ملخص: نتعمّق في هذا المقال في العلاقة المعقّدة بين الحرمان من النوم والقلق، ونلقي الضوء على أهمية إعطاء الأولوية للنوم الجيّد من أجل العافية العاطفية والنفسية.
محتويات المقال
يعاني الكثيرون بسبب خصمٍ عنيد يؤرق مضاجعهم ويهدّد نومهم كلّ ليلة؛ وهو القلق الذي يؤدّي إلى ليالٍ مضطربة وأيام مُتعبة. إذ يشير المختص في علم النفس الإكلينيكي، أسامة الجامع، إلى النوم القلِق الذي يكون غير عميق؛ حيث يشعر الشخص الذي يعانيه بأنه مستيقظ وهو نائم!
ويضيف الجامع إن إحدى الطرائق للتغلّب على هذه الحالة هي التحدّث إلى شخص آخر والفضفضة له بما يبعث على القلق. ونظراً لأن النوم الجيّد يُعدّ من ركائز الصحة النفسية؛ فمن الضروري التعرّف إلى العلاقة المعقّدة بين النوم والقلق، والاستراتيجيات التي يمكن اتباعها للتغلب على القلق والتمتّع بنومٍ هانئ.
كيف يؤثر القلق في جودة نومك؟
تُعد اضطرابات النوم من الأعراض الشائعة للقلق، وتشمل مشكلات مختلفة مثل صعوبة النوم، والشعور بالإرهاق في أثناء اليقظة، والاستيقاظ في منتصف الليل بسبب الأفكار المُقلقة، والنوم غير المُرضي.
وتنشأ هذه المشكلات بسبب اجترار الأفكار الناجم عن القلق؛ حيث تستمرّ الأفكار السلبية في السيطرة على تفكير الشخص الذي يعاني هذه الحالة حتى في أثناء محاولته النوم مؤديةً في النهاية إلى الأرق. وقد يُصاب الشخص بـ "القلق في أثناء النوم" (Sleep Anxiety) الذي يجعل الذهاب إلى الفراش تجربة مروّعة؛ ما يسبّب مزيداً من الاضطراب في أنماط النوم.
علاوةً على ذلك، يمكن أن يؤثّر القلق أيضاً في الأحلام، وبخاصةٍ أثناء نوم حركة العين السريعة (REM)، وهو إحدى مراحل النوم حيث تحدث أحلامنا معظمها. ومن ثَمّ؛ قد يؤدّي القلق إلى كوابيس وأحلام مزعجة تزيد اضطرابات النوم فيخلق خوفاً من النوم بوصفه أحد أشكال القلق الاستباقي الذي يمكن أن يتعطّل بسببه كلٌّ من مواعيد النوم الصحي وروتينه.
من المهم كذلك معرفة أن العديد من اضطرابات القلق المختلفة؛ مثل اضطراب القلق العام، والوسواس القهري، واضطراب ما بعد الصدمة، قد ارتبط بصعوبات النوم بوصفه أحد أعراضها؛ حيث كشفت إحدى الدراسات أن أكثر من 90% من الأفراد المصابين باضطراب ما بعد الصدمة أبلغوا عن معاناتهم الأرق.
بالإضافة إلى ذلك، ثبت أن الأفراد الذين يعانون انقطاع النفس النومي الانسدادي (OSA)؛ وهي حالة تتميّز بانقطاع متكرّر في التنفس في أثناء النوم، لديهم معدّلات أعلى من مشكلات الصحة النفسية بما يشمل الاكتئاب والقلق واضطراب الهلع.
اقرأ أيضاً: تقنية عسكرية تساعدك على النوم خلال دقيقتين
الحرمان من النوم يسبّب القلق
يؤدّي النوم دوراً جوهرياً في حماية صحتنا العاطفية، فعندما يُحرم الأفراد من النوم الكافي، يواجهون غالباً صعوبات عاطفية تؤدي إلى حالة من اضطراب النوم المزمن وعدم الاستقرار العاطفي نتيجة لذلك. وبالنسبة إلى أولئك الذين يعانون اضطرابات المزاج بالفعل، يكون هذا التأثير هائلاً لأنهم يفقدون السيطرة المعرفية على العواطف، ومع استمرار اضطراب النوم، قد يفقد الأفراد قدرتهم على إدارة عواطفهم على نحوٍ فعّال؛ ما يتسبّب في مزيدٍ من القلق وعدم التوازن في الحالة المزاجية.
كيف تتغلّب على القلق وتنعم بليلة هادئة؟
يواجه الأشخاص الذين يعانون اضطرابات القلق صعوباتٍ في النوم؛ ما يشكّل عائقاً كبيراً أمام حصولهم على نومٍ هانئ؛ إذ يؤثّر النوم غير الكافي في الحالة المزاجية مؤدياً إلى التهيّج، وفي بعض الأحيان يسهم في الإصابة بالاكتئاب.
لكن عندما تتلقّى العلاج المناسب لاضطرابات القلق، تتحسّن جودة النوم بصفة عامة. وكذلك، يمكن أن يكون تبنّي ممارسات "نظافة النوم" (Sleep Hygiene) الجيّدة مفيداً أيضاً، وهذه 10 خطوات فعّالة لتحقيق ذلك:
- اذهب إلى النوم واستيقظ في الوقت نفسه كلّ يوم؛ بما يشمل عطلات نهاية الأسبوع.
- حاول أن تتعرّض لضوء النهار في الهواء الطلق لمدة 30 دقيقة في اليوم؛ لأنه يساعد على ضبط أنماط النوم.
- مارِس الرياضة بانتظام، لا سيما في فترة بعد الظهر، وتجنّب ممارستها قبل موعد نومك.
- انتظم في أخذ فترات قيلولة قصيرة، لأقلّ من ساعة، وتجنّب القيلولة بعد الساعة 3 ظهراً.
- إذا كنت تتناول أدوية لعلاج حالات صحية أخرى، يمكنك مراجعة طبيبك للتأكّد مما إذا كانت تحتوي على أيّ منبهات، فهي تُعدّ سبباً معروفاً في إبقاء الناس مستيقظين في الليل.
- تجنّب القهوة وأنواع الشاي والشوكولاتة والعديد من المشروبات الغازية التي تحتوي على الكافيين؛ لأنه يستغرق قُرابة 8 ساعات حتى يزول أثره. أما إذا كنت تعاني نوبات الهلع، فقد تحتاج إلى إزالة تلك المشروبات تماماً من نظامك الغذائي.
- تجنّب الكحوليات والوجبات الدسمة والأطعمة المسبّبة للحموضة، وكذلك يمكنك تفادي شرب الكثير من السوائل لعدة ساعات قبل النوم.
- توقّف عن التدخين إذا كنت من المدخنين؛ لأنه يسبّب العديد من المشكلات الصحية التي تؤثر في جودة نومك.
- تجنّب استخدام الأجهزة الإلكترونية وأيّ مصادر تشتيت للانتباه مثل التلفاز أو الكمبيوتر داخل غرفة النوم، وحافظ على غرفة نومك باردة ومظلمة وهادئة.
- جرّب القراءة أو الاستماع إلى الموسيقا أو الاسترخاء قبل النوم عبر أخذ حمّام ساخن أو ممارسة التنفّس العميق، لا سيما إذا لم تستطع النوم بعد 20 دقيقة من المحاولة.
اقرأ أيضاً: ما العلاقة بين النوم والصحة النفسية؟
في النهاية، يتطلّب التعامل مع اضطرابات النوم المرتبطة بالقلق صبراً واستمرارية في تبنّي ممارسات النوم الجيّد، فإعطاء الأولوية لنظافة النوم، والبحث عن العلاج المناسب لاضطرابات القلق، وفهم العلاقة الثنائية الاتجاه بين القلق والنوم؛ كلها خطوات محورية للتغلّب على هذه المشكلة.