحالة هادفاً إلى زيادة التوعية بها؛ مثل:
- الرئيس الأميركي جو بايدن: على الرغم من كونه رئيساً لدولة كبرى وكثيراً ما يتكلم أمام الجماهير بسهولة؛ لكنه عانى من التلعثم منذ الطفولة بل وما زال يتلعثم أحياناً عندما يكون متعباً جداً، الأمر الذي قد يسبب الشعور بالحرج واليأس الشديدَين، على حد قوله. وقد وجّه رسالة إلى الشباب الذين يتلعثمون بألا يحكموا على أنفسهم من طريقة كلامهم، وألا يدعوا ذلك يحدد هوياتهم.
- المغني إد شيران: عانى المغني الأميركي المشهور من التلعثم منذ طفولته، وقد ساعده الغناء على التخلص من هذه الحالة. وفي نصيحة وجهها للأطفال، قال: "التلعثم ليس شيئاً يجب القلق بشأنه، فالمهم أن تكون على طبيعتك فقط، فلا أحد في العالم يمكنه أن يكون أفضل منك".
- لاعب الغولف تايغر وودز: من أشهر لاعبي الغولف وأفضلهم على الإطلاق. عانى من التلعثم منذ كان طفلاً، وقال إن التلعثم ألهمه حتى يعمل بجدٍ أكبر.
- الممثل صموئيل جاكسون: على الرغم من حواراته القوية في أدواره البارزة، فقد أمضى هذا الممثل عاماً كاملاً في المدرسة في صمت مطبق نتيجة تلعثمه السيئ في تلك الفترة، وقد ساعده كل من تمارين التنفس والقراءة في المكتبة وتكرار بعض الكلمات على تجاوز هذا العائق.
- الممثل بروس ويليس: أرسل من وحي تجربته نصيحة إلى آباء الأطفال الذين يتلعثمون بأن يتحلّوا بالصبر، وأن يستمعوا إلى أطفالهم بصبر، وأن يقدموا التشجيع والتعزيز الإيجابي في الأوقات كلّها.
اقرأ أيضاً: شفاؤك من المعاناة النفسية يبدأ بتقبل ذاتك
بالإضافة إلى هؤلاء، ثمة العديد من المشاهير الذين عانوا من التلعثم لكنه لم يكن عائقاً في طريق تحقيق أهدافهم؛ ومنهم رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل، والعالم تشارلز داروين، ومؤسس علوم الكمبيوتر آلان تورينغ، والممثلتان نيكول كيدمان وإيميلي بلانت وغيرهم الكثير.
ختاماً، تنبغي الإشارة إلى أن التحكم في التلعثم هو مشروع طويل الأمد يتطلب قدراً كبيراً من الصبر والتفهم وتوقع الانتكاسات، ويبدأ من تقبُّل التلعثم أساساً.