ليس عيباً أن يتحلى المرء باللطف والطيبة وحسن المعاملة في علاقاته مع الآخرين؛ لكن عندما يتحول هذا الوجه الإيجابي إلى حرص شديد على إرضاء الناس ولو على حساب الذات، فإنه يخرج عن نطاق خصلة اللطف التي نقدّرها جميعاً. ما الفرق إذاً بين معنى اللطف وفخ إرضاء الناس؟ إليك 9 سلوكيات قد تعتقد خطأً أنها تعبير عن لطفك بينما تمثل في الحقيقة حرصاً على إرضاء الآخرين.
إذا كان اللطف سمة شخصية سهلة الكشف، فقد نخلط أحياناً بينه وبين سلوك آخر يجب تجنّبه.اللطف خصلة مطلوبة في المرء ويسهل كشفها لدى الآخرين. وتمثل الطيبة والإيثار والتعاطف والود والاحترام عناصر تسهم في تشكيل سمة اللطف التي تميز شخصاً ما. ولكن هل يمكن أن يخطئ المرء في تقدير حقيقة لطفه؟
إذا كان بعض الأشخاص لا يحسن إظهار لطفه ويتصرف على نحو أخرق، فهناك أيضاً من يخلطون بين اللطف وسلوك آخر. إنه : الحرص على إرضاء الآخرين. فاللطف لا يقترن إلا بالانعكاسات الإيجابية المفيدة لمن يتحلى بها، بينما قد يؤدي سلوك الحرص على إرضاء الناس باستمرار إلى الإضرار بصاحبه.
ما هي السلوكيات التي تكشف الميل إلى إرضاء الناس بدلاً من اللطف؟
تقول طالبة الدكتوراة المختصة في علم النفس العصبي، نوال مصطفى (Nawal Mustafa)، في منشور لها على موقع إنستغرام: "من المفيد أن نذكّر الناس، ولا سيما المتعاطفون منهم، بالفرق بين اللطف والميل إلى إرضاء الناس". توضح الخبيرة النفسية أن الحرص على إرضاء الآخرين سلوك مكتسب للتعامل مع التوتر. تضيف قائلة: "الهدف من هذا التصرف هو استرضاء الآخرين وتهدئة التهديد من أجل الحفاظ على الشعور بالأمان".
في معظم الأحيان، ينسى الأشخاص الذين يحرصون على إرضاء الناس احتياجاتهم ورغباتهم الشخصية لصالح الآخرين؛ ومن ثمّ يجنّبونهم الشعور بالإحباط أو الغضب، أو يعززون ببساطة شعورهم بالرضا.
للتمييز بين اللطف وسلوك إرضاء الناس، حددت نوال مصطفى قائمة من السلوكيات التي قد نعدّها خطأً من مظاهر اللطف:
- مسامحة الآخرين بانتظام على الرغم من أنهم يرفضون تغيير سلوكياتهم.
- عدم التعبير عن العواطف على الرغم من الشعور بالانزعاج.
- القبول على الرغم من أن كلّ الأسباب تدعو إلى الرفض.
- عدم الدفاع عن النفس ضد سلوكيات عدم الاحترام.
- عدم الاهتمام بالقضايا والمشكلات الشخصية.
- دعم الآخرين على الرغم من الشعور بالإرهاق.
- السبق إلى الاعتذار أولاً قبل الآخرين عند نشوب خلاف ما.
- دعم الجميع باستثناء الذات.
- قبول العمل على مشروعات على الرغم من الحاجة إلى الراحة.
تعرف إلى مخاطر سلوك إرضاء الناس
تحذّر المختصة في علم النفس العصبي نوال مصطفى قائلة: "الحرص على إرضاء الناس يجعل المرء عرضة إلى المعاملة السيئة أو الاستغلال في العلاقات التي ليس فيها احترام للحدود أو محاسبة المخطئ. علاوة على ذلك، فإن هذا السلوك يحول دون البحث عن الرضا الذاتي لأن صاحبه في حاجة دائمة إلى الاعتماد على الآخرين للشعور بالجدارة أو الجدوى".
وفي السياق نفسه، قد يكون سلوك إرضاء الناس مرهقاً ومسبباً للتوتر، ويمكن أن يقود إلى تدهور العلاقات الشخصية، وتفاقم الانفصال عن الذات ومنع المرء من تعميق معرفته بذاته وفقاً لما أورده موقع ميديكال نيوز توداي (Medical News Today).
علاوة على ذلك، فإن الحريصين على إرضاء الناس قد يكونون أكثر عرضة إلى الاحتراق الوظيفي، وفقاً لما ذكرته المختصة في الطب النفسي السريري والمتدرّبة في جامعة هارفارد ديبي سورنسن (Debbie Sorensen) في تصريح لقناة سي إن بي سي (CNBC).
توضح ذلك قائلة: "يميل هؤلاء إلى التعامل بلطف واهتمام وهذا ما يصعب عليهم وضع الحدود أو تجنّب أخذ عبء كبير من العمل أو يدفعهم إلى الانخراط العاطفي في العمل".