مَن أنت حقاً؟ إليك كيف تتشكل شخصيتك و4 إرشادات لتطوِّرها

3 دقائق
علم نفس الشخصية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: ربما حاولت أكثر من مرة الجلوس مع ذاتك للوصول إلى إجابة واضحة محددة عن سؤال شديد الأهمية هو: مَن أنا؟ وأي نمط شخصية هو نمطي؟ ولأن الإجابة ليست سهلة على الإطلاق؛ نقدم هذا المقال الذي يساعدك على معرفتها عملياً.

"يلبس كل منا نظارة شمسية يرى بها الحياة، ولون هذه النظارة إما تجنبية أو اعتمادية أو قلقة أو انطوائية أو حساسية، كلاً حسب سماته الشخصية، فاعرف سماتك الشخصية لتعرف كيف تتعامل مع ذاتك أولاً ثم تتعامل مع الآخرين".

يشرح الطبيب النفسي السعودي طارق الحبيب من خلال الكلمات السابقة انعكاس سماتنا الشخصية على حياتنا وتعاملاتنا مع الآخرين، ففهمها واستيعابها يعد الخطوة الأولى التي تساعدنا على معرفة الوظائف المناسبة لنا وصفات الأشخاص الذين قد نتوافق معهم في علاقاتنا، لكن كيف تعرف ملامح شخصيتك؟ هذا ما سنتطرق إليه بالتفصيل في مقالنا.

ما هو علم نفس الشخصية؟

يهدف علم نفس الشخصية إلى دراسة الكيفية التي تتطور بها شخصيتنا وتأثيرها في أفكارنا وسلوكاتنا، فشخصيتك تحدد قراراتك ونمط حياتك وتفاعلك مع محيطك وغير ذلك من النواحي المصيرية. ويبحث المختصون في علم نفس الشخصية عن الأسباب التي تؤدي إلى اختلاف الشخصية من فرد إلى آخر، وأيضاً العوامل التي تجعل شخصيتَيّ فردَين متشابهتَين إلى حد كبير.

ويتيح علم نفس الشخصية القدرة على التنبؤ بردود أفعال البشر وفقاً لأنماط شخصياتهم، ويدرس كذلك اضطرابات الشخصية المختلفة وتأثيرها في مسارات حيواتهم. وبصفة عامة، ما نقصده بمصطلح "الشخصية" هي الأفكار وأنماط السلوك والمواقف الاجتماعية جميعها التي تؤثر في نظراتنا إلى أنفسنا، إلى جانب ما نعتقده عن الآخرين والعالم من حولنا.

كيف تتكون شخصيتك؟

مبدئياً، من الضروري إيضاح أن شخصيتك ليست ثابتة أو غير قابلة للتغيير فهي تتطور باستمرار؛ لذا فإن فرضية أن الإنسان يولد بأنماط وسمات معينة تحدد شخصيته ليست دقيقة؛ وإنما ما يمكن الاعتداد به هو أن الشخصية تتأثر بجيناتك الوراثية والتجارب الحياتية والأحداث الصادمة التي تواجهها، إلى جانب طبيعة المجتمع الذي نشأت فيه ونوعية الثقافة التي ترعرعت معتقداً لأفكارها.

وتتعدد نظريات علم نفس الشخصية التي تفسر كيفية تكون الشخصية لكن لا توجد نظرية وحيدة معتمَدة؛ إنما يمكن اعتبارها جميعاً نظريات يكمّل بعضها بعضاً؛ وتشمل:

1. النظرية الديناميكية

تستند هذه النظرية إلى الكثير من أفكار عالم النفس الشهير سيغموند فرويد (Sigmund Freud)، فهي ترى أن النفس البشرية تتكون من 3 جوانب تشمل الهو والأنا والأنا العليا. وترى النظرية الديناميكية أن تجارب الطفولة تؤثر تأثيراً كبيراً في تطور الشخصية والاضطرابات النفسية المحتمَلة.

2. نظرية السمات

ترتكز نظرية السمات على فكرة أننا جميعاً نتشارك سمات شخصية معينة ثابتة لكن بدرجات متباينة، وهذه السمات هي:

  • القبول.
  • الضمير الحي.
  • الانبساط.
  • العُصابية.
  • الانفتاح على التجربة.

3. النظرية البيولوجية

تذهب النظرية البيولوجية إلى أن العوامل الفيزيولوجية تؤثر تأثيراً مباشراً في تكوين الشخصية، فمن ضمن أفكارها مثلاً أن بنية دماغك يمكنها تحديد كيفية تطور شخصيتك.

4. النظرية السلوكية

تفسر النظرية السلوكية تكوين الشخصية وتطورها وفقاً لطريقة المكافأة والعقاب في البيئة التي نشأت فيها، فوفقاً لها تجعلك هذه الطريقة تتصرف وتفكر بطريقة معينة تميزك عن الآخرين.

5. النظرية الإنسانية

تشير النظرية الإنسانية إلى أن إدراكك لذاتك وتصورك لها يمكن أن يحدد بدرجة كبيرة مَن أنت، وصاحب هذه النظرية هو عالم النفس الأميركي الشهير أبراهام ماسلو (Abraham Maslow) الذي يرى أن شخصيتك هي نتيجة تلبية أو عدم تلبية احتياجاتك الأساسية، وقد أضاف إلى هذه النظرية عالم النفس الأميركي كارل رودجرز (Carl Rogers)؛ الذي من وجهة نظره أن الشخص مدفوع بحاجته إلى تحقيق ذاته؛ ومن ثَم تتكون ملامح شخصيته من خلال سعيه إلى نموه وتحسنه المستمر.

هل نتائج اختبارات الكشف عن نمط الشخصية دقيقة؟

يرى علماء النفس الذين يدرسون أنماط الشخصية أن حصر تعددية البشر وتنوعهم الواسع في أنماط شخصية محدودة يكشفها اختبار موضوع بأسئلة معينة، هو إفراط في التبسيط للاختلافات ما بينها، فأقصى ما يمكن لهذه الاختبارات أن تفعله هو أن تعطينا ملامح عامة عن أنفسنا ليس أكثر؛ لكنها ليست ملامح شاملة أو تفصيلية.

وهذا ما يجعل اختبارات الشخصية مجرد وسيلة ليضع الشخص يده على أهم نقاط ضعفه أو قوته، ثم يوظفها في حياته المهنية وعلاقاته الاجتماعية ومحاولاته المستمرة لتنمية ذاته. وكذلك، يمكن أن تخبره هذه الاختبارات بالأمراض التي عليه أن يحترس من الإصابة بها؛ فمثلاً الشخص الذي ينفعل بكثرة قد يكون معرضاً للإصابة بأمراض بعينها مقارنةً مع غيره.

4 إرشادات ذاتية لتطور شخصيتك

يوجد العديد من الإرشادات الفعّالة التي يمكنك باتباعها أن تطور من شخصيتك؛ وأهمها:

1. اعرف قيَمك

عندما تتعرف إلى قيَمك الأساسية ستتمكن من تحديد أولوياتك وأهدافك وفقاً لها؛ وهو ما سيجعل مسار حياتك أكثر توافقاً معها.

2. حدّد أهدافك اليومية لتنمية شخصيتك

أقترح عليك أن تفعل شيئاً واحداً على الأقل يومياً تطور من خلاله شخصيتك، ولا يشترط أن يكون شيئاً كبيراً، فالطفل الصغير يتعلم المشي بحركات بسيطة لكنها في الاتجاه الصحيح.

3. حافِظ على إيجابيتك

ربما صادفت من قبل شخصين تعرضا للظروف نفسها لكن استجاباتهما كانت مختلفة؛ ما يؤكد أهمية التمسك بالعقلية الإيجابية في مواجهة صعاب الحياة، فتقبُّل التحديات والتعلم من الفشل واعتبار الانتكاسات فرصاً للنمو جميعها أمور تجعل شخصيتك أكثر نضجاً.

4. لا تتخلَّ عن ثقتك بنفسك

عندما ترغب في تحقيق أمر ما فالعنصر الأول الذي ستبني عليه تقدُّمك هو ثقتك بنفسك؛ لذا كن واثقاً قدر الإمكان أنك ستنجح ببذل الجهد اللازم من تطوير شخصيتك وتغيير سماتك إلى الأفضل.

أخيراً، ستظل شخصية الإنسان شديدة التعقيد؛ ما يجعلها مجالاً خصباً للدراسة واكتشاف المزيد عنها باستمرار؛ لكن ينبغي لك معرفة أن شخصيتك ليست جامدة، فهي قابلة للتطور لذا حاول أن تبحث عما يجعلها نسخة أفضل لك أولاً ولمَن حولك ثانياً.