ملخص: تؤثر طريقة تربية الأطفال والإصغاء إليهم في تطورهم على نحوٍ مباشر، خصوصاً على المستوى العاطفي. يقول المحلل النفسي فيليب غرامبير (Philipe Grimbert): "إذا كان الناس جميعاً يستشعرون العواطف فهذا لا يعني بالضرورة أنهم طوروا ذكاءهم العاطفي، فهو يدخل في نطاق المهارات المكتسبة، ومن هنا يأتي الدور الأساسي الذي يقع على عاتق الوالدين".
محتويات المقال
كبت المشاعر
إن البالغين الذين لم يتطوروا عاطفياً في سنّ مبكرة: "يسارعون إلى تخطي مشاعرهم وتجنّبها؛ بل كبتها لأنهم لم يتعلموا كيفية مواجهتها" حسبما تؤكده بوبي بانكس.
وتضيف المعالجة النفسية إيزابيل فيليوزات (Isabelle Filliozat): "إذا حُرم الطفل من حق التعبير عن مشاعره، ولم يجد من يصغي إليه عند بكائه وغضبه وخوفه، ولا من يؤكد حقه في ذلك، فقد يبلغ به الأمر حد محو كل ما يحس به من لا وعيه، وعندما يكبر يكتسب ردّ فعل يدفعه إلى عدم الانتباه إلى عواطفه الخاصة، وعدم استشعارها بتاتاً أو تعويضها ببعض "العواطف المسموح بها"". ولهذا من الضروري الحرص على سؤال الأطفال منذ سن مبكرة عن عواطفهم، وتشجيعهم على التساؤل عن أسبابها، وتعليمهم تقبّلها.
العزلة
يميل هؤلاء الأشخاص إلى العزلة عندما يكونون في حاجة إلى الدعم العاطفي لأنهم لا يستشعرونه.
كما أن الطفل لا يعرف كيف يصف مشاعره، فيحتاج إذاً إلى مساعدة الكبار من أجل التعبير عمّا يحسّ به، وتعلّم التحكّم في عواطفه أيضاً. وتؤكد إيزابيل فيليوزات إن الشخص البالغ يمكنه أن يساعد هذا الطفل على التعبير عن احتياجاته بطريقة "مقبولة اجتماعياً"، والبوح بما يشعر به للأشخاص الذين يثق بهم.
الوحدة
كتبت بوبي بانكس أن الأطفال الذين لم تُقدَّر عواطفهم أو تُفهم يميلون إلى الشعور "بالفراغ والنقص والنبذ". ولذلك فإن تعبير الطفل عن عواطفه وفهمها يمكّن أيضاً من تقبّلها سواء كانت لها دلالات إيجابية أو سلبية.
ويرى فيليب غرامبير أن صبر الوالدين وإصغاءهما ضروري من أجل تقدير الطفل لأحاسيسه باعتبارها "طبيعية ومفيدة" لا أن يعدّها "غير لائقة وسيئة". ويقترح غرامبير على الوالدين: "سرد قصصهم الشخصية عن حالات الخوف والغضب التي عاشوها عندما كانوا صغاراً" من أجل جعل مشاعر الطفل طبيعيةً.
إرضاء الآخرين أولاً
يجد هؤلاء البالغون الذين لم يطوروا ذكاءهم العاطفي مبكراً صعوبة في التعبير عن احتياجاتهم على غرار الصعوبة التي يجدونها في التعبير عن عواطفهم.
ويميل الأطفال إلى التكيّف مع انتظارات المجتمع بعد أن اعتادوا على كبح البوح بأحاسيسهم، فينتظرون من الآخرين بالتالي السماح لهم بما يمكنهم التعبير عنه. وتلخص بوبي بانكس ذلك قائلةً: "لقد تعلّم هؤلاء الأطفال إرضاء الآخرين على حساب مشاعرهم الشخصية".
تدني تقدير الذات
توضح المعالجة النفسية إن هؤلاء الأشخاص يجدون صعوبةً في: "الشعور باستحقاقهم للاهتمام والحبّ، لأنهم لم يحظوا بما يكفي من الرعاية والعطف". لذا فإن الإصغاء والتّفهم اللذين سيعبر عنهما الوالدان تجاه طفلهما سيُشعرانه بالتقدير والدعم.
وتؤكد المعالجة النفسية مود لوهان (Maud Lehanne) في هذا الإطار إن: "الدعم الذي يحظى به الطفل سيكفيه من أجل التطور بثقة دون حاجة إلى من يؤكد له جدارته بالمحبّة".
عدم الثقة بالنفس
تُبرز بوبي بانكس في منشورها على موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام أن هؤلاء الأشخاص: "يعيشون صراعاً نفسياً ولا يستطيعون الثقة بأنفسهم أو الاعتماد على الآخرين"؛ إذ تؤثر سلوكات الوالدين تجاه أبنائهم في نوعية الروابط النفسية التي يطورونها.
يقول المعالج النفسي نيكولا تييري (Nicolas Thierry): "عندما يكون الشخص البالغ جاهزاً للتعامل مع الاحتياجات العاطفية لطفله ومتنبهاً ومتقبّلاً لها" فإن رابطة الأمان تتطور لدى هذا الطفل. ويمنحه ذلك "نوعاً من الراحة في التعرف على محيطه واستكشافه".
آثار جروح الماضي
تتحكم الجروح العاطفية التي تعرّض لها البالغون خلال طفولتهم في حيواتهم إذا لم تلتئم؛ إذ يحدث أحياناً أن ينتج بعض العواطف عن صدمات كبرى؛ كالحزن على وفاة عزيز، أو الانفصال عنه أو الرحيل عن مكان معين؛ ما يستدعي التطرق إلى هذه الأحداث كلها.
وينصح فيليب غرامبير أن: "تُطرح الأسئلة عن هذه الصدمات، وتُقترح تفسيرات لها، ويفكَّر فيما مضى منها". وإذا تكرّرت "الصدمات العاطفية" فقد يكون من المفيد اللجوء إلى معالج نفسي.