هل يجب أن نتجنب شعور الندم بأي ثمن؟ أم أن له جانباً إيجابياً؟

2 دقيقة
الندم
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: لماذا لا نرى في الندم إلّا جانبه المؤلم؟ قد يكون الشعور بالندم أحياناً فرصة حقيقية لتجاوز أخطاء الماضي وتحسين الأداء في المستقبل، ولا سيّما إذا استطعنا استخلاص دروسه وعبره. هذا ما تدافع عنه الأبحاث العلمية التي اهتمت بموضوع التفكير المضاد للواقع.

يقدّم المقال التالي الجانب المشرق للندم من خلال نتائج هذه الأبحاث ويعرض أهم الفوائد التي يمكن أن نغتنمها إذا انتابتنا مشاعر الندم على ما فات. يدعو علم النفس المعاصر إلى تجنّب مشاعر الندم باعتبارها معوقاً يحول دون تمتّعنا بصحة نفسية جيدة. لكن الأبحاث العلمية التي اهتمت بالندم كانت أكثر دقّة في تناول هذه المشاعر، وأظهرت أنها قد تشكل وسيلة فعّالة لتحقيق التنمية الذاتية.

لنستكشف إذاً كيف يمكن أن تثري مشاعر الندم التي ليست مجرّد تحسّر بسيط تجاربنا في الحياة.

تأثّر الندم بانحيازاتنا المعرفية

الندم عاطفة إنسانية يشعر بها الجميع في لحظة من لحظات العمر. قد يكون ذلك بسبب فرصة ضائعة أو كلام مؤسف أو قرار غير مدروس، وهذا يعني أن الندم شعور حتمي.

وفقاً لعالم النفس البريطاني غراهام برايس (Graham Price) فإننا نتصرّف دائماً وفقاً لأفضل ما تتيحه لنا الظروف، وهذا المنظور يشير إلى أنّ شعورنا بالندم غالباً ما يتأثر بانحيازاتنا المعرفية أكثر من تأثّره بمواطن الضعف الحقيقية.

مشاعر الندم تُعدّنا للفعل والمبادرة

يكشف البحث في التفكير المضادّ للواقع (تخيُّل بدائل لما حدث) الذي نشرته الجمعية الأميركية لعلم النفس (American Psychological association) كيف يمكن أن يكون الندم نقطة انطلاق لتحقيق الأهداف وضبط العواطف. تربط النظرية الوظيفية في مبحث التفكير المضاد للواقع بين الندم والإدراك المرتبط بالأهداف، وهو الأمر الذي يشير إلى أن هذه الأفكار يمكن أن تُعدّنا للفعل والمبادرة وتساعدنا على تحقيق الأهداف المستقبلية.

وتشير الأبحاث أيضاً إلى أنّ مشاعر الندم ليست مجرّد أفكار سالبة، بل يمكن أن تؤدي إلى تغييرات سلوكية ملموسة. على سبيل المثال فإنّ الندم على قرار سيئ قد يدفع الفرد إلى اتخاذ قرارات أفضل في المستقبل. وتُظهر هذه الدينامية أن الندم قد يكون بنّاءً، وقد يشجع على التفكير العميق في الاختيارات والسلوكيات.

التمييز بين الندم واجترار الأفكار

في المقابل من الضروري أن نميّز بين الندم الصحيّ واجترار الأفكار المضرّ. يمكن أن يكون الندم حافزاً لتحقيق التطوّر، بينما قد يقود التركيز المفرط على ما كان يجب فعله إلى القلق والاكتئاب. يتجلّى التوازن المطلوب منك إذاً في استخلاص الدروس والعبر من الندم دون تركه يسيطر عليك.

اقرأ أيضاً: