ما الأثر الإيجابي الذي تخلفه تحديات الحياة في صحتك النفسية؟

4 دقيقة
تحديات الحياة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تحديات الحياة صعبة من دون شك وتثير في كثير من الأحيان مشاعر سلبية قوية، لكنها ومع ذلك، قد تمثِّل فرصاً للنمو الشخصي والمرونة واكتشاف الذات، ما يسهم في نهاية المطاف في تعزيز الصحة النفسية.

نواجه معظمنا صعوبات في الحياة وتحديات عديدة، ولكل منا هم على مقاسه، مثلما يُقال. لكن وعلى الرغم من كل ما قد تثيره هذه الصعوبات من مشاعر سلبية في حينها، فإن لها آثار إيجابية لا يمكن إغفالها. وإليك كيف يمكن لتحديات الحياة أن تعزز صحتك النفسية.

اقرأ أيضاً: 9 نصائح لتتجاوز الأيام الثقال وتخفف وطأتها

كيف يمكن للتحديات الحياتية أن تحسن صحتك النفسية؟

يقول المعالج النفسي، عبد الله الجطيلي، بناء على دراسة حديثة منشورة في مجلة علم النفس الإيجابي (The Journal of Positive Psychology) عام 2020، إنه “على الرغم من الاعتقاد الشائع من أن الحياة الإيجابية والسعيدة هي حياة ذات معنى، وأن الحياة الصعبة تجلب المعاناة، فإن ما يجعل الحياة ذات معنى وقيمة ليس تجاربها الممتعة ولا حتى المؤلمة؛ وإنما شدة هذه الأحداث”.

إذاً، للتحديات الكبرى دور في إضفاء المعنى على الحياة، وهو ما يزيد لذتها من دون شك. في الواقع، تؤكِّد الطبيبة النفسية، شيلاغ ميرغين (Shilagh Mirgain) على أن احتضان الأوقات الصعبة بدلاً من الانغلاق عاطفياً يمكن أن يؤدي إلى تغيير نفسي إيجابي في حياة الفرد وشخصيته، أو ما يسمَّى في علم النفس بـ “نمو ما بعد الصدمة” وهي ظاهرة وصفها عالما النفس ريتشارد تيديشي (Richard Tedeschi) ولورانس كالهون (Lawrence Calhoun) لأول مرة في التسعينيات من القرن الماضي.

يشمل هذا النمو إحساساً جديداً بالقوة الشخصية والنفسية، ويساعد على اكتساب تقديراً أعمق للحياة، وتطوير علاقات أوثق مع الأحبة. وذلك لأن تحديات الحياة قد تزعزع معتقدات الناس الراسخة، وتدفعهم نحو التفكير في أنفسهم وعلاقاتهم والعالم بطرائق مختلفة كلياً، كما قد تحفزهم على تقدير لحظات السعادة والامتنان لها، وهو ما يعزز الصحة النفسية في نهاية المطاف.

اقرأ أيضاً: 7 إرشادات عملية تساعدك على تجاوز أسوأ أيامك

6 فوائد ثمينة ستجنيها من وراء التحديات

يُشار إلى أن الصحة النفسية الجيدة لا تقتصر على غياب الأمراض النفسية أو العقلية فحسب، بل تعني أيضاً القدرة على التعامل مع ضغوط الحياة العادية، والعمل على نحو منتج، والمساهمة في المجتمع. وفيما يلي بعض الطرائق التي يمكن أن تفيد بها تحديات الحياة الصحة النفسية:

  • بناء المرونة: يمكن أن تساعد مواجهة التحديات والتغلب عليها في بناء المرونة وزيادة النضج، ما يسمح للأفراد بالتعامل مع الصعوبات اللاحقة باستخدام قوتهم الداخلية وشبكات الدعم الاجتماعي. يستطيع الأشخاص الذين يتمتعون بالمرونة إدارة التوتر على نحو أفضل، وهذا ما يجعلهم أقل عرضة للإصابة بمشكلات الصحة النفسية؛ مثل الاكتئاب والقلق.
  • تعزيز النمو الشخصي: تدفع مواجهة التحديات الشخص خارج منطقة راحته، وتسمح له باكتشاف نقاط قوته وضعفه، ما يعزز الوعي الذاتي ويساعد على اكتشاف الأهداف ذات المغزى. بكلمات أخرى، قد تدفع التحديات الشخص إلى إعادة التفكير في قيمه الأساسية وهويته وإعادة ترتيب أولوياته وما يهمه حقاً من الحياة، ما يساعده على فهم ذاته على نحو أعمق، وإعادة بناء أساس نفسي أكثر أصالة يعتمد على القيم الشخصية بدلاً من التوقعات المجتمعية.

اقرأ أيضاً: هل تشعر بالعجز تجاه الأحداث المؤلمة؟ إليك 7 طرق فعالة للتعامل معه

  • الشعور بالإنجاز: يمكن أن يؤدي التغلب على التحديات إلى اكتشاف القدرات الذاتية غير المتوقعة ما يعزز احترام الذات والثقة في النفس.
  • تعزيز الشبكة الاجتماعية: عند مواجهة التحديات، غالباً ما يتواصل الأفراد مع الآخرين للحصول على الدعم، الأمر الذي يمكن أن يعزز العلاقات الإيجابية ويقوِّي الروابط الاجتماعية.
  • إدارة العواطف: قد تسهم مواجهة تحديات الحياة في تعلُّم كيفية التعامل مع العواطف على نحو فعال، ما يساعد على إدارة الغضب والمشاعر السلبية وتعزيز الذكاء العاطفي، ما يجعل الأفراد أكثر تعاطفاً وتفهماً وإيثاراً.
  • اكتساب الحكمة: تعدّ مواجهة الشدائد في وقت مبكر من الحياة بمثابة تجربة تعليمية قيمة تعزز الحكمة. فعلى غرار التطعيم الذي يبني المقاومة للجراثيم، فإن التغلب على التحديات في وقت مبكر يساعد الأفراد على تطوير آليات تأقلم تجعلهم أكثر مهارة في التعامل مع التوتر طوال حياتهم، ما يؤدي في النهاية إلى تعزيز رفاهيتهم العامة.

اقرأ أيضاً: ما الجانب الإيجابي لتجنب مواجهة الحقيقة المؤلمة؟ وكيف يعزز صحتك النفسية؟

تعرف إلى مشاهير أصقلتهم التحديات

من أشهر الأشخاص الذين جسدوا الصمود في مواجهة التحديات الكاتب والمفكر المصري، طه حسين؛ وإذ وعلى الرغم من فقدانه البصر في طفولته، فقد تابع تعليمه ونال شهادة الدكتوراة، وأصبح شخصية بارزة في الأدب العربي.

نذكر أيضاً إصابة الممثل المصري، أحمد مكّي، بفيروس خطير أبعده عن العمل فترة طويلة، لكنه عاد إلى العمل والحياة أقوى مما كان، وقصة المغنية ليدي غاغا، التي تعرضت للاغتصاب عندما كانت في الـ 19 من عمرها، وأصيبت إثرها بالاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، لكنها اختارت التحدث عن معاناتها والمضي قدماً في الحياة.

ومن القصص الملهمة أيضاً، قصة رجل الأعمال البريطاني آندي سكوت (Andy Scott)؛ الذي جمع ثروة هائلة من سوق العقارات في العشرينات من عمره، لكنه واجه الخراب في الانهيار المالي عام 2008، وخسر كل شيء، بما في ذلك صحته النفسية، ثم أعاد بناء ثروته من الصفر تقريباً.

ألا توضح هذه القصص القدرة البشرية المذهلة على التعافي بعد الشدائد، والقدرة على التأقلم في مواجهة تحديات الحياة؟

7 إرشادات فعالة للتعامل مع تحديات الحياة

الحياة مليئة بالمشكلات والتحديات، وقد لا تكون مواجهتها أمراً سهلاً، لكن ومع ذلك، فثمة بعض النصائح الفعالة التي قد تمنحك القدرة على الاستمتاع بالحياة والتغلب على تحدياتها والتعامل مع الضغوط على نحو أفضل. وإليك أهمها:

  • تواصل مع الآخرين: ابنِ علاقات إيجابية مع العائلة والأصدقاء للحصول على الدعم والتوجيه والقبول، كما يمكن أن يوفر العمل التطوعي ميزة نفسية إضافية.
  • ابحث عن المعنى: انخرط في الأنشطة اليومية التي تجلب إحساساً بالإنجاز والهدف. حدد أهدافاً قابلة للتحقيق لتحفيزك نحو مستقبل هادف.
  • تعلم من التجارب: فكِّر في الصعوبات الماضية وكيف تعاملت معها، وحدد المهارات والاستراتيجيات التي ساعدتك على التكيف. يمكن أن يساعد تدوين اليوميات في التعرف إلى أنماط السلوك الإيجابية وتلك السلبية، وتوجيه سلوكك مستقبلاً.
  • حافظ على نظرة تفاؤلية: تبنَّ عقلية النمو، وانظر إلى المشكلات والتحديات بوصفها فرصاً للتعلم والتغيّر. توقّع هذا التغيير وتقبّله من أجل تقليل القلق والتعامل مع التحديات الجديدة على نحو أكثر فعالية وإيجابية.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع مشاعرك المزعجة بعد خسارة كل شيء؟

  • مارِس الرعاية الذاتية: أعط الأولوية لصحتيك البدنية والنفسية. شارك في أنشطة ممتعة، ومارس التمارين الرياضية بانتظام، وحافظ على نظام غذائي صحي، ومارس إدارة التوتر، واحصل على قسط كافٍ من النوم.
  • كن استباقياً: عالج المشكلات بدلاً من تجاهلها. فكِّر فيما ينبغي فعله وضَع خطة واتخذ الإجراءات المناسبة، واعترف بأن التعافي يستغرق وقتاً.
  • اطلب المساعدة: إذا كان التعامل مع تحديات الحياة صعباً عليك، فلا تتردد في طلب استشارة المعالج النفسي.